البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم من خلال كتاب "أخبار سلاجقة الروم- مختصر سلجوقنامه" المنسوب لابن بيبي

عثمان عبدالكريم عمر *1 و أحلام عابد حسين البرواري 2

1 كلية التربية الأساسية، جامعة زاخو، إقليم كردستان-العراق. (othman.omer@uoz.edu.krd)

2 أعدادية آواز للبنات، مديرية تربية دهوك الغربية ، وزارة التربية، إقليم كردستان-العراق. (ahlam.barwari72@gmail.com)

تاريخ الاستلام: 04/2024             تاريخ القبول: 09/2024    تاريخ النشر: 1/2025  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2025.13.1.1438  

الملخص:

تعد دولة سلاجقة الروم(1) إحدى الدول الإسلامية التي حكمت آسيا الصغرى زهاء القرنين ونصف القرن (470-704ه‍/1074-1307م)، اتسم خلالها سلاطين السلطنة بالبذخ والترف لما كان يدرُّ عليهم أموال طائلة من فتوحاتهم وتوسعاتهم على حساب البيزنطيين والقوى المجاورة، فأبدوا السخاء الجزيل في إغداق الهدايا والعطايا على حكام الاطراف ورسلهم أثناء زيارتهم لهم، وكانوا يدرُّون أموالا طائلة على القادة والأمراء اثناء انتصاراتهم وفتوحاتهم للقلاع الارمنية والمدن البيزنطية ويقيمون الاحتفالات واللهو والطرب فضلاً عما كانوا يسرفونه من أموال وهدايا في مناسبات الزواج وما إلى ذلك، لذا سلطت هذه الدراسة الضوء على ظاهرة البذخ والترف الذي مارسه سلاطين سلاجقة الروم في بلاد الاناضول من خلال مصنف أخبار سلاجقة الروم "مختصر سلجوقنامه" المنسوب لأبن بيبي وهو في الأصل مختصر لكتاب "الأوامر العلائية في الامور العلائية".

الكلمات المفتاحية: بن بيبي، سلاجقة الروم، البذخ والترف،سلاطين.


المقدمة

تكاد لا تخلو دولة من الدول الاسلامية القائمة في القرون الوسطى إلّا ولحكامها تاريخ حافل بالبذخ والترف والعظمة، وتكاد تكون سمة من سمات تلك العصور ومن ضمنهم سلاطين سلاجقة الروم، حيث اتسمت حياتهم عموماً بالبذخ والترف ايام حكمهم لبلاد الاناضول(آسيا الصغرى) والتي باتت تحت سيطرتهم بعد انتصارهم على البيزنطيين في معركة "ملاذ كرد"(2) سنة 463ه‍/1071م، ويعد عهد السلطان "علاء الدين كيقباد" (616-634ه‍/1219-1237م) من أكثر العهود المترفة في تاريخ السلطنة كونه كان أشهر وأعظم سلاطين سلاجقة الروم فضلاً عن الأموال الطائلة التي كانت تدر الى خزينة الدولة .

من بديهيات الكتابة التاريخية عندما يختص البحث بكتاب معين (كما هو الحال في بحثنا) التعريف بالمؤلف والكتاب وبحكم أن كتاب "أخبار سلاجقة الروم- مختصر سلجوقنامه" قد أختصره شخص مجهول عن كتاب "أخبار سلاجقة الروم- سلجوقنامه" لأبن بيبي وحذف من الكتاب الشعر والمحسنات البديعية من دون المساس بالأحداث والنصوص التي كتبها ابن بيبي لذا أرتأينا التعريف بأبن بيبي ولذلك جاء عنوان البحث"البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم من خلال كتاب أخبار سلاجقة الروم-مختصر سلجوقنامه المنسوب لأبن بيبي"

            كان ابن بيبي من رجال البلاط السلجوقي وبحكم موقعه في إدارة دواوين الدولة نال الحظوة لدى سلاطين سلاجقة الروم وكان من المنعمين في قصور السلطنة اختص كتابه بأخبار سلاطين سلاجقة الروم، ومن ثم أولت هذه الدراسة عناية عن كثب بمظاهر الحياة المترفة للسلاطين وكشف من خلال رواياته ظاهرة البذخ والترف الذي عاش فيه سلاطين سلاجقة الروم، ويعود أهمية هذا الموضوع كون أن ابن بيبي المتفرد في الكتابة عن البذخ والترف لدى السلاطين بحكم موقعه من السلطة كما ذكر في البداية، وقد تضمنت هذه الدراسة ثلاثة مباحث، يتناول المبحث الاول حياة ابن بيبي ومنهجه التاريخي، أما المبحث الثاني يتطرق الى اسباب ودوافع البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم، في حين ركز المبحث الثالث والاخير على مجالات البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم، في هذه الدراسة وبحكم الطابع المنهجي للموضوع، فقد تم الاستشهاد بشكل خاص على كتاب "ابن بيبي" ناهيك عن بعض المصادر والمراجع الإخرى لمتطلبات المنهجية التاريخية .

        تجدر الإشارة بالقول ان في هذا البحث قد اعتمدنا بشكل خاص على كتاب "أخبار سلاجقة الروم- مختصر سلجوقنامه" وبالتالي لم نقم بإجراء دراسة مقارنة مع مصادر معاصرة ومماثلة له، وإنما اعتمد البحث على النصوص الواردة في الكتاب المذكور.

 

 

المبحث الاول/ سيرة ابن بيبي الذاتية ومنهجه التاريخي

أ- ترجمة ابن بيبي

لا تسعفنا المصادر التاريخية بمعلومات عن حياة ابن بيبي غير ما ذكره هو في مصنفه "أخبار سلاجقة الروم-سلجوقنامه" والذي يتعلق في الغالب بوالديه، ولكن الشيء المؤكد أنه عاصر السلطان "علاء الدين كيقبادالأول" فمن المحتمل أنه ولد في السنوات الأخيرة من القرن (6ه‍/12م) أو في بداية القرن (7ه‍/13م) وأنه كان على قيد الحياة إلى سنة 679ه‍/1282م، وهي السنة التي انتهى فيها من كتابة مصنفه (دانشنامه بزرك اسلامي، ج3، ص993) ولم يشر فيها الى مكان ولادته أو نشأته أو تعليمه، وكان بداية حديثه عن نفسه وعائلته عندما رآهم الأمير "كمال الدين كاميار"(3) سفير السلطان "علاء الدين كيقباد " في بلاد خوارزم ثم لجوئهم الى بلاد الشام ثم رحيلهم الى الأناضول، فأسمه هو "حسين بن محمد بن علي الجعفري الرغدي" الملقب " بالامير ناصر الملة والدين  "(ابن بيبي ،1385 ص19) يكنى ب‍ "ابن بيبي" عاش في القرن (7ه‍/ 13م). ابن بيبي أديب ومؤرخ فارسي الأصل، عاش في بلاد الاناضول، ينحدر من جهة والدته من اسرة مثقفة من نيسابور (معجم الاسلام التاريخي، 2009م، ص26)، عرف واشتهر ب‍ "ابن بيبي" أو "ابن المنجمة" أو "ابن الأميرة المنجمة" (ابن بيبي ، 1385‍ه‍، ص19) نسب لوالدته لأنها كانت اشهر من والده بسبب معرفتها بعلم التنجيم، الأمر الذي جعل منها أن تحظى بمكانة مرموقة لدى حكام ذلك العصر وهي بنت "كمال الدين السمناني" رئيس أصحاب الشافعي في نيسابور (دانشنامه بزرك اسلامي، ص993)، كانت مقربة من سلاطين خوارزم لبراعتها في علم الفلك والتنجيم فلاحظ ذلك الامير السلجوقي " كمال الدين كاميار" اثناء سفارته الى السلطان "جلال الدين خوارزمشاه"(4) 617 -628ه/1220-1230م" ووجدها مرجوعاً اليها في احكام النجوم، وبعد عودته عرض هذه الحكاية على السلطان "علاء الدين كيقباد" والذي بدوره تطلّع الى رؤيتها، وبأنهزام الخوارزميون أمام المغول في اطراف آمد سنة 627ه‍/ 1230م وما حل بالسلطان "جلال الدين خوارزمشاه" من هزيمة انتهى أمر بيبي وزوجها الى دمشق في ضيافة الملك "الاشرف الايوبي" (626-635ه‍/ 1229-1237م)  فأرسل السلطان كيقباد رسولاً لاستدعائهما الى بلاد الروم، فغادرت الأسرة بلاد الشام متوجهة الى قونية (5) واستقرت فيها وباتت من المقربين للسلطة، خاصة عندما تنبأت "بيبي" بأنتصار العسكر السلجوقي على الجيش الايوبي في مدينة خرتبرت باليوم والساعة (مجهول، د. ت، ص234) حينها طلب السلطان مقابلتها ولما دخلت قال:" وافق حكم بيبي خاتون القدر الرباني" وامر بخلعة لها وتحقيق ما تتمناه فطلبت إسناد ديوان الانشاء الخاص بالسلطان لزوجها " مجد الدين محمد " (ت670ه‍/ 1273م) (ابن بيبي، 1385‍‍‍ه‍، ص21) الذي كان من كبار أسياد "كورسرخ"  في مدينة جرجان وكان مقرباً من ادارة السلطان "جلال الدين خوارزمشاه"، تقلد منصب الحاجب في ديوان "شمس الدين الجويني" (ت:661‍ه‍/1262م) في وقت لاحق، وعندما عين في البلاط السلجوقي عين مستشاراً ثم حصل على منصب مترجم ( على أكبر ديالت، د.ت، ص993) فأصبح ملازماً للسلطان أينما حل وارتحل وأسند اليه مهمة حمل الرسائل الديوانية للسلطان الى حكام الدول (مجهول، د.ت، ص235) فأصبح يلقب ب‍"مجد الدين الترجمان" (ابن بيبي، 1385ه‍، ص19).

