الأنسب من الألفاظ والتراكيب في السياق القرآنيّ
سميّة صالح عمر* و عزّة عدنان أحمد عزت
قسم اللغة العربية، فاكولتي العلوم الإنسانية، جامعة زاخو، إقليم كوردستان - العراق.
تاريخ الاستلام: 05/2025 تاريخ القبول: 07/2025 تاريخ النشر: 09/2025 https://doi.org/10.26436/hjuoz.2025.13.3.1615
ملخَّص البحث:
للاستعمال القرآنيّ الكريم خصوصية يتميَّز بها ويتفرَّد ولاسيما بما يرد فيه من ألفاظ بدل مرادفاتها، وتراكيب تتسق وتتناغم مع سياقاتها فتتناسب معها بشكل فَذٍّ ومذهل. اخترنا في دراستنا هذه ثلاث آيات بأنماط متعددة، الاختلاف فيها بما تقارب معناه من الألفاظ كما في (مسَّ)، و(لمس)، و(ذوو) و(أولو)، و(آل)، و(أهل)، و(الأبوان) و(الوالدان)، أو ما تشابه من لفظ وتركيب نحو: (الأقربون)، و(أولو القربى)، و(ذوي القربي)، أو فيما وقع في التركيب من اختلاف دلالي باستعمال حرف الجرّ كإنزال الكتاب (على)، وإنزاله (إلى)، أفضلا عن اختلاف دلالة الصيغة الصرفيَّة للفعل بالبناء للمعلوم تارة، وللمجهول أخرى كما في (آتيناهم الكتاب)، و(أوتوا الكتاب)، ومثل هذا كثير جدا في الاستعمال القرآنيّ، ولكل حالة لبوسها.
الكلمات المفتاحية : الألفاظ، الصيغة، التراكيب، الدلالة، الاستعمال القرآنيّ.
توطئة
يَكمُنَ فَضْلُ الكلمة على غيرها، وترتفع قيمتها بما تقدّمه للنصّ من دلالة، ويؤثِّر المستوى الصرفي في الدلالة باستعمال الصيغ الصرفيَّة المختلفة: مجرَّدة، مزيدة، فعليَّة، اسميَّة، فضلا عمّا لها من خصوصيّة في الاستعمال القرآنيّ المختلف قطعا عن الاستعمال اللغويّ البشري.
ولعلَّ اختلاف الدارسين في إطلاق مصطلح الترادف على بعض الكلمات الواردة في القرآن الكريم يعود لعدم الدقّة في التمييز بين المتشابه من الألفاظ والمتطابق منها، فهناك مثلا فرق لغويّ كبير بين الكتاب والتوراة والانجيل والفرقان والقرآن، والذكر. قال تعالى: "﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾" ("ال عمران: "48)، وقال تعالى: "﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾" ("ال عمران: "4)، فـ(الكتاب) جاء مع النبيين، و(الفرقان) نَزَّلَه سبحانه عَلَى محمد عليه الصلاة والسلام، وآتاه موسى عليه السلام، و(الكتاب) الذي احتوى (القرآن) في قوله تعالى: "﴿إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾" ("الواقعة:78")، و(القرآن) عُطِفَ على (الذكر) في قوله تعالى: "﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ ﴾" ("يس: 69") ففرق بينهما؛ لأنَّ الواو العاطفة تفيد المغايرة، فضلا عن الفرق بين ألفاظ أخرى ذات صلة كـ(التنزيل) و(الصحف)، و(الألواح)، و(اللوح المحفوظ) وغيرها لا يتسع المجال لذكر تفاصيلها هنا، وإنما أردنا الإشارة إليها لقناعتنا بعدم وجود الترادف في القرآن الكريم، أمّا عن التراكيب التي تضمّ تلك الكلمات فلا بُدَّ أن نعي أنَّ المرسل لا يريد أن يقدِّم للمتلقّي معنى تلك الكلمات المفردة، بل دلالة نظمها في النصّ الذي يتأثَّر بتغيير التراكيب والأساليب بأنماطها المختلفة.
حاولنا أن نُراعي في دراستنا عالميَّة القرآن الكريم ومصداقيته، وأنَّه لا يصحُّ إطلاقا أن نحصر ما ورد فيه ونطبقه على العرب من أتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقط؛ لأنَّه أنزل هُدًى لِلنَّاسِ بكل أصنافهم وطبقاتهم، بقطع النظر عن ملَّتهم، أو جنسهم، أو عرقهم، أو شكلهم، أو لونهم، أو إيمانهم أو كفرهم، أو غير ذلك؛ ولذا تحتَّم علينا النظر في كلِّ كلمة وردت في الآيات المختارة، منطلقين من قناعتنا أنه نصّ الهيّ صالح لكلّ زمان ومكان حتى تقوم الساعة.
المبحث الأوّل: الألفاظ في قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾(الواقعة:79) وتركيبها.
سنعالج في هذه الآية أكثر من محور، الأول: معجميّ في الفرق بين معنى (المسّ) و(اللمس) ودلالاتهما، والثاني: صرفيّ يظهر الفرق الدلالي بالتجرد والزيادة في الصيغة الصرفيَّة بين لفظتي (طُهر) و(تَطهّر)، والثالث: نحويّ عن توكيد عدم المسّ بأسلوب القصر بالنفي والاستثناء، والرابع: دلاليّ للبحث في نوع (لا) ودلالة عملها، وعود ضمير الغائب في الفعل (يمسّه) الذي يرى بعض الدارسين أنّه يعود على القرآن الكريم، ويرى غيرهم أنّه يعود على اللوح المحفوظ، فضلا عن الاختلاف في شخصية المطهَّرين، هل هم من الملائكة، أو من الناس؟
لأنَّنا لا نشكُّ قطُّ في مصداقيّة القرآن الكريم فقد يتحتَّم علينا النظر مليَّا في الآية الكريمة، فلا نقع في تناقض يؤدّي بنا إلى الحيرة في الإجابة عن العديد من الأسئلة، ولاسيَّما المنطقيّة عندما لا نرى في الإجابة عنها تطابقا بين الآية الكريمة والواقع الذي نعيشه بناءً على بعض التفسيرات غير الدقيقة، كَنَفْي مسّ القرآن أو لمسه من بشرٍ غير طاهر، وأمامنا صورة المساس به صارخة سواء بِحَرْقِهِ أو تمزيقه من متطرِّفين غير طاهرين جسدا وقلبا.
