دلالة تراكيب الجملة الشرطية في بردتي كعب بن زهير والبوصيري

"بحث مستل من رسالة ماجستير بعنوان (دلالة التراكيب اللغوية في بردتي كعب بن زهير والبوصيري)"

عهد مظهر خليل الهاشمي1*، زيرڤان قاسم أحمد البرواري2

1 قسم اللغة العربية، كلية التربية الأساسية، جامعة زاخو، إقليم كوردستان – العراق. (mailto:ahad21994@gmail.com)

2 قسم اللغة العربية ،كلية العلوم الإنسانية، جامعة زاخو، إقليم كوردستان – العراق. (zeravan.ahmed@uoz.edu.krd)

تاريخ الاستلام: 02/2025           تاريخ القبول: 05/2025    تاريخ النشر: 06/2025  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2025.13.2.1570  

الملخص:

يُعد أسلوب الشرط من أساليب التأليف المهمة في اللغة العربية، لكون هذا الأسلوب يحتوي على أدوات تربط بين تركيبين لغويين الأول هو فعل الشرط والثاني جواب ذلك الشرط، فتتنوع الدلالات التي تؤدّيها هذه الأدوات بين تلك التراكيب اللغوية نتيجة لتنوعها بين الاسمية والحرفية، ومن حيث العمل إلى جازمة وغير جازمة، وهذا ما يميز أسلوب الشرط عن غيره من الأساليب الكلامية العربية ويجعل له تأثير واضح في نفس المخاطب أو السامع، ويختلف هذا التأثير من ناحية الحثِّ على فعل الأمر، أو الحثِّ على تركه، وقد ألقينا الضوء في هذا البحث على دلالة التراكيب الشرطية في بُردتي كعب بن زهير والإمام البوصيري؛ من خلال دراسة هذه التراكيب وتحليلها والمقارنة بينها في البردتين ومن ثمّ إظهار مواطن الاتفاق والاختلاف في القدرة على توظيف دلالة هذه التراكيب للوصول إلى الغرض الأساسي من نظمهما للبردة، معتمدين في ذلك على الجانب التطبيقي بتحليل نماذج مختارة للأبيات الشعرية من البردتين، والتي من خلالها توصلنا إلى عدة نتائج تُبيّن الاختلاف بين البردتين من ناحية الألفاظ ودلالة التراكيب الشرطية التي تنوعت بين التعظيم، والتفخيم، والمبالغة، والتوكيد، والتحقير، والنهي، والتحسر، وغيرها من الدلالات، فضلاً عن الجانب النظري لما وردَ من دراسات قديمة ومحدثة لأسلوب الشرط، وهي دراسات كثيرة لما لهذا الأسلوب من استخدام واسع بين العرب قديماً وحديثاً وانتشاره في كلامهم، فكان البحث يعتمد على الدراسة النظرية التطبيقية.

الكلمات الدالة: فعل الشرط، جواب الشرط، الأداة، جازمة، غير الجازمة.


المقدمة

تتألف الجملة الشرطية من ثلاثة أركان ثابتة، الأول فعل الشرط، والثاني جواب ذلك الشرط، أما الثالث فيتمثل بالأداة الشرطية وهو الركن الأهم لأنَّه الرابط الّذي يربط بين التركيبين، لذلك تُعتبر التراكيب الشرطية من أهم الأدوات اللغوية التي تستعمل للتعبير عن العلاقة بين حدثين يعتمد حصول الحدث الثاني على حصول الحدث الأول، وهذه الفكرة ثابتة والتي يُعبر عنها بجملة الشرط والتي تحمل دلالات متنوعة وكثيرة تعتمد على غرض المتكلّم وفهم السامع، وقد اخترنا البردتين لأنَّهما من أشهر القصائد في الأدب العرب، فضلاً عن ما تحملانه من قيمة أدبية وروحانية عالية، وقد حظيّت هاتان القصيدتان بانتشار واسع في العالم الإسلامي؛ لكون الغرض الرئيسي فيها هو مدح النبي محمد (ﷺ) والتعبير عن الشوق إليه والتوسل به من أجل طلب العفو والشفاعة في الدُنيا والآخرة.

أهمية الموضوع:

تكمن أهمية الموضوع في بيان مواطن الاتفاق والاختلاف في استخدام التراكيب الشرطية في البردتين، ومدى تحقيق الغرض المرجو من استخدام تلك التراكيب من خلال توظيف الدلالات التي يؤدّيها أسلوب الشرط.

اهداف البحث:

1.       بيان مفهوم الشرط لغة واصطلاحًا.

2.       بيان الأدوات الشرطية التي وردت في البردتين الاسمية منها والحرفية والجازمة وغير الجازمة.

3.       بيان مواطن الاختلاف في استخدام هذه الأدوات من خلال الأسلوب الشعري لكعب بن زهير والإمام البوصيري ومدى تأثير البيئة واختلاف الزمن بين الشاعرين في استخدام الألفاظ والتراكيب.

هيكل البحث:

كانت خطة البحث متكونة من مطلبين وخاتمة، على النحو الآتي:

المطلب الأول: الشرط لغةً واصطلاحاً.

المطلب الثاني: أدوات الشرط الجازمة وغير الجازمة:

أولاً: أدوات الشرط الجازمة.

ثانياً: أدوات الشرط غير الجازمة.

ثالثاً: أدوات الشرط غير الجازمة باتفاق النحاة.

الخاتمة

التي نتطرق فيها إلى أهم نتائج البحث، وقائمة المصادر والمراجع.

المطلب الأول: الشرط لغة واصطلاحًا:

أولاً: الشرط لغةً:

    عرَّفَ ابن فارس الشرط في معجمه مقاييس اللغة بقوله: " الشِّينُ والراء وَالطَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى عَلَمٍ وَعَلَامَةٍ، وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ مِنْ عَلَمٍ مِنْ ذَلِكَ، الشَّرَط: الْعَلَامَة وَأَشْراط السَّاعَةِ: عَلَامَاتُهَا"(ابن فارس، 1399هـ_1979م: 3/260)، أما أبن منظور فقد فصَّل فيه القول، إذ قال: "الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ، والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط، وأشراط الساعة: أعلامها، وهو منه، وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أشراطها. والاشتراط: العلامة التي يجعلها الناس بينهم، ومنه سمي الشرط؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها"(ابن منظور، ١٤١٤هـ: 7/329). وقد حملَ الشرط في معناه اللغوي دلالتين، الأولى دلالة الملازمة والتي تحمل بدورها معنيين، أولهما ما توقّف عليه وجود الشّيء فيمتنع دونه، وثانيهما الّذي يترتب عليه وجود الشّيء فيحدث بعده، ولا يمتنع من دونه، وهو ما يدخله حرف الشرط (حمصي،1424هـ_ 2003م: 355)، أما الثانية فكانت السببية، إذ قالَ أبو البقاء: "ما يُسميه النحاة شرطا هو في المعنى سبب لوجود الجزاء، وهو الذي تسميه الفقهاء علة ومقتضيا وموجبا ونحو ذلك، فالشرط اللفظي سبب معنوي"(الكفوي، (د.ت) 3/5)

