التشبيه في شعر ابن حريق البلنسي ونثره

دنيا محمد أميـن محمد * و محمد عبد القادر حسين

قسم اللغة العربية، فاكولتي العلوم الإنسانية، جامعة زاخو، إقليم كوردستان-العراق.

تاريخ الاستلام: 08/2022            تاريخ القبول: 11/2022    تاريخ النشر:  01/2023  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2023.11.1.980

الملخص:

هذا البحث يفصل القول في أحد شعراء الاندلس وهو (ابن حريق البلنسي) والذي كان من أحد الأدباء الذين أحسنوا في تدوين الشعر والنثر في الأحداث التي ترافقت مع أمراء تلك الحقبة والمواقف التاريخية لها. وتكمن أهمية البحث في خوض غمار التعريف بشاعر من شعراء بلنسية والتعريف أيضا بأسلوب الشعر والنثر. قُسم البحث على التمهيد وفصلين، تناول التمهيد حياة الشاعر، ثم التعريف بالتشبيه وأهم أركانه. أما الفصل الأول فهو في التشبيه المفرد فيأتي المبحث الأول فيه بالتشبيه المفصل. أما المبحث الثاني وفيه تتم مناقشة التشبيه المجمل، وفي المبحث الثالث فيتم التعمق في التشبيه البليغ الذي يوجد فيه المشبه والمشبه به فقط من غير وجه شبه أو أداة أو حرف تشبيه وذلك يتم من خلال تحليل الشواهد الموجودة. ليأتي الفصل الثاني في التشبيه المركب فيتضمن المبحث الأول متناولا التشبيه التمثيلي وهو التشبيه الذي يكون ضمن تمثيل المواقف ببعضها البعض. ويكون ذلك من خلال الأخذ بنماذج نثرية وشعرية للشاعر. وفي المبحث الثاني يدور فيها الحديث عن التشبيه الضمني الذي يكون فيه أي أداة أو ألفاظ تدل على المشبه والمشبه به وإنما هو كلام يجدر اعتباره تشبيها مما في معناه، وتأتي الخاتمة ببعض النتائج المستخلصة من البحث.

الكلمات الدالة: ابن حريق البلنسي، الشعر والنثر، التشبيه، التشبيه المفرد، التشبيه المركب.


التمهيد

حياة ابن حريق البلنسي:

تغنى عصر الموحدين بكثرة الثمار الأدبية وازدهار حركاته العلمية والفنية، وحدث ولا حرج عن النتاج الأدبي في شقيه النثري والشعري. “ظلت شمس الإسلام ساطعة في الأندلس نحو ثمانية قرون استطاع خلالها المسلمون أن يشيدوا صرح حضارة فريدة امتزجت فيها مؤثرات الشرق بمؤثرات الغرب، وتميت بالابتكار والتجديد في كثير من المجالات.

هذا وقد (تأثر الأدباء الاندلسيون -خاصة الشعراء- بالشعر الجاهلي تأثرت كبيرا، في الألفاظ والمعاني والتركيب والأساليب والصور والبناء الفني، وهذا التأثر واضح لكل من يقرأ الأدب الأندلسي) (غيظان، ٢٠١٩، ص ٢٢٧) فتجلى ذلك في ترنيمات الشعراء.

وفي ظل هذه الحضارة نشأ الأدب الأندلسي الذي تمتد جذوره وأصوله من الشرق ويتنفس في أجواء البيئة الأندلسية المترفة."(فوزي عيسى،2007، ص9) فإن ابن حريق البلنسي هو من أحد الشعراء الأندلسيين ذوي الأثر الأدبي بشقيه النثري والشعري وكما هو معروف فإن الأدب الأندلسي غني بالآثار البلاغية بأنواعها البيانية والبديعية وتشملها بجميع أقسامها هو "ابن حريق البلنسي وهو أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن حريق المخزومي البلنسي، وهكذا ورد اسمه ونسبته في التكملة لابن الآبار وصلة الصلة لابن الزبير والذيل والتكملة لابن عبد الملك، وأورده الصفدي كما يلي: علي بن محمد بن أحمد ابن سلمة بن حريق أبو الحسن المخزومي البلنسي، ولعله استفاد الزيادة المذكورة من معجم الحافظ مسدي وهو من تلاميذ ابن حريق، وقد نقل السيوطي اسم ابن حريق ونسبه بهذه الزيادة عن الصفدي."( ابن شريفة،1996، ص2-10)

ابن حريق البلنسي "ولد في بلنسية ونسبه المترجمون إليها وذكره ابن سعيد في المغرب في طليعة علماء بلنسية وقيل فيه: ((شاعر بلنسية)) و((شاعرها الفحل))، كما أن انتصاره لهذه المدينة ودفاعه عنها -سنرى-يدل على أنه بلنسي عريق.

ولد ابن حريقة ببلنسية في شهر رمضان من سنة 551 هجرية "(ابن شريفة،1996، ص11)

التشبيه لغة واصطلاحا:

-التشبيه في اللغة:

الأصل في التشبيه هو " َشَبَّهَ الشَّيْءُ إِذَا أَشْكَلَ، وَشَبَّهَ إِذَا سَاوَى بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، قَالَ: وَسَأَلَتْهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَتَوْا بِهِ مُتَشَابِهًا، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الِاشْتِبَاهِ ألْمُشَكَّلِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّشَابُهِ ألَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثْ: ألْمُشْتَبِهَات مِنْ ألْأُمُورِ ألْمُشْكِلَاتِ. وَتَقُولَ: شَبَّهَتْ عَلَيَّ يَا فُلَانٌ إِذَا خَلَطَ عَلَيْكَ.

وَاشْتَبَهَ ألْأَمْرُ إِذَا أخْتَلَطَ، وَاشْتَبَهَ عَلِي الشَّيْءِ. وَتَقُولَ: أَشْبَهَ فُلَانُ أَبَاهُ وَأَنْتَ مَثَلَهُ فِي الشَّبَهِ وَالشَّبَهِ. وَتَقُولَ: إِنِّي لَفِي شُبْهَةٌ مِنْهُ، وَحُرُوفَ ألشِّينَ يُقَالُ لَهَا أَشْبَاهٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يُكَوِّنُ سَوَاءُ فَإِنَّهَا أَشْبَاهٌ كَقَوْلِ لَبِيدْ فِي السَّوَارِي وَتَشْبِيهِ قَوَائِمِ النَّاقَةِ بِهَا كَعُقْر ألْهَاجِرِي، إِذَا أبْتَنَاهُ.

بِأَشْبَاهِ خُذَيْنْ عَلَى مِثَالٍ قَالَ: شَبَّهَ قَوَائِمَ نَاقَتِهِ بِالْأَسَاطِينِ. قَالَ أَبُو مَنْصُورْ: وَغَيْرَهُ يَجْعَلُ الْأَشْبَاهُ فِي بَيْتِ لَبِيدْ ألْآجُرِّ لِأَنَّ لَبَنَهَا أَشْبَاه يُشْبِه بَعْضُهَا بَعْضًا، وَإِنَّمَا شَبَّهَ نَاقَتَهُ فِي تَمَامٍ خَلَقَهَا وَحَصَانَة جِبِلَّتِهَا بِقَصْرٍ مَبْنِيٍّ بِالْآجُرِّ، وَجَمْعَ الشُّبْهَةِ شَبَّهَ، وَهُوَ أسْمُ مِنْ الِاشْتِبَاهِ "(ابن منظور،2004، ص 505)

-التشبيه في الِاصطلاح

إن "بَيَانٌ أَنَّ شَيْئًا أَوْ أَشْيَاءَ شَارَكَتْ غَيْرَهَا فِي صِفَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، بِأَدَاةٍ هِيَ ألْكَافُ أَوْ تَحْوِهَا مَلْفُوظٌ أَوْ مَقْدِرَةٍ، تَقَرَّبَ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي وَجْهِ الشَّبَهِ. وَتَجْدُرَ الْإِشَارَةُ هُنَا إِلَى أَنَّ التَّمْثِيلَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ، وَهَذَا رَأْيُ عَبْدِ ألْقَاهِرْ ألْجُرْجَانِي ألَّذِي يَقُولُ: وَالتَّمْثِيلُ ضَرْبُ مِنْ ضُرُوبِ ألتَّشْبِيهِ، وَالتَّشْبِيهُ عَامُ وَالتَّمْثِيلِ أَخَصَّ مِنْهُ، فَكُلُّ تَمْثِيلِ تَشْبِيهٍ، وَلَيْسَ كُلُّ تَشْبِيهِ تَمْثِيلاً. " (عَتِيق، 1985، ص 62) 

وقد " فُصِلَ فِي ألتَّشْبِيهِ ألْمُتَعَدِّدِ وَالْفِرَقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ألْمَرْكَبِ أَعْلَمَ أَنِّي قَدْ قَدَّمَتْ بَيَانَ ألْمَرْكَبِ مِنْ التَّشْبِيهِ ، وَهَا هُنَا مَا يُذْكَرُ مَعَ ألَّذِي عَرَفَتْكَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ وَيَقْرِنُ إِلَيْهِ فِي الْكُتُبِ ، وَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا يَسْتَحِقُّ صِفَةَ التَّرْكِيبِ ، وَلَا يُشَارِكُ ألَّذِي مَضَى ذِكْرُهُ فِي الْوَصْفِ ألَّذِي لَهُ كَانَ تَشْبِيهًا مُرَكَّبًا ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْقُودًا عَلَى تَشْبِيهِ شَيْئَيْنِ بِشَيْئَيْنِ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ ، إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُدَاخِلُ ألْآخَرُ فِي الشَّبَهِ . "(ألْجُرْجَانِي، 1988، ص 192)

أركان التشبيه أربعة:

١.المشبه: هو الأمر الذي يراد إلحاقه بغيره.

٢.المشبه به: هو الأمر الذي يلحق به المشبه.

هذان الركنان يسميان طرفي التشبيه.

٣.وجه الشبه: هو "الوصف المشترك بين الطرفين، ويكون في المشبه به أقوى من المشبه. وقد يذكر وجه الشبه في الكلام، وقد يحذف كما سيأتي توضيحه.