وتأسيسا على ذلك لابدَّ أن نؤكِّد على اختلاف معنى (لَمَسَ) عن (مَسَّ)، وأنَّهما لا يُعبَّرُ بأحدِهما عن الآخر، ابتداء باختلاف أحد أحرف جذريهما فضلا عن تسلسل موقع الأحرف، فالأول متكون من ثلاثة أحرف مختلفة، يبدأ باللام فالميم وينتهي بالسين، والثاني من ثلاثة أحرف أيضا، يبدأ بالميم وينتهي بسينين.
جاء في مقاييس اللغة: "اللام والميم والسين أصل واحد يدل على تطلب شيء ومَسيسِه أيضا. تقول: تلمست الشيء، إذا تَطَلَّبْتَه بيدك، فاللَّمس أصلُهُ باليد؛ ليُعرف مسُّ الشيء، ثم كثُرَ ذلك حتى صار كلُّ ماسٍ لامس" (ابن فارس، 1979، 5: 210)، و"اللَّمْس: الجَسُّ، لمسه يَلمِسُهُ ويَلمُسُه لَمْساً ولامَسَه والجمع لُمْسٌ، واللَّمْس: كِنَايَةٌ عَنِ الجماع، لَمَسَها يَلمِسُها ولامَسَها، وَكَذَلِكَ الملامَسَة، وَفِي التَّنزيلِ العَزِيزِ ﴿لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾" (ابن منظور، 1414هـ، 6: 209).
أما (مَسَّ)"الميم والسين أصل صحيح واحد، يدلّ عَلَى جسِّ الشيء باليد" (ابن فارس، 1979، 5، 271). يقال مَسِسْتُ الشيء أمَسُّه مّساً: لمسته بيدك، ثم استعير للأخذ والضرب؛ لأنَّهما يكونان باليد، واستعير للجماع؛ لأنَّه لمسٌ، وللجنون كأن الجِنَّ قد مَسَّهُ، وقوله تعالى: "﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾" ("آل عمران: 47") و("مريم: 20") أي لم يمسسني على جهة تزوُّج (ابن منظور، 1414هـ، 6: 218)، "ومن المجاز": "مسَّه الكبر والمرض، ومسَّه العذاب، ومسَّه بالسوط" (الزمخشري، 1998، 2: 213)، ويرى الراغب الاصفهاني "أنَّ المسّ كاللّمس لكنَّ اللّمس قد يقال لطلب الشيء وإن لم يوجد"(الكفوي، 779). قال تعالى: "﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾"("الحديد: 13").
وقد ورد في القرآن الكريم (لمس اليد) في قوله تعالى: "﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾"("الأنعام:7")، و(لمس السماء) في قوله تعالى: "﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾"("الجن: 8")، أمّا المسّ فورد فضلا عن الآية التي نحن بصددها مع العديد من الألفاظ (العذاب، والضرّ، والنصب، واللغوب، والطائف، والخير والشرّ، والسوء، والكبر والشيطان، والنار) كما في قوله تعالى:
· "﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾"("آل عمران: 174").
· "﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾"("الأنعام: 49").
· "﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾"("النور: 35").
والمسّ يقال فيما يكون معه إدراك بحاسّة اللّمس، وكنّي به عن النكاح، فقيل: مسّها وماسّها، اللَّمْس "لصوق بإحساس، والمس أقل تمَكنا من الإصابة، وهو أقل درجاتها، واللمس أَعم ممّا هو باليد كما هو المفهوم من الكتب الكلامية، والتَّماس باليد كما هو المتبادر من كتب اللغة، فقوله تعالى: "﴿فلمسوه بِأَيْدِيهِم﴾"("الأنعام:7") أَي: فمسوه، والتقييد فيه بأيديهم لدفع التجوّز لا محالة" (الكفوي، 779).
يلحظ ممّا سبق استعمالُ اللفظين في اللغة العربية لأكثر من حالة، ولا يمكننا الاقتراب من الدلالة في الاستعمال القرآني مالم ننظر في اللفظة الثانية في الآية (المطَهَّرون)، وهي مشتقة من الفعل الثلاثي المضعَّف العين (طَهَّرَ)، مضارعه يُطَهِّر تطهيرًا، اسم الفاعل منه (مُطَهِّر)، واسم المفعول (مُطَهَّر)، وورد استعمال الفعلين: المجرَّد (طَهُرَ) بصيغة الفعل المضارع (يَطْهُر)، والمزيد بصيغة الفعل الماضي (تَطَهَّر) في قوله تعالى: "﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾"("البقرة:222").
ولعلَّ التنوع في استعمال الفعل المجرد مع المجرد كأن يكون: حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا طَهُرْنَ، أو المزيد مع المزيد نحو حَتَّى يَتَطَهَّرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ، ولاسيَّما أنَّ الآية انتهت بالوصف (المتطهرين) يدفعنا للنظر في الفرق الدلالي بين الصيغتين المجردة والمزيدة، ونبدأ بطهارة المرأة من الحيض التي تَمُرّ بمرحلتين، الأولى: طهارة لا إرادية تنتهي بانتهاء الحيض، يناسبها استعمال الفعل المجرد(طَهُرَ)، والثانية: طهارة إرادية قد تكون بأكثر من شكل: جسدية بالغسل، وإيمانية قلبية فيها جوانب متعددة ومختلفة، سنوضحها لاحقا، يناسبها استعمال الفعل المزيد بالتاء والتضعيف (تَطَهَّرَ)، ومعلوم أنَّ صيغة (تَفَعَّل) تفيد أكثر من معنى كالتكلف، والاتخاذ، والتجنب، والتدرج، والطلب، والصيرورة، (الفرطوسي، شلاش، 2011، 82).
وقد يتناغم مع ذلك عدم استعمال لفظ (الحيض) وهو الدَّم الذي يسيل من رحم المرأة البالغة في أيّام معلومة من كلِّ شهر، أمّا (المحيض) "فهو اسم مكان من حاضَ"، أي: موضع الحيض (مختار عمر، 2008، 1: 595) وقد نرى في استعماله بهذه الصيغة ما يعطي دلالة الزمان والمكان، فيتناسب مع طهارتين: الأولى الطهارة اللاإرادية والثانية الطهارة الإرادية، فضلا عن الطهارة في الاستعمال القرآنيّ بنوعيها: طهارة القلب، وطهارة البدن.