ثانياً: الشرط اصطلاحًا

    عُرِّفَ الشرط بأنَّه: "تعليق حصول مضمون جملة وهي جملة جواب الشرط، بحصول مضمون جملة أخرى وهي جملة وهي جملة الشرط"(الفاكهي، 1414هـ_ 1993م: 275)، إذًا يُعتبر الشرط أسلوب من أساليب التأليف النحوي تميز عن سواه بأنَّ له أدوات خاصة تربط بين جملتين، الأولى تسمى جملة الشرط، والثانية تسمى جملة جواب الشرط، وقد تنوعت أدواته بين الأسماء والحروف، منها الجازمة لفعل الشرط وجوابه جزمًا ظاهريًا في حالة كونهما مضارعين أو جزما محليًا في حالة كونهما ماضيين، ومنها غير جازمة إذا كان أولهما مضارعا والثاني ماضي، أو في حالة كون الجواب تركيب أسمي مقترن بالفاء(فياض، 1316هـ_ 1995م: 288). وبما أنَّ الشرط أسلوب كلامي قديم فقد كان له نصيبٌ كبير من اهتمام النحاة واللغويين القُدامى لكنَّهم لم يستخدموا لفظ الشرط بذاته، منهم سيبويه (ت 180هـ) الّذي استخدم مصطلح الجزاء بدل مصطلح الشرط، وعليه يكون هذا المصطلح أقدم من حيث الاستخدام من مصطلح الشرط(سيبويه، 1408هـ _ 1988م: 3/58_59)، فلم يتكلم سيبويه عن طبيعة التركيب الشرطي بشكل مباشر؛ كون اهتمامه كان منصبًا على دراسة طبيعة العوامل المستعملة في ذلك التركيب، فخصص للشرط بابًا درس فيه أحكام هذا الأسلوب واسماه (باب الجزاء) وقد استخدم مصطلح آخر على نطاق ضيق وهو (المجازاة) المأخوذ من مصطلح (الجزاء) وهو مرادف له من جهة المعنى(سيبويه، 1408هـ _ 1988م:3/63 _ 152)، وقد تبعه في ذلك الأخفش (ت215 هـ) مستعملًا مصطلح (المجازاة) تاركًا مصطلح (الجزاء) في الدلالة على التركيب الشرطي(الأخفش، 1411هـ_ 1990م: 104_105)، وبهذا فلم تتغير النظرة إلى أسلوب الشرط على أنَّه تركيب واحد، أما المبرد (ت 285 هـ) فقد سار على خُطى سيبويه والأخفش في استخدامه لمصطلح (المجازاة) لكنَّه خالفهما في أنَّه نظر إلى التركيب الشرطي على أنَّه جزئين لا جزء واحد، إذ قال: "الجزاء غير واجب آخره، إلا بوجوب أوله"(المبرد، 1979م: 2/67)، وقد عرَّفه بقوله: "وقوع الشيء لوقوع غيره"(المبرد، 1979م: 2/46)، وكذلك أشارَ الزجاج (ت 310 هـ) إلى أنَّ التركيب الشرطي ليست جملة واحدة إنَّما هي جملتان متلازمتان فكان استمرار لمن سبقه من حيث النظرة لكنه استعمل مصطلح الشرط ليدلّ به على الركن الشرطي من ذلك التركيب، إذ قال "وجواب الشرط في الفاء مع الشرط الثاني وجوابه"(الزجاج، 1408هـ_ 1988م: 1/86) فنجد من كلامه أنَّه قد دلَّ على فعل الشرط بمصطلح (الشرط) وقد دلَّ على جواب الشرط بمصطلح (الجزاء)(الزجاج، 1408هـ_ 1988م:1/72)، وقد كانَ لابن السراج (ت 316 هـ) أهمية كبيرة في بدأ اتضاح النظرة إلى التركيب الشرطي، إذ نجده أول من تكلَّم عن طبيعة التركيب الشرطي بشكل مباشر، فبيَّن لنا بجلاء ووضوح نظرته إلى هذا التركيب متابعًا لمن سبقه ومفسرًا لطريقة تفكيرهم، إذ يقول: "وأما ربط جملة بجملة فنحو قولك: إنْ يقوم زيد يقوم عمر، فيقوم زيد ليسَ متصلاً بـ يقوم عمر ولا منه، فلما دخلت إنْ جعلت إحدى الجملتين شرطًا والأخرى جوابًا"(ابن السراج، (د.ت) 2/ 164)، وكما اتبعَ ابن السراج من سبقه من النحاة في النظر إلى طبيعة التركيب الشرطي فقد أتبعهم أيضًا في طريقة استخدامهم لمصطلح (الجزاء) في دلالته على الركن الأول من هذا التركيب أي الأداة الشرطية والجملة وما بعدها في مقابل الركن الثاني المتمثل بجواب الشرط (ابن السراج، (د.ت) 2/164_171_186_188 )، أما أول من أشارَ إلى أهمية الأداة في الربط بين الجملتين وأثرها على الجملة الأولى فكان أبو علي الفارسي (ت 377 هـ) حينما قال: "ونظيرها (أي جملة القسم) من الجمل الشرط في المجازاة وإنْ كانت جملة فقد خرجت عن أحكام الجمل من جهة أنَّها لا تفيد حتى ينضم إليها الجزاء"(الفارسي، 1416هـ_ م1996م: 263) وقد بدأ النظر إلى التركيب الشرطي بالنضوج مع ابن يعيش (ت 643 هـ) إذ نجده قد ربط معنى الشرط اللغوي المتمثِّل بـ(الملازمة) بمعناه الاصطلاحي إذ قال: "والشرط إنما يكون بالمستقبل، لأن معنى تعليق الشيء على شرط إنَّما هو وقوف دخوله في الوجود على دخول غيره في الوجود ولا يكون هذا المعنى فيما مضى"(ابن يعيش، (د.ت) 155/8) والشرط في أصله أنْ يقع الشيء لوقوع غيره(المبرد، 1979م: 2/46)، وقد يخرج الشرط عن ذلك فلا يكون الأول سببًا للثاني ولا العكس، يقول الرضي الاستراباذي (ت 648 هـ) في شرحه لكافية ابن الحاجب: "قد لا يكون مضمون الجزاء متعقِّبا لمضمون الشرط بل يكون مقارنًا له في الزمان نحو إنْ كان هناك نار كان احتراق وإنْ كان احتراق كان هناك نار لكنَّ التعقّب المذكور هو الأغلب"(الاستراباذي، 1421هـ _ 2000م: 1/272)، وقد استخدم النحاة أحيانًا مصطلح الشرط وأرادوا به القانون النحوي وهذا ما فسره ابن هشام (ت 761 هـ) بقوله: "أنْ لا يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب، فإنَّ العرب يشترطون في باب شيئا، ويشترطون في آخر نقيض ذلك الشيء على ما اقتضته حكمة لغتهم وصحيح أقيستهم"(ابن هشام، 1985م: 2/653)، فكان ابن هشام موافقًا لما فسره الرضي لاستراباذي في حديثه عن الشرط بمعنى الملازمة الّذي سبق ذكره، فالقانون النحوي هو ما يُعرف بتعاقب العلاقة التلازمية بين مجموعة من الظواهر النحوية لذا يسمى "الشرط النحوي"(عباس، 2008م _ 2009م: 17)، إذ قال الأستاذ عبد الرحمن الحاج صالح: "مفهوم اللزوم هو أهم عنصر يدخل في تركيب القوانين العامة، فأنْ يلزم شيء عن شيء آخر في الطبيعة أحق بأنْ يكشف عنه الباحث من أي ملاحظة أخرى يحصل عليها"(صالح، 2007م: 1/26) فيتبيّن لنا مما سبق أنَّ أسلوب الشرط في بدايته لم يكن واضح المعالم ثمَّ تطوَّر شيئًا فشيئًا فاتضَّحت معالمه وارتكزت أركانه على يد النحاة واللغوين في تفسيرهم لآراء وأفكار من سبقهم والسير على خطاهم.

المطلب الثاني: أدوات الشرط الجازمة وغير الجازمة

      تنوعت أدوات الشرط من حيث العمل ما بين العاملة وغير العاملة، منها الأسماء ومنها الحروف ومنها الظروف، ويكون موقعها صدر التركيب الشرطي، وهذه الأدوات هي أدوات رابطة بين جزئي التركيب الشرطي فضلاً عن تأثيرها في الدلالة الزمنية لفعلي هذا التركيب(صالح، 1446هـ_2024م: 145) حتى وإنْ اختلفت معانيها وسياقاتها داخل التركيب اللغوي، فلكل أداة من هذه الأدوات معنى خاص بها، قيل فيها: "فجميع أدواتِ الشَّرْطِ حَقُّها أن تكونَ في صَدْرِ الجُملةِ"(العنزي، 1428هـ _ 2007م: 125). وتقسم إلى:

أولاً: أدوات الشرط الجازمة

      عُرِّفت أدوات الشرط الجازمة بأنَّها: "كَلِمٌ وضعت لتعليق جملة بجملة، تكون الأولى سببًا، والثانية مسببًا"(المرادي، 2008م: 3/1274) وهي إحدى عشر أداة: إنْ، ومَنْ، ومَا، ومهما، واذما، وأيّ، ومتى، وأيّان، وأين، وحيثما، وأنّى، تدخل على الفعلين المضارعين فتجزمهما معًا أو تدخل على ما يقع بمنزلة كلّ منهما، أو ما يقع بمنزلة أحدهما فتجزم محلهما(الأنصاري، 1990م: 85)، وتقسم إلى:

1.       الحروف

إنْ: ذهب جمهور النحاة إلى تسميتها بأم الباب؛ كونها تأتى على حال واحدة، فلا تفارق المجازاة أبدًا لذلك فُعدّوها أصل حروف الجزاء وأمها(الحنبلي، 1419هـ_ 1998م: 10/23)، تؤدّي دلالة التعليق أي تعليق أمر بغيره، غير مُلزم تحقق حدوثه، وإنْ دلَّت على معنى غير التعليق فيكون متضمن لدلالة التعليق (يُنظر: أبو سمعان، ديسمبر 2022م: 94)، كونه الأصل في معانيها ودلالتها(المرادي، 1413هـ-1992م: 213)، وأغلب المواضع التي تستعمل فيها هي مواضع الشكّ والندرة، وفي المواضع محتملة الوقوع، ومستحيلة الوقوع(الكفوي، (د.ت): 112)، وقد وردت في بُردة كعب بن زهير في قوله: (السكري، 1410هـ_1989م :114)

كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهُ       يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولٌ

استخدم كعب التركيب الشرطي المكون من الأداة الشرطية (إنْ) الجازمة لفعلين أولهما ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط (طالتْ)، وثانيهما جواب الشرط المحذوف المتقدم ذكره تقديره (فمحمول) فيكون تقدير الكلام على رأي جمهور النحاة في البيت (كل ابن أنثى محمول يومًا على آلة الحدباء وإنْ طالت سلامته فمحمول)(كوني، 1443هـ_ 2016م: 176)فكانت وظيفة التعليق التي تؤدّيها أداة الشرط الجازمة (إنْ) متجسّدة في تعليق الحكم في فعل الشرط بجوابه، فكان حدوث حالة الحمل على آلة الحدباء والتي يُقصد بها النعش(الزمخشري، 1419هـ_ 1998م: 1/172) نهاية حياة الإنسان وإنْ طالَ عمره، فالإنسان تنتهي مسيرته في الدُنيا مهما طالت سلامته وعافيته يتوفاه الله في النهاية، فكانت دلالة الجزاء المتحقّقة بتحقّق الشرط في البيت واضحة متمثلة في موت الإنسان وحمله على النعش مهما طالَ عمره وتمتَّع بالصحة والسلامة، أي أنْه حدث غير واقع دلالته الزمانية في المستقبل وهو (الموت) متعلق تحقّقه بآخر قد حدثَ في الماضي ومستمر في الحدوث وهو الحياة، فشرط الحياة جزاؤه الموت، وقد وردت أداة الشرط (إنْ) جازمة لفعلين في بُردة البوصيري في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م:166)

والنَّفْسُ كَالطَّفْلِ إِن تُهْمِلْهُ شَبَّ  عَلَى حب الرضاع وإِنْ تَفَطَمُهُ يَنْفَطِم

استخدم البوصيري في صدر البيت التركيب الشرطي من (إنْ) وفعل الشرط (تُهْمِلْهُ) وهو فعل مضارع مجزوم، وجوابه (شَبَّ) وهو فعل ماضٍ في محل جزم، أما في عجزه فقد وردَ التركيب الشرطي من (إنْ) الداخلة على المضارعين الأول فعل الشرط (تَفَطَمُهُ) المجزوم والثاني جواب الشرط (يَنْفَطِمِ) المجزوم أيضًا، وقد آثر البوصيري استخدام (إنْ) على استخدام (إذ) كون (إنْ) دالة على الشكّ دون (إذ) الدالة على القطع كون مدخول (إنْ) مشكوكًا فيه(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 82)، وكان في تكرار التركيب الشرطي دلالة على توكيد المعنى المراد من البيت المتمثل بحدوث جواب الشرط في المستقبل، فكانت النفس والتي في تقدّم ذكرها دلالة على الاهتمام بشأنها؛ كونها من المعقولات مشبّهة بالطفل باعتباره من المحسوسات، فجسّد البوصيري دلالة الإهمال بهذا التشبيه، معبرًا عنه بأسلوب الخطاب في فعل الشرط (تُهْمِلْهُ) دلالة على محاولته لجذب انتباه المتلقي لجزاء الشرط الوارد في البيت، فكان شرط الإهمال في الطفل جزاؤه الكبر على حب الرضاع، أما التركيب الشرطي الثاني فيجسّد فيه الشاعر دلالة الاهتمام المتمثلة بالفطام وهو ما معناه: "فطم الصبي يفطمه فطما فهو فطيم :فصله من الرضاع"(القالي، 1975م: 572) وهو عكس الإهمال، وهذا ما ينطبق على النفس في حبها للمعاصي فهي أمارة بالسوء قال تعالى: ((إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)) (يوسف:53) فبإهمالها تكبر على حب المعاصي وملذات الحياة وبفطامها تعود إلى الله سبحانه وتعالى.