ب- كتاب أخبار سلاجقة الروم "مختصر سلجوقنامه"

كتب المؤلف المجهول في مقدمة كتابه "... أن كتاب سلجوقنامه كتاب عديم النظير فقيد المثل، من منشأت الصدر العلامة نادرة الزمان ملك الطغرا(6) ناصر الملة والدين يحيى بن محمد المعروف بابن البيبي دامت فضائله ..." ( مجهول، د.ت، ص1) اشتهر ابن بيبي بكتاب "سلجوقنامة" ويطلق عليه "تاريخ ابن بيبي" ويعد أشهر وأهم كتب التاريخ التي كتبت عن تاريخ سلاطين سلاجقة الروم، ويتضمن مجلد واحد.

تجدر الإشارة الى أن المصادر التي كتبت عن السلاجقة بشكل عام وسلاجقة الروم بشكل خاص يكتنفها الغموض، فضلاً عن أن المصادر التي كتبت عنهم أغلبها كتبت من قبل رجال البلاط السلطاني والتي غلبت عليها صفة الشعر والأدب والسجع والمدح والتي طغت على الحدث التاريخي ومن تلك المصادر "سلجوقنامه"  وسمي بمختصر سلجوقنامه لانه اختصار للكتاب الذي يتألف من (744) صفحة اختصرت الى (337) صفحة، اختصره شخص مجهول الهوية من القرن (7ه‍/13م) حذف ما فيها من المحسنات البديعية اللفظية واقتصر على وصف الوقائع والاحداث التاريخية من دون المساس بالنصوص(مجهول، 2007م، ط2، ص2) للكتاب اهمية خاصة نظراً لأنه يؤرخ لأحداث ووقائع سمعها وشارك فيها، فضلاً عن كونه أحد رجال البلاط السلجوقي الذي عاصر الاحداث، ونظرا لصلته الوثيقة بالسلاطين وقيامه بالأعمال الادارية في دواوين الدولة.   

على الرغم من أن تأسيس دولة سلاجقة الروم تعود الى سنة 470ه‍/1073م، إلا أنه بدأ بكتابة مصنفه من أحداث سنة (588ه‍/1191م) أواخر عهد السلطان قليج أرسلان الثاني خامس سلاطين سلاجقة الروم وحتى سنة (679ه‍/1280م) بداية عهد السلطان غياث الدين مسعود الثاني، حيث أشار في مقدمة كتابه أنه لا يمكنه الاعتماد على اقوال النقلة واقاصيص السمار لبعد عهدهم من تلك الاحداث فضلا عما في اقوالهم من تباين واختلاف (مجهول،2007م، ط2، ص2) توجد المخطوطة الاصلية للكتاب باللغة الفارسية في مكتبة اياصوفيا طبعت في عام 1956م على شكل تصوير فوتوغرافي من قبل عدنان صادق أرزي، وفي عام 1957م طبعت من جديد من قبل عدنان صادق ارزي ونجاتي لوغال، وفي عام 1902م نشر مختصر سلجوقنامه في برلين من قبل هوتسما(صادق آينه وند، 1428، ص7) ونشرت من قبل الدكتور محمد جواد مشكور بعنوان "أخبار سلاجقة الروم"به انضمام مختصر سلجوقنامه ابن بي بي.

 ج- أسباب تأليف الكتاب

ألف ابن بيبي الكتاب بناءاً على طلب "علاء الدين عطا ملك الجويني"(ت681ه‍/ 1283م) (حاكم العراق في بغداد في العهد المغولي) عرف الجويني أهمية التاريخ وما له من قيمة في اكتساب المعرفة وفي تحقيق التواصل بين الأجيال المتعاقبة، وهو صاحب كتاب "جهانكشاي = فاتح العالم" عن تاريخ المغول (مجهول، 2007م، ط2، ص1) حيث أن المغول كانوا يولون التاريخ أهمية خاصة، وشجعوا المؤرخين على التأليف وكانوا يعتبرون وظيفة المؤرخ أشرف مهنة (هشام رضوان أحمد علي،د.ت، ص216) فكلف "الجويني" ابن بيبي بتأليف كتاب عن سلاجقة الروم  بحكم قربه من البلاط السلطاني ومعاصرته للاحداث واطلاعه على الوثائق والاسانيد (مجهول، 2007م، ط2، ص1) رغم أن الكتاب يشتمل على تاريخ كافة سلاطين سلاجقة الروم لكن ابن بيبي اختص "علاء الدين كيقباد الأول" بعنوان الكتاب عرفاناً بالجميل كونه (أي علاء الدين كيقباد) قد استدعاهم من دمشق واحتضنهم في عاصمته قونية لذلك جاء عنوان الكتاب متضمناً اسم العلائية مرتين، فالعلائية الاولى عن الجويني وتنفيذ أوامره حيث أشار في خاتمة الكتاب قائلا:"وفقا لحكم وزير وجه البسيطة ملك الوزراء علاء الدنيا والدين أبي المعالي عطا ملك بن محمد" (مجهول،د.ت، ص414) والعلائية الثانية عن "علاء الدين كيقباد" واموره بقوله:" جاء متضمنا عزائم السلطان الأعظم علاء الخلق والدين كيقباد انار الله برهانه..." (مجهول، 2007م، ط2، ص7).ولكن العنوان الأشهر للكتاب هو"سلجوقنامه"

  د- مناصبه الادارية

تقلد ابن بيبي في بلاط سلاجقة الروم منصب كاتب ديوان الانشاء (كاتب الرسائل الديوانية) الذي ورثه من أبيه الذي عمل في الادارة لدى سلاطين قونية بعد أن تخلى عن وظيفته في بلاط جلال الدين خوارزمشاه، وبعد أن كان في خدمة الملك الاشرف في دمشق ، هذه المسيرة الأسرية جعل ابن بيبي وهو رئيس الكتاب وواضع المذكرات التاريخية وشخصية مميزة تمثل تطور العالم الاسلامي التركي الايراني (معجم الاسلام التاريخي، 2009م، ص26) ويعتبر منصب كاتب ديوان الانشاء من المناصب الادارية الرفيعة في الدولة، كون القائم به ملم بدقائق الامور السياسية والادارية في الدولة.