أمّا طهارة البدن فيشمكن أن يكون الطهر فيها للإنسان جسدا وثيابا بالماء الطَهُور. قال تعالى: "﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾"("الفرقان:48") وقال: "﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾"("المائدة:6")، والثياب في قوله تعالى: "﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾"("المدثر:4")
وأمّا طهارة القلب والنفس فتكون بأكثر من عمل كالابتعاد عن ارتكاب الفاحشة والمحرمات كما في قوله تعالى: "﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾"("الأعراف:82")، والإنفاق؛ لقوله تعالى: "﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾"("التوبة:103")، وتقوى الله؛ لقوله تعالى: "﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾"("التوبة:108")، وقوله تعالى: "﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾"(المائدة:41).
وقد صرّح سبحانه بطهارته المسيح وأمّه عليهما السلام في قوله تعالى: "﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾"("ال عمران:55")، وقوله تعالى: "﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾"("آل عمران: 42") فضلا عن طهارة أهل بيت النبي محمد عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: "﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾"("الأحزاب: 33)".
ولابد من لفت النظر هنا إلى أنَّ التطهير في القرآن الكريم لم يقتصر على الإنسان، بل شمل (البيت العتيق) ممّا كان فيه من أصنام في قوله تعالى: "﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾"("الحج:26") و(الصحف) في قوله تعالى: "﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾"("البينة:2")، و(الأزواج) في الآخرة كما في قوله تعالى: "﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾"("البقرة:25").
أمّا الآية موضوع الدراسة فقد اختلف الدارسون في جنس المطهرين الوارد فيها، فرأى بعضهم أنَّهم الملائكة السَّفرة، الكرام الْبررة، الذين طُهِّروا من الشرك (ابن عاشور، 1984، 27: 334.)
جاء في الكشاف: إذا جعلت جملة "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾" صفة لـ"﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ "يكون المعنى فِي كِتابٍ مصون من غير المقربين من الملائكة، لا يطلع عليه سواهم، وهم المطهَّرون من جميع أدناس الذنوب وغيرها، وإن جعلت الجملة صفة للقرآن، فالمعنى يكون: لا ينبغي أن يمسّ القرآن إلَّا من كان على الطهارة، أي مسّ المكتوب منه، والمطهَّرون: الذين يطهرون أنفسهم أو غيرهم بالاستغفار لهم والوحي الذي ينزلونه (الزمخشري، 1987، 469:3).
ورأى آخرون أنَّهم المطهرون من الناس، إمّا طهارة بدنية عن الحدث الأصغر، والحدث الأكبر (الطنطاوي،1997-1998، 14: 184.)، أو طهارة إيمانية فقيل: لا يمسه بمعنى لا يعرف تفسيره وتأويله ولا يجد نفعه وطعمه إِلّا من طهَّره الله من الشرك والنفاق، أو لا يقرؤه إلَّا الموحِّدون، وقال عكرمة: كان ابن عباس رضي الله عنهما ينهى أن يُمَكَّنَ أحدٌ من اليهود والنصارى من قراءة القرآن،(الثعلبي، 2002، 25: 520، والفراء، 3: 130) وقد نرى في هذا نظر؛ لتعارضه مع النصّ القرآنيّ؛ لقوله تعالى: "﴿وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾"("الإسراء:106")، فالقرآن يُقرأ على الناس، واليهود والنصارى بعضٌ من الناس.
و(المسُّ) قد يكون: مادياً كما في قوله تعالى: "﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ...﴾" ("النور:35") وقد يكون معنويا كما في قوله تعالى: "﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾" ("البقرة: 275")، وبهذا يكون المسّ المعني في قوله تعالى: "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾" هو مسٌّ معنوي بمعنى لا يدخل إلى معاني القرآن الكريم وأعماق دلالاته إلا المطهرون، ولا يمكن القول إنَّ المطهرين هم الملائكة في مسّها للكتاب المكنون؛ لسببين:
الأول إنَّ كلمة (المطهَّرون) اسم مفعول من الفعل المتعدي بالتضعيف (طهَّر)، والتطهير في كتاب الله تعالى تعلَّق بالبشر كما في قوله تعالى: "﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾" ("آل عمران: 42")
الثاني: القول بِعَودِ المسّ المعني في الآية إلى الكتاب المكنون حصراً هو قول غير دقيق، فالقرآن في هذا النصّ له أربع صفات: الصفة الأولى هي كلمة (كريم)، والصفة الثانية "﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾"، والصفة الثالثة "﴿لا يمسه إلا المطهرونَ﴾" والضمير الهاء في كلمة (يمسه) يعود للقران، وليس للكتاب المكنون، والصفة الرابعة هي جملة "﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾"، وجملة "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ "لا علاقة لها باللمس الذي يكون باليد، فالله تعالى لم يقل: (لا يلمَسْه) بـ(لا) الناهية الجازمة وبلفظة اللمس، قال (لَا يَمَسُّهُ) بلا النافية ولفظة المس (الرفاعي، https://youtu.be/hwm6ojZ- au4?si=9wcQGSdFbw8Bs8JN)
ولتوضيح الفرق الدلاليّ بين استعمال (لا) النافية و (لا) الناهية نضرب مثلا قوله تعالى ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ (الأعلى: 6)، فـ(لا) النافية تُخبر بعدم النسيان، وتُوكله إلى الله سبحانه وتعالى، فلا يمكن قطّ أن يَنسى، أمّا (لا) الناهية فتأمر بعدم النسيان، وتُوكله إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)،(عزّة عدنان أحمد، 2005، 144) وفي هذا احتمالية أن يَنسى؛ لأنَّه بشر، وكذلك الأمر مع فعل المسّ في قوله تعالى: "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾" فالآية باستعمال (لا) النافية تُخبر بعدم المس، ولا تأمر به، ولو ورد الفعل منهيا عنه (لا يَمْسَسْهُ) ووقع في سياق الأمر، بوصفه مسّا ماديا للمطهرين بدنيا فسوف يحدث تناقض بين مصداقية النصّ القرآنيّ والواقع الذي نعيشه، فكم مِن غيرِ طاهرٍ مسَّ القرآن الكريم ولمسه بيديه.