٤.أداة التشبيه: هي اللفظ الذي يدل على التشبيه، ويربط المشبه بالمشبه به. وقد تذكر الأداة في التشبيه، وقد تحذف. أدوات التشبيه (الكاف، كأن، مثل، وشبه، يحكي، يضاهي، يضارع، يماثل، يساوي، يشابه). "(الهاشمي،2010، ص٢٢٥)

الفصل الأول      (التشبيه المفرد في شعر ابن حريق البلنسي ونثره)

المبحث الأول

-التشبيه المفرد المفصل:

التشبيه المفصل: هو التشبيه "الذي يأتي مع أداة التشبيه والمشبه والمشبه به ووجه الشبه وهو كامل الأركان."(الهاشمي، 2010، ص 242)

 التشبيه المفرد المفصل في شعره:

كتب ابن حريق قصيدة هي من الطوال التي قالها وهي مكونة من ست وخمسين بيتا شعريا يمدح فيها الخليفة أبا يوسف أمير المؤمنين في مناسبة هزيمته الأذفونش بعدما أدخل السرور والبهجة إلى جميع الأندلسيين الذين كانوا ينتظرون النصر للمسلمين في تلك الحقبة وذلك الفتح المبين الذي أتى عليهم بنهار جديد وأمل جديد فقال في أبيات غير متتالية منها الثامن والتاسع:


 

" 8. أتَى فِي جُـمـُوعِ الـرُّومِ تَنـْوِي بِزَعْــمِــــــهَا    الْأَنْــدَلُـــــسَ كَسْــحــًا فَــكَـــانَ بِـــهَـا ألْـكَســـــــْحُ

9. بِمـَا كَالْحَصـَى عَـدَا وَكَالشُّـهُـبِ عِــــــــدَّة     تَضَـاءَلَ عَـنـْهـَا السّـَهَـبْ وَالْوهـْدْ وَالسـَّفْـحُ"

(ابن شريفة، 1996، 118 ص)


تغنى ابن حريق بأميرة أجمل الكلمات فلقحها وشكلها على أبهى صور "ولا يمكن هنا إغفال الأثر الذي ينتج عن التعبير بالصور البلاغية، من حيث انصراف اللفظ إلى معنى مرتبط، بتجربة معينة، أو حالة نفسية واعية أو غير واعية. فإذا لم تتوافق الشروط الموضوعية لهذا الانصراف؛ غمض المعنى على المتلقي، وكان ذلك حائلا دون اكتمال دائرة التواصل (النجار، ٢٠١٧، ص١١٢)  وذلك خرج على هيئة الفاظ المديح المترنمة في ذهنه فقال يصف المعارك التي خاضها أميره وكأنه انتصر وغزا بلاد الأعداء قبل أن يفعل ذلك حتى، فالخوف والرهبة تصيبهم مما يجعلهم يخسرون المعركة قبل بدايتها حتى وهنا يتكون التشبيه المفصل في البيت الثاني فأتى بحرف التشبيه (الكاف) والمشبه لفظان وهما ( ألكسح ) الذي أصاب جموع الروم في المعركة بالمشبه به وهما( الحصى و الشهب ) فهو يريد أن يصيب العدد ووجه الشبه في هما  ( عدا و عدة ) أي بمرور الحصى و سرعتها و عدد الشهب التي تتطاير في السماء فكأنه ألف كسر جموحها بكسر عدد من جنودهم.

تعددت قصائد ابن حريق البلنسي في الأشكال ولم يحدد مسارها المدح أو الغزل أو الوصف إنما حددها شدة تأثره بما يحيط به من عوامل ساعدته في إيجاز الخطاب فيها ووصل بعضها متجزئة من قصيدة له وجمع منها خمسة أبيات فقط يتحدث فيها عن حبيبته وهو يشرب عند العشية فلم يريد الابتعاد عن الدار فقد كانت من أسعد لحظات حياته المليئة بالمغامرات فقد منعه السيل، وحال بينه وبين الدار فبات عند خليلته على غير اختيار فقال في البيت الثالث والرابع من القصيدة:


 

" 3. أَبَــــــات فِـــي مـــَنــــــــــــــْزِلٍ حــبـــــيــــبــــي         َقَــــــــــامَ فِـــــــــــــي أَهْـــــــــلـــِهِ بِـــعـُـــــــــــــــــــذْرِ

4. فـــــــبـــــتُ لَا حَــــــــــــالـــَةَ كَحَــــــــــــــــــــــالِيٍّ      ضـــجــــــيـــجُ بـــــَدْرٍ صــــريـــعُ سُــــــــــــكــــــر “

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 126)


مفردات الغزل و الحزن المتدفق من الشوق الذي رافق ابن حريق في أيامه التي عاشها بين خيوط العشق قد تصاحبت منها مع كلمات امتلأت بالحنين والغزل المترف فاخذ يروى عطشه بقطرات اللوعة التي نزلت من الحنين الذي لاحق ابن حريق وذلك من خلال البقاء بعذر في منزل محبوبته مما شكل تلك الآفاق التي رسمت لابن حريق طريقه إلى التشبيه المرصع بأبهى الألوان وأتى بحرف (الكاف) كأداة التشبيه و شبه حاله ب(ضجيج بدر) وهو المشبه به ووجه الشبه هو( صريع سكر) و" هي ألفاظ تدل على المماثلة"( الشحوذ، 2007، ص84) الذي لا يدري بما يدور حوله من أحداث تلك النشوة التي أدركته فلا شيء يثني عليه سعادته في تلك اللحظات التي عاشها ورسمت في مخيلته تلك الصورة الشعرية ذات الطابع الغزلي .

له قصيدة أخرى تميز بها ابن حريق مكونة من ثمانية أبيات شعرية سلك فيها مسلك العتاب وذكر الأصحاب وإظهار النيات لديهم وكيف أنهم تغيروا بتغير الزمن عليه ويتحسر على مضي أيام الصبابة والهناء التي عاشها ورحلته التي مضت في طرفة عين عليه فبهت لوعته بالحياة، وكل شيء فقد بريقه في نظره وبات رحيل رفاقه عنه شيء لا يهمه فيقول في البيت السادس والسابع منها:


 

6.لَـــــمْ أَدْرِيَ أَيْـــــنَ نـــــَوَوْا؟ فـــــَلـــــَمْ أَســـــــــْأَلْ لَهُمْ      رِيـــــحــــًا تَــــهُـــــبُّ، وَلَا بـــَرِيقـــًا يــَلْمـَعُ. "

7. وَكَـــأَنَّـــهـــــُمْ فِـــــي كُــــلِّ مــــــَرَجَ نـــــاســــــــــــــــمٍ       فِعــــْلِيّـــــَةً مِنــــْهُـــــــــمْ رِقَّــــــــــةً وتضــــوعُ "

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 131)


في القصيدة الكثير من المعاني والمقاصد التي لوى ابن حريق شجرة شعره عليها ودمج ألفاظ الحزن مع الرحيل مع الفراق واللوعة على ما فات من أيام شبابه والتحسر والندم الذي رافقه مع كل يوم مضى من ريعان شبابه فتجلى في أبيات قصيدته أجمل التشبيهات المفصلة والواضحة و" ويزيد ذلك بيانا: أنّ مدار التشبيه على أنه يقتضي ضربا من الاشتراك، ومعلوم أن الاشتراك في نفس الصفة، أسبق في التصوّر من الاشتراك في مقتضى الصفة كما أن الصفة نفسها مقدّمة في الوهم على مقتضاها، بالحلاوة أوّلا، ثم إنها تقتضي اللذّة في نفس الذائق لها"(الجرجاني،1988، ص 76) منها فأول أداة تشبيه استخدمها الشاعر في البيت الثاني هي( كأنهم) وفي البيت الرابع هي( الكاف) وفي البيت الخامس والسادس هما( كأن)  وفي البيت الثاني المشبه هو الضمير هم والمشبه به هو( كل مرج ناسم) هم موجودون فيه و وجه الشبه ( الرقة والتضوع) فلا تلتمس الأذى منهم وهذا مما مكن الشاعر من تصدير صورة التشبيه المشكلة على هيئة ناعمة وملامسة للوصف.

ولابن حريق قصيدة من بحر الوافر كتبها يلتمس خبرته في كتابة أشعاره من مشاعر لاحقته في حياته ومنها ما رسم من خلالها حياته ورسم الناس يروي جراحهم ويكتب همومهم ويصف أحوالهم من خلال أشعاره فأتى بقصيدة يصف فيها حاله وأطماعه والمراحل التي مر بها، وتكونت من اثنين وأربعين بيتا من بحر الوافر له منها في البيت الأول والثاني والثالث والرابع يقول:


 

1."أَضَــــــاءَ بِبُــــــرْقــــــــــَة بـــَرَقَ لــِـمـــــــــــــــــُوَعٍّ            فَـــــارَقــــَهُ وَصُـــحـْـــــــبـــَتــَهُ هـــــجـــــــــــــوعُ

2. كَــإيْـــــــــــمـــَاءْ ألْحَـــــوَاجـــِب يَــوْم بَــــــــيّـَنَ           بِــــتَســـــــْلِيمٍ وَقــَدْ غَــفـــَــــلَ الجـــــمــيــــــــــــعُ

3. كــــــــأن الْجَــــوُّ صَـــــكَّ بَــصَـــارْمِـــــــيـــَّــهْ          فَســــــــــــَالَ عَــلَى حَنــَادْسَــــــهْ النــجيــــــــــــعُ

4. كَـــــــــــــــانَ ألرِّيـــــحَ تَـــجْــــرِي فِــيـــهِ خـــــيـــلٌ         بِـــــأَيْــدِي ألـــرَّاكــَضَـــــــــــاتْ لَهَــا شــمـــوعُ"

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 131)


القصيدة مليئة بالمعاني المأخوذة من تجارب  حياة ابن حريق، واستخلص منها كل رحلاته وما عاشه واستثمرها في رسم الصور الشعرية الرنانة  فاخذ من تلك الصور البصرية التي لمست كيانه و جعل منها صور شعرية ذات طابع حاد يرسم من خلالها الرعد والبرق والرياح  التي هبت عليه وهو يمشي في رحلة الحيات واستخدم التشبيه لإبراز ذلك" من  جرس الموسيقى ورقة نبرات وعذوبة أداء"(مطلوب- البصير،1999،ص263)  في المشبه هم ( الهاء ) وهو الضمير المتصل في البيت الثالث للغائب وهو أميره و المشبه به ( أيماء الحواجب) اي الإشارة بالحاجب ووجه الشبه هو( بتسليم) فبيان التراخيص والاستلام عند غفلة الجميع و أما في البيت الثالث في المشبه هو ( الجو)  والمشبه به  هو( صك) وكأنه أحكم إغلاق مقاليده ووجه الشبه ( بصارمه) أي قاطعه فشبه الجو ألمتغير بالقفل ألمحكم في المقاطعة، وأما في البيت الأخير فالمشبه هي(الريح ) والمشبه به (الجري) ووجه الشبه ( الخيل) أو سرعة جري الخيل فإن الشاعر أراد أن يشبه الريح بجري الخيل في السرعة والرشاقة.