2.       أسماء

أ‌.         من:

      اسم من أسماء الشرط الجازمة، غير الظرفية، والتي تؤدّي وظيفة الربط بين ركني التركيب الشرطي من فعل الشرط وجوابه، وقد وضِعت للدلالة على مَنْ يُعقل، أما عن إعرابها فإنَّها تُعرب حسب موقعها في الجملة، فقد ترفع على أنَّها مبتدأ، أو في محل رفع مبتدأ، أو في محل نصب مفعول به، أو مجرورة إذا سُبقت بحرف جر(الفوزان، 1416 هــ: 3/ 45)، وقد وردت في بُردة البوصيري في قوله:(سعيد،1426هـ_ 2005م: 172)

وَمَنْ تَكُنْ برسولِ اللهِ نُصْرَتُهُ إنْ تَلْقَهُ الأسْدُ في أَجَامِها تَجِمِ

ابتدأ البوصيري صدر البيت باسم الشرط (مَنْ) الجازم لفعل الشرط (تَكُنْ) أما جوابه فكان في التركيب الشرطي الوارد في عجز البيت من حرف الشرط الجزم وفعل الشرط وجوابه المتمثل بـ (إنْ تَلْقَهُ الأسْدُ... تَجِمِ) فأراد البوصيري الوصل إلى غاية السبب والمسبب، فكانت نصرة الصحابة في المعارك ما هي إلا بسبب وجود الرسول (ﷺ) فكانت الأداة (مَنْ) حاملة لدلالة الشرط، وكان شرط وجود الرسول (ﷺ) مع الصحابة جزاؤه الانتصار، أما التركيب الشرطي الثاني في عجز البيت فما كان إلا لزيادة التوكيد والمبالغة في المعنى العام للبيت الّذي تجسّدَ في بيان قوة وشجاعة الصحابة في المعارك غير فارين من الكفار، فأداة الشرط (إنْ) أدت دلالة التعليق لمعنى خاص متجسّد في قوة الرسول(ﷺ) ومهابته حتى على الأسود عند لقائها به (ﷺ)، فالآجام "والأجمة الشجر الكثير الملتف، والجمع أجم وأجم وآجام وإجام، قال: وقد يجوز أن تكون الآجام والإجام جمع أجم، وتأجم الأسد: دخل في أجمته، والأجمة من القصب"(الرازي، 1420هـ_ 1999م: 14) فالأجمة هي المساحة الخاصة بالأسد أي الغابة فتكون مواجهتها في الغابة محسومة كونها تكون أكثر غيرة وشجاعة عند قتالها في دفاعها عن أرضها(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 275)، فحمل التركيب الشرطي في صدر البيت دلالة القوة، وحمل التركيب الشرطي في عجزه دلالة المهابة والغيرة في الوقت ذاته، فحملت الأداة دلالة التعليق بأنْ علّق الشاعر الفعل المضارع (تَلْقَهُ) وهو فعل الشرط بـ جواب الشرط المضارع المجزوم (تَجم) بالإضافة إلى أنَّها قد أدت دلالة مكانية المتمثلة بـ (في أَجَامِها). أما في بُردة كعب فلم ترد الأداة الشرطية (مَنْ).

ب‌.      ما:

    جاءت (ما) في كلام العرب على أنَّها لفظ مشترك، وقعَ مرّةً أسمًا، وأخرى حرفًا، يتوقّف ذلك على قرينة الكلام وعودة الضمير عليها وعدم عودته(الحسن، 1437هـ _ 2016م: 186)، وإذا عُدنا إلى الدلالة التي تحملها (ما) في اللغة وجدناها مبهمة لا تنكشف إلا بما جاءَ بعدها من تراكيب لغوية ومفردات(أدم، 1997م: 676)باعتبارها قرائن تحدّد دلالة ما، وقد انقسمَ لنحاة إلى فريقين في الكلام عن دلالة (ما)، الأوّل: تمثلَ بسيبويه والمتأخرين ن النحاة، إذ ذهبوا إلى أنَّها لا تقتصر على نوع محدد من الأنواع العاقلة وغيرها(الشافعي، 1417هـ_ 1997م: 1/153)، إذ قال سيبويه: "ومَن: وهي للمسألة عن الاناسي وتكون بمنزلة الأناسي، وما مثلها، إلا أن ما مبهمة تقع على كل شيء الذي يشمل الادمي وغيره"(سيبويه، 1408هـ _ 1988م:2/309 ) وممن تبعه في ذلك ابن عقيل إذ قال: "وأكثر ما تستعمل ما في غير العاقل وقد تستعمل في العاقل (ابن عقيل، 1400هـ_ 1980م: 1/147)، أما الثاني فتمثّل بما ذهب إليه المبرد في أنَّ (ما) تستعمل في ذات غير العاقل وصفات العاقل، ولا يجوز استعمالها عنده في غيرهما(المبرد، 1979م: 1/48)، وخلاصة الكلام أنَّ ما عند أغلب النحاة يكون استخدامها لغير العاقل ويجوز في بعض مواضعها تستخدم للعاقل، أما (ما) الشرطية فهي نوعان: الأول: غير الزمانية تكون دلالة الشرط فيها غير محددة بزمان معين لا في المعنى ولا في الاستقبال، والثاني: الزمانية: وهذا النوع أجمع عليه مجموعة من النحاة منهم العكبري، والفارسي، وأبن بربري، وقد استدلّوا لذلك بقوله تعالى: ((فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ)) (التوبة:7) أي استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم(الأنصاري، 1985م: 5/2)، وقد وردت (ما) الشرطية في قول البوصيري، إذ قال: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 166)

فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرُ أَنْ تُوَلِّيَهُ   إِنَّ الْهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمٍ

وردَ في هذا البيت اسم الشرط (ما) حاملًا الدلالة الزمانية بمعنى كُلَّما بتقدير كُلَّما تولى النفس هواها أمنعه، وبمعنى (إنْ) في عمل وظيفة الجزم، فجزمَ الفعل الماضي (تَوَلَّى) فعلًا للشرط، وجزمَ المضارع (يُصْمِ) من الفعل (أصمى يصمي) يُقال أصمى الصيد إذا قتله في مكانه(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م 84)، والفعل (يَصِمِ) المضارع من وصمَ المعطوف بحرف العطف (أو) الّذي حملَ دلالة الشك، والوصم هو: "الوصم :العيب في الحسب، وجمعه وصوم، ورجل موصوم الحسب إذا كان معيبا ووصم الشيء :عابه"(ابن فارس، 1399هـ_1979م: 6/116)، فكان البيت حاملًا لدلالة النصح والإرشاد بأسلوب النهّي، فكان الفعل (فَاصْرِفْ) فعل أمر يحمل معنى النهّي والمنع، فالبيت متَمّم في معناه لما سبقه في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م:166)

والنَّفْسُ كَالطَّفْلِ إِن تُهْمِلْهُ شَبَّ  عَلَى حب الرضاع وإِنْ تَفَطَمُهُ يَنْفَطِمِ

فلمّا شبَّه البوصيري النفس بالطفل في استقبالها للتربية شرع في تربيتها بالأمر بالمنع والانقطاع عمّا يخالف الدين الإسلامي، فأمرَ بالمنع عن تولي الهوى أمر النفس كونها أمارةً بالسوء إنْ تركتها على هواها، والهوى هو مصدر (هوي يهوي) أي بمعنى الميل إلى الشهوات والتلذذ بها(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 83)، فبعد أنْ بيّن نتيجة الإهمال على النفس أمرَ ثمَّ حَذَّر مستخدمًا لفظ (حَاذِرُ) بصيغة المبالغة وبأسلوب الخطاب لجذب انتباه المخاطب الّذي قام بتجريده من نفسه في مطلع البيت( الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 83) إلى أهمية الأمر والتحذير الّذي دعا إليه البوصيري بأسلوب النصيحة والإرشاد، فكانت دلالة الشرط متمثلة في فعل الأمر بمنع التولي لأنَّ جزاؤه سيكون إلحاق العيب والأذى للإنسان. أما في بُردة كعب بن زُهير فلم يرد التركيب الشرطي المتصدّر باسم الشرط (ما).