النظر مليّا في آيات المسّ يُبين لنا أنَّها على قسمين من حيث جنس المفعول، الأول: يعود على الإنسان وهو الغالب، والثاني: لا يعود على الإنسان، وورد في آيتين، الأولى: قوله تعالى: "﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾"("النور:35")، والثانية: الآية موضوع الدراسة "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾"("الواقعة:79")، ولذلك لم يقل سبحانه لا يمسه إلا المتطهرون، يؤكد ذلك اختلاف جنس الفاعل في قوله تعالى: "﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾" عن جنس الفاعل في آيات القِسم الأوَّل كلّها، وكأنَّ في هذا ما يوحي بضرورة أن يبادر الإنسان بالتدبر والتفكر، فالله يحب المتطهِّر لقوله سبحانه: الذي يقوم بفعل التطهر: "﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾"، (("النمل:56") و("الأعراف:82") نسأله سبحانه أن يطهرنا، فالمطهَّر كما المُخْلَص الذي أخلصه الله، لا يقدر الشيطان عليه: "﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾"("ص:83").
المبحث الثاني: من مشتقات الجذر (قرب) والفرق بين التركيبين (ذوو القربى) و(أولو القربى)
نظرنا فيهما من محاور ثلاثة: الأول معجمي: يبين الفرق بين لفظتين (ذوو، وأولو)، والثاني: صرفي، يتعلق بالصيغ الصرفيَّة المشتقة من الجذر (قرب) كـ(المُقَرَّبون)، كما في قوله تعالى: "﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَالْمُقَرَّبِينَ﴾"("الواقعة:88")،"﴿يَشْهَدُه الْمُقَرَّبُونَ﴾ ("المطففين:21") والأقربون، كما في قوله تعالى: "﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾"("الشعراء: 214")، ونحوي: يبحث في أكثر من تركيب جمع لفظين بأكثر من شكل، بالإفراد والتنكير (ذو مقربة)، كقوله تعالى: "﴿يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾"("البلد: 15")، و(ذو قربى)، كقوله تعالى: "﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾"("الأنعام: 152") .
والإفراد والتعريف (ذو القربى)، كقوله تعالى: "﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾"("البقرة:83").
وبالجمع تعريفا وتنكيرا (أولو قربى) كما في قوله تعالى: "﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾" ("التوبة: 113")، وأولو القربى، كقوله تعالى: "﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾"، ("النساء: 8")
(ذوو القربى)، قوله تعالى: "﴿... وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾"("البقرة: 177")
وقد ورد لفظ (قربى) في القرآن الكريم (16) مرّة، إحداها فقط منفردا في قوله تعالى: "﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾"(الشورى:23).
أمّا (ذُو) فهو اسم ناقص، تَفْسيره (صاحِب). تقول: فلان ذُو مالٍ أَي: صاحِبُ مالٍ، والتثنية ذَوان، والجمع ذَوُونَ (ابن منظور، 1414هـ، 15: 456) وإِنما جاءت النون لذهاب الإِضافة. تقول: (هم ذَوُو مالٍ)، ووردت في آيات متعددة مقترنة بألفاظ مختلفة فضلا عن قربى كما في: (أوتاد، انتقام، أيد، ثلاث شعب، جلال، حِجر، حظ، دعاء، ذكر، رحمة، زرع، سعة، طول، ظفر، عرش، عسرة، عصف، عقاب، علم، عوج، فضل، قرنين، قوة، مِرّة، مسغبة، مال، معارج، مغفرة)، وقد لحقه مفردا وجمعا لفظ (قربى) نكرة ومعرفة (ذا قربى)، (ذَا الْقُرْبَى)، و(ذَوِي الْقُرْبَى). و(أولو) قد تكون بمعنى (أصحاب)، واحدها (ذو) من غير جنسها، و(أولات) واحدها (ذات)، (الكفوي، 165). وفي (ذو) شدة ملازمة وشمولية، الجرار، https://www.youtube.com/watch?v=QZN-O02u1wE
ورد المثنى المذكر منها في قوله تعالى: "﴿ذَوَا عَدْلٍ﴾"("المائدة:106")، والمثنى المؤنث في قوله تعالى: "﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾"(الرحمن:48)"، و"﴿جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾"(سبأ:16) فضلا عن الجمع في عدد من الآيات الكريمات، وقد اقترنت في القرآن الكريم بألفاظ مختلفة كـ(الأرحام، والألباب، والبأس، والبقيّة، والطول، والعزم، والعلم، والفضل، والقوة).
وبالرجوع لعدد من التفاسير لا نرى غالبا أنَّها تطرَّقت لذكر الفروق الدقيقة بين التركيبين بشكل واضح مع اختلاف معانيها؛ لاختلاف سياقاتها، فَعُبِّر عنها في قوله تعالى: "﴿وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾" ("البفرة:177") بذوي الأرحام (مكي بن أبي طالب، 2008، 552). و"قرابة الرجل من طرفيه من قِبَل أبويه" (الماوردي، 1: 226). وهذا كلام غير دقيق قدر تعلق الأمر بالاستعمال القرآني الذي يحدد لكل لفظ أو تركيب دلالته ولاسيَّما أنّه ورد تركيب (أُولُو الْأَرْحَامِ) في آيتين هما قوله تعالى: "﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾"("الأنفال:75") وقوله تعالى: "﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾"("الأحزاب:6")، ولن يتسع المجال هنا للانعطاف وتبيان الفرق بين الأرحام والقربى.
جاء في تفسير الرازي "ذوي القربى هم الذين يقربون منه بولادة الأبوين [الأخ] أو بولادة الجدين [العم والخال]، فَلَا وجه لقصر ذلك على ذوي الرحم المحرَّمِ على ما حكي عن قوم؛ لأنِّ المحرمية حكم شرعي، أمّا القرابة فهي لفظة لغوية موضوعة للقرابة في النسب وإن كان من يختص بذلك يتفاضل ويتفاوت في القرب والبعد" (الفخر الرازي، 5: 217)، وفي قوله تعالى: "﴿وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾" ("الإسراء:26")، اختُلفت الأقوال في المراد من (ذوي القربى) "فقال ابن عباس والحسن هو قرابة الإنسان، وروي عن علي بنُ الحسين انَّهُ قرابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)" (أبو بكر الرازي، 1994، 5: 21) لنلحظ هنا عدم تحديد نوع القربى في الرأي الأول، وحصرها في الثاني بقرابة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ للاعتقاد بأنَّ الخطاب في الآية موجه له.