من أهم القصائد التي كتبها أبو الحسن في المديح يصف فيها نفسه وهي على بحر الطويل تدفقت من خلالها أفكاره وكرس نفسه لها وأراد منها أن تكون من الجياد، وقد تكونت من ستة وثلاثين بيتا وهو يتغزل في حبيبته ويصفها بأجمل العبارات وزينها بأجمل المعاني التي لها وقع في النفس فقال في البيت الأول والثاني منها:


 

1." أنُــــومَــا وَقـــَدْ بـــــَانَ الْخَــــلِـــيــــطُ تــــــــــــذوقُ             وَدَارِ كَــــزَعْـــــمِ ألْعَــــادِلَات مـــذيـــــــــــقُ

2. وَهَــــبــــَكَ التــَمســـتُ ألطَّــيْفَ مِـــنْ ألسّــُهَا            أَرْدَاهُ غَــــــيــــــمٌ أم جَـــــلَاهُ شـــــــــــــــروق"

(ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 136)


تمكن ابن حريق البلنسي من في كل بيت من ابيات قصيدته بقافية ألقاف من رسم صورة كاملة في ذهن القارئ والمتلقي بحيث أنه لا يحتاج إلى الخوض في أدق التفاصيل في القصيدة حتى يدرك معانيها وهذا من الجمال بمكانة. فيقول فيما معناه انه بعد ان ظهر كل ما كان مبطنا وكأنه الحقيقة طيف ولا يغدو واضح المعالم عند ابن حريق وتلتمس التشبيه المجمل في أفق البيت الشعري" فاخرج ما لا يحس الى ما يحسّ؛ والمعنى الذي يجمعهما بطلان المتوهم مع شدّة الحاجة وعظم الفاقة"(العسكري، 1952، ص240) وقد اختار الشاعر حرف التشبيه (الكاف) والذي أتى ملازما للفظة المشبه (زعم) والمشبه به أل(عادلات) ووجه الشبه هو(مذيق) وكأن الشاعر أراد أن يشبه دار محبوبته بطعم العدل أو السوء الذي يصيب صاحبه.

التشبيه المفرد المفصل في نثره:

كتب ابن حريق في نثرياته في القطعة الثانية منها عما أراد وما كان يحدث معه بالتفاصيل ألملمة بالأحداث، فتارة يتحدث عن بقائه بدون ظل ولا ماء وحيدا وتارة أخرى يتحدث عن انقطاعه عن الناس وآماله التي بلت فيتمنى أن يدرك المجتمع والجوار ويكون له جار ويحتوي الخلان ويستمعون إلى حواره حديثه فيقول ابن حريق في قطعته النثرية:

 2. " فانا الان منقطع به في يهمان، حيث لا ظل ولا ماء، قذفته قلوصه من الرحالة وضلت، وبغاها سواه فبلت، ومن قبل كان الزمن رماه، فشلت للشقوة قدماه، فما حال البرقة محتدمة، والرفقة متقدمة، عل الانعام، يتدارك هذا العام، فيكون جوار ومجتمع، وحوار ومستمع، كحول محرم، سلف بثواء مكرم، في حمى على الايام محرم، ما كان اخلقني عقب ذاك الحول، بام اكون صاحب هذا القول"(ابن شَريفة , 1996 , ص 171)    

الأديب الرصين ابن حريق أجتهد في وصفه لأحوال الناس في بلنسية بنثره فاستخرج الصفات الملازمة لهم وكتبها عنهم وظهر ذلك جليا في كل مقتطفاته النثرية وهي مطبعة بأفضل الكلمات وأجمل العبارات.

فعند وصف نفسه بـ الضائع الذي لم يجد ظلا يحتويه ولا ماء يروي عطشه  وتاه عنه رحله وادبار الزمن عليه وما أصابه أثر على روحه وفؤاده فلم يجد خليلا يأويه ويتمنى لو انهُ امتلك جوارا في هذا العام ويستمع الناس لكلامه وحواراته و"إن هذا النوع من الخطاب يتوافر في النصوص التي حمل باطنها خلاف ظاهرها، فهي تلمز من بعيد، إذ يكون ظاهر الكلام مقبولا ولكنه يستلزم استدعاء معان أخرى تحتملها بنية الخطاب"(الذنيبات، ٢٠١٦، ص ٨٢) وهنا ظهر التشبيه المفصل في نثريته فبدأ الفقرة بحرف التشبيه (الكاف) وأما المشبه (حول محرم) والمشبه به (سلف بثواء مكرم) ووجه الشبه (في حمى الأيام محرم)  

تميز العصر الأندلسي بأجود الكلمات المعبرة في الرسائل ففي رسالة ابن حريق البلنسي الثانية والعشرين لم يخلُ منه نثر الأديب فقال معبرا عما سوف يدور مع الآخر المتمثل في نثريته الذي يتهرب بمكر من العقاب ويختلس النظر إلى الأحداث فسعيه لن يكون له أمل فيقول ابن حريق: 22." أَوْ كَالْآخِرِ أسْتَسْقَى لِعِقَابِ وُوكَرْ، وَأَوْهَمَ بِنِشْدَانٍ بِكْرٍ، وَإِنَّمَا رَاقَبَ خِلْسَةِ مَا حَلَّتْ، وَنَشُدُّ قَلُوصَا مَا ضَلَّتْ " (ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 182)

تظافرت جهود ابن حريق إلى تبيان رونق الألفاظ التي أستخدمها و دلت بدون جهد ولا رمقة عين إلى مدلولها فظهر الجمال وحسن تناول الكلمات واللعب على الخطاب الموجه بالكلمات فما كان من الشاعر إلى أن يقتصر على كلمات قليلة و دلالات كثير و حسب الرواية التي تخطر في الذهن من أول وهلة فقد قصد الشاعر الذي يحاول أن يفلت من العقاب بمكر و أن يذكره بوعد قوي لم يغلب عليه المزح و راقب ما حوله بتمعن و بديهة و أتخذ القلوص وهي الإبل الفتية المجتمع الخلق والتي لا تضل طريقها خلال الرحلة، واتخذ الشاعر الآخر وهو المشبه و حروف (الكاف واللام) وهما حرف تشبيه وأما المشبه به فهو القلوص  ووجه الشبه عدم الضلال و حسن أتباع الطريق فاكتملت صورة التشبيه  المفصل" ان التشبيه مبني على ما تلمحه النفوس من اشتراك بعض الأشياء في وصف خاص يربط بينها."(مطلوب-البصير، 1999،ص 268) وذلك بكي ظهر جميع متطلباته وما معانه واللازم وقوعه.

الرسائل التي كتبها ابن حريق كانت أغلبيتها على هيئة الخطاب الموجه إلى طرف آخر وتميزت بإدراج بعض النصح والإرشاد فيها وهذا لم يكن غريبا على ابن حريق البلنسي فهو لا يرضى الخوض في أمور الحياة وينصح بعدم فعل ذلك وحتى أن أحب الأمر الذي يرى فهو يوجه نفسه قبل الآخرين فيقول في قطعته النثرية السادسة والعشرين منها:

117." لا أرضى لك بمصافاة الورى، وإن حلي بعينك منهم من ترى، أنفة من أنجد فيهم ظنه وأتهم، وووقف من سبرهم على صحة ما أتهم، نهى كلريش الهافية، وملاقاة كالدبور السافية، ومخايل كالأطلال العافية " (ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 229 – 230)       

المخاطبة لخير سبيل الى القاء ابن حريق لما في نفسه وفؤاده الذي لا يكاد يفارق شقا من شقق ما التمس في نثره فالخوض في غمار الحياة والذهاب الى كل مفترق طرق دون الخوف من ما سيكون هو ما أراد ابن حسن ألتطرق أليه فعده لا يصح الى الصحيح و هو يقتبس ذلك من خلال الكلمات الموجهة لأفعال الانسان أنما التوقع لما سيكون فالقول ليحلي الشخص بالعين ولكن الفعل وتطبيقه هو ألذي يجب أن يكون ألأصل وانه خبر اختلاف مذاهبهم وبعدها أتى ابن حريق بالتشبيه ألمفصل بشكل جد رصين ومتناسق" والاصابة في التشبيه ليست امرا سهلا يقول ابن رشيق اشد ما تكلفه الشاعر صعوبة التشبيه"( ابو يوسف ، 2000، ص169) مع ما سيقوله ف(النهى) هو العقل الذي هو المشبه والكاف هو حرف ألتشبيه و الريش هو المشبه بهي والهافية الطائرة هو وجه الشبه بينهم فغفوة عقولهم كالريش عندما تطير في السماء أو وهن ألعقول وعدم تعقلها و التشبيه الثاني من نفس القطعة النثرية فشبه الملاقاة أو المواجهة بالدبر السافية أي الريح التي حمل تراب، فهنا وجه الشبه هو غبرات التراب و حرف ألتشبيه هو الكاف أما التشبيه ألذي يليها وقد شبه المخايل وهي في الأصل السحابة ألتي يخيل أنها ماطرة الى أنه يقد بها هنا الانسان وشبهها بالأطلال أو الآثار وحرف التشبيه هو الكاف أما وجه الشبه فهو العافية أي الدارسة أو ألتي عفى عليها ألزمن وهذا هو الفراغ ألمتشكل على هيئة الانسان ألذي أراد ابن حريق ألتوصل أليه.