 ه- منهجه في الكتابة التاريخية

صنف ابن بيبي تاريخه وفق حكم السلاطين والذي يغطي أحداث تسعين عاماً (588-679ه‍/1191-1283م) بدأ من حكم السلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان قليج أرسلان، تميز منهجه برواية الاحداث المتعلقة بالسلاطين وذكر اعمالهم وفتوحاتهم واساليبهم في الحكم مع الأمراء والوزراء ومع حكام الدول المجاورة، فضلا عن النزاعات الأسرية والنزاعات السياسية مع حكام الدول المجاورة، استخدم ابن بيبي في روايته للاحداث المنهج الوصفي(7) وقلما ما قام بنقد أو تحليل للاحداث التي جرت آنذاك مراعيا في كتابته للاحداث الدقة في المواقيت على سبيل المثال عندما عين "علاء الدين كيقباد ألأول" سلطانا بعد وفاة أخيه "عزالدين كيكاووس" سنة 617ه‍/1220م) وكان في ملطية قال: "وخرجوا من المدينة بعد صلاة العشاء... فوصلوا مع الصباح" (مجهول،د.ت، ص103) فضلا عن رواية الاحداث اليومية، على سبيل المثال يستخدم كثيرا عبارة" وفي اليوم التالي" (مجهول د.ت، ص66، 67، 68، 69) أو "ذات يوم" (مجهول د.ت، ص69) "وبعد ثلاثة أيام( مجهول د.ت، ص62).

ويبدو أن ابن بيبي لم يعير اهتمام بذكر السنوات عند رواية الاحداث، فلم يذكر على سبيل المثال تواريخ تنصيب السلاطين أو فتح المدن والقلاع وما الى ذلك من احداث، ويمكن القول ان التواريخ التي ذكرها لا تتعدى عشر تواريخ(8) في مصنفه.

أحيانا يخرج ابن بيبي عن الموضوع الذي هو بصدده أو بالاحرى القول يبتعد قليلا عن الموضوع، فعلى سبيل المثال عندما ذكر حادثة "ركن الدين سليمان شاه" 593-601‍ه‍/1196-1204م، وطلبه المعونة من ملوك الاطراف لغزو بلاد الكرج ومن ضمنهم "فخر الدين بهرامشاه" فأستطرد ابن بيبي في مدحه (أي بهرامشاه) وعند الانتهاء من مدحه قال:" فلنعد الى أصل الموضوع" (مجهول، د.ت، ص26) أو لنرجع الى ما كنا بصدده (مجهول، د.ت، ص142) فربما نجد مثل هذه الحالة عند اغلب المؤرخين المسلمين الذين يستطردون الحدث العرضي ثم يعودون الى أصل الموضوع.

و- اسلوبه في الكتابة 

تميز اسلوب ابن بيبي بالفصاحة واتقانه علوم اللغتين (العربية والفارسية) وآدابهما والمبالغة في استخدام المحسنات البديعية والبلاغية وربما هدفه من ذلك إظهار مهارته الادبية في سياق الكتابة وبراعته في فن الإنشاء (فاطمة الربيدي، 2014م، ص85) وقد وصف "مجهول" اسلوب ابن بيبي اللغوي في مقدمة الكتاب قائلا:" ... استخدم فيه اسلوبا بارعا وساق فيه الكلام على وجه لا قدرة لصاحب صنعة على مجاراته..." (مجهول، د.ت، ص1) ويتضح من قراءة مصنف ابن بيبي انه استخدم النثر الفني والمصطنع والذي يقوم على:" ترتيب الكلام وملاءمة الالفاظ والمعاني كإحضار السجع والتوازن والامثال، والمبالغة والغلو في الوصف باستخدام المترادفات اللفظية، وإيراد جمل متوازنة وتضمين آيات قرآنية، وأحاديث نبوية وأخبار وأشعار وأمثال للاستشهاد بها، والإستفادة من مصطلحات العلوم في بيان التعبيرات والبدائع اللفظية والمعنوية" (هشام رضوان، د.ت، ص211) وتكاد لا تخلو صفحة من صفحات كتابه إلا بذكر آية قرآنية فعلى سبيل المثال عندما وصف جمال السلطان عزالدين قليج ارسلان الثالث 601-602/1204-1205م ، قال عنه :"وكان في الحسن بغير قرين" (مجهول،د.ت، ص64) فأستشهد بآية قرأنية {وصوركم فأحسن صوركم} سورة غافر الآية 64، وأيضا استشهد بأبيات شعرية سواء كانت من شعره أو شعر غيره(9) كأن تكون مدح أو رثاء أو وصف البلاد فعلى سبيل المثال شعره لكيقباد:" إن كانت النبوة قد ختمت بخاتم الشرع، فقد ختمت به السلطنة دون السلاطين" (مجهول،د.ت، ص115) فضلا عن استخدامه التشبيهات اثناء رواياته التاريخية على سبيل المثال عند تسلم ركن الدين القاهر سليمان شاه الثاني ابن قليج ارسلان الثاني الحكم (594-601ه‍/1196-1204م)، قال عنه ابن بيبي: "وعند دخول السلطان ركن الدين من بوابة قونية...اضفي على العرش الملكي بعظمة قدومه رسما وجمالا كسرويا" (مجهول،د.ت، ص22) كما يبدو أن انفعالاته اتجاه الروم كانت واضحة في كتاباته كقوله "... فمد أرامنة سيس... أباد الله حالهم." (مجهول،د.ت، ص296) وعندما اعلن سكان انطاليا الروميين التمرد والعصيان على السلطنة أطلق عليهم ابن بيبي (كفار انطاليا) (مجهول،د.ت، ص62) " وأيضاً...وتغنى المطربون بزوال دولة الكفار"(مجهول،د.ت، ص170) فضلا عن استخدامه أحيانا كثيرة كلمة "أجل" (مجهول،د.ت، ص316) لتوثيق أو للتأكيد على صحة رواياته.

ي- مصادره

بحكم وظيفة ابن بيبي وقربه من شخصيات البلاط السلطاني واطلاعه على الاحداث أثر في كتاباته بأعتماده على الروايات الشفوية من مجالسته للسلاطين ورجالات الدولة السلجوقية، يبدو أن ابن بيبي قد اعتمد  في رواياته على ما شاهده وسمعه (مجهول،د.ت، ص414) وقلما اعتمد على المصادر الكتابية  حسب ما ذكره في المقدمة قائلا: "... ومن المتعذر تماما وجود الكتب التي ارخت لذلك العصر...) (مجهول،د.ت، ص2) والدلائل التي تشير أنه اعتمد على بعض الاشخاص في رواياته قليلة، حيث أنه لم يذكر اسمائهم ولم يحددهم كقوله: " قد نقل الينا من أفواه الثقاة" (مجهول،د.ت، ص271) ويبدو أن والده كان من المصادر الرئيسية الذي اعتمد عليه بحكم وظيفته كمبعوث من قبل السلطة الى الحكام رغم أنه لم يذكر قيام والده بالسفارة غير مرة واحدة أو مرتين في مصنفه حيث يذكر أنه أرسل من قبل "غياث الدين كيخسرو" ابن "علاء الدين كيقباد" الى خوارزم لما كان له من حظوة في عهد السلطان "جلال الدين خوارزمشاه" وعلى أنه كانت لديه كلمة مسموعة في تلك البلاد، وأيضا كان والده من ضمن المبعوثين الذين ذهبوا لخدمة الخان المغولي (مجهول،د.ت، ص299)، فبدون شك أن والده كان ينقل له اخبار تلك السفارات، وبحكم وظيفة ابن بيبي في ديوان الانشاء كان يسهل عليه الاطلاع على جميع الرسائل والمكاتبات التي ترد الى السلطنة وما يؤكد على ذلك قوله: " كتب الأمير " أسد الدين كند صطبل" قائد جند ملطية رسالة مشتملة على تفاصيل ما وقع من حكايات" (مجهول،د.ت، ص148) ويبدو من حديثه أنه قد عاين تلك الرسالة، وكذلك يمكن اعتبار "كمال الدين كاميار" والد زوجته (ابن بيبي،1968م، ص19) من الاشخاص الذين اعتمد عليهم ويتبين ذلك عند حديثه عن الامراء الذين فروا من "علاء الدين داوود باشا" الى "علاء الدين كيقباد" قائلا:" ... حظوا بالمودة الكاملة... وعين كل واحد منهم اقطاعات مشبعة مغنية بأقتراح كمال الدين كاميار (مجهول،د.ت، ص177)، وأيضا يذكر المفاوضات التي جرت بين "رسودانا" ملكة الابخاز وبين كاميار بشكل تفصيلي لإبعاد حملة علاء الدين كيقباد عن بلدها وأنه في نهاية المفاوضات طلبت الملكة بتزويج ابنتها لغياث الدين كيخسرو ابن علاء الدين كيقباد (مجهول،د.ت، ص222) وما يؤكد ذلك قوله: " وقد نما الى سمع الامير كمال الدين كاميار..." (مجهول،د.ت، 232)  وكذلك يبدو أنه اعتمد في بعض الاحداث على الامير "جلال الدين محمد قراطاي" نائب السلطنة (ت658ه‍/1260م)  كقوله: " روى الأمير الكبير جلال الدين قراطاي..." (مجهول،د.ت، ص113) رغم ذلك فأبن بيبي لم يشير في مصنفه أنه نقل حدث ما من شخص بعينه بشكل واضح وصريح.