أمّا (أولوا القربى) فقد جاء في أغلب التفاسير أنَّ المراد بـها الذين لا يرثون من قرابة الميت. يقول عبد القاهر الجرجاني (أُولُوا الْقُرْبى) "ورثة الرّجل من غير أولاده"، (الجرجاني، 2009، 2: 572) ويقول البقاعي في تفسير آية النساء: "﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾"("النساء:8") ”أي ممَّن لا يرث صغاراً أو كباراً“، (البقاعي، 1969-1984، 5: 200). لكن إنعام النظر في الآيات التي اقترن فيها لفظ (قربى) بـ(أولو) ثلاث مرات في ثلاث آيات يرينا أنَّها كانت مخصَّصة للّذين هم في المرتبة الكاملة الثابّتة من القرابة، ولا تعمّ مطلق الأقارب: (المصطفوي، 1: 195).
1) قال تعالى: "﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾" ("التوبة:113").
2) "﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾" ("النساء:8")
3) "﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾"(النور:22).
تدل (أولو القربى) على شدّة المصاحبة، وعلى معنى أقرباء الدم والنسب من الذين تجمعك بهم صلة رحم كالولد والوالد، والوالدة، والأخ، والأخت، والعم، والعمة، والخال، والخالة، لا تستعمل إلّا فيما كان متعلّقها متّصلا جزءا أو عضوا أو صفة أو حالة أو عملا لازما أو شأنا من شؤون الشخص أو مثلها، كما في قوله تعالى: "﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾" ("النساء: 59") ، فاستعمال (أولي) هنا أفاد دلالة من كان من شأنه الأمر وهو حقيق به حقيقة من جانب اللّه ومن جانب رسوله، لا يخالف أمره أمر اللّه وأمر رسوله حتى لا يتحقّق التنافي والتغاير في حكم الآية الكريمة، والآية لا تدلّ على إطاعة أمر من كان أمره بالقهر والجور والتعدّي، وليس صاحبه أهلا وحقيقا للأمر حقيقة، بل هو متكلّف متظاهر، وهذا القيد مأخوذ في جميع موارد استعمال هذه الكلمة التي تدّلّ على الاتّصاف الحقيقي والمصاحبة بلا تكلّف ولا تظاهر، ولا يستبعد أن تكون هذه الخصوصيّة والشدّة في المصاحبة في (أولو) دون (ذوو) من جهة أنّه مشتقّ من مادّة (أول) الدالّ على الرجوع (الجرار، https://www.youtube.com/watch?v=QZN-O02u1wE)
"الآل: هو جمع في المعنى فَرد في اللفظ يطلق بالاشتراك اللَّفظي على ثلاثة معان: أَحدهَا: الجند والأتباع نحو (آل فرعون)، والثَّاني: النَّفس نحو (آل موسى) و (آل هرون) و (آل نوح)، والثالث: أهل البيت خاصَّة نحو: (آل محمَّد)"، (الكليات, 165)، وفي " أدب الكاتب" وغيره: (أولي) بمعنى (الَّذين) واحده (الَّذِي) و (أولو) بِمعنى أَصحاب واحده (ذُو) و(أولات) واحدها (ذَات) (الكفوي، 171)، فلا بدّ من تحقّق الرجوع من كلّ واحد من المضاف والمضاف اليه حقيقة الى الآخر (المصطفوي، 1416هـ، 1: 195).
قبل أن نبيّن الفرق بين (الأقربون) و(أولوا القربى) و(ذوو القربى) لما لها من علاقة بالميراث والوصية لا بُدَّ من أن نتحدَّث عن الوصيَّة وأنصبة الإرث، فبهما تنتقل تركة الميت إلى ورثته، والنظر في آيات توزيع الميراث كلها يرينا أنّها تنتهي بقوله تعالى: "﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾"، تكررت أربع مرات في القرآن الكريم، في آيتين متتاليتين (الآية 11، والآية 12) من سورة النساء: "﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾".
ويرى بعض الدارسين أنَّ الوصية هي الأصل ينفذها الإنسان بالعدل وهو حيّ بمعرفته، والعدل يختلف عن المساواة؛ لأنَّ المساواة قد تكون ظلما، أمّا العدل فهو إعطاء كل إنسان ما يحتاجه، أما الميراث فهو فرع، وهو حكم ظرفي طارئ (اسلامبولي،https://www.facebook.com/reel/1147946860399092) و(العدير قاوي، https://www.youtube.com/watch?v=TW-HcCGgh_0)، كما أنَّ الدَيْنَ قد يستوفي كلَّ أموال الميت، فإنَّ الوصية هي الأخرى يمكن أن تستوفي تركة الميت كلّها، شرط أن تكون بالمعروف، لا قائمة على الهوى، والمزاج أو اعتبارات غير منطقية.
أمّا الباحث (ياسر العدير قاوي)، فيرى من خلال النظر في الاستعمال القرآني للألفاظ والتراكيب اللغوية أنَّ ساحة الميراث الأصلية (أصول وفروع وأزواج وإخوة) الأم والأب، والولد والبنت والجدود، أمّا العم والخال فلا يدخلان معهم (العديرقاوي،https://www.facebook.com/reel/465029056600004 https://www.youtube.com/watch?v=l57e-fzsYw0)
ليكشف لنا أنَّ النظام الإرثي الإلهي ليس فيه أي ظلم لٍلمرأة، فضلا عن وجود حالات ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر، وأحيانا تَرِث ولا يرث الذكر وإن كان أخا للأم أو أخا للأب (البسيوني، 08:10 م ، الثلاثاء 12 نوفمبر 2024).