المَبْحَث ألثَّاني

-التشبيه المفرد المجمل (في شعر ونثر ابن حريق البلنسي ونثره)

2. التشبيه المجمل: وهو ما لا يذكر فيه وجه الشبه، ولا ما يستلزمه."(الهاشمي،2010، ص 242)

من قصيدة لابن حريق مكونة من ثلاثة وثلاثين بيتا يبدأ الشاعر بإلقاء السلام المكلل بأجمل العبارات والمفردات المديح المتراشقة على أميره أبا زيد ويصفه بنجل الإمام الذي يتابع أحوال الناس فهو كالنسيم يهب عليهم كلما استندوا عليه فإنه فيه ومنهم ويثني عليهم أو كذا يقول ابن حريق بأنه جف نهر الكلمات التي يقولها في وصفه ومدحه فهو لم يوفه حقه وكتب الشاعر قصيدته من بحر الوافر فهو يؤيد أن يوفى من مفردات المديح وهذا ما أراده ابن حريق فيقول من البيت السابع عشر إلى الثاني والعشرين من قصيدته:


17. أَخَــــافَ حِــــمـــى بـــــَلَـــنْسِـــــيَة وَكَـــانـــــَـــتْ                           تَـــطِـــيــــرُ بِـــهَـــا الْـــــبَـــزَأة عَـــلَى الْحـــَمّـــَــــــــــامِ

18. وَجـالَـــتْ حَـــوْلـهَـا خُـــيِّلَ النــَّصَارَى وَكَانَتْ                                 قَــــــــــــــــدْ حَــــــمَاهَـــــا مِــــنـــــــْكَ حَـــــــــــــــــــــــــامٍ

19. وَمَــــــــــــــــــرُّوا آمــِنــِيــــــــنَ بَجــــــْنَبْــــــــــــتِيــــهَـــــــــــــــــا     وَكَـــــانُـــــــوا يُـــــرْهِــــبُــــــونَـــــــكَ فِـــي الْـمـَنـــــــَامِ

20. وَمــــَا يَـــخْـــشَــى الْــــعَــــرِيــــنُ بـــِغــــَيـــْرِ لَيــــــْثٍ                      وَهَـــــــلْ يَخـــــْشَى الْـــقــــِرَابْ بِــــلَا حُـــسَــــامْ

21. وَكــــَانــــَتْ لَا يَـــــخَــــــافُ الْـــهَــــرْجُ فِـــيــــهَـــــا                         كَــــــــانَ الــــــــمرء فِــــي الـــْبَـــلَدِ ألـــْحــــــــــــَرَامِ

22. فَـــــأَضْــــــحَــــتْ لَا حَــــــيَـــــــاةً لـــِســــَاكِــــنِيــــهَا                     بِــــــهَــــــــا إِلَّا حَــــيَــــــــــــاةَ كـــــالــــــحـــــمـــــــــــامِ"

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 149)


في هذا النص الشعري اتخذ ابن حريق البلنسي الوصف سبيل إلى إتقان وأحكام المعنى في الذهن فقد التمس التشبيه بصورة واضحة وصريحة امتدت على طول القصيدة وكانت لها هيجان في الكلمات المتماسكة التي اتخذها الشاعر مطية وأحسن استدراكها فيما رص عليه شعره ولقيت ألفاظه تكامل في تواترها وربط اللفظ باللفظ والحرف بالحرف فكأنه كان على دراية كاملة بما يسبق عصره وزمانه ويعيش في عصور تليه، ويبقى محافظا على حسن النسق والسياق. كما أنه" يجري فيما تعيه القلوب وتدركه العقول، وتستفتى منه الافهام والاذهان لا السمع والاذان"(مطلوب- البصير، 1999، ص268) ابن حريق لم يقتصر في تشبيهاته على ألفاظ متقاربة أنما أجاد فيها وأتى بالحسن منها فهو في هذين البيتين أتى بأداة التشبيه(الكاف) والمشبه (بلنسية) ويقصد بها مدينة بلنسية والمشبه به (البلد الحرام) وهي مكة المكرمة وحذف منها وجه الشبه وهو الطهارة والعفة فلا يخاف الناس فيها ويبيتون فيها آمنين وهذا هو الغرض من التشبيه المجمل.

لابن حريق البلنسي قصيدة غير ملمومة مكونة من أربعين بيتا شعريا لم يصل بعضه وهي قصيدة طويلة في الغزل كتبها ابن حريق يتحدث فيها عن أحواله ونفسه في تلك الفترة من الزمن فيقول لخلانه يحكي همه عليهم وكيف أنهم نيام غافلون عنه ويقول لهم أسعدا إن كنتما تستطيعان وكيف أنهم لا يجدر بهم أن يبكوا على ميت قد فارقهم ورحل ولكن أن يبكوا عليه وعلى حاله الذي أصبح عليه بعد فراق الحبيب، والقصيدة من بحر السريع. ففي البيت الرابع والخامس والسادس والسابع يقول:


 

"44.وَلَا تَكــــــُونُ مِــــثْـــــل مــــَا قِـــيـــــلَ فِـــــــي      تَــتَـــــبُّــــعِ الْآثــــَارِ بَـــعــــْدَ ألـــعـــيــــــــــــــــــــــــــــانْ

5. تَـــطَــــاوُلُ اللــــَّيْــــلِ عَـــلَى مُـــقــــْلـــَتِـــي         كَــــأَنّــــَمـــَا لَـــيْــــلَـــتــُهَـــــــــــــا لــيـــــــلــــتـــــــــــــــــــــــــــانْ

6. مَــــا لِـــنُــــجُـــــومِ الــــلَّــيــــْلِ مَـــعْــقُـــولــَةً          مَــــا زَالَ مِــــنْـــهَا وَاحـــــــــِدٌ مِنْ مـــكـــــــــــــــــــانْ

7. كَـــأَنّـــَمـــَا ألنـــَّسْـــرُ هَـــــيـــــــــــــــــــْضْ إِذَا          رَامٍ نُـــهُــــوضًـــــا خَـــانَـــهُ الْأبْـــــــــهَــــــــــــــــــــــــرَانْ "

(ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 152)


الإرشاد بعدم تتبع ما قيل وعدم تكوين النفس عليه ونبذ تتبع الأثر الذي أضحى من الماضي والخوف في تجارب قد مرت و عفى عنها الزمان هو الذي نبه عنه و هو ما نقله ابن حريق البلنسي ويستمر ابن حريق في وصف الليل الذي طال عليه" فيجعل الشيء مثيل الشيء في صفة مشتركة بينها، وأن الذي دل على هذه المماثلة هي"(جارم- امين،1999،ص19) أداة التشبيه ( كأن) لمواكبها مع المشبه وهو الليل و المشبه به هما ( ليلتان) وحذف وجه الشبه الذي هو الطول لكي يستدرج القارئ الى مبتغاه، ويأتي الشاعر بعدها الى البيت الرابع من القصيدة ليستخدم أيضا التشبيه في أدراك مبتغاه الذي هو الوهن والحزن في عدم بلوغ أمنيات وظهر في قصيدته بالمشبه  (النسر) وهو الطائر القوي الذي يطير في هواجس الحياة مدركا لما حوله بدقة ودهاء وشبهه ب( الهيض) وهو الهيجان و التفطير في أتباع نفس المسار المتماثل في استسقاء الوصول الى الأمر النهائي بدلا من الانتظار والتأمل والتأني في إدراك الشيء فقام ينهض بعدما أصابه السقم والشدة في جسده ووجه الشبه في البيت الشعري أتى مضمرا في كلمة التسرع في أخذ القرار .

لابن حريق البلنسي قصيدة وهي التاسعة والثلاثين لم يصل منها سوى بيتين وهما في زاد المسافر وقد تمكن فيها من رسم المديح والثناء على أميره وقد أضحى ممتنا له وظهر ذلك جليا واضحا راسخا فيها وكأنه أنتقى أفضل ألفاظه التي عرفها واوجدها في هذين البيتين فهي تبقى في الذهن ويلفظها اللسان بشكل جميل وعذب ولها صدى في الاذن فيقول في البيتين:


 

٣٨". ولـــــــــــــو بــــــــــــــــقدرك اهــــــــدي          لمـــــــا وجــــــــــــدت هديــــــــــــة

٣٩.فـــــــــــاقبـــــل بفــــــضلك نــــــــــــــــزرا           قـــــــــــــبوله كــــــــــــالعطيــــــــــــه

"(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 153)


تميل كفة ابن حريق البلنسي في جل شعره إلى المديح الذي يغزو مشاعره فيهوي من قمم الجبال إلى أدنى الأرض وترفعه الريح إلى افاق لا يدركها غيره فتخرج الكلمات، وكأنها نترات تتقابل في النسيم مع بعضها ويمدح من أراد بها ويعززه على من ليس مثله ولا يستطيع أن يكون، وهذا ما يريده ابن حريق البلنسي ففي هذين البيتين تتواتر كلماته متدفقة في أماله الموجودة في أبهى الحلل فيشبه كرم أميره الموصوف ومقامه العالي فأتى بحرف التشبيه وهو الكاف ملازما للمشبه به وهي العطية التي يريد من أميره أن يتقبلها منه فشبهه القبول لهديته البسيطة بالعطاء المنهمر من سيده " ولو رأيت هذا بعد أن رأيت ذاك لم تعلم أنك رأيت شيئا غير الأوّل، حتى تستدلّ بأمر خارج عن الصّورة. ومعلوم أن هذه القضية إنما توجد على الإطلاق والوجود الحقيقي في الضرب الأول وأمّا الضرب الثاني، فإنما يجيء فيه على سبيل التقدير والتنزيل، فأما ألا تجد فصلا بين ما يقتضيه العسل في نفس الذائق، وما يحصل باللفظ المرضيّ والكلام المقبول في نفس السامع، فما لا يمكن ادّعاؤه إلّا على نوع من المقاربة أو المجازفة، فأمّا على التحقيق والقطع "(الجرجاني،1988، ص 76) وهذا من أجود أشعار ابن حريق.

 

التشبيه المجمل في نثره:

وفي قطعة نثرية أخرى لابن حريق البلنسي مكونة من سطرين وهي القطعة الحادية والأربعين من نثرياته يرشد بها إلى ترك القول السيء من خلال تهذيب النفس والركن إلى الصبر كيف أن القول الحسن تسمع له الأذان وإن الماجن يتهرب منه العيان فيقول ابن حريق:

 41. " وهذا لا تمجة الآذان، ما لم يشبه بالملاحاة الذان، ولا يعلق به التثريب، ما لم يرد به الجار أو القريب " (ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 196)

من اجمل العبارات التي لمست فؤاد الشاعر الذي يستساغ منها جل المفاهيم المفيدة للذهن، وكما أنه وابن حريق في الرسالة النثرية المعبرة يريد منها إيصال هذا المفهوم أي أنه هذا القول الذي لا يقبله سمع الإنسان أو الأذان وأتى التشبيه المجمل فيها واضحا وجليا ف"التشبيه هو بيان أن شيئا او أشياء شاركت غيرها في صفة أو صفات باداة "(اللادقي، 2005،ص 135) وأداة التشبيه كانت يشبه والمشبه هو الملاحات والذي هو التساب وقد شبهها بالذان وهو العيب وأي مالم يروا أن المخاصمة هو من العيب في الفعل والقول وهذا هو وجه الشبه بينهم، والذي أراد ابن حريق البلنسي إدخاله إلى ذهن المتلقي.