المبحث الثاني/ اسباب ودوافع البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم

  أ- كثرة ايرادات الدولة

لقد اعتمدت السلطنة على المصادر المالية التي كانت تدرُّ عليهم عن طريق الجزية والخراج المفروضة على أتباعهم في وارداتها والتي كان يتم تحصيلها من فتح البلدان والامصار والقلاع، فقد كانوا يحصلون على الاموال والاراضي والعسكر والقطعان ما لا يحصر، فقد حصلوا على أموال كثيرة خاصة عند فتح قلاع الارمن ففي عهد السلطان "عز الدين كيكاوس" حصلوا على غنائم ليس بوسع ظهر الارض حملها من خيول وبغال واسرى (مجهول،د.ت، ص78) فضلا عن تعهد حاكم الارمن "ليفون تكور" بمضاعفة الخراج وارسال عشرون الف دينار كل سنة مع التحف والاحمال واداء خراج العام الماضي (مجهول،د.ت، ص79)، وفي عهد علاء الدين كيقباد الأول تعهد حاكم الارمن بارسال ألف فارس وخمسمائة قواس في كل سنة، فضلا عن سك العملة بألقاب السلطان كيقباد ومضاعفة الخراج (مجهول،د.ت، ص173)، وعندما فتح علاء الدين كيقباد الأول قلعة (العلائية) حصلوا على الكثير من المزارع والمصانع والذخائر التي اصبحت فيما بعد من ممتلكاتهم  (مجهول،د.ت، ص125)، وحصلوا على الكثير من الغنائم بفتح خرتبرت اضافة الى انضمام خمسة الاف فارس من جيش الشام الى عسكر السلطان (مجهول،د.ت، ص233) وكانت  واردات فتح حران والرها والرقة وتوابعها من الاموال والخزائن ما لا حصر لها، والتي قاموا على شحنها في صناديق وارسالها الى خزانة السلطنة (مجهول،د.ت، ص238) ولكثرة ما كانت ايرادات الدولة من فتح الاراضي واسعة ووفيرة قال ابن بيبي:" وكان فصل الخريف قد حل حين فرغ الأمراء من مهام الفتوحات... وكانت الأشجار قد تعودت على نثر الذهب بدلا من الفضة..." (مجهول،د.ت، ص172).

ب- التأثر بملوك بيزنطة

يبدو أن سلاطين سلاجقة الروم قد أخذوا عيشة البذخ والترف من ملوك بيزنطة فعندما زار السلطان السلجوقي "قليج ارسلان الثاني" بلاط الامبراطور البيزنطي "مانويل كومينين" عام557ه‍/ 1161م، ليقدم له الطاعة والولاء كان قد جيء اليه متعمدا بابهة الملوك وقضى في الامبرطورية بضعة أشهر (تامارا رايس،1968م، ص70) فلا بد أنه في تلك الفترة قد تأثر بتقاليد ملوك  بيزنطة، وكذلك السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" كان قد لجأ الى بيزنطة، الى أن أفتى القاضي "الترمذي" بحقه أنه لا يصلح بأن يكون سلطانا بعد إلتجائه الى البيزنطيين وبعد ارتكابه انواع المحرمات، حيث وصل بهم البذخ والترف حتى تساءَل الناس في الأناضول هل عاد السلاجقة إلى الوثنية والمجوسية (محمد فؤاد كوبريلي، 1967م، ص م)، فقد اعتاد علاء الدين كيقباد على شرب الخمر بعد الانتصار في الفتوحات ففي فتح قلعة (الاره تقع على طريق انطاليا) أمر بإقامة الاحتفالات العامة وشرب الخمر على أوتار الربابة والصنج (مجهول،د.ت، ص127)، وأثناء إرساله العطايا مع رسل "جلال الدين خوازمشاه" كان من ضمنها معدات الخمر(مجهول،د.ت، ص200) وايضا غياث الدين كيخسرو ابن علاء الدين كيقباد الأول قال عنه ابن بيبي:"... كان السلطان يقضي وقته في لعب الكرة والصيد وشرب الخمر" (مجهول،د.ت، ص284).

المبحث الثالث: مجالات البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم

أ-البذخ والترف عند تنصيب السلاطنة

عدَّت أيام تتويج سلطان جديد من الأعياد الهامة في عهد السلاجقة، حيث اتخذوا في ذلك التقاليد الفارسية مع اضافة العادات البغدادية الفخمة وأساليب بيزنطة الباذخة، فكان الحاكم الجديد يستقبل من قبل رجال الدين وكبار موظفي الدولة حاملي الاواني الذهبية المملؤة بالعسل وحليب الخيل بينما يقوم الموظفون الآخرون بالتجوال في شوارع المدينة وهم يوزعون المال على الناس (تامارا تالبوت رايس،1968م، ص106)  فعندما عين السلطان قلج ارسلان ( 588ه‍/1191م) ابنه غياث الدين كيخسرو سلطانا من بعده (مجهول،د.ت، ص2 ) أقام الاحتفالات وإظهر العظمة والأبهة ونثر الذهب والدراهم، واستقبل من قبل قادة الاطراف ووقفوا بجوار العرش يميناً ويساراً ونثروا ما لا حصر له من الاموال، ووصلت الخلع والتشريفات الثمينة من خزانة السلطنة الى طبقات الامراء والكبراء واستمرت الاحتفالات عشرات الايام (مجهول، د.ت، ص4 ).

وكذلك عندما تسلم الحكم "ركن الدين سليمان شاه" الحكم استقبله الاعيان والاشراف وبلغ به السخاء بتوزيع خراج الجند لمدة خمس سنوات، وسلم الذين آتو له بالخراج جائزة قدرها الفي دينار وعشرة من الخيول، وخمسة من البغال والغلمان والجواري، وخمسين نوعاً من الاثواب المختلفة، (مجهول،د.ت، ص22،23).

وعندما عين "عز الدين كيكاوس" سلطاناً سنة (608ه‍/1211م) بعد والده غياث الدين كيخسرو  استقبله أعيان مدينة قونية وجلس على العرش وقدموا مائة ألف درهم وخمسة الاف دينار رسماً لحق القدوم، وحلفوا جميعا على الولاء له وجدد السلطان للجميع ما بيدهم من وثائق الاملاك والاقطاعات وسارع بإصدار عفو عام عن المسجونين (مجهول،د.ت، ص54) وبجلوس "علاء الدين كيقباد الأول" على كرسي السلطنه بعد أخيه المذكور، منح مناشير الامارات والمناصب والاقطاعات (مجهول،د.ت، ص106) وفي طريق توجهه الى العاصمة قونية وفي أي منطقة كان ينزل فيها يقيم ضيافة ملكية من تزيين المجلس والاخذ في الطرب ومد انواع من الاطعمة وتوزيع الخلع الثمينة على الحاضرين وعلى ألأمراء (مجهول،د.ت، ص107) وأثناء توجهه الى "قيصرية"(10) ، دخل المدينة محاط بأعاظم الرجال ونُثر على السلطان الدرهم والدينار واللؤلؤ الثمين ( مجهول،د.ت، ص107)، وعند وصوله الى قونية نثر العامة كل ما يملكون لقدوم السلطان وجرى في ركابه خمسمائة من مقدمي العساكر الغزنويين والديالمة(11) والفرنج، وحمل مائة وعشرون حارساً السيوف الذهبية وامسكوا بمؤخرة سرج حصان السلطان من اليمين واليسار (مجهول، د.ت، ص109) واقيمت الاحتفالات وقدم امراء قونية هداياهم كل على قدر مكانته (مجهول، د.ت، ص110).