ت‌.      متى:

       من الأسماء الشرطية المبهمة التي تدلُّ على العموم، جازمة لفعلين يأتيان بعدها، يكون الأول فعل الشرط، ويكون الثاني جواب ذلك الشرط، ولا تقع إلا للزمان متضمنة معنى الشرط مبنية على السكون في محل نصب دائمًا، وتكون شرطًا لما يحتمل الوجود والعدم(السامرائي، 1420هـ_ 2000م: 4/87،88)، ويمكن أنْ تقترن بـ (ما) فتزيد من ابهامها، ويمكن أنْ لا تقترن بها(ابن يعيش، (د.ت): 7/45)، وقد وردت في بُردة البوصيري في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 173)

والطُفْ بِعَبْدِكَ فِي الدَّارَيْنِ إِنَّ لَهُ  صبراً متى تَدْعُهُ الأَهْوَالُ يَنْهَزِم

استخدم البوصيري اسم الشرط الجازم (متى) للدلالة على الزمان، فجزمت (متى) الفعل المضارع وهو (تَدْعُهُ) على أنَّه فعل الشرط و الفعل المضارع (يَنْهَزِم) على أنَّه جواب الشرط، فكان شرط طلب الأهوال لصبر البوصيري في وقت معيّن وهو وقت البلاء في الدنيا أو الآخرة جزاؤه الانهزام أمام تلك الأهوال، والأهوال هي جمع "هول: المخافة من الأمر لا يدري ما يهجم عليه منه، كهول الليل، وهول البحر، والجمع أهوال وهئول" (القالي، 1975م: 105) فالبوصيري يُظهر حاجته إلى لطف الله سبحانه وتعالى، فاللطف هو: " اللطيف: صفة من صفات الله واسم من أسمائه، وهو التوفيق والعصمة"(الزبيدي، 1385هـ_ 1965م: 24/364) فكان احتياج البوصيري للطف الله في دار الدنيا بأن يسلّمه من مصائبها وفتنها بالإحسان إليه، ويلطف به في دار الآخرة بتسليمه من أهوالها، فهي أهوال يحتاج فيها العبد إلى صب عظيم لذلك فقد عدَّ الصبر شعبة من شعب الإيمان، فجسّدَ البوصيري دلالة الفزع والخوف التي تعتريه في نفسه بلفظ الأهوال يقابله لفظ اللطف وما فيه من إحسان وطمأنينة، فيكون بذلك قد جَسّدَ حالة الصراع الداخلي التي يعيشها في وقت معيّن من خوف واحتياج إلى لطف وإحسان، فكانت تلك الدلالة انعكاس المحتوى الفكري والنفسي للبوصيري(يُنظر: حداد، 2018: 363)، وقد استخدم لفظ (بعبدك) بدل عبارة (ألطف بي) في إشارةٍ منه إلى إيقاع الظاهر في موقع المضمر ليجسّد دلالة الاحتياج والضعف وتحقيره لنفسه وإذلاله لها (ابن عجيبة، 2011م: 313،314)، ليصل بذلك من خلال سياق التركيب الشرطي في البيت إلى سبب الإجابة عن دعائه. أما في بُردة كعب فلم يرد التركيب الشرطي بالاسم (متى).

ث‌.      أنَّى:

        من أدوات الشرط الجازمة المبنية على السكون في محل نصب دائمًا (الزمخشري، 1993م: 218)، تأتي كظرف مكان بشكل خاص، تفيد العموم لكنها تتضمن معنى الشرط يتحدد ذلك حسب سياق التركيب اللغوي، تجزم فعلين بعدها الأول يكون فعل الشرط، والثاني جواب لذلك الشرط (الأندلسي، 1418هـ_ 1998م: 2/ 550)، ومن الممكن أنْ تأتي للدلالة على الزمان فتكون بمعنى متى الاستفهامية (المرادي، 2008م: 3/1276)، وقد وردت في بُردة البوصيري في موضع واحد في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 169)

مِثْلُ الغَمَامَةِ أَنَّى سارَ سَائِرَةٌ  تقيهِ حَرَّ وَطِيْسٍ للهَجِيرِ حَمِيْ

استخدم البوصيري اسم الشرط (أنَّى) للدلالة على المكان بمعنى (أين) أي إلى أي مكان سار، أو للدلالة على الحال بمعنى (كيف) أي كيف سار النبي هي (الغمامة) سائرة كان اسم الشرط جازم للفعل الماضي (سارَ) على أنَّه فعل الشرط، أما جواب الشرط فهو محذوف بتقدير (أنَّى سارَ فهي سائرة) فكان التركيب الشرطي في البيت يحمل أكثر من دلالة؛ منها العناية والاهتمام بشخص النبي (ﷺ) قبل البعثة وبعدها كون البيت فيه تلميح لقصة بحيرا لراهب وهي قصة مذكورة في كتب التاريخ حدثت مع النبي قبل بعثته، فكانت الغَمَامَةِ "السحابة، والجمع غمام وغمائم"(الفيومي، (د.ت): 1/267) تسير مع النبي () وتحفظه من حرارة الشمس التي استعارها البوصيري لفظ الوطيس فهو: "شيء يُتّخذ مثل التنور يُختبز فيه"(الصاحب بن عباد، 1414هـ_ 1994م: 8/353) والهجير هو: "نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر، وقيل: إنَّه شدة الحر، الجهري: هو نصف النهار عند اشتداد الحر"(ابن سيده، 1421هـ_ 2000م: 4/157) فحملَ البيت دلالة أخرى وهي دلالة الحركة المتجسِّدة بحركة وانتقال الغمام والأشجار مع النبي (ﷺ) وملازمتهما له كنوع من الحفظ والاستوداع، فكانت هناك حكمتان من هذا التظليل؛ كانت الأولى حسية متمثلة بالاهتمام لأمر النبي (ﷺ) والعناية بشأنه والتنبيه إلى عظم مكانته وحفظ حرمته والعز الّذي سيصبح عليه فيما بعد حتى سُخِرَ له الغمام لحفظه وهو جامد، أما الثانية فكانت معنوية متمثلة بالإشارة إلى من اتبعه (ﷺ) من أمته واستظلَّ بظلّه نالَ الأمان والعناية من الله سبحانه وتعالى(ابن عجيبة، 2011م: 171). أما في بُردة كعب فلم يرد الجزم باسم الشرط (أنَّى).

ثانياً: أدوات الشرط غير الجازمة:

     أدوات شرطية قسمها النحاة بين الحروف والأسماء، عملها الربط بين جملتين يترتب حدوث أحدهما على حصول الحدث أو الحكم في الأخرى، وبذلك فهي تستدعي تركيباً شرطياً كاملاً من أداة شرط، وجملة الشرط، وجملة جواب الشرط، لكنها لا تعمل الجزم لا في فعل الشرط ولا في جوابه (السامرائي، 1420هـ_ 2000م: 4/89)، وتُقسم إلى:

أولاً: أدوات شرطية غير جازمة باتفاق النحاة:

1.       لو: عرَّفها سيبويه بقوله: "لو: لما كان سيقع لوقوع غيره أي أنها تقتضي فعلا ماضيًا كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره والمتوقع غير واقع"( سيبويه، 1408هـ _ 1988م: 2/307) فمعنى قوله أنَّ (لو) حرف يلزم فعلا امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته(المرادي، 1413هـ-1992م: 275)، فهي حرف امتناع لامتناع، أما المبرد فقد تكلَّمَ على (لو) في الكامل فعدَّها حرفاً من حروف الجزاء في ابتداء الشرط وجوابه، وقد تتَّسع فتأتي بمعنى (إنْ) الشرطية، لكن على الرغم من ذلك فقد أخرجها من حروف الجزاء؛ كونها لا تعمل الجزم كما في (إنْ) الجازمة، والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ حروف الشرط الجازمة جميعها تقع لما لم يقع، فيُقلب زمن الماضي معها مستقبلًا في معناه، أما (لو) فتقع في زمن الماضي(المبرد، 1417هـ_ 1997م: 1/271، 277، 278)، فيكون المبرد في كلامه هذا قد اعترفَ أنَّ (لو) حرف من حروف الجزاء لكنَّها تختلف عنها في أنَّها غير جازمة، بذلك فقد وافق المبرد سيبويه في ربطه بين الأداة والعمل، أما أبن السراج فقد أنطلق في حديثه عن (لو) مستندًا على معطيات كتاب الكامل للمبرد، فعدّه حرفاً مشبّهاً بحروف الشرط يليه فعل شرط لا بد له من جواب(النحاس، 1424هـ: 69، 597)، ففيها معنى الشرط والمجازاة، لكن بالرغم من ذلك فلا يُجازى بها(النحاس، 1424هـ: 893)، أما الرماني فقد عدَّها من الحروف الهوامل وإنْ كانت حاملة لمعنى الشرط إلا أنَّها غير جازمة لكونها تخالف حروف الشرط في عدم قلب زمن الماضي إلى المستقبل(الرماني، (د.ت): 101،102)، وهذا أيضًا ما نجده عند أبن فارس والجرجاني والزمخشري والمالقي وأبن الشجري والعكبري وابن مالك وغيرهم من النحاة (الحجازي، 1401هـ_ 1981م: 116،117،118)، فقد أجمع النحاة على اعتبار لو من حروف الشرط كونها تحمل معنى الشرط إلا أنَّها لا تؤدّي وظيفة الجزم بالرغم من دخولها على الفعل الماضي لتؤدّي دلالة التعليق بين الشرط وجوابه، وقد وردَت لو في بُردة كعب بن زهير في قوله: (السكري، 1410هـ_1989م: 114)

لَقَدْ أَقُومُ مَقَامًا لَوْ يَقُومُ بِهِ أَرَى وأَسْمَعُ مَا لَوْ يَسْمَعُ الفِيلُ

استخدم كعب التركيب الشرطي المكون من حرف الشرط الغير جازم (لو) وفعل الشرط (يَقُومُ) المضارع لفظًا وماضٍ في معناه، بمعنى (لو قامَ به)، لأنَّ (لو) تعمل على دلالة تعليق حصول مضمون جواب الشرط في الماضي على حصول مضمون الشرط في الماضي أيضًا، فعلق كعب حصول مضمون الرؤية والسمع على حصول الوقوف بين يدي الرسول (ﷺ) في ذلك الموقف، ثمَّ اكمل المعنى بالتركيب الشرطي الثاني بالأداة الشرطية ذاتها (لو) وفعل الشرط (يَسْمَعُ) المضارع لفظًا والماضي في المعنى، أي بمعنى (لو سمعَ الفيل) أما جواب الشرط فجاءَ في البيت الّذي يليه، إذ قال كعب: (السكري، 1410هـ_1989م: 114)

لَظَلَّ يُرْعَدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ منَ الرَّسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْوِيلُ

فكانت اللام في (لَظَلَّ) هي جواب الشرط وظلَّ هنا فعل ماضٍ ناقص بمعنى (صارَ) فكان حصول مضمون الجواب (لَظَلَّ يُرْعَدُ) متعلّق بحصول مضمون الشرط وهو السماع، فكان حصول الارتعاد نتيجة للسماع، وقد وظّف كعب التراكيب الشرطية في سياقات يستطيع من خلالها تجسيد دلالة التعظيم والتفخيم للرسول (ﷺ) وهول الموقف وانعكاسه على نفسيته خلال ذكر ذلك الوقوف المعنوي الّذي لم يقع وهو وقوف الفيل في موقف كعب بين يدي السول (ﷺ)؛ لكونه تشبيه وظَّفه كعب ليجسّد خطورة الموقف، ثمَّ الاطمئنان الّذي سيناله نتيجة العفو من الرسول (ﷺ). أما في بردة البوصيري فقد وردت (لو) الشرطية في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 166)