وفي قطة نثرية أخرى لابن حريق البلنسي وهي الثالثة والأربعين يستحكم فيها القول بإحكام العقل وجعله المرشد للأفعال وذلك لعدم اتخاذ الطريق إلى الهلاك المحتوم فحتى الناقة عند العطش قد تتحول بدورها إلى حمار وحشي وهذه من الأوصاف التي استخدمها الشاعر ليجاري به المعاني من الألفاظ المستخدمة فيقول:

 43. " وأما معقل، فلا واسج في هذا الوعث ولا مرقل، ذهب إلى الغرض الأصقب، وشبه ناقته بالأحقب، صهر أغراسه بالتنائف الأوام، فهن من صخد لوبها الحمام، فمللن حمارات الودائق، وملن إلى مؤليات الحدائق " (ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 197)

الوصف أيضا كان له مكانة كبيرة في نثر ابن حريق البلنسي وقد استخلص من خلاله الطريق  ما أراده وآرائه التي وضعها في نثرياته فهو هنا يصف الشماخ وهو المعقل بأنها ليست سريعة ولا متمكنة من البروز، فليس الأمر بالرفعة والمكان العالي وإنما الرقي يأتي بالتعقل والتصبر في الأمور كلها صغيرها وكبيرها فلا يحتاج المرء ان يغير صفات انسان ويعطيه صفات اخر حتى يرفع من شأنه إنما يرسمها كيانه وتعامله مع الناس ، وأتى بعدها دور التشبيه المجمل" من خلال وصفه للناقة واستخدم أداة التشبيه (شبه) والمشبه هو الناقة وشبهها بالأحقب وهو الحمار الوحشي وحذف وجه الشبه وهي الوحشية عند أراكهما العطش ويكمل ابن حريق نثرته في وصف الحر وهو الصخد بالحمام وهو الموت وحذف وجه الشبه منها أيضا والذي هو الإرهاق المؤدي إليهما الحر والموت معا . 

المبحث الثالِث

-التشبيه المفرد البليغ (في شعر ابن حريق البلنسي ونثره)

٣.التشبيه البليغ: هو" وما حذف فيه أداة التشبيه، ووجه الشبه". (الهاشمي،2010ص296) ما بلغ درجة القبول الحسن

التشبيه البليغ في شعره:

حدث ابن حريق البلنسي في قصيدة فريدة أنشدها وقرأها عليه ابن الأبار ومدحه بها وهي مكونة من خمسة عشر بيتا ليست ملمومة أو متسلسلة قالها أيضا لمن أراد الكلام عن العروض فلا يجب نسيان أن ابن حريق كان شيخا رصينا في اللغة التي تداركها وهو في صغره في بلنسية وكان قد كتب هذه القصيدة وذكر في بدايتها الخبب التي هي إحدى مصطلحات علم العروض وانتقل بعدها إلى ذكر هوى الصبابة وايامه الماضية، فيقول في البيت الثالث والرابع والخامس منها:


 

"٢٧. ابعيــــــــد الشــــباب هوى وصبا        كـــــــلا لا لهــــــــــــو ولا لعبــــــــــا

٢٨.ذرت الســــــــــــتون بــــــــــــرادتـــــــــــــها        في مسك عذارك فاشــــتهــــبا

٢٩.يا نفــــــــس أحيي تصــــلي أملا        عيشــــــي رجـــــــبا تري عجــــبا"

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 115)


يحن ابن حريق في شعره إلى مرحلة الشباب والصبا وقد عفى على كل ما مضى الزمان وولى عصر اللهو واللعب وأتى ذلك الوقت عليه ، وقد بلغ ابن حريق الستين حولا حينها فهو يروي عن تفاصيل حياته وقد ابتعد عنه الشباب وأتى ابن حريق بأجود تشبيه فقد شبه الستين من عمره بالبرادة وهي الحديد بعد ان يبرد و كأنه يريد أن يصف الشباب بالحديد الحامي واللين و يتشكل كيفما يراد ولكن عند مضي العمر فهو يتصلب ويصعب تغييره وهنا تكمن فطنة ابن حريق وحكمته في الوصف والتشبيه البليغ الذي لا يصدر إلا من حكيم مثله"و يشترط ليكون هذا التشبيه مقبولا أن يكون الشاعر صادقا في قوله، معقولا في اعجابه بالمشبه."(سلطاني، 2008،ص 92) ويأتي عجز البيت إلى التشبيه البليغ ليقول في مسك لعذر وهي أيام الشقاوة وعدم الخوف من الخوض في الحياة ويشبهها بالاشتهاب وهو الشيب والأثر الأبيض في الشعر وكأنما يقول أن الحياة أشعلت راسه بالشيب سريعا فلم يكد يشعر بمضي العمر الأنف و يكمل ابن حريق البيت أنه كلما مضت السنين نرى العجائب في أنفسنا قبل الآخرين.

من قصيدة لابن حريق البلنسي ذكرت في زاد المسافر منها بيتان فقط يقصد بها الشوق والحنين والغربة التي عاشها وكيف أن ذلك أتى عليه وكسر ضلوعه فلم يكد يستطيع الوقوف مجددا وعاش الشاعر تجربة مغايرة في هذين البيتين عن القصائد التي سبق وقالها ابن حريق البلنسي فيقول في البيتين:


 

"٤٠. وعلـــــى الفــــــؤاد لواعــــــج مذ غبـــــــتم       تقــــــــــد الضــــــــلوع توقـــــدا ووجــــيبا

٤١.فلها خفوق هــــــــل بصـــــــرت بـــــــبارق       ولهــــــــا حنيـــن هل سمعت النيبا؟"

(ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 116)


وفي هذين البيتين تلتمس الحزن العميق المتدفق مع الغزل وبتشكل الأبيات لتتشكل معها صورة الألم والحزن والفقدان الذي أصابه من الفراق وشبه ابن حريق هذا الفراق بالفؤاد الذي يصيبه اللواعج وهو الحب ألحارق وكما أنه ذكره بالجمع وهذا يفيد بدأ يصيبه أكثر من مجرد ألم حب حارق وإنما كثرت عليه هذه ألألم وأيضا استخدم التشبيه البليغ في عجز البيت أيضا  بتشبيه تقد الحطب فاستبدل الحطب وشبهها بالضلوع والاجدر ان الحطب هو الذي يوقد، والشاعر أراد تشبيه ضلوعه بالحطب فليس له من مفر سوى أن يذوق ويذبل من ألمه وحسرته وصراخه الداخلي الذي أصابه.

التشبيه البليغ في نثره:

في نثريته الأولى بدأها ابن حريق بالوصف ورسم جمال بلنسية. فخط صورة لرونقها وبهائها العالي كما أدرك بها خطى ألجمال في هذه المدينة المتميزة المطلة على البحر والذي استانس بها ابن حريق وانسته همه وكشفت له أدمع ألجمال ليستخرج منها أبها ألفاظه فيقول:

1. " ايها الصباح المتبرج، والنسيم المتارج، ان عندكما من الخبر، لما يزري بالحبر، اليفن من عقل الكبير، لم تعياه، فتوعياه، ولم تحفظاه رصفا، فتلفظاه وصفا، لكن اوماتما، فانباتما، والمحتما، فاوضحتما، وبلغتما مع الاختصار في البيان" (ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 167)

في القطعة النثرية الأولى في رسائل ابن حريق والتي يشع منها الأمل والطموح في أوصافه، وجاء مخاطبا لخلانه و ناشدهم وأيضا مرشدا لهم فيما يجدر الأخذ به وترك ما لا يصح مجاراته. فيقول بتشبيه بليغ ورصين يصف الصباح الذي هو المشبه بالتبرج الذي هو المشبه به أي المتزين وهو وصف يطلق على النساء التي يتزين ويلحقها أيضا بتشبيه بليغ آخر" وتبين  معاني الروعة والجمال في التعبير الفني ، والقدرة على إبداع  مشابهة لهذه الأساليب المتفوقة "(امين، 1982،ص14) وهو النسيم الذي هو المشبه بالمتأرج وهو الرائحة الطيبة عندما تفوح في الارجاء وكأنها طيب وعطر وهذا ما يبحث النفس إلى التأمل والطمأنينة فيما سيلاحق من الكلام وقد أدرك الشاعر مبتغاه من خلال هذه الكلمات فالنصح الذي يأتي بالكلام الطيب أكثر قبولا منه من الكلام القاسي وهذا الأمر استدركه ابن حريق البلنسي أيضا. 

   لابن حريق البلنسي قطعة نثرية هي الثامنة عشر يتحدث فيها عن تعوده سلك درب ألماسي حتى وان كان فيها هلاكه فهو لم يعد يخشى ظلمة الليل الحالك بالأصبح ينتظرها كأنها أصبحت جزء من شخصه وهي التي توجهه في معرفة ذاته العميقة الدفينة تحت وطأت الأيام التي يعيشها دون توقف فيقول:

 18. " ومع تعودي دلج الليل، تعود زيد الخيل، واقدامي على المهلك، اقدام السلك، لا امشي الضراء، ولا انطق العوراء، ما لي وللمحفظة توغر صدور اناس، واصاب بها وانا ناس، لا أكون كطرفة والمتلمس، طلبا الصلات، بعد نحت الاثلات، واتيا ابن هند يرجوان احسانه، ونسي كلاهما انه ادلع بالسوء لسانه، فلما اشخصا إلى الحيرة لامر، واستطلع المتلمس ما في رقعة عمرو" (ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 180 )

يروي ابن حريق القصص من خلال نثرياته فترى المخزون من خلال لفظة واحدة فقط ومع أنه لا يبذل جهدا الى أنه يتمكن من إدراك مبتغاه ويذهب في وصف نفسه بأنه قد تعود الظلمة وقلة الكلام وعدم إيذاء الناس بما يدور في خلجاته فهو لا يقول ألا ما يسعدهم ولا يستطيع أن يكون مع من لا يحبذه. فهو لا يرى ذلك أمرا سويا وأنه يستطيع أن يلتمس ما في جعبة الآخرين من دون عناء وجهد وفي هذه القطعة النثرية أكثر من تشبيه بليغ فالأول منها أنه تعوده دلج الليل وهو منتصف الليل شبهه بتعود زيد الخيل وكأنه يقول إنه يمتطي الليل ليبلغ مقاصده ويتأمل فيما سوف يواجه في الحياة ويأتي بعدها التشبيه البليغ الثاني وهو أقدامه على المهلك وقد شبه مواجهته للهلاك واقدامه دون الخوف شبهه بإقدام السلك وهو الخيط الذي يربط الخرز ونحوه فهذا هو المصير ألحتمي الذي لابد من مواجهته.