وممّا يلفت النظر أن يربط الاستعمال القرآني لفظ الوصية (بالوالدين) أمّا الميراث فمع الأبوين "﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ...﴾"(النساء:11)، ويرى بعض الدارسين ان اعتماد (لا وصية لوارث) يناقض القرآن، ويرى وقوع سقط في العبارة، وأن الأصل فيها هو (لا وصية إلا لوارث)؛ لأن الله سبحانه الخبير العليم الرحمن الرحيم لا يمكن أن يسمح لك بالوصية للأبعد وترك الأقرب ولاسيما إن كان محتاجا كابنة الميت الأرملة، او الطفل الذي لم يكمل تعليمه، ولم يتزوج قياسا بإخوته الذين أنهوا هذا المشوار وكونوا أنفسهم ماليا،(العدير قاوي https://www.youtube.com/watch?v=TW-HcCGgh_0)
ويربط الوالدين بالأقربين، فقد ورد لفظ (الأقربون/ الأقربين) ست مرات في سياق الإرث مقترنا بالوالدين منها:
· "﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾"("البقرة: 180")
· "﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾"("النساء: 7-8").
أمّا التي لم تقترن بالوالدين فكانت في سياق مختلف "﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾" ("الشعراء:214")، وهنا لابد من لفت النظر إلى سبب استعمال الأقربين مع الوالدين لا الأبوين في قوله تعالى: "﴿الوصية لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾"، أمّا أولوا القربى فقد ورد في قوله تعالى: "﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾"("النساء:8")؛ ليبين أنَّ أولي القربى لا يرثون، فسبحانه تعالى يقرنها بحضوره القسمة، وأن يُقال له قولٌ معروف، وبرزقه من التركة شيئا، فيُجبَرَ خاطرُه، أمّا إنْ لم يحضر فلا شيء يُفعل أو يُقال، في مقابل هذا يأخذ الوارث نصيبه حضر أم لم يحضر، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى.
أمّا (ذوي القربى) قال تعالى:
· "﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾"("الأنعام: 152")
· "﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾"("فاطر: 18") فهي أعمّ استعمالا من (أولي القربى) وأشمل، ولا تنحصر في ورثة الميت، فهي تعني أصحاب القربى غير المباشرة من أحبائك وأصدقائك في الدراسة وزملائك في العمل، أو السكن، وغير ذلك مَّمن لهم صلة قرابة في حياتك، سواء من رحم واحدة أو غير ذلك (شحرور https://2u.pw/7ge3c).
وتأسيسا على ما سبق يتأكد لنا أن الأقربين هم ورثة الميت، أمّا (أولي القربى) فهم الأقرباء نسبا، يمكن أن يكون فيهم من يرث (من الأقربين) ومَن هو أبعد من الأقربين، أي مَن لا يَرِث، وأمّا (ذوي القربى) فَهُم من يقترب منك، من غير أن تكون بالضرورة له صلة قربى معك، كأن يكون قريبا منك في العمل أو السكن
المبحث الثالث: لفظ (الكتاب) وتراكيبه:
(تنزيل الكتاب) (أوتوا الكتاب) (آتيناهم الكتاب) (أهل الكتاب)
ورد تنزيل الكتاب بتركيبين مختلفين، تارة مع حرف الجر (إلى) وذلك في قوله تعالى: "﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾"("النساء:105")، و"﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾"("الزمر:2") وأخرى مع حرف الجر(على) كما في قوله تعالى: "﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾"("العنكبوت:51") وقوله:"﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾"("الزمر:41")، فالمتعدي بـ(على) باعتبار انَّه من فوق كما في قوله تعالى: "﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾"("آل عمران:84")، والمتعدي بـ(إلى) باعتبار انَّه منتهٍ إلى المرسل إليه (الكفوي، 196) كما في قوله تعالى: "﴿آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا﴾" ("البقرة:136") و("المائدة:59")، والنظر في كلَّ موضع خاطب فيه النَّبي (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (إنا أَنزلنا إِليك الكتاب) يرينا فيه التكليف، وإِذا خاطبه بقوله: (إِنا أَنزلنا عليك) ففيه تخفيف (الفيروز آبادي، 1996 1: 406).
أمّا قوله تعالى: "﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾"("ال عمران:84") فلأنَّ المأمور هو الرسول، وجيء بلفظ (قل) فناسبه حرف الجر (على)؛ لأنَّ الرسالة قد نزلت عليه، وأمّا قوله تعالى: "﴿قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾"("البقرة:136")؛ فلأنَّ الرسالة لم تنزل على المؤمنين بل وصلت إليهم عن طريق الرسل، فهم مؤمنون بما جاء إليهم عن طريق الرسل، وبما جاء إلى الرسل عن طريق الوحي، فناسبهم حرف الجر (إلى) (رضا جندية، https://www.youtube.com/watch?v=li_QE6UWGKA)
ورد تركيب أوتوا الكتاب (18) مرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى:
· "﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾"("المائدة: 57")
· "﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾" ("البقرة: 101").
وكان عن كلّ الأمم الذين أرسل الله لهم رسالته عن طريق رسله سواء آمنوا بتلك الرسالة أم لم يؤمنوا طالما أنَّ هناك رسولا بعث إليهم، فهم من الذين أوتوا الكتاب، والله تعالى في أغلب الآيات يذكرهم بالذم إذ يقول: "﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾" ("البقرة: 101").(السامرائي، https://www.facebook.com/reel/407584215749795)،
و(حسن خليل، https://www.youtube.com/watch?v=3dDFs9nkhe8 )
وجاء في التحرير والتنوير "المراد بالذين (أوتوا الكتاب) أحبار اليهود وأحبار النصارى،... والأظهر انَّ المراد بالذين أُوتوا الكتاب هم الذين لم يزالوا على الكفر ليظْهر موقع قوله: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾(البقرة:144) فإن الإخبار عنهم بأنَّهم يعلمون انَّه الحق مع تأكيده بمؤكدّيْن، يقتضي انَّ ظاهر حالهم إذ أنكروا استقبال الكعبة انَّهم انكروه لاعتقادهم بطلانه، وانَّ المسلمين يظنونهم معتقدين ذلك، وليظهر موقع قوله وما الله بغافل عما يعملون الذي هو تهديد بالوعيد" (ابن عاشور، 1986، 2: 34).
أمّا تركيب (أهل الكتاب) فقد ورد (31) مرة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى:
· "﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾"("البقرة: 64")
· "﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾"("آل عمران: 98").