ب-البذخ والترف في استقبال الملوك ورسل الدول والاطراف

أظهر سلاطين سلاجقة الروم اكراماً وسخاءاً لامثيل له عند زيارة ملك أو رسل الملوك اليهم، بداية عندما اصبح "علاء الدين كيقباد الأول" سلطانا كان يطيل النظر والتدقيق في اموال الخزانة والمحافظة عليها، وينصح بعدم انفاقها الا للامور الهامة ولكن في شأن الضيوف ورسل الاطراف كان سخياً وكريماً للغاية، فعندما ارسل الخليفة العباسي "الناصر لدين الله" (575-622ه‍/1180-1225م) الشيخ" السهروردي" (ت632ه‍/1235م) ليخلع على السلطان خلعة الخلافة توجه السلطان بنفسه لاستقباله مصطحبا بجيش منظم تنظيماً باهراً وبالغ في تعظيم الشيخ واكرامه حيث أرسل له من النقود والمتاع تجاوز الحد والقياس (مجهول، د.ت، ص118) وبلغ عطاءاته للشيخ اثناء عودته الى بغداد اموال خراج النصارى والارمن مائة الف وخمسة الاف دينار من الذهب السلطاني المسكوك بالسكة العلائية من فئة الخمسمائة والمائة والخمسين مثقالا مضروبا وكمية من الامتعة برسم النفقة (مجهول،د.ت، ص119) واثناء مجئ الشيخ "محي ابن الجوزي" (ت597ه‍/1200م) الى الاناضول برسالة من الخليفة العباسي يصف "ابن بيبي" كيفية استقبال السلطان له واظهار الهيبة والعظمة قائلا: "...واستقبله السلطان بالمظلة والطبول وهو في زينة تحسده الملوك وقد زين ديوان السلطان بزينة جعلها اشبه بروضة الفردوس ووقف الامراء الكبار عن اليمين واليسار، وأخذ وزراء كيقباد "جلال الدين قيصر" بروانه بيد الضيف اليمنى و"ظهير الدين منصور" بيده اليسرى على سبيل الاعزاز والتكريم، (مجهول، د.ت، ص130) وارتدى السلطان خلعة الخليفة وجلس على العرش ونثر الامراء والقادة تحفا من الذهب ومدوا مائدة الطعام السلطاني..."، ولما سمح السلطان للرسول بالانصراف الى محل اقامته ارسل امين الخزنة في اثره خمسين الف سلطاني، ومائة ثوب ثمين، وخمسة بغال سريعة السير وعشرة خيول وخمس غلمان من الروم وعشرين الف سلطاني برسم من يرافقه من كبار الشخصيات (مجهول،د.ت، ص133)، وايضا عندما جاء رسول ملك القبجاق الى السلطان علاء الدين كيقباد الأول لايقاف الحملة التي ارسلها اليهم أمر السلطان أن يتقدم المضيفون لإنزاله في خيام الاكرام بمنتهى الحفاوة ... (مجهول، د.ت، ص163 )، وبعد انتهاء مهمة الرسول زوده بالخلع والهدايا وبخلعة من الخاص السلطاني وقلنسوة سلطانية، اضافة الى رسالة مشحونة بفنون التعاطف، ثم أنه أرسل بعد ذلك الى "سينوب وقسطمونية"(12)  من الغنائم ما لا يدركه الحصر (مجهول، د.ت، ص164 ) وبالغ السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" في اكرام الملك "الاشرف الايوبي" 626-635ه/1230-1238م، عند زيارته له وامر بخيمة ملكية يشكو الفلك من ارتفاعها ووضعها على حافة نهر جار في منطقة المروج وهيأ كافة المستلزمات من الذهب كأنها مفردات كنز بالغ الروعة وامر اكابر دولته بخدمة الملك الاشرف، وغلمان وجوههم كالشمس ذوو شعر مسكي حسب قول ابن بيبي (مجهول، د.ت، ص203،04). وعند زيارة "علاء الدين بهرامشاه" للسلطان "علاء الدين كيقباد الأول، استقبله السلطان بحفاوة بالغة وارسل له عشرة الاف دينار وحزاماً مرصعاً وقلنسوة مليئة بالجواهر وجبة ملكية نسجت بخيوط الذهب وحصان عربي (مجهول، د.ت، ص177) وفي اليوم التالي أمر بخلعة اغلى من الاولى واهداه خيول عربية مزينة بطوق ولجام من الذهب (مجهول، د.ت، ص178)، وظل عشرة أيام تقام له الاحتفالات واهداه السلطان خزانة تكفي نفقة الف ملك حسب قول ابن بيبي (مجهول، د.ت، ص179).

ج-البذخ والترف في المناسبات الاجتماعية

لقد اظهر سلاطين سلاجقة الروم البذخ والابَّهة في المناسبات الاجتماعية ولا سيما عندما كانوا يقررون الزواج، ولم يقتصر الامر على بذخ السلاطين بل كان البذخ والترف من جهة العروس ايضاً  فلما اختار السلطان "عز الدين كيكاوس" ابنة "فخر الدين بهرامشاه" زوجة له أمهله بهرامشاه ثلاثة اشهر ليجهز ابنته ما يليق ببنات الملوك، فجهز من الاحمال والنقود والمتاع  والمجوهرات وملبوسات محمولة على ظهور الخيول والبغال في قوافل ما لا يشمله الحصر (مجهول، د.ت، ص82،81 )، وكانوا يختارون كبار رجال الدولة من اجل ابلاغ اتمام مراسيم الزواج فقد ارسل بهرامشاه الصدر القاضي "شرف الدين" وكان من اكابر العلماء الى السلطان لابلاغه باتمام جهاز العروس (مجهول، د.ت، ص82)، حينها أقيمت مراسم الزواج على درجة كبيرة من الأبهة والفخامة وبرزت فيها مظاهر الترف والاسراف والمبالغة جريا على عادة بني سلجوق، وتيمناً بأقرانهم من الخلفاء والسلاطين (الربيدي، 2013م، ص226)، وقبل ان يلتقيه السلطان ارسل لاستقباله امير المجلس "مبارز الدين بهرام شاه" حتى لقيه السلطان ورأى من الاكرام ما ليس له حد واقيم الاحتفال في قصر السلطان بحضور قضاة الامصار والائمة، وكان من مظاهر الترف في تلك المناسبة وضع قطع نقدية من الذهب في اطباق من الذهب والفضة من فئة الألف والخمسمائة والمائتين والمائة والخمسين مثقالا وكانت تعبأ في سكارج السكر وتقدم للمدعوين كل حسب رتبته ومقامه في البلد، وأمر السلطان بأن تملأ بركة الماء التي تتوسط ايوان القصر بماء الورد (مجهول، د.ت، ص83)، وبعد عقد النكاح نثر الذهب بلا حد ولا حصر ومدت المائدة السلطانية في ساحة القصر ودعي اليها العوام والخواص وأرسل السلطان للقاضي "شرف الدين" الى مكان اقامته ذهباً وخلعة وبغلا مطهماً (مجهول، د.ت، ص85)، وأراد السلطان بإكرام العروس فأرسل زوجات الامراء الى ارزنجان لخدمتها واحضارها مع إرسال الامتعة والاموال والخزائن، وانعم على الحمالين وارسل ثلاثمائة خلعة مختلفة المستوى وثلاثمائة الف درهم مع خيول مطهمة لتوزيعها على الامراء والخدم والحشم وامر بتزيين المدينة عند اقتراب هودج العروس(مجهول، د.ت، ص86) وعندما خلعت الوصيفات حذاء السلطان وقعن على كنز عظيم في ذلك الحذاء، ومن ثم ارسل السلطان خمسمائة خلعة وسبعمائة الف سكة ومائة من الخيول ومائة من البغال المطهمة ومائتي من الخيول والبغال المزينة مع اطقم الملابس المنوعة لتوزيعها على الامراء ثم مثلوا جميعاً امام السلطان ومن مظاهر الأبهة الأخرى هي لبس الامراء خلع السلطان وتقبيل يده وشكره على عطاياه (مجهول، د.ت، ص87).