الفصل الثاني (التشبيه المركب في شعر ابن حريق البلنسي ونثره)

 المبحث الأول

-التشبيه المركب التمثيلي (في شعر ابن حريق البلنسي ونثره)

التشبيه التمثيلي: أبلغ من غيرهن لما في وجهه من التفصيل الذي يحتاج إلى إمعان فكر، وتدقيق نظر، وهو أعظم أثراً في المعاني: يرفع قدرها، ويضاعف قواها في تحريك النفوس لها، فان كان مدحاً كان أوقع، أو ذمّا كان أوجع، أو بُرهانا كان أسطع، ومن ثم يحتاجُ اُلى كدّ الذهن في فهمه، لاستخراج الصورة المنتزعة من أمور متعدِّدة، حسية كانت أو غير حسية."( الهاشمي،2010،ص36)

التشبيه التمثيلي في شعره:

من قصائد ابن حريق البلنسي قصيدة مكونة من تسعة عشر بيتا شعريا غير متواتر يتحدث فيها عن أيام اشتغاله بجهة جيان وتردده عليها وأثناء لقائه بأبي إسحاق ابن صناديد يمدحه فيها بكل سروره والثناء عليه وبعث قريبته في ترديد هذه القصيدة عليه والتي كان قصيدة بقافية الباء وهي من بحر البسيط يتحدث في بدايتها عن أن الطرف الآخر مدحه وثنائه لكن سيثري نفسه من خلال كتابة القصيدة وذكر فيها أيام صبا وعصر شبابه الذي غرب فيقول في البيت الثامن عشر والتاسع عشر منها:


 

" 18. صَاغَتْ لَهُ كِيمْيَاءُ الْجُودِ إِذْ وَرَدَتْ            مِنْهَا نُضَارَا وَكَانَتْ قِبَلهَا كُتُبًا

19. فَأَشْبَهَتْ حَالُ بِنْتِ الْكَرَمِ إِذْ خَلَصَتْ         فِي ألْدِنْ خَمْرًا وَكَانَتْ قِبَلهُ عِنَبًا"

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 114)


يغلب طابع المديح في شعر ابن حريق البلنسي فكأنه أحيانا كان شعرا تكسبيا حسب المؤرخين أو كان لغرض التقرب من الأمراء وذوي النفوذ في حقبة ابن حريق ولم يبخل في ذكر خلانه الأوفياء وهذا كان من شيم ابن حريق.

لم يكن أمرا سيئا على الشاعر فقد أبدع فيها وأخلص في الأوصاف إخلاصه يشهد له بحكمتها ورزانتها، والتي يلاحظها القارئ من أول وهلة فهو يقول في الأبيات الأولى منها أن الخلق الحسن هو ما يرفع شأن صاحبها ولاسيما إذا رافق ذلك حسن النسب و يستمر ابن حريق في الثناء على رفيقه الذي وافته المنية حينها أبى بحر بن صفوان فأخذ فيقول في التشبيه التمثيلي: ( صاغت له كيمياء الجود ) أي تشكل له بتحول الجود عندما وردت بالمشبه به( منها نضارا  وكانت قبلها كتبا) إلى الجمال والنضارة وقد كان قبلها أجود كتبا لا يستفاد مما في داخلها  وفي البيت الذي يليه أيضا تشبيه تمثيلي مركب فقد مثل الشاعر صورة بنت الكرام اذا خلصت أي انتهت في ألدن أي في المكان الادنى او ألمنخفض وشبهها بالخمر بعدما كانت عنبا زاكية مكانها على أوراق الشجر وهذا هو الأصل في التشبيه التمثيلي.

وله قطعة شعرية مكونة من ثلاثة أبيات فقط يتغزل فيها بحبيبته التي تميزت بإستحيائها وخجلها، فعندما يقول فيها الشعر يرى فيها ضوء الشمس وكأنها ذهب أو فضة ويخاف أن يسألها تقبيل راحتها فتحترق من نار شوق حبه وهذا النوع من الغزل العفيف هو الذي ارتمى على طريقه ابن حريق فيقول في البيت الأول والثاني منها:


 

"1. كَـــلِـــمَــتــُهُ فَــــــاصْـــفَـــرَّ مِـــنْ خَـــجَــــــلِ       حَـــتَّـــــى أكـــْتَســـَى بَـــالْعـــَسِـــجْـــدْ ألــــــْوَرَقُ

2. وَسَــــأَلَـــتْـــهُ تــــَقْــبِـــيـــلَ رَاحَــــــتــــــــــــــــــــِهِ        فَــــــأَبِــــي وَقــــــــــَالَ أخـــــــــــــــافُ احـــــــــــــترقُ"

(ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 139)


في قطعة ابن حريق المكونة من ثلاث أبيات يصف حبيبته متغزلا بها وبجمالها و استحيائها منه حتى اصفر وجهها. فاكتسى بنفس لون الذهب والفضة. في البيت تشبيه تمثيلي وهو مركب" والتشبيه أشبه الشيء بوسائل الإيضاح التي تهدف إلى زيادة التأثير في النفس، وثبت المعاني فيها، اذ يعقد صلة بين امرين أو أكثر يشتركون بصفة او اكثر بقصد إبراز هذه الصفة في أحدهما وتجسيمها وتوضيحها"( الغزالي ، 1993، ص 154) في المشبه هو (أصفر من خجل) والمشبه به حالتها التي تشابهت (اكتسى بالعسجد الورق) فالمسجد هو الذهب، والورق هو الفضة، وأما في البيت الذي يله أيضا شبه الشاعر حالت (تقبيل راحته) أي تقبيل راحت حبيبته المشبه به وهو(الاحتراق) وقد أبت ذلك خوفا من أن تحترق بنار حب ابن حريق البلنسي وهذا من التشبيه الحسنة في الصور الشعرية.

التشبيه التمثيلي في نثره:

كتب ابن حريق في رسالته النثرية السابعة والثمانين يصف فيها فضل بعض الأشخاص وجودهم الذي شبهه بفضل الشمس على النجوم فهي أكثر نورا منهم وفضل القمر ونوره المتدفق في دلج الليل المظلم وانف ذكر فضلها و أسندها إلى ممدوحه الذي جمعت فيه الحسنى من صفات أو هكذا رواه ابن حريق البلنسي فيقول:

87. " بل كفضل المهاة على النجوم، والإضحيان على العلجوم، لو شيئت المطاولة بفعالك، لعلت الهام شسوع نعالك، ولخطت مآثرك بكل قلم، وحق لك أن تقول لكل ذي ظلم" (ابن شَرِيفَةٍ، 1996، ص 217)

إخترق ابن حريق الأساليب العادية في النثر والدارجة والمنتشرة في حقبته وأراد تغير بعض المفاهيم من خلال رسائله النثرية ودمجها على هيئات مختلفة ومتناغمة مع بعضها البعض بدون تكلف ولا تصنع وهذا شيء ملحوظ دون أدنى شك. فعند الوصف يأتي ابن حريق بالتشبيه التمثيلي المركب ليوصل تلك الصورة غير الاعتيادية.  فقد شبه الشاعر حالة (المطاولة بالفعال) أي المطاولة بتكرار نفس الأفعال إذا كانت حنة بالمشبه به وهما حالة الفضل (كفضل المهاة على النجوم والاضحيان على العلجوم) فالمهاة هي الشمس ومكانتها الفضلى بين النجوم وأما الاضحيان فهو ألقمر والعلجوم هو الظلام المتراكم في آناء السماء واستعمل الشاعر حرف التشبيه الكاف في بداية قطعته النثرية كدلالة لما سيتم ذكره من تشبيهات وقد أحسن في إتقان ذلك.

في رسالة نثرية هي الثانية والتسعين من رسائل ابن حريق فقد اختلفت عن الباقي كونها تحمل على إثراء النفس عن الباقي من الأشخاص ولكن عدم ادعاء الثرى أنما تكوين توازن والرضى بالذات والرضى بما آتاه الله وفي ذلك كتب بإظهار الاحسن دائما حتى وإن كان الباطن غير ذلك فيقول:

 92. "ألظَّاهِرُ خِصْبٌ، وَالْبَاطِنُ شَظَفُ وَشْصُبْ ، وَهَبَنِي مُجَوِّدٌ ألرِّيَاضِ ، رَيَّانْ الْجَدَاوِلَ وَالْحِيَاض ، لَا أَرْضَى أَنَّ أدَّعَى أَغْنَى النَّاسِ ، وَأَنَا أُفْقِرُهُمْ إِلَى ألْإِينَاسُ ، أَقِفُ بِقَلْبِ هَوَاءٍ ، فِي رُبْعِ قَوَّاءْ ، فَائِهَا كَتْم وَمُذِل ، مُتَمَثِّلاً بَيْنَ عُذْرٍ وَعَذَل " (ابن شَرِيفَةٍ ،1996 ، ص 219)

لا يستثني ابن حريق في ذكر أحواله وما آل إليه حاله سواء كانت حسنة أم سيئة و لم يبخل على تاريخ الشعر ولاسيما الذي ورد منه في حقبته على إدراك الناس ورسم صورة متطابقة تمام مع ما عاشه وعاصر ولم يخشى الحكم عليه  ففي وصفه تشبيه تمثيلي و مركب فوصل حاله بالظاهر الخصب أي المندثر و الغني و شبه الباطن شظف وشصب أي واقع حاله بشدة العيش وضيقه و بما معناه الفقر و وهو لا يدعي أنه غني وإنما هو يمتلك الانس و الرضى بما له فأتى الشاعر بنهاية القطعة تشبيه تمثيلي آخر وهو يصف نفسه متمثلا بين عذر وعذل في المشبه هو ( فائها كتم ومذل)  ففائها من يفوه وهو أن يبوح الرجل بكل ما في نفسه فيكون مذلا أي مفشيا و هذا ليس عذرا ولا عذلا أي أن يبالغ في لومه  فيركب بذلك الكلام مع بعضه ليتشكل من خلاله التشبيه التمثيلي المراد له أن يكون.