لو كنتُ أَعْلَمُ أَنِّي مَا أُوقّرُهُ كَتَمْتُ سِرَاً بَدا لي مِنْهُ بالكَتَمِ

استخدم البوصيري حرف الشرط (لو) غير جازم للفعل الماضي (كنتُ) وهو مع خبره (كنتُ أَعْلَمُ) فعل الشرط وجوابه (كتمتُ) فكان تعليق مضمون حصول الكتمان بحصول مضمون العلم، وقد حملَ التركيب الشرطي دلالة الامتناع فامتناع الكتمان لامتناع العلم، ولو ثَبُتَ العلم لثَبُتَ الكتمان، فكان الكتمان بمعنى: "نقيض الإعلان، كتم الشيء يكتمه كتما وكتمانا واكتمه وكتمه"( ابن فارس، 1399هـ_1979م: 5/157) وقد قصد البوصيري بقوله (سِرَاً) الشيب، فقد حلَّ به ضيفًا على غفلةٍ من أمره ولم يوقِّره بفعل الخير والزهد في الدُّنيا وملذاتها، فيجسّد البوصيري دلالة الندم على ما فات من عمره في اللهو واللعب وفعل الشرور وكسب السيئات، فيخضب شيبه بالحناء وهي من سُنن الرسول حتى لا يطاله الهجاء على أفعاله وهو شيخ كبير(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 78)، فوظَّف البوصيري التركيب الشرطي في سياق البيت ليعكس دلالة التحسر والندم على ما مضى.

2.       لولا: هي إحدى حروف الشرط المهملة، وهي مركبة من (لو) التي هي حرف امتناع لامتناع و(لا النافية) (يُنظر: المؤيّد، 1427هـ: 7)، وكلٌّ منهما محتفظة بمعناها الموضوعة له قبل دخولها التركيب وهذا قول الجمهور (الرماني، (د.ت): 123)، وقد ذهبَ منهم إلى القول بأنَّ (لولا) حرف بسيط غير مركب يحمل دلالة امتناع الشيء لوجود غيره(الهاشمي، (د.ت): 1/395)، يقول الشلوبيني عنها: "لولا زيد لأكرمتك، فإنَّ هذا من باب الشرط من حيث كان سببًا ومسببًا عنه ولم يكن فيه جزم"(الشلوبيني، 1401هـ_ 1981م: 236) وتختص لولا الامتناعية بالأسماء وتأتي على أنَّها حرف ابتداء وما بعدها اسم ظاهر أو ضمير رفع منفصل؛ فيكون خبرها بإجماع الجمهور واجب الحذف مطلقًا ولا يكون عندهم إلا كونًا مطلقًا وإذا أُريد الكون المقيَّد جعلوه مبتدأً(المرادي، 1413هـ-1992م: 599)، خالفهم ابن مالك في ذلك وذهبَ إلى أنَّ خبر (لولا) غير واجب الحذف(ابن مالك، 1410هـ_ 1990م: 1/276)، أما جواب لولا الامتناعية فيأتي بصورتين، الأولى: ماضٍ مثبت مقترن بلام وجازَ خلوه منها، والثانية: ماضٍ منفي بـ (ما) وقد يأتي المنفي مقرون بـ (اللام) في الشعر(المرادي، 1413هـ-1992م: 598، 599)، وقد وردت في بُردة البوصيري في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 166)

لولا الْهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ ولا أَرِقْتَ لِذِكْرِ البَانِ والعَلَمِ

استخدم البوصيري حرف الشرط (لولا) متضمن الدلالة الشرطية والهوى مبتدأ مرفوع لخبر محذوف تقديره (لولا الهوى موجود) لأنَّه كون مطلق، والهوى هو من "هوى فهو: هو: أحبه واستهوته الشياطين: ذهبت بهواه وعقله أو استهامته وحيرته أو زينت له هواه"(الفيروزآبادي، 1987م: 2/998) وهو هنا بمعنى العشق والمحبة، والطلل هو أثر الديار الخربة، والبان هو شجر جميل الرائحة، أما العلم هو اسم جبل يقال أنَّه اسم جبل في مكة(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 54،55)، فكان التركيب الشرطي بمعنى لولا وجود الهوى وهجرة المحبوب وهو النبي محمد (ﷺ) لم تُرق الدموع على بقايا الديار الخربة وأماكن اللقاء (يُنظر: عليوه، ديسمبر 2022م: 686)، ويقصد بالديار هنا مكة المكرمة بعد هجرة الرسول منها فهي ديار خربة بالمعنى، فجسّدَ الشاعر دلالة التأكيد بالإشارة إلى صدق دعواه وبعدها عن الزور والبهتان، فاستخدم لذلك أسلوب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب بقوله: (لَمْ تُرِقْ دمعًا على طَلَلٍ) فكان التنوين في الدمع لدلالة تعظيم شخص المحبوب وهو الرسول (ﷺ)، أما التنوين في (طَلَلٍ) فكان لتجسيد دلالة التحقير للديار بعد خروج الرسول (ﷺ) منها. أما في بُردة كعب فلم يرد حرف الشرط (لولا).

3.       لمَّا: هي حرف شرط وجود لوجود متضمّنة للدلالة الظرفية من جهة اختصاصها بالدخول على الماضي وإضافتها إلى التركيب، ويكون جوابها فعلًا ماضياً أو جملة اسمية مقترنة بـ (إذا) الفجائية (حسيبة، 2017م_ 2018م: 29)، وقد ذهب سيبويه إلى أنَّها حرف يربط تركيبًا بآخر ربطًا سببيًا وهي عنده: "للأمر الذي قد وقع لوقوع غيره"(سيبويه، 1408هـ _ 1988م: 4/243) وقال أبو حيان: "الذي تلقيناه من أفواه الشيوخ حرف وجوب لوجوب"(الأندلسي، 1418هـ_ 1998م: 4/1896)، وقد تابع أبن مالك سيبويه في ذلك وذهبَ إلى أنَّ اسميتها مشكوك فيها أما حرفيتها فهي واضحة ومؤكّدة لأنَّها تدلُّ على الشرط، فهي تستوجب وجوب لوجوب، كوجوب الامتناع لامتناع في (لو)، والحكم على الظاهر هو الأرجح(ابن مالك، 1410هـ_ 1990م: 3/417)، أما أبن السراج والفارسي وأبن جني فقد خالفوا سيبويه ومن اتبعه، وعدّوها حاملة لدلالة الزمان فهي ظرفية بمعنى حين، واحتجّوا في ذلك بأنَّ (لمّا) أصلها (لم) وعند اقترانها بـ(ما) أصبح لها معنى آخر، هو الأمر ذاته في (لو) عند اقترانها بـ(لا) النافية حملت معنى مختلف تمامًا، فبدخول (ما) عليها لزمت معنى مختلف تمامًا عن (لم) لذلك فهي تدخل على الماضي و يُحذف جوابها، وهو جواب الشرط الّذي لو ظهرَ معها لوجبَ جزمه، وهذا لا يحدث مع (لم) (الفارسي، (د.ت): 315، 316)، ويبدو أنَّ الرأي الأرجح في هذه القضية هو ما ذهب إلية سيبويه، لأنَّه جازَ القول: (لمّا أكرمتني أمس أكرمتك اليوم) لأنَّه عند تقديرها على الظرفية كان عاملها الجواب والواقع في اليوم لا يكون في الامس(الأنصاري، 1990م: 1/369)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنَّ لمّا لا يمكن أنْ تكون ظرفًا بمعنى (حين) لأنَّ (حين) تاريخ عُرف به زمن مجيئه، ومجيئه بـ (لمّا جئت) بعده كما ذكر سيبويه في القول (لمّا جئت جئت)( يُنظر: ابن الطراوة، (د.ت): 100)، وقد وردت (لمّا) في قول كعب: (السكري، 1410هـ_1989م: 113)

نواحةٍ رِخْوةِ الضَّبْعَينِ لَيسَ لَهَا  لَمَّا نَعَى بِكْرَهَا النَّاعُونَ مَعْقُولُ

استخدم كعب التركيب الشرطي من حرف الشرط (لمّا) وهو غير جازم يحمل الدلالة الشرطية والدلالة الظرفية الزمانية هنا بمعنى (حين)، والفعل الماضي (نَعَى) فعل الشرط، أما جوابها فكان التركيب (ليسَ لَها مَعقُولُ)، ونواحة بمعنى: "النوح: مصدر ناح ينوح نوحا، وناحت المرأة تنوح نوحا، والنساء يجتمعن للحزن"(ابن فارس، 1406هـ_ 1986م، 849) ورخوة بمعنى: "الشيء الهش من كلُّ شيء"( الفيروزآبادي،1426هـ_ 2005م: 4/333)، أما الضبعين: "الضبع بسكون الباء: وسط العضد بلحمه يكون للإنسان وغيره"(كراع النمل، 1988م: 63)، ونعَى بمعنى: "والنعي: المنعي، والناعي: الذي يأتي بخبر الموت"(الفراهيدي، (د.ت): 2/256) والبكر: "أول ولد الرجل، غلاما كان أو جارية"(ابن دريد، 1987م: 38) أما معقول فتعني: العقل، ويقال: (اعقل إن كان لك معقول) (المدائني، 1418هـ – 1998م: 4/487)، فأرادَ كعب أنْ يقول بأنَّها حين أوصلَ لها المخبرون خبر وفاة بكرها، ذهبَ عقلها من شدَّة الحزن والفزع وقلة الصبر كما كانت عادات الجاهليِّين(كوني، 1443هـ_ 2016م: 195)، وقد وظّفَ كعب دلالة المبالغة من خلال استخدام لفظ (نواحةٍ) على صيغة فعَّال التي تُلزم الوصف بالتكثير، فكانت المبالغة والكثرة في فعل النياحة في زمان وصول خبر الموت الّذي تجسّده الأداة الشرطية (لمَّا) بربطها زمن حصول الحدث (حدث النوح) بالنتيجة المتمثلة بجواب الشرط، فكانت المبالغة وال كثرة في النعي سببًا لذهاب العقل والوصول إلى حد الجنون. أما في بُردة البوصيري فقد وردت (لمَّا) الشرطية في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 171)