وقد ذكرهم الله سبحانه تارة بالذمّ، وأخرى بالمدح، وقد ذكرت أغلب التفاسير أنَّ المقصود بـ(أهل الكتاب) في قوله تعالى: "﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾" ("البقرة:64") هم اليهود والنصارى؛ لقوله في ذمهما: "﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾" (الاصفهاني، 1999، 2: 610)، (الماوردي، 1: 399)، فأهل الكتاب هم أصحاب الكتب السماوية الذين آمنوا بالرسالة التي بعثت لهم، سواء طبقوها أم لم يطبقوها، ومن ضمنهم المؤمنون أصحاب الرسالة المحمدية، فكل أهل الكتاب أوتوا الكتاب، وليس كل من أوتي الكتاب من أهل الكتاب.
وقد تجدر الإشارة هنا إلى ذكر الفرق بين (آل) و(أهل)، فالأهل ما فيه تجانس واتفاق في العقيدة، أمّا الآل فليس كذلك؛ لقوله تعالى: "﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾" ("غافر: 28")، وقوله تعالى: "﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾" ("هود 46") أي: الأهلية في القرآن ليس لها علاقة بالصفات الوراثية (ياسر العدير قاوي، https://2u.pw/h1O3l)
وأمّا تركيب الذين آتيناهم الكتاب، فهم الذين آمنوا بالكتاب وعملوا بمحتواه دون تحريف أي كلمة منه ودون كتابة أي كتاب وجعله مصدرا آخرا للدين أي أنَّهم لم يكتبوا الكتب بأيديهم ثم يقولوا أنَّها من عند الله، وأنَّها مكملة للدين، الذين آتيناهم الكتاب اكتفوا بالكتب السماوية التي أنزلها الله إليهم دون زيادة أو نقصان أو تحريف، وقاموا بإعمال العقل لفهم هذا الكتاب ويلحظ انَّ الله سبحانه وتعالى عندما يذكر الذين آتيناهم الكتاب يذكرهم دائما بالمدح؛ لأنهم تمسكوا بكتابهم المقدس. (حسين خليل،https://www.youtube.com/watch?v=3dDFs9nkhe8)
ورد تركيب (أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ) ثلاث مرات في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى:
· "﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾"("آل عمران:23").
· "﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾"
("النساء: 44")
· "﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا﴾"("النساء: 51")
أمّا (آتيناهم الكتاب) فورد ثماني مرات منها قوله تعالى:
· "﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾"(البقرة: 121).
· "﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾"("البقرة:146")
في كلّ موضع ذكر في وصف الكتاب بالفعل المزيد بصيغة (فاعَلَ) (آتَيْنَا) كان أبلغ من كلِّ موضع ذكر فيه الفعل مبنيا للمجهول (أُوتُوا)؛ لأَنه قد يقال إِذا أُوتي من لم يكن منه قبول، أمّا (آتَيْنَا) فيقال فيمن كان منه قبول (الكفوي، 212)، ومثل ذلك نرى في قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾(الزلزلة:6)، إذ نستشعر في بناء الفعل (يُرَوا) للمجهول بيائه الثقيلة بالضمّ، ما يعبّر عن ثقل ما سيرونه في ذلك اليوم، ويرسم صورة الانتباه القسريّ لِمن لا يريد أن يرى عمله بينه وبين نفسه، فكيف به وهو يراه على رؤوس الأشهاد(عزة عدنان عزت، 2016).
النتائج
توصلت الدراسة إلى أنَّ الاستعمال القرآني يتميز بخصوصية لغوية ودلالية فريدة، تتجلّى في دقة اختيار الألفاظ والتراكيب بما يتناسب مع السياق العام والخاص لكل آية ويعطي خصوصية دلالية لكل مفردة وصيغة وتركيب. فالألفاظ المتقاربة في المعنى ليست مترادفة ترادفًا تامًا بمعنى التطابق؛ لأنها محاطة بهالة دلالية خاصة بها، تخدم المقصد البلاغي والبياني للنص. كما بيَّن التحليل الدلالي للتراكيب المتشابهة أن السياقات التي وردت فيها كانت مختلفة، فلكل تعبير قرآني دلالته الخاصة، وأن التنوع في الصيغ من مجردة أو مزيدة، مبنية للمعلوم أو للمجهول، بصيغة اسمية أو فعلية، متقدمة تارة ومتأخرة أخرى، مقترنة بحروف جر مختلفة ليس مجرد تنويع أسلوبي، بل هو توظيف دقيق يخدم البناء الدلالي للنص.
المصادر
الكتب:
ابن عاشور، محمد الطاهر، 1984، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر- تونس.
ابن فارس، أحمد، 1979، مقاييس اللغة، ت: عبد السلام هارون، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر.
ابن منظور، جمال الدين، 1414هـ، لسان العرب، دار صادر - بيروت، ط3.
الأصفهاني، ابو القاسم الحسين، 1999، تفسير الراغب الاصفهاني، كلية الآداب – جامعة طنطا، ط1.
البقاعي، برهان الدين ابو الحسن، (1969-1984)، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
الثعلبي، ابو اسحاق أخمد بن ابراهيم، 2015، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، دار التفسير، جدة - المملكة العربية السعودية، ط1.
الجرجاني، عبد القاهر، 2009، درج الدُّرر في تَفِسيِر الآيِ والسُّوَر، دار الفکر- عمان، الأردن، ط1.
الجصاص، ابو بكر الرازي، أحكام القرآن، ت: محمد صادق القمحاوي، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
الزمخشري، ابو القاسم جار الله، 1998، أساس البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1.
الزمخشري، محمود بن عمر بن أحمد، 1987، الكشاف، دار الريان للتراث بالقاهرة، دار الكتاب العربي ببيروت، ط3.
الطنطاوي، محمد سيد، 1997- 1998، التفسير الوسيط، دار نهضة مصر للطباعة وانشر والتوزيع الفجالة – القاهرة، ط1.
عمر، أحمد مختار، 2008، معجم اللغة العربية المعاصر، عالم الكتب، ط1.
الفخر الرازي، ابو عبد الله محمد بن عمر، مفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط3.
الفراء، يحيى بن زياد بن عبد الله، معاني القرآن، دار المصرية للتأليف والترجمة – مصر، ط1.
الفرطوسي، صلاح مهدي_ شلاش، هاشم طه، 2011، المهذب في علم التصريف، مطابع بيروت الحديثة، ط1.
الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، 1996، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، ت: محمد علي النجار، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة.