المبحث الثاني

-التشبيه المركب الضمني (في شعر ابن حريق البلنسي ونثره)

 2.التشبيه الضمني: هو تشبيه" لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمح المشبه والمشبه به، ويفهمون من المعنى."( الهاشمي،2010،ص42)

التشبيه الضمني في شعره:

كتب ابن حريق البلنسي قصيدة مكونة من أربعين بيتا شعريا من قافية الهمزة وهو يمدح السيد الأجل أبي يحيى بن أمير المؤمنين وكيف ويغرقهم بفضله ويحسن إليهم من كل النواحي إلى الحسن من الحياة التي أرادوها وارتضوا لأنفسهم فوجدوه يوفرها لهم ويروي عليه بأجمل ألفاظ المديح وكيف أنه من ابناء أسماعيل فيه وجد عندهم وحفظ وعندهم ووجدت فيه الأفضل من الأفضل وأن طاعته عليهم فرض لا مفر منه ومن لم يطعه يسهلك في الهموم ولن يجد دونه ملجأ ولا مفر فيقول ابن حريق البلنسي في الأبيات الثلاثة الأولى:


 

١.قمــــــر تطلـــــــــــع والهــــــواء سمـــــــــاؤه           مــــــــــلا النواظــــــــر والنفـــــــــوس بهـــــــاؤه

٢.يــــــرتاع منــــــــــــه مسيــــــــره ومقامــــــه           ويضــــــــــــــيق عنــــــه أمامــــــــــــــــــــه ووراؤه

٣.ويــــــــكاد يستــــــلب الخواطر حسنه          ويــــــــــــكاد يختـــــــــــطف العيــــــــون ضياؤه

(ابن شريفة،1996، ص 111)


في هذه القصيدة المطولة من شعر ابن حريق وقد خص بها الأمير أبا يحيى أمير المؤمنين ولم يذكر الشاعر اسمه صريحا في هذه الأبيات الثلاثة الأولى من قصيدته واستغنى عنه بأوصاف سيلي ذكرها فوصفه بأنه ذلك القمر الذي ينظر ويتطلع إلى أمور العامة من أعلى فهذا هو التشبيه الضمني" ويفضل أن يكون التشبيه من ابتكار الشاعر مستمدا إياها من خياله ليتحقق أمل لديه في صورة شعرية"(اوجي، 2014،ص87) المرتكز في وصف الأمير فهو يملأ النفوس وعند النظر إليه من حسنه بالبهاء وفلا يجاريه أحد ولا يستطيع أحد أن يأخذ مكانه فكان المكان يسع به ويضيق عند غيابه وأما في البيت الثالث فيقول الشاعر( يكاد يستلب الخواطر حسنه) وهذا هو المشبه فهو يصف حسن أميره الذي يجذب الخواطر بالمشبه به وهو( يخطف العيون ضياؤه) فهو كالضوء الذي بدوره يجذب العيون وهذا هو الأصل في التشبيه التمثيلي المركب.

من قصائد ابن حريق البلنسي قصيدة مكونة من تسعة عشر بيتا شعريا غير متواتر يتحدث فيها عن أيام اشتغاله بجهة جيان وتردده عليها وأثناء لقائه بابا إسحاق ابن صناديد يمدحه فيها بكل سروره والثناء عليه وبعث قريبته في ترديد هذه القصيدة عليه والتي هي قصيدة بائية من بحر البسيط وذكر فيها أيام صبا وعصر شبابه الذي مضى، فيقول في البيت الثامن عشر والتاسع عشر منها:


 

٥."اعــرى من المدح الطرف الذي ركبــا         لمــــــا جـــــرى في ميادين الصبــــا فكبا

٦.تمــــــر وثبــــــــا به خيــــــــل الشبــــــاب فــلا          يستطيع من مربط الخمسين ان يثبا

٧.وربـــــــــما شـــــق اســــــداف الظــــــلام بـــــه          ركضـــــــا وشق به الاستـــــار والحجب

(ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 113)


في هذه الأبيات الثلاثة المتتالية أختار ابن حريق طريق آخر يسلكه في تبيان بعض أمور الحياة التي أراد وإظهارها للقارئ وهي العمر ألذي مضى و وكيف أنه شق أسداف الظلام و ركض بين الأستار والحجب و لم يخش ما سيلحقه إنما أراد خوض غمار الحياة بكل ما تحمله و ولم يريد أن يستثني نفسه أنه من الوقوع أحيانا في ميادين الصبا ولكن كل ذلك قد علمه دروسا كثيرا وقد أتى التشبيه الضمني قد" استتر طرفا التشبيه خلف غلالة رقيقة، تظللها ولا تخفيها ، فيكون بذلك  إثارة نفس القارئ وإيقاظ ذوقه"(سلطاني،2008،ص 92) مرتكزا في الابيات في أول بيت من خلال تشبيه( الطرف الذي ركب) بالمشبه به وهو( جرى في ميادين الصبا) فقد شبه الطرف الذي ركب وهو يقصد بها ركوب رحلة الحياة والعمر بالمشبه به وهو الجري في ميادين الصبابة فلم يصب ولم يتقن في ما تأمله وأما التشبيه الضمني في البيت الثاني بالمشبه ( خيل الشباب) والمشبه به ( فلا يستطيع من مربط الخمسين أن يثبا) فهو قد شبه مرور الخيل في وقفزهم بالشباب والصبابة التي لا يستطيع أن يمسك عنه بأن يقفز به من عمر الخمسين  فيربطه ربطا ويوقفه فقد مثل العمر بالخيل الذي يقفز دون توقف .

التشبيه الضمني في نثره:

في إحدى نثريات ابن حريق التي تحدثت عن الفراق وهي الخامسة والتسعين أراد ابن حريق إظهار الأسى الذي أصابه بعد ذلك فهو يتحسر على الزمن واللحظات الثمينة وقد كثر ذلك في شعر ونثر ابن حريق فكأنه كان ألحزين الذي يدعي السعادة أحيانا فيقول:

 95." ـ إن كان فراقك مقر لي الهبيد، وقذف بي ألبيد، وانتضل في لأبيد، وأرهقني شأسا، ولقاني منه بأسا، وأدهق لي من أمراره كأسا، ولم يطمعني في لقائك رأسا، فما أضمر من روح الله يأسا " (ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 221)

التغزل بالحبيب و التحسر على الفراق بعد مرور الدهر والقبول به رغم كل الظروف ذلك ما تحدث عنه ابن حرق في قطعته النثرية ووزن ذلك من خلال إدراج التشبيه الضمني في الكلام وذلك من خلال وصفه لفراق الحبيبة بتشبيهات عديدة" بالبناء على التأويل في دعوى دخول المشبه في جنس المشبه به  بجعل افراد المشبه به قسمين، والكاذب يتبرا من التأويل ونصب قرينة على إرادة خلاف الظاهر"(القزويني، 1904،ص306) منها( مقر الهبيد و قذف البيد و أنتضل في الابيد ) فكلها أوصاف مركبة وهي المشبه به للفراق والتحسر الذي أصاب ابن حريق البلنسي فمقر الهبيد وهو أنقع حب الحنظل وأما قذف البيد فهي الرمي في البيداء أو الخلاء وانا أنتضال في الابيد فهي الرمي لأهلك  وهو يريد من خلالها وصف الفناء الذي يعيشه مسير غير مخير .

تراكم الخبرات على ابن حريق لم يكن من دون جدوى وإنما كان السبب في إبداع الشاعر فها هو ذا في رسالته السادسة والتسعين يقول ويؤكد ذلك ويتحدث عن الدروس التي علمته الحياة فالإنسان يكبر بالتعلم فليس مستحيلا أن تعيد كتابة كتابك ليكون ذلك درسا ثمينا من التعلم من الأخطاء وعدم تكرارها أو الخوض فيها مجددا فيقول ابن حريق البلنسي في ذلك:

 96. " تُعاد الكتابة في الطروس ، وتحيا المعالم بعد الدروس ، كم معنى تراكضت فيه الرئال ، ثم عاوده السكن والآل ، بعدما أقوت الدمن ، واستحكم في آيه الزمن " (ابن شَرِيفَةٍ ،1996، ص 221)

الوعظ هو أيضا من شيم الرسائل التي كتبها ابن حريق في إعادة الكتابة في الطروس و أحياء معالم الحياة بعد تلقي الدروس أو ذهاب الأثر فأتى الشاعر بالتشبيه الضمني" وقد يأتي التشبيه على غير هذه الصورة المعروفة، فلا يكون تشبيها صريحا ، وإنما يستنتجه السامع أو القاريء استنتاجا"(أبو علي،1997،ص 144) المعاني في الكتابة وهي المشبه وشبهها ب(تراكضت في ألرئال) وهي فرخ النعامة فهي تغير مكانها بين كل لحظة ولحظة وشبه الشاعر تغير المعاني بها و ولم يقف وصف عند ذلك ولكن وصف السكون الأهل خلت الموضع بقرب الدار فهي أيضا من التشبيه الضمني وهي المشبه به للكتابة والمعاني المختارة بالوقوف وعلى الآية وهي علامة الزمن عليه.

الخاتمة

وبعد الانتهاء من البحث توصلنا إلى بعض النتائج من خلال مباحثة وهي كالآتي:

-يحتاج شاعرنا ابن حريق البلنسي إلى دراسة شعره ونثره لقلة الدراسات عليه فضلا عن المادة الشعرية والنثرية التي تستحق الدراسة لكشف جمالية فنه.

- وتم أيضا كشف الستار عن التشبه واختلافه عن باقي أقرانه من مصطلحات علوم البلاغة مثل الاستعارة والكناية.

-  تبين من خلال التشبيه المفرد أن الشاعر أداه في معاني عكست جمالية الوصف في شعره ونثره، فضلا عن التأثير النفسي من خلال ما أداة التشبيه المفرد في نصوصه الشعرية والنثرية.

- وقد أحسن الشاعر في التشبيه المفرد المجمل في مقاربة الصورة التشبيهية الغرض الأساس للنص الشعري والنثري فأجاد إيراد التشبيه بأدواته وأركانه مستوعبا ما رسمه التشبيه من صورة شعرية.