ولما قرر السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" خطبة "الملكة العادلية" ومصاهرة أولاد العادل ملوك الشام ( الملك المعظم والملك الاشرف والملك الغازي) اختار السلطان الأمير "شمس الدين التونبة الجاشنكير" للقيام بالمهمة وحمله خزانة كاملة (مجهول، د.ت، ص150 ) من التحف والامتعة والجواهر والمرصعات والذي قدمها في اطباق فضية وذهبية (مجهول،د.ت، ص151 ).

            وبالمقابل بالغ سلاطين السلاجقة في إكرام بناتهم ورفع قدرهن اثناء تزويجهن، فلما زوج السلطان "غياث الدين كيخسرو ابن علاء الدين كيقباد الأول" ابنته "سلجوقي خاتون" لأبن "الخان المغولي" شرع السلطان وامراء سلطنته في ترتيب جهاز العروس ليل نهار حتى اكتمل في ايام قلائل (مجهول، د.ت، ص378).

وفي مناسبة أخرى اثناء معالجة الطبيب "فاسيل الجراح" السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" وشفائه من مرض ألمّ به بعد ان يئس منه الاطباء قال: "من يشعر بالارتياح لسلامتي عليه أن يبادر بالاغداق على فاسيل " فاغدق عليه امراء الشام والروم والنسوة والخواتين وقال في ذلك ابن بيبي:"...فإذا بهذا الرجل الذي كان يشعر كل صباح بالغصة لتدبير قوت يومه يباهي قارون ويحاكي البحار والمناجم عندما حل الليل لكثرة ما تكبد أمراء الشام والروم والنسوة من الخواتين من إغداق عليه" (مجهول،د.ت، ص152).

د-البذخ في بذل العطايا والهبات (13)

عني سلاطين السلاجقة بتقديم العطايا والهبات وإظهار السخاء للعامة والخاصة، فيروى عن السلطان الشهيد "ركن الدين سليمان شاه" ، انه كان يدرُّ على الفضلاء والفنانين والشعراء فعندما أرسل اليه "الفاريابي" من شعراء الفرس الكبار (ت598ه‍/1200م)  قصيدة شعر أثناء تسلمه السلطة أغدق السلطان على مبعوثيه جائزة قدرها ألفي دينار وعشرة من الخيول وخمسة من البغال وخمسة من الغلمان وخمسة من الجواري وخمسين ثوبا من كل نوع (مجهول، د.ت، ص22،23) وحدث أن شكت له عجوز على احد غلمانه لشربه حليب كانت تحمله في يدها وكانت كل ما تملكه، فأنصف العجوز وأمر لها بالف دينار(مجهول،د.ت، ص23).

وعندما عين "عز الدين كيكاوس" سلطانا سنة 608ه‍/1211م،  بعد والده "غياث الدين كيخسرو" خلع الخلع على الجميع (مجهول، د.ت، ص48) ولكثرة ما اغدق العطاء على الناس قال عنه ابن بيبي : " سخائه كقطرة السحاب بلا حساب كان يعتقد ان اجزال العطاء من الفرائض"، حيث كان يبلغ في صلاته للشعراء أقصى الغايات بعثت اليه ابنة "حسام الدين سالار" من الموصل قصيدة تشتمل على اثنين وسبعين قصيدة فأنعم عليها بمائة دينار في مقابل كل بيت شعر" (مجهول، د.ت، ص55 )،  وعندما كتب له الصدر "نظام الدين أحمد أرزنجاني" قصيدة رفعه من مرتبة الإنشاء الى مرتبة عارض بلاد الروم (مجهول، د.ت، ص55) وعندما انتصر أمير طلائع السلطان على "ليفون تكفور" وفتحه قلعة جنجن ( من ولاية الارمن) خلع السلطان ما كان يلبسه والبسه للامير (مجهول، د.ت، ص78) ويذكر" لعز الدين كيكاوس الأول" سخاؤه مع اعدائه ايضا، فحينما قتل والده "غياث الدين كيخسرو" في غزوه لبلاد الروم، اعتذر له (لشكري ملك الروم) عن مقتل والده وارسل له هدايا لا نهاية له من كل نوع (مجهول، د.ت، ، ص55 ) فتغاضى السلطان عن الضعن وعزا مقتل والده الى القضاء والقدر (مجهول، د.ت، ص56 ) ومن ثم أرسل هدايا الى لشكري أضعاف ما ارسله، وعشرين الف دينار صدقة يتم توزيعها عن دفن السلطان الشهيد، وحينما آتوا بجثة السلطان لدفنه في قونية فرق ما كان قد ارسله ملك الروم وزاد عليه ثلاثين الفا وفرق بعض منها على المساكين وارسل البعض للآخية (الصوفية) على الزوايا والصوامع، وأجرى الباقي الى اطراف البلاد (مجهول، د.ت، ص57 ).

كذلك اكرم السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" ملك ارزنجان (علاء الدين داووشاه)(14) أثناء زيارته له حيث عند وصوله بالقرب من قرية في قيصرية استقبله ضيوف الشرف وحملوا اليه الهدايا، استقبله السلطان وشرفه بتقبيل يده، وأمر بإهدائه عشرة آلاف دينار وحزاماً مرصعاً (مجهول، د.ت، ص177) وقلنسوة مرصعة بالجواهر وجبة ملكية منسوجة بخيوط الذهب وحصاناً عربياً، وحضر ضيوف الشرف محملين بسندات نفقة الملك والمتضمنة ألفي رأس غنم، وسند بألفي حمل من القمح وسند بمائتي حمل من الحمر وعشرين ألف درهم نقداً قيمة الحوائج من الشمع والسكر وغيره، ولبس الخلعة السلطانية وركب حصانه وقبل يد السلطان وقال له السلطان لعل الملك قد استراح من عناء الطريق ومن ثم قدم له السلطان خلعة أعلى قيمة من الأولى وأهداه خيولاً عربية مزينة بطوق (مجهول، د.ت، ص178) ولجام من الذهب ولبس الملك الخلعة، وعندما وقع نظره على السلطان وضع رأسه على الارض وبالغ السلطان في تكريمه وظل عشرة أيام يقام الحفل الملكي تكريماً للملك ومن ثم اعطاه السلطان خزانة تكفي نفقة ألف ملك ،ثم كتب وزير السلطان "سعد الدين كوبك" (ت: 636ه/1230م) معاهدة بخط السلطان جاء فيها: "طالما ان داوود شاه يحفظ عهدنا ولا يصادق خصومنا ... فلا بد ان يشهد من جانبنا المدد والتوفيق والجاه، اما ان باشر خلاف ما اتفق عليه ... يلقى من الجزاء ما يستحقه" (مجهول، د.ت، ص179) وبقيام الملك الاشرف الايوبي بالصلح بين "علاء الدين كيقباد" واخيه "ركن الدين سليمان شاه" نال خلعة عظيمة (مجهول، د.ت، ص216) وحظي بشرف تقبيل اليد واقطعه السلطان (آقسرا)(15) وتوابعها (مجهول، د.ت، ص217)، ومن ثم طلب من الملك الاشرف بالتوجه نحو الارمن والسيطرة على قلاعها، فوافق الملك الاشرف على طلب السلطان، وارسل معه خمسة الاف فارس على سبيل الاحتياط، ويقول ابن بيبي امر له بنفقة تزيد على الحد مما لا طاقة لاي سلطان عليه ولا على عشرة( مجهول، د.ت، ص217).