لمَّا دعا الله داعينا لِطَاعَتِهِ  بأكرمِ الرُّسُلِ كُنَّا أَكْرَمَ الأُمَمِ

استخدم البوصيري حرف الشرط غير الجازم (لمَّا) لدلالة التعليل، وليس المراد هنا وقت معين على عكس ما جاء في بيت كعب حيث استخدمها للدلالة الظرفية الزمانية، والفعل الماضي (دعا) هو فعل الشرط، أما جواب الشرط فكان الفعل الماضي (كُنَّا)، فالبيت في سياقه يحمل دلالة العناية والاهتمام التي يجسّدها البوصيري في استخدامه للتركيب الشرطي؛ كون العناية بأمة رسول الله كانت بسبب دعوة الله سبحانه وتعالى لهم بوجوب طاعته بأكرم الرسل فكُنَّا أكرم الأمم، فعَلّل سبب كونَهم أمة مكرمة لها مكانتها عند الله سبحانه وتعالى وجود الرسول، فجَسّدَ العلاقة السببية بين السبب والمسبب من خلال توظيف دلالة التعليل التي تؤدّيها أداة الشرط (لمَّا) في سياق البيت، فنلاحظ الفرق في استخدام هذه الأداة بين كعب والبوصيري، فالأول استخدمها للدلالة الظرفية الزمانية بمعنى (حين)، أما الثاني فقد وظَّفها لتجسيد دلالة التعليل لإظهار العلاقة بين السبب والمسبب لإيصال المعنى المراد.

ثانياً: أدوات الشرط غير الجازمة باتفاق بعض النحاة:

·         إذا: أداة مشتركة بين الأسمية والحرفية، تحمل دلالة زمن المستقبل(البياري، 2021م: 126)، أو دلالة الشرط، فهي تحمل معاني مختلفة تتحدّد هذه المعاني حسب السياق اللغوي الّذي تأتي فيه، وقد رأى أهل المعاني أنَّها تستخدم مع الأمر المتوقع حدوثه، أو المحتمل حدوثه(حسن، (د.ت): 4/333)، ولم يعدّها سيبويه من أدوات الشرط إلا في مستوى معين من الاستعمال وقد قصَدَ بذلك المستوى الشعر، ففي الشعر تجزم الفعل بعدها، وقد نقلَ سيبويه عن الخليل السبب الّذي من أجله لا يستعملون (إذا) كأداة شرط، إذ يرى الخليل بأنَّ (إذا) تأتي لوقتٍ معلوم، ما يعني أنَّها تشكّل نقطة التقاء لحدثين في المستقبل دون أنْ تجعل حصول أحدهما شرطًا لحصول الآخر، أما في الشعر فقد تبيّن من الشواهد الشعرية التي وردت فيها تضطلع بتلك الوظيفة الشرطية، فتكون نقطة التقاء حدثين في المستقبل يتوقف أحدهما على الآخر، فتتغلّب بذلك على (إنْ) الشرطية(سيبويه، 1408هـ _ 1988م: 3/60،61،62)، وتابع المبرد سيبويه في عدّه (إذا) أداة للشرط في الشعر فقط(المبرد، 1979م: 2/55،56)، وتابعهم بعد ذلك ابن السراج فأشار باختصار إلى أنَّ (إذا) يُجازى بها للضرورة الشعرية، أي أنَّه جعلها ضمن أدوات الشرط الجازمة فيكون بهذا قد اكَّدَ على مراعاة مستوى استعمالها(ابن السراج، (د.ت): 2/166)، إلا أنَّ النحاس قد نسبَ إلى النحاة جميعًا القول بأنَّ الجزم بـ (إذا) جائز ثمَّ أقامها بمقام أدوات الشرط الجازمة لأنَّها لا تقع إلا على فعل وتحتاج إلى جواب، ثمَّ استثنى الخليل وسيبويه والفراء في اختيارهم لعدم الجواز؛ كون ما بعدها مؤقت، وهذا يعني إخراجها عندهم من أدوات الشرط(النحاس، 1424هـ: 1301، 1302)، أما ابن فارس في الصاحبي فيقول: "تكون إذا شرطًا في وقت مؤقت، تقول: إذا خرجت خرجت"(ابن فارس، 1418هـ_ 1997م: 139) وهذا يعني أنَّ ابن فارس لا يربط بين الشرط والجزم، أو أنَّه من الّذين أجازوا الجزم موافقًا في ذلك من أشارَ إليهم النحاس، على الرغم من أنَّ ابن فارس كان لغوياً هتم بالمعاني الدلالية أكثر من اهتمامه بالقضايا النحوية(ابن فارس، 1418هـ_ 1997م: 159)، وقد وردت إذا في قول كعب: (السكري، 1410هـ_1989م: 111)

تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَينَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ    إِذَا تَوَقَّدَتِ الحِزَّانُ والمِيْلُ

لمَّا وصف كعب ناقته بالأبيات السابقة لهذا البيت؛ استكملَ في هذا البيت تلك الأوصاف مستخدمًا أداة الشرط (إذا) ليوظّف الدلالة الزمنية التي تحملها هذه الأداة في التقاء الحدثين في المستقبل دون شرط حصول الثاني بحصول الأول، فكان معنى "ترمي الغيوب: تَقْذِفُ الغُيُوبَ أَمَامَها مِن بَعِيدٍ نَاظِرَةً إِلَيْهَا"  (كوني، 1443هـ_ 2016م: 88)، والغيوب: "جَمْعُ غَيبِ وَهُوَ مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرْضِ، وقد تأتي الغيوب بمعنى المواضع التي تغيب عن إدراكها بالعين، فتتوجس الناقة بِأَذُنِهَا في أثناء نَظَرِهَا لِتُقابل بِمَا تَحْذَرُ منه العَينُ ما تُدْرِكُه بالأُذُنِ فَتُغْضِي عند ذلك طَرْفَها"(الزبيدي، 1385هـ_ 1965م: 3/497)، أما بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ فكانت بمعنى: بناظرتي ثور وحشيٌّ، فـ (مفرد) نعت لمنعوت محذوف وهو الثور، وقد استخدم كعب هذا الوصف للثور؛ لأنَّ السبب في جعله منفردًا خشية الصيد، فهو لا يمل من العدو للتخلص من صيد القناص (كوني، 1443هـ_ 2016م: 89)، أما لهق فهو وصفٌ مُشْتَقٌ على وزن فَعِل، واللَّهِقُ: "الأبيض، أو الشديد البياض"(الفارابي، 1407هـ_ 1987م: 4/551) فأضفى كعب دلالة القوة والسرعة في الحركة ودقة النظر لمسافات بعيدة مع صفة الجمال المتمثلة بالون الأبيض، فوظَّفَ كعب هذه الصفات الجسمانية التي يحملها الثور الوحشي لوصف ناقته، فكانت قوتها ليست مقتصرة فقط على جانب الإدراك الحسي، بل حاول أنْ ينزلها بمنزلة الإنسان المدرك للإدراك العقلي باستخدامه لفظ الغيوب الّذي من معانيه أيضًا: "ويُطْلَقُ الغَيْبُ على ما لا تُدْرِكُه الحواس، وهو ما وَرَاءَ عَالَمِ الشَّهَادَةِ"( كوني، 1443هـ_ 2016م: 88) محاولا أنْ يضفي دلالة الفخر في سياق البيت على ناقته التي تنجح معه بقطع المسافات الطويلة في الصحراء الموحشة بالسرعة الفائقة للوصول إلى مبتغاه(بلال، عياش، محرم 1440هـ _ أكتوبر2018م: 306)، أما معنى الحزان: فجمع على وزن فعلان، مُفرده حَزِيزُ، ويُجْمَعُ على أَحِزَّةِ أيضًا، وحزيز موضع كَثُرَتْ حِجارتُه وغَلُظَتْ كأَنَّها السَّكَاكِينُ(المبرد، 1417هـ_ 1997م: 3/1343)، أما الميل فهو: "قَدْرُ مُنْتَهى مد البصر"(الأزهري،2001م: 15/396)، فكان التركيب الشرطي من (إذا) والفعل (توقّدت) فعل الشرط والجواب المحذوف المقدر بـ (ترمي) الّذي حُذفَ بسبب تقدم ذكره في صدر البيت؛ حاملًا لدلالة الربط بين حدثين زمنهما ماضٍ لفظًا، مستقبلًا في المعنى، الأول حدث الرمي والثاني حدث الاتقاد الّذي لا يتوقف حصول أحدهما على حصول الآخر. أما في بُردة البوصيري فقد وردت الأداة الشرطية (إذا) في قوله: (سعيد،1426هـ_ 2005م: 169)

لا تُنْكِرِ الوَحْيَ مِنْ رُؤْيَاه إِنَّ لَهُ      قَلْباً إذا نَامَتِ العَيْنَانِ لَمْ يَنَم

استخدم البوصيري أداة الشرط (إذا) والفعل الماضي (نَامَتِ) على أنَّه فعل الشرط وجوابه الفعل (يَنَم) المجزوم بـ (لم) الجازمة ليضفي دلالة النهي القطعي على الإنكار مستخدمًا لذلك صيغة الخطاب، وكان هذا النهي عن إنكار صفة النوم عن قلب الرسول (ﷺ)، فالنوم هو: "النعاس والرقود"(نخبة من اللغويين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، 1392هـ_ 1979م: 2/965) ونوم العين يكون عن رؤيا الشمس وهذا ما لا يكون في القلب(الخربوتي، 1443هـ _ 2013م: 201)، والنهي بـ (لا تنكر) نهي حاضر وقطعي عن إنكار الوحي في رؤياه (ﷺ)، وكانت علة هذا النهي باستخدامه التركيب الاسمي (إنَّ لَهُ قَلْبًا) لما يحمله التركيب الاسمي من دلالات الثبوت والاستقرار، فهذه الصفة هي صفة ثابتة وراسخة لا تتغير في شخص النبي (ﷺ)، فكانت دلالة التعظيم والتفخيم لشخص النبي محمد (ﷺ) فكان سبب نفي النوم عن قلبه (ﷺ) نتيجته أنَّه لا يتعرض لأضغاث الأحلام كما يتعرض له سائر البشر؛ فكل ما يراه (ﷺ) هو حق ووحي(الراجحي، (د.ت): 4/5)، وقد أدّت الأداة الشرطية (إذا) دلالة الربط بين حدثين الأول ماضٍ وهو فعل حصول النوم للإنسان وهو حالة بايولوجية طبيعية عامة مستمرة الحدوث دون توقف فهمي من ضمن طبيعة الإنسان، أما الحدث الثاني فكان في نهي حصول النوم عن قلب النبي محمد (ﷺ) وهو حالة خاصة مقتصرة على الأنبياء، فكان حصول الحدث الثاني الخاص المتمثل بـ (نوم القلب) غير متوقف على حصول الحدث الأول العام وهو النوم الطبيعي للإنسان.