الكفوي، ابو البقاء، الكليات، مؤسسه الرسالة- بيروت.
الماوردي، ابو الحسن علي بن محمد، (النكت والعيون)، ت: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان.
الماوردي، ابو الحسن علي بن محمد، النكت والعيون، ت: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان.
المصطفوي، حسن، 1416هـ، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، مؤسسة الطباعة والنشر وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي – مركز نشر اثار العلامة المصطفوي، ط1.
مكي بن أبي طالب، ابو محمد، 2008، الهداية الى بلوغ النهاية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة، ط1.
المجلات العلمية:
بنية السورة القرآنية الواحدة في جزء (عم يتساءلون) برواية حفص عن عاصم- دراسة صوتية، عزة عدنان أحمد عزت، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الآداب جامعة الموصل 2005.
الثراء الصوتي فِي القرآن- سُوْرَة الزَّلْزَلَةِ أنموذجا، د. عزّة عدنان أحمد عزّت، مجلة المصدر الإليكترونية العلمية المحكمة، جامعة العبقرية بمصر، العدد الثالث، ديسمبر 2016 م.
المواقع الالكترونية:
آل وأهل، ياسر العدير قاوي، https://www.facebook.com/watch/?v=1029663659227636&rdid=ghhhYkPlAiHF923x.
تبين لي الفرق بين اولي القربى وذوي القربى (شحرور https://2u.pw/7ge3c)
الفرق بين انزل إلينا وأنزل علينا، رضا جندية، https://youtu.be/li_QE6UWGKA?si=fRVUB_HNs_pgcLul
الفرق بين أوتوا الكتاب وأهل الكتاب وآتيناهم الكتاب، https://youtu.be/3dDFs9nkhe8?si=MoHRQD8klx_4gCWE
الفرق بين ذوي القربى وأولي القربى، الشيخ بسام جرار، https://youtu.be/QZN-O02u1wE?si=FjenQyLF5LKoQkyn
فهل من مدكر، سامر اسلامبولي، https://www.facebook.com/reel/1147946860399092.
لمسات بيانية بلاغة القرآن - الفرق بين أوتوا الكتاب وبين أتيناهم الكتاب، الدكتور فاضل صالح السامرائي، https://www.facebook.com/reel/407584215749795.
ما الفرق بين الوالدين والابوين، الدكتور محمد شحرور، https://www.youtube.com/watch?v=eP1YxYZ5qH8.
ماذا تعني العبارة القرآنية (لا يمسه إلا المطهرون)، عدنان الرفاعي، https://youtu.be/hwm6ojZ-au4?si=9wcQGSdFbw8Bs8JN
منابع الطوفان القادم، الحلقة 10 والأخيرة من سلسلة المواريث (كارثة إلغاء الوصية للوارثين)، ياسر العدير قاوي، https://www.youtube.com/watch?v=TW-HcCGgh_0
کورتیا ڤەکۆلینێ
بکارئینانا قورئانا پیرۆز تایبەتمەندیەکا جیاواز هەیە، کۆ جودا دکەت، ب تایبەتی ئەو پەیڤێن کۆ ل جهێ هەڤواتايان دهێنە بکارئینان، هەروەسا ئەوان پێکهاتەیێن کۆ لگەل دەقێن وێ ئێکدگرن و دگونجاینە، ب ڤێ چەندێ ب شێوەیەکی کێم وێنە و سەرسوڕمان لگەل ئێك دگونجن. د ئەڤێ ڤەکۆلینێ دا مە سێ ئایەت هەلبژارتینە، کۆ شێوازێن جوراو و جور هەنە، جوداهیا وان ڤەدگەریت بو نێزیکیا ڕامانێ د پەیڤان دا، وەکی ڕامانا دەست لێدان د پەیڤێن (مسَّ) و (لمس) دا، ڕامانا خودان (ذوو) و (أولو) و ڕامانا مرۆڤێن مرۆڤی (آل) و (أهل) و دایك و باب (الأبوان) و (الوالدان)، یان ئەوێن وەکهەڤ د پێکهاتا پەیڤێ و ڕامانێ دا وەکی: ڕامانا نێزیک (الأقربون) و (أولو القربى) و (ذوي القربي)، یان ئەوێن د پەیڤێ دا گوهورینا ڕامانێ دروستبوویە ب ڕێکا تیپێن جەڕ (حرفيا الجر) وەکی ئینانا پەرتووکێ ل سەر (إنزال الكتاب (على)، و ئینانا وێ بۆ (وإنزاله (إلى)، ژ بلی جوداهیا ڕامانێ د پێکهاتا صەرفێ یا کارێ بکەر دیار هندەک جاران نەدیار، وەکی د (آتيناهم الكتاب) و (أوتوا الكتاب) وەکی ڤان جوران گەلەک هاتینە بکارئینان د قورئانا پیروز دا و هەر بارودۆخەکێ تایبەتیا خۆ یا هەی.
پەیڤێن دەستپێکی: پەیڤ، پێکهاتە، پێکهاتا صەرفێ، سیمانتیک، بکارئینانا قورئانی.
THE MOST SUITABLE WORDS AND STRUCTURES
ABSTRACT:
The linguistic usage in the Holy Qur'an exhibits a unique distinctiveness، characterized by its precise selection of words over their synonyms and its syntactic structures that harmonize seamlessly with their contextual settings in an unparalleled and remarkable manner. In this study، we have selected three verses that exemplify different patterns of variation in meaning. These include variations in closely related words، such as massa (مَسَّ) and lamsa (لَمَسَ); variations in syntactic structures، such as ulū qurbā (أُولُو قُرْبَى)، ulū al-qurbā (أُولُو الْقُرْبَى)، and dhawī al-qurbā (ذَوِي الْقُرْبَى); as well as differences in the use of prepositions، such as anzalnā ʿalayk (أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ) versus anzalnā ilayk (أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ). Additionally، we examine variations in verbal forms، distinguishing between active and passive constructions، as seen in ātaynāhum al-kitāb (آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) and ūtū al-kitāb (أُوتُوا الْكِتَابَ). Such distinctions are abundant in the Qur'anic text، each serving a distinct rhetorical and semantic function.
KEYWORDS: Lexical Choices، Syntax، Meaning، Qur'anic Usage.
* ڤەکولەرێ بەرپرس.
This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)