وفي عهد السلطان "غياث الدين كيخسرو ابن علاء الدين كيقباد" وأثناء محاربته المغول وجه الدعوة لملوك الاطراف لمساندته في حربه، فارسل خزانة الى صاحب الشام (الملك الغازي) وعشرة الاف دينار من السكة العلائية ومائة الف درهم ومنشور بملكية اخلاط،  كما ارسل مائة الف دينار والاف الدراهم وخزانة اخرى اضعاف هذه الى حاكم سيس(11) (ليفون تكور) لطلب نجدة من العساكر (مجهول،د.ت، ص283)، وبعد سيطرة المغول على الاناضول اعلن "غياث الدين كيخسرو" تبعيته للمغول وان يبقى حاكما مقابل اعطاءات من الذهب والخيول والبغال والافراس والابقار والاغنام (مجهول، د.ت، ص295). ثم ارسل السلطان هدايا "للخان المغولي" من التحف والجواهر والنفائس(مجهول، د.ت، ص300) وعندما زال خطر المغول ووضع قواعد التبعية من قبل الوزير "مهذب الدين الديلمي" والصاحب "شمس الدين الاصفهاني"، اصبح السلطان يأمر لهما في كل لحظة تشريفة جديدة وبعث اليهما دواة الوزارة وسيف النيابة الذهبي وامر بأقطاعات وفيرة(مجهول،د.ت، ص298) وفي عهد الحكم الثلاثي( غياث الدين كيخسرو الثالث، وغياث الدين مسعود الثاني، وعلاء الدين كيقباد الثالث) أبناء كيخسرو الثاني عينوا اعداد كبيرة من المترجمين والمنشئين وبذلوا اموال طائلة لهم فعاتب أحد غلمان الخاص لدى السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" ( مجهول، د.ت، ص335) الامراء بقوله" ... لا يليق بكم استخدام كل هذا العدد ممن يتقاضون الرواتب وأنتم بهذه الذلة والقلة والعوز وسداد الخراج." (مجهول،د.ت، ص335)، وقد طلب منهم التقليل من الاسراف في العيش والتقليل من اعداد المترجمين والمنشئين من مرتبة العشرات والأحاد، لكنهم لم يتوانوا عن البطر والاسراف وملازمة آلات الطرب والشراب ومعاقرة الخمر وظلوا على طريقتهم في الاسراف والبذخ(مجهول، د.ت، ص335).

  ه-البذخ في اعداد الجيش، وحالات الانتصار في الحروب

مَلَكَ السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" جيشاً مهاباً كامل العدة والعتاد، لذلك طلب منه الخليفة العباسي العون والمدد بالجيش عندما علم بقرب خطر المغول على بغداد فأرسل "محي الدين ابن الجوزي" برسالة جاء فيها (مجهول، د.ت، ص130): " ان جيش التتار ما ان فرغ من محاربة "محمد خوارزمشاه" ... حتى نما الينا انهم يقصدون هذه الحدود فلو ان السلطان سَيَّرَ الفي فارس من بلاد الروم الى هذه التخوم برسم النجدة احتياطاً واسماً لكان في هذا مصلحة للملك والملة، قال السلطان: سمعاً وطاعة ..." (مجهول، د.ت، ص131)، وعلى أثر ذلك اصدر السلطان الاوامر لتلك المهمة وارسل خمسة الاف فارس بدلا من الفين الى دار السلام، وبعد انقضاء شهر من مجيء الرسول ارسل السلطان الجيش مع المبارزين والجنائب والحراس وخزان السلاح وكميات هائلة من الميرة والزاد وقاد الجيش الامير "بهاء الدين قتلغجة" وأعد اسباب السفر وانطلقوا بنظام لم يشهد له نظير(مجهول، د.ت، ص133)، وقد عظَّم ملوك خرتبرت وآمد وماردين والموصل تلك العظمة، وقدموا انواع الهدايا والضيافات وبالغ الامير "بهاء الدين قتلغجة" في اكرام الملوك ووصل اليهم من تشاريف السلطان وانعاماته ورسائله النصيب الاوفى واثناء وصولهم الى الموصل (مجهول، د.ت، ص133)، وصلت رسالة من الخليفة سمح للجيش الانصراف لعدم مجئ المغول واكرمهم غاية الاكرام وقدم لهم خمسين الف دينار ومائة جمل ومائة حصان وخمسين بغلا وعشرة الاف رأس من الغنم وثلاثمائة خلعة ومائتي بغل محملة بأنواع المأكولات والحلوى برسم النزل، ووزع الامير "بهاء الدين قتلغجة" الخلع السطانية على ضيوف الشرف وامر الجيش بأن يعرضوا انواع الشجاعة والشهامة واللعب بالرمح ورمي السهام (مجهول، د.ت، ص134)، ولبس الامراء الخلع ونزلوا من فوق خيولهم ووضعوا رؤوسهم على الارض (مجهول، د.ت، ص135)، فلما شاهد رُسل أمير المؤمنين ذلك التواضع ورأوا حشود العسكر ومهارة الفرسان واستغراقهم في الذهب والسلاح قالوا: " ان سلطانا نجدته هذا الوقار وهذه العظمة ان قصد بنفسه ملكاً فمن ذا الذي ينجو من بأسه وسطوته " ومن ثم توجه جيش السلطان نحو الروم وعند وصول الامير "بهاء الدين قتلغجة" الى بيته اعد وليمة كبيرة ثم قام بنثر الاموال وارسل احد كبار الامراء بالراية السلطانية الى حضرة السلطان (مجهول، د.ت، ص135).

وحدث أيضاً أن تجاراً اشتكوا للسلطان "علاء الدين كيقباد الأول" بسوء معاملة رجال القبجاق لهم وفسادهم فأراد السلطان ان ينصفهم فوجه حملة الئ اطراف تلك البلاد ففزع من ذلك ملك الروس وارسل رسالة جاء فيها : " أطال الله في عمر السلطان علاء الدين كيقباد ألف عام ليكون معلوماً لملك الأمراء أنني منذ سمعت رايات ملك العالم الغالبة وجيشه قد توجهت الئ هذه النواحي اضطرب الروح في جسدي... فأن كان جيش القبجاق قد وقع بحماقة في الضلالة ... فما أنا إلا مملوك للسلطان... "  (مجهول،د.ت، ص162 )،  فأرسل ملك الروس  رسوله الى السلطان محملاً بتحف كثيرة من الجلود والكتان الروسي وعشرون ألف دينار (مجهول،د.ت، ص162)، وقد اندهش الرسول مما رآه من عظمة وأبهة الجيش السلطاني وهمس مناجيا الله : " يا رب الارباب..." وأمر السلطان بتزيين الباب وخيمة القيادة بكل أبهة ممكنة بأن يصطف هناك عدد من الشباب المختارين وقد لبسوا السلاح وأن تنتظم الخيول الدؤوبة بالطوق واللجام بمحاذاة الخيمة، وأن تفرق باقي الجيوش فوجا فوجا في الحديد المذهب من مفرق الرأس الى حافر الحصان (مجهول، د.ت، ص163 ). وبعد فتح السغداق في عهد "علاء الدين كيقباد الأول" ذهب عدد من الاشخاص من ذوي الخبرة وطول تجربة الى السلطان واعربوا عن تقديم كل ما يأمر به السطان من خراج وجزية (مجهول،د.ت، ص164)، وعندما أرسل "جلال الدين محمد خوارزمشاه" رسله الى "علاء الدين كيقباد" لصرفه عن محاصرة أخلاط وبعد إبلاغ الرسالة أمر السلطان رسله بالرحيل والرد على ( خوارزمشاه) فأمر أن ينطلق ألف فارس من المشاهير الابطال ممن عرفوا بطول القامة والضخامة والوسامة وفرط الشجاعة (مجهول،د.ت، ص199)، وكانوا قد حملوا الاحمال والاثقال والجمال والبغال والامتعة والفرش وقطعان الغنم والماشية ومائتي جمل تحمل لوازم الخزانة والمطبخ ومعدات الخمر والخيمة، كما لحق بها مائة بغل تحمل الدنانير الذهبية والخلع الخاصة والمعدات الذهبية فدهش الخوارزميون واثنوا على السلطان علاء الدين :" ان الملك لجدير بهذا الملك لأنه انما يربي مثل هؤلاء المماليك"(مجهول، د.ت، ص200).