الخاتمة

من خلال بحثنا توصلنا إلى النتائج التالية:

1.       إنَّ فرق الزمن بين نظم البردتين له تأثير واضح في استخدام الألفاظ، إذ أنَّ الألفاظ في بردة كعب أقرب إلى الالفاظ المستخدمة في عصر ما قبل الاسلام من ناحية الغرابة وقلة الاستعمال فاحتجنا إلى الاستعانة بالمعاجم اللغوية القديمة لتفسيرها وتوضيح معناها، أما ألفاظ بردة البوصيري فجاءت سهلة لينة وأقرب إلى الالفاظ الدينية فكانت سهلة ولينة وواضحة المعنى في أغلب مواضعها.

2.       وجدنا لتوظيف معاني الآيات القرآنية الكريمة أثراً واضحاً في بردة البوصيري؛ ويرجع ذلك إلى سبب الزمن والبيئة الاسلامية البحتة الي عاش فيها البوصيري، على عكس كعب بن زهير فلا وجود لذلك التوظيف في بردته نظراً لعيشه في عصر ما قبل الإسلام، ونظمه للبردة في موقف المضطرب الخائف المستجير الّذي أقدم على أمرٍ لا يعلم عاقبته والذي يطلب العفو فكان لذلك أثره الواضح في اختلاف دلالة التراكيب الشرطية بين البردتين.

3.       لم يرد الجزم بأسماء الشرط في بردة كعب بينما كل ما ورد منها كانت في بردة البوصيري.

4.        استخدم كعب أدوات الشرط غير الجازمة أكثر مما استخدمه البوصيري، وذلك يدل على أن توظيف البوصيري لدلالة التراكيب الشرطية في بردته أكثر من توظيف كعب لدلالة هذه التراكيب.

5.       أما الأدوات الشرطية غير الجازمة باتفاق النحاة فقد وردَ منها الأداة (إذا) فقط في البردتين، وقد استخدمها كعب لتوظيف ما لها من دلالة زمنية داخل التركيب لربط حدثين في المستقبل مع التركيب الفعلي المثبت، أما البوصيري فقد استخدمها لدلالة الربط بين حدثين لا يتوقف حصول الثاني على الأول مع دلالة النهي القطعي في التركيب الفعلي المنفي.

المصادر

القرآن الكريم

أبن السراج، أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي، (د.ط)، (د.ت)، الأصول في النحو، تحقيق عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، لبنان – بيروت.

ابن الطراوة، سليمان بن محمد بن عبد الله السبائي المالقي، (د.ط)، (د.ت)، رسالة الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في الإيضاح، تحقيق: حاتم صالح الضامن، عالم الكتب.

ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي،1987م، جمهرة اللغة، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين – بيروت، ط1.

ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي،1421هـ - 2000م، المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1.

أبن عجيبة، أحمد بن محمد بن عجيبة الحسيني، 2011م، العمدة في شرح البُردة، تحقيق عبد السّلام العمراني الخالدي العرائشي، دار الكتب العلمية، بيروت_ لبنان، ط1.

ابن عقيل، عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني المصري، 1400هـ - 1980م، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث - القاهرة، دار مصر للطباعة، سعيد جودة السحار وشركاه، ط20.

ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، أبو الحسين، 1406هـ_ 1986م، أبو الحسين، مجمل اللغة لابن فارس، تحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرسالة – بيروت، ط2.

ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، أبو الحسين، 1418هـ-1997م، الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، الناشر: محمد علي بيضون، ط1.

ابن مالك، محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين، 1410هـ - 1990م، شرح التسهيل الفوائد، تحقيق: د. عبد الرحمن السيد - د. محمد بدوي المختون، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1.

أبن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري، 1414هـ، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ط3.

ابن هشام، أبو محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الأنصاري، 1996م، شرح قطر الندى وبل الصدى، تحقيق إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت_ لبنان، ط 1.

ابن هشام، عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، 1985م، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، دار الفكر – دمشق، ط6.

ابن يعيش، بعيش بن علي أبو البقاء، (د.ط)، (د.ت)، شرح المفصل في صناعة الإعراب، تصحيح وتعليق مشيخة الأزهر وجماعة من العلماء المطبعة المديرية – القاهرة.

أبو البقاء، أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، (د.ط)، (د.ت)، الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق عدنان درويش - محمد المصري، مؤسسة الرسالة – بيروت.

أبو العرفان محمد بن علي الصبان الشافعي، 1417هـ -1997م، حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان، ط1.

أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي، 1418هـ - 1998م، ارتشاف الضرب من لسان العرب، تحقيق: رجب عثمان محمد، مراجعة: رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط1.

أبو علي القالي، إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان، 1975م، البارع في اللغة، تحقيق: هشام الطعان، مكتبة النهضة _بغداد، دار الحضارة العربية _بيروت، ط1.

أحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمي، (د.ط)، (د.ت) جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، تحقيق: لجنة من الجامعيين، مؤسسة المعارف، بيروت.

أحمد خضر حسنين الحسن، 1437هـ _ 2016م، أسلوب الشرط معناه ودلالته بين النحويين والأصوليين، الدار العالمية للنشر والتوزيع، محطة مصر_ الإسكندرية، ط1.

الأخفش، أبو الحسن المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، المعروف بالأخفش الأوسط،،1411هـ_ 1990م، معاني القرآن، تحقيق: الدكتورة هدى محمود قراعة، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1.

الأزهري، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور، 200م، تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1.

الاستراباذي، محمد بن الحسن الرضي الاستراباذي،1421هـ _ 2000م، شرح كافية ابن الحاجب، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، عالم الكتب، ط1،

الإمام عبد الله ابن أحمد الفاكهي النحوي المكي،1414هـ _ 1993م، شرح كتاب الحدود في النحو، تحقيق: المولي رمضان أحمد الدسري، مكتبة وهبة، القاهرة، ط2.

الخربوتي، سيد عمر بن احمد آفندي الحنفي،1443هـ _ 2013م، قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة، مكتبة المدينة: كراتشي باكستان، ط1.

الرازي، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، 1399هـ _ 1979م، مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر.

الرماني، علي بن عيسى بن علي بن عبد الله، أبو الحسن الرماني المعتزلي، (د.ط) ، (د.ت)، معاني الحروف، تحقيق: عبد الفتاح إسماعيل شلبي، دار الشروق.

الزبيدي، محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي،1385هـ_ 1965م، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: جماعة من المختصين، وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.

الزجاج، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج،1408هـ_ 1988م، معاني القرآن وإعرابه، تحقيق: عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب – بيروت، ط1.

الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، 1408هـ _ 1998م، أساس البلاغة، تحقيق محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1.

الزمخشري، ابو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، 1993م، المفصل في صنعة الإعراب، تحقيق: د. علي بو ملحم، مكتبة الهلال – بيروت، ط1.

السامرائي، فاضل صالح السامرائي،1420هـ - 2000م، معاني النحو، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – الأردن، ط1.

سراج الدين الحنبلي، أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي، 1419هـ -1998م اللباب في علوم الكتاب، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت _ لبنان ط1.

السكري، الامام ابي سعيد السكري، ديوان كعب بن زهير، 1410هـ_ 1989م، شرحه ودرسه: مفيد قميحة، دار الشوّاف للطباعة والنشر، الرياض_ المملكة العربية السعودية، ط1.

سليمان فياض، 1316هـ_ 1995م، النحو العصري دليل ضبط قواعد اللغة العربية، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط1.

سيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، 1408هـ _ 1988م، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3.

شرف الدين أبي عبدالله محمد بن سعيد، ديوان البوصيري، 1426هـ_ 2005م، تحقيق احمد حسن بسج، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت_ لبنان، ط2.

الشلوبيني، أبو علي الشلوبيني، 1401هـ_ 1981م، التوطئة، تحقيق: يوسف أحمد المطوع، بلد النشر: الكويت، ط1.

الصاحب بن عباد، كافي الكفاة، الصاحب، إسماعيل بن عباد، المحيط في اللغة، تحقيق: محمد حسن آل ياسين، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1414هـ - 1994م

عباس حسن، (د.ت)، النحو الوافي، دار المعارف، ط15.

عبد الرحمن الحاج صالح، بحوث ودراسات في علوم اللسان، 2007م، موفم للنشر، الجزائر، ط1.

عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، شرح صحيح ابن خزيمة، مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية،  http://www.islamweb.net ، 4/5

عبد الله بن صالح الفوزان، دليل السالك إلى ألفية ابن مالك، دار المسلم للنشر والتوزيع بالرياض: 1416 هــ

العنزي، عبد الله بن يوسف بن عيسى بن يعقوب اليعقوب الجديع العنزي، 1428هـ - 2007م، المنهاجُ المختَصر في عِلمي النَّحو وَالصَّرف، مؤسَسَة الريَّان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط3.

الفارابي، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي،1407هـ‍ - 1987م، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين _بيروت، ط4.