-  وتبين من خلال مبحث التشبيه المركب التمثيلي أن ابن حريق تعمق في رسم الصورة الشعرية التشبيهية لكي يتوصل إلى التمثيل الواقعي لما يريد وصفه سواء أكان في النصوص الشعرية أو النثرية.

 -  أما التشبيه المركب الضمني فقد أوعز الشاعر من خلال تلميحاته إلى الوصف الداخلي والخارجي بيد أنه لم يصرح في بعض الأحيان بأوصاف قد تؤثر فيه ولا سيما فيما يتعلق بالعمر وتقادم السن الشيب والشباب وكذلك في غرض الغزل، لكنه أجاد في الاتيان بهذا التشبيه ليعكس بعص النقص من خلال التلميح الذي يؤديه هذا النوع من التشبيه.

    

المصادر والمراجع

أولا: الكتب والمراجع:

1.                   ابن الأثير ضياء الدين نصر الله بن محمد بن عبد الكريم: المثل السائر تحقيق: أحمد الحوفي وبدوي طبانة، دار النهضة-القاهرة مصر، 2008، ج١.

2.                   ابن شريفة، محمد: ابن حريق البلنسي حياته وآثاره، ط١، ١٩٩٦.

3.                   ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي ابن منظور الأنصاري الخزرجي: لسان العرب، تحقيق: عبد الله علي الكبير-محمد احمد حسب الله-هاشم محمد الشاذلي، ج2، دار صادر -بيروت لبنان، ط3 ،2004.

4.                   ابو علي وابو احمد والحيارى، د. محمد بركات- د. محمد علي- د. عبد الكريم: علم البلاغة، جامعة القدس المفتوحة- عمان الاردن، ط١، ١٩٩٧.

5.                   امين، د. بكري شيخ: البلاغة العربية في ثوبها الجديد علم البديع، دار العلم الملايين- بيروت لبنان، ط١، ١٩٨2.

6.                   الجارم- امين، علي- مصطفى: البلاغة الواضحة البيان البديع المعاني، دار المعارف-مصر، ط1، 1999.

7.                   الجرجاني، الإمام أبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن: أسرار البلاغة في علم البيان، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار الكتب العلمية-بيروت، ط1، 1988.

8.                   الخطيب القزويني، الإمام جلادين محمد بن عبد الرحمن: التلخيص في علوم البلاغة، تحقيق: عبد الرحمن البرقوقي، دار الفكر العربي بيروت لبنان، ط١، ١٩٠٤.

9.                   الخطيب ألقزويني، محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي، جلال الدين القزويني الشافعي: الإيضاح في علوم البلاغة المعاني والبيان والبديع، تحقيق: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية- بيروت لبنان، ط١، ٢٠٠٢.

10.                الخفاجي، أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الحلبي. سر الفصاحة تحقيق، محمد عبد الله الصعيدي، مطبعة علي صبيح- مصر، ط1 ،1969.

11.                سلطاني، محمد علي: المختار من علوم البلاغة والعروض، دار العصماء- دمشق سوريا، ط١ ،٢٠٠٨.

12.                الشحوذ: علي بن نايف: الخلاصة في علوم البلاغة، المؤسسة العربية الحديثة-مصر، ط١، ٢٠٠٧.

13.                العتيق، عبد العزيز: في البلاغة العربية علم البيان، دار النهضة العربية-بيروت لبنان، ط١ ،٢٠١٥.

14.                العسكري، أبو هلال: كتاب الصناعتين تحقق: البيضاوي وإبراهيم، عيسى البابي الحلبي-سوريا، ط1، 1952.

15.                عيسى، فوزي: الشعر الأندلسي في عصر الموحدين، دار الوفاء للطباعة والنشر- الإسكندرية مصر، ط١، ٢٠٠٧.

16.                اللادقي، محمد طاهر: المبسط في علوم البلاغة المعاني والبيان والبديع نماذج تطبيقية، دار النموذجية بيروت لبنان، ط١، ٢٠٠٥.

17.                مطلوب- البصير، د. احمد- د. الحسن: البلاغة والتطبيق، وزارة التعليم العالي- بغداد، ط 2، 1999.

18.                الميداني، عبد الرحمن حسن حبنكة: البلاغة العربية أسسها، وعلومها، وفنونها وصور من تطبيقاتها بشكل جديد من طريف وتليد، الجزء الأول والثاني، دار القلم-دمشق، ط١، ج ٢، ١٩٩٦.

19.                الهاشمي، السيد احمد الهاشمي بك: جوهر البلاغة، دققه وعلق عليه: سليمان الصالح، دار المعرفة-بيروت لبنان، ط3، 2010.

 

الرسائل العلمية:

20.                ابو يوسف، طاهر عبد المنعم علي: التصوير البياني عند شعراء الرسول دراسة بلاغية نقدية مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة الازهر- مصر،2000.

21.                اوجي، امير ساطع عزت: البناء الفني في ادب ابن حريق البلنسي، رسالة ماجستير، جامعة بغداد_ العراق، 2014.

22.                الغزالي، شعيب بن أحمد بن محمد عبد الرحمن: أساليب السخرية في البلاغة العربية دراسة تحليلية تطبيقية، رسالة ماجستير، جامعة ام القرى- المملكة العربية السعودية، ١٩٩٣.

الدوريات والمجلات:

23.الذنيبات، فايز مدالله: القرائن البلاغية بين للترجيح بين التأويلات عند ابن الاثير في كتاب المثل السائرون دراسة نقدية، قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة جازان السعودية، دورية دراسات الملحقة بسكوبس(scopus)، المجلد ٤٣، عدد١، ٢٠١٦.

24.غيظان، جمال علي محمود: رواية الاندلسيين للشعر الجاهلي ومصادره، جامعة القدس – فلسطين، دورية دراسات الملحقة بالسكوبكس(scopus)، المجلد ٤٦، العدد ٢، ٢٠١٩.

25.النجار، مصلح عبد الفتاح: أثر الصورة البلاغية في تعليم العربية للناطقين بغيرها محاولة في التوصيل، قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية- الجامعة الاردنية، دورية دراسات من ضمن قائمة بيانات العالمية البحرية سكوبس(scopus) المجلد ٤٤، العدد٢، ٢٠١٧.


 

 


 

ئةنولوزيا دهةلبةست  و بةخشانا ابن حريق البلنسي دا

ثوختة:

ئةظ ظةكولينة بةحس هوزانظانةك  َ ئةندةلوسى يىَ  بناظىَ ( ابن حريق البلنسي ) دكةت ، كو ئةدةبا وي بشيوى هوزان ورةوانبيزي بوية. و بةحس ذ زانستةك ذ زانستين رةوانبيزيئ اوذي: ( التشبية / وةكهةظ كرن ) اوذي دبةشىَ ئيَكىَ دا دهيَت ب دروازييَن خويَن ئيَكىَ و دووىَ كو تيَدا جوريَن ( وةكهةظكرنىَ/  التشبية) دهيَتة دابةشكرنىَ بو يا تاك و جووت ، و ( تةشبيا/ وةكهةظكرنا  تاك ) تةشبيا هوير و سةرتاسةرى بخوظة دطريت و ديسان ئةنولوزيا جووت ب رولىَ خو ئةنولوزيا ئاشكةرا و ظةشارتى بخوظة دطريت . و ل بةشىَ ئيَكىَ دا دروازا ئيَكىَ دهيَت و وةكهةظكرنا هوير ول دروازةيا دووىَ دا طفتوطو هاتية كرن لسةر ديدةييَن هوزانىَ و ثةخشانىَ لسةر شيَوازىَ وةكهةظكرنا سةرتاسةرى و ل دروازا سييىَ ذ بةشىَ ئيَكىَ ب كويراتى بةحسىَ ( التشبية / وةكهةظكرنا رةوان ) هاتية كرن ، بيَكو روويىَ وةكهةظكرنىَ يان شيَواز يان ثيتا وةكهةظكرنىَ تيَدا هةبيت.  بةلىَ دروازا ئيَكىَ ذ بةشىَ دووىَ وةكهةظكرنا تةمسيلى بخوظة دطريت او زي وةكي هةمي بةشين دي بريكا وةركرتنا نمونة ذهوزانىَ و ثةخشانا كورى حريقي. و ل دروازا دووىَ دا بةحس ل وةكهةظكرنا ظةشارتى ( نةثةنى ) هاتية كرن و ل دوماهييا هوزانظان (ابن حريق البلنسي) ذ وان هوزانظانيَن خودان زانين و شارةزايةكا موكم بوو كو بظىَ ريَكىَ هوزانيَن خو ظةهاندينة و كةلتورىَ ويَذةيا ئةندةلوسىَ ذي.

ثةيظئت سةرةكي: ابن حريق بلنسي, هةلبةست وثةخشان, ئانالوذيا, ئانالوذيا تاك, ئانالوذيا هةظديداني.

 

 

The analogy in the poetry and prose of Ibn Hariq Al Balansi

Abstract:

This research implies an exposition about one of the Anadalian Era poets (Ibn Hariq Al- Bilinsy). He was one of the literary men who versed in the notation of poems and prose dissertations..The research includes Ibn Hariq Al _ Bilinsy's origins; where and when he was born, the reason behind his nickname. Following that, there is a definition of rhetorical simile derived from famous and authentic resources of rhetoric masters such as Al Khatib Al Qizwiny, Abdul Aziz Attiq and Ahmed Matloob. Simile comes with several auxiliaries and terms. Thus, the first chapter includes all sorts of singular and compound simile.So, the singular simile includes elliptic simile, comprehensive simile, eloquent, using poetic and prose texts. Furthermore, compound simile which includes histrionic and implicit simile. The first dissertation of the first chapter clarifies the elliptic simile. Which should have a simile auxiliary, the resimblant, the resembled to and the point of resemblance. Concerning the second chapter, it discusses the histrionic simile which must be within simulating attitudes to one another. It is the simile that springs from the situation.  It is also about implicit simile which results from comprehending the context. In conclusion, Ibn Hariq, the poet was one of the bright and wise poets. Through which he rhymed his poems, added to them and enriched the Anadalian literature.

Keywords: Ibn Hariq Al Balansi, poetry and prose, similes, singular similes, compound similes.



* الباحث المسؤل.