الفارسي، أبو علي الحسن بن أحمد الفارسيّ، 1416هـ_ 1996م، الإيضاح، تحقيق: كاظم بحر المرجان، عالم الكتب، بيروت_ لبنان، ط2.

الفارسي، أبو علي النحوي الفارسي، (د.ط)، (د.ت)، المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات، تحقيق: صلاح الدين عبد الله السينكاوي، مطبعة العاني_ بغداد.

الفيروزآبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى،1426هـ _ 2005م، القاموس المحيط، تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسُوسي _بيروت_ لبنان، ط8.

الفيومي، أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس، (د.ط)، (د.ت)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية – بيروت.

كراع النمل، علي بن الحسن الهُنائي الأزدي، أبو الحسن، 1988م، المُنَجَّد في اللغة (أقدم معجم شامل للمشترك اللفظي) تحقيق: دكتور أحمد مختار عمر، دكتور ضاحي عبد الباقي، عالم الكتب، القاهرة، ط2.

كوني، عبد الرحمن بن عوف كوني،1443هـ -2016م، علو الكعب الأدبي شرح وإعراب قصيدة كعب بن زهير الصحابي (بانت سعاد)، دار الميراث النبوي للنشر والتوزيع.

المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، 1979م المقتضب، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، جمهورية مصر العربية، القاهرة، ط2.

المبرد، محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس، 1417هـ - 1997م، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي – القاهرة، ط3.

محمد طاهر حمصي، 1424هـ_ 2003م، من نحو المباني إلى نحو المعاني بحث في الجملة وأركانها، دار سعد الدين، عين الكرش، دمشق، ط1.            

محمود فهمي حجازي،1401هـ_ 1981م، الجملة الشرطية عند النحاة العرب، مطابع الدجوي_ القاهرة، ط1.

المدائني، أبو حامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المدائني، 1418هـ – 1998م، شرح غبن أبي الحديد على نهج البلاغة، تحقيق: محمد عبد الكريم النمري، دار الكتب العلمية، بيروت_ لبنان، ط1.

المرادي، أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم،2008م، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، تحقيق عبد الرحمن علي سليمان، دار الفكر العربي، ط1.

المرادي، أبو محمد بدرالدين حسين بن قاسم بن عبدالله المرادي، 1413هـ-1992م، الجنى داني في حروف المعاني، تحقيق: دكتور فخرالدين قباوة ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية-بيروت، ط1.

النحاس، أبو جعفر النَّحَّاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي النحوي، 1424هـ ، إعراب القرآن، تحقيق: عبد المنعم خليل إبراهيم، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1.

نخبة من اللغويين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، 1392هـ 1972م، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وصَوَّرَتْها: دار الدعوة بإستانبول، ودار الفكر ببيروت (د.ط).

 

المجلات العلمية

أبو سمعان، د. محمد حاتم عبد المعطي أبو سمعان، ديسمبر 2022م، الدلالات الثواني العميقة للأسلوب البلاغي في حديث ضيف إبراهيم المكرمين، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، العدد 30.

بلال، عياش، د. ضحى عادل بلال، د. ثناء عياش، محرم 1440هـ _ أكتوبر2018م، التشكيل التصويري في مقدمة قصيدة المديح النبوي عند صفي الدين الحلي - دراسة تحليلية، جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل - كلية الآداب، قسم اللغة العربية، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، العدد: 22.

البياري، مراد، 2021م، الزمن النحوي للفعل الماضي دراسة تطبيقية لبعض أدوات الشرط مع الفعل الماضي في الحديث النبوي الشريف، الجامعة الأردنية، دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلّد 48، العدد 4.

حداد، نبيل يوسف صالح،2018م، ثنائية الخوف والشجاعة: مغامرة مبكرة في الخطاب القصصي، بحث منشور في مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، الأردن، مج.15، العدد،1

عليوه، بديع فتح الله عليوه، ديسمبر 2022م، الثنائيات الضِّدَّية في قصيدة الكواكب الدرية في مدح خير البرية والمعروفة بالبردة، قسم الأدب والنقد، بحث منشور في مجلة كلية اللغة العربية بالمنوفية، جامعة الأزهر، العدد: 37.

المؤيّد، د. فائزة بنت عمر المؤيَّد، تموز1427هـ، حروف المعاني المركَّبة وأثر التركيب فيها، بحث منشور في مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، العدد: 22.

الرسائل والأطاريح:

رحالي حسيبة، 2017م_ 2018م، دلالات التراكيب الشرطية في المعلقات دراسة بلاغية، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، قسم اللغة العربية.

عباس، عبد الرؤوف، 2008م _ 2009م، جواب الشرط وجواب الأمر في اللغة العربية دراسة بلاغية تركيبية مقارنة، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير، كلية الآداب واللغات، قسم اللغة العربية، جامعة الجزائر.

عبد الله محمد أدم،1997م، أساليب الشرط في القرآن الكريم، وهي أطروحة دكتوراه مقدمة لجامعة الأزهر الشريف بمصر.

فاطمة كوثر أحمد صالح، 1446هـ_2024م، دلالات التراكيب في شعر جاسم محمد جاسم، أطروحة دكتوراه في فلسفة اللغة العربية، إشراف الدكتور محمد محمود سعيد، جامعة الموصل، كلية التربية للعلوم الإنسانية، قسم اللغة العربية.


 

 

 

پوختە:

شێوازێ مەرجی دھێتە ھژمارتن ژ شێوازێن نڤیسینێ د زمانێ عەرەبیدا، ئەڤ شێوازە ژ ئالاڤێن پێكڤەگرێدانا د ناڤبەرا پێكھاتەیێن زمانیدا پێك دھێت، ئەوژی ئێك كارێ مەرجیە و یێ دووێ بەرسڤدانە ل سەر ئەوێ مەرجیێ، رامانێن ئەوێ ھەمەجۆر دبن ئەڤێن كو ئەڤ ئالاڤێن ھە  د ناڤبەرا ئەوان پێكھاتەیێن زمانیدا بكاردئینیت، دەرئەنجامێ ھەمەجۆریا ئەوێ د ناڤبەرا ناڤی و پیتێدا، ژلایێ كاریڤە بۆ دیاركەری و نە دیاركەریدایە، ئەڤ چەنداھە شێوازێ مەرجی جودا دكەت ژ شێوازێن دیترێن ئاخڤتنێ یێن عەرەبی و كارتێكرنێ ل سەر دەروونێ ئاخڤتنكەری و گوھداری دكەت، ئەڤ كارتێكرنا ھە ژلایێ ھیڤیا ئەنجامدانا كاری داخوازی یانژی ھێلانا ئەوی كاری یا جودایە، مە  د ئەڤێ لێكولینێدا رووناھی بەردایە سەر رامانا پێكھاتەیێن مەرجی د بردەیێن كعب بن زھیر و الامام البوصري یدا؛ ل دەمێ لێكولینا ئەڤان پێكھاتەیان و شرۆڤەركرنا ئەوان و ھەڤبەركرنا ئەوان د ناڤبەرا ئەواندا د بردەیاندا و پاشی خالێن رێكەفتنێ و جوداھیێ د شیانا بكارئینانا رامانا ئەڤان پێكھاتەیاندا دا دیاركرن داكو بگەھیتە مەرەما ئەوی یا بنەرەتی ژ ڤەھاندنا ئەڤێ بردەیێ، پشت بەستن ل سەر لایەنێ پراكتیكی دكرن د شرۆڤەكرنا نموونەیێن ھەلبژارتی ژ دێرێن ھوزانێ ژ بردەیان، كو برێكا ئەوێ ئەم گەھشتنە گەلەگ ئەنجامان كو جوداھیێ د ناڤبەرا ھەردوو بردەیان دەتە دیاركرن ژلایێ دركاندنێڤە و رامانا پێكھاتەیا مەرجی ئەڤا كو د ناڤبەرا مەزنكرنێ، زێدەروویێ، دووپاتكرنێ، بێرێزیێ، قەدەغەكرنێ، پەشێمانیێدا یا ھەمەجۆر بوو، گەلەك رامانێن دیتر، ژبلی لایەنێ زارەكی كو د لێكولینێن كەڤن و نوودا بۆ شێوازێ مەرجی ھاتیە، كو ئەوژی گەلەك لێكولینان بخۆڤە دگریت بۆ ئەڤی شێوازی  د گەل بكارئینانا بەرفرەھ د ناڤبەرا عەرەبێن كەڤن و نوودا و بەربەلاڤبوونا ئەوێ د ئاخڤتنێن ئەواندا، بۆ لێگەریانێ پشت بەستن ل سەر لێكولینا زارەكی یا پراكتیكی دكر.

پەیڤێن راماندار:

كارێ مەرجی: بەرسڤا مەرجی، ئالاڤ، دیاركری، نە دیاركری.   

 

MEANING OF CONDITIONAL SENTENCE IN THE BURDAT OF KA'B BIN ZUHAIR AND IMAM AL-BUSIRI

ABSTRACT:

The conditional style is one of the important styles of composition in the Arabic language, because this style contains tools that link two linguistic structures, the first is the conditional verb and the second is the answer to that condition. The meanings that these tools perform vary between those linguistic structures as a result of their diversity between nominal and literal, and in terms of work to decisive and non-decisive. This is what distinguishes the conditional style from other Arabic speech styles and gives it a distinct psychological impact on the soul of the addressee or listener. This effect differs in terms of urging to do the command, or urging to leave it. In this study, we examine the semantic function of conditional structures in the Burdah of Kaʿb ibn Zuhayr and that of Imam al-Busiri. We analyze and compare these structures in both poems, highlighting the similarities and differences in how conditional expressions are used to serve the poets' intended purposes. The analysis is based on a selection of poetic verses from the two Burdahs, through which we arrive at several findings that illustrate the differences in lexical choices and the semantic range of the conditional expressions, including meanings such as glorification, magnification, exaggeration, emphasis, diminution, prohibition, regret, and others. In addition to the theoretical side of what was mentioned from the old and modern studies of the conditional style, which are many studies due to the wide use of this style among the Arabs in ancient and modern times and its prevalence in their speech, so the research was based on the theoretical and applied study.

KEYWORDS: Conditional Verb, Conditional Answer, Tool, Decisive, Non-Deterministic.



* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)