أما في أوقات الانتصار أو فتح المناطق والقلاع كان السلاطين يقيمون الاحتفالات ويدرؤن ما لا حصر له على القادة وأمراء المجالس، فعندما اعلن سكان انطاليا الروميين التمرد والعصيان على السلطنة ارسل السلطان" علاء الدين كيقباد الأول" العساكر لفتحها (مجهول،د.ت، ص62)، وتمكن مماليك السلطان من فتحها وجلس السلطان على عرش المملكة وأمر بإقامة الاحتفالات التي استمرت سبعة أيام وأكرم الأمراء والقادة ورؤساء العشائر، وأمر بالعطايا لكل من يعاني الفقر من سكان المدينة وضم اموال واملاك اولئك الروميين الى ديوان الخاص وكتب رسائل الفتح والظفر لأطراف العالم وأرسل الغنائم الى ملوك الاطراف (مجهول،د.ت، ص64). وعند فتح سينوب ودخول السلطان الى المدينة أقام الاحتفالات وترك حاكم المدينة المغلوب (تكور) واقفاً مدة على سبيل التعظيم، وأخذ السلطان منه ميثاقاً جاء فيها:"بما أن السلطان يؤمن حياتي... فعلي أن اسدد كل سنة عشرة آلاف دينار وخمسمائة حصان وخمسة أحمال من أنواع التحف وأنني لن أظن بتزويده بالجند بقدر ما يتسع له الامكان وقت طلب المدد" (مجهول،د.ت ص69)، وأرسل السلطان بشائر الفتح الى الخليفة العباسي وكلف الشيخ (مجدالدين اسحاق) (16) بذلك محملا بالتحف من الجواهر والبسط المنسوجة بخيوط الذهب والحرير الاطلسي المعدني والصلبان الذهبية المرصعة وأواني الفضة لإبلاغ الخبر المبارك بذلك الفتح العظيم وطلب سروال الفتوة(17) من الخليفة(مجهول،د.ت، ص71).

وعند فتح قلعة (آلاره تقع على طريق انطاليا) أمر "علاء الدين كيقباد الأول" بإقامة الاحتفالات العامة وأمر بالخلع والتكريم لكافة الامراء وأذن لهم بالانصراف الى المشتى والمصيف، وذهب السلطان مع خواصه الى انطاليا لقضاء الصيف فيها(مجهول،د.ت، ص127) وعند فتح قلعة "كاختة القريبة من ملاطية" على يد القائد "مبارز الدين" أقام القائد في تلك الليلة حفلا داخل القلعة وأرسل إليه السلطان خلعة ملكية مع لا حصر له من الألطاف والأنعام(مجهول، د.ت، ص145).

كان البذخ والترف صفة قائمة لدى سلاطين السلاجقة حتى عهد السلطان "علاء الدين كيقباد الأول" الذي بالغ في ذلك،  وعندما آلت السلطة الى ابنه غياث الدين كيخسرو لم تعد هناك فتوحات ونفذت خزائن السلطنة لاسيما بعد أن أعلن تبعيته للمغول حيث أرسى قواعد التبعية بمقادير مفصلة من الذهب والخيول والبغال والأفراس والأبقار والأغنام يدفعها كل سنة (مجهول، د.ت، ص295) الى أن أصبح الوضع في عهد السلطان كل من  "غياث الدين كيخسرو الثالث" وأخيه "غياث الدين مسعود الثاني" باستيلاء المغول على ما تبقى من مقدرات السلطنة وانسياب حسابها الى الخان المغولي بعد أن وضعوا أيديهم على كل ما كان موجوداً بالخزانة (مجهول،د.ت، ص360).

و- أبَّهة السلاطين، وترف الطبقات الاخرى

وصف "ابن بيبي" السلطان الغالب "عز الدين كيكاوس" بعد إستيلائه على سينوب بقوله: " جلس كأنه كسرى الأقليم الرابع على فراش وثير محاط بالوسائد من جهات اربع ووضع مثلث البخور على مدخنة السرور برطل يستوعب عشرة امنان(18) وامضى الشتاء كله على هذا النمط" (مجهول،د.ت، ص73) أما وصفه للقصر الذي أمر ببنائه "علاء الدين كيقبادالأول " قوله: " ... أمر ببناء عمارة تزري بجمالها وابداعها السدير والخورنق(19) (مجهول، د.ت، ص180)، وخط السلطان وفق تصوره واختياره رسما لتلك العمارة وبناها في اقل مدة واقصر زمان" (مجهول، د.ت، ص181). وأيضا اشاد ابن بيبي ببناء سور لقونية وسيواس وكيفية تخطيطها وكيفية العمل على اتمامها إلا أنه لم يذكر كم من الاموال صرفت لإتمام البناء والشئ الذي ذكره ابن بيبي قوله: " ... ثم أمر بأن ينقش كل واحد منهم اسمه بالذهب على الحجر لكي يبقى لمساعيهم اسم ورسم في الدنيا لأجيال عديدة، ثم أقام احتفالا وباشر البهجة والأنس" (مجهول، د.ت، ص129)، وكان "لعلاءالدين كيقباد الأول" عرش ذهبي مرصع بالجواهر ليلتقي بالرسل الكبار وكان يضع على رأسه التاج الكيقبادي عند الالتقاء بهم (مجهول،د.ت، ص196). كان السلطان "ركن الدين ابن غياث الدين" يمتلك قوس وزنه ستين مناً وحربة تزن تسعة امنان (مجهول، د.ت، ص362)، وكانت أخت "علاء الدين كيقباد" تضع على رأسها شقة مرصعة بالجواهر يقدر ثمنها اثني عشر الف دينار ذهبي (مجهول، د.ت، ص51).

اشار بن بيبي في كتابه الى مدى سخاء وترف وبطر الامراء الكبار في عهد "علاء الدين كيقبادالأول" وقال عنهم: " ... وبلغ بهم الحد أن أتخذت الترتيبات في مطبخ السلطان أن يُعَد في كل يوم ثلاثون رأسا من الغنم كرواتب للعامة والخاصة...كما كان لبعض الامراء راتب مطبخ يومي قدره ثمانين رأسا من الغنم" (مجهول، د.ت، ص136). وذكر أيضا سخاء الوزير "شمس الدين الخاص أغز" بقوله: ... إن فاض عطاؤه ما يقيم للحساب وزنا بل كان يعد حاتم الطائي بخيلا." (مجهول، د.ت، ص308) على الرغم من عدم ذكر ترف الطبقة العامة في كتاب ابن بيبي باعتبارها مختصة بذكر أخبار سلاطين سلاجقة الروم، وأحداث تلك البلاد ولكن في حدث ما يظهر انهم كانوا مترفين عندما ذكر "ابن بيبي" تاجر جواهر ومرصعات ذهب الى تركستان واثناء عرض بضاعته سئل عن بلاده فأجاب أنه من بلاد "علاء الدين كيقباد"، فسئله ما طريقته في السياسة والملك فأجابه ليس في الاسلام سلطانا مثله، عدل شامل وعقل كامل وملك معمور ومال موفور ورعية مسرورة (مجهول،د.ت، ص241،42). وفي موضع آخر وعند تنصيب "علاء الدين كيقباد الاول" سلطانا، ذكر ابن بيبي سخاء العامة قائلا: " ... حتى ارتحل الى العاصمة انبعث لدى الجميع بواعث العزم... فوضعوا ما اكتسبوه في أعمارهم وادخروه طوال حياتهم نثارا لقدوم الملك وصنعوا خمسمائة جوسق وزينوها بغرائب السلاح"(مجهول، د.ت،ص 108).

 ي-عظمة وابهة سلاطين سلاجقة الروم في نظر ملوك الاطراف

عرف عن سلاجقة الروم بانهم دولة جهاد وفتح، تمكنوا خلال فترة حكمهم من فتح مناطق عديدة والاستيلاء عليها، فكان ملوك تلك المناطق ينظرون اليهم نظرة اجلال وتعظيم فعندما فتح السلطان الغالب "عز الدين كيكاوس" قلاع الأرمن أرسل حاكمها "ليفون تكور" رسالة تذلل قائلا:"... ما انا إلا مملوك وابن مملوك وأنا بعد هذا اضع حلقة العبودية في اذني ... وابعث كل عام بخلاف المعهود خمسمائة فارس بكامل عدتهم لكي يوجههم السلطان حيث شاء..."(مجهول، د.ت، ص79). وايضا عندما خطب السلطان "عز الدين كيكاوس" ابنة فخر الدين بهرامشاه ابتهج بذلك الطلب واعلن على الملأ بقبوله قائلا: "بأي لسان يمكن شكر مثل هذه الموهبة، فلئن كنت قد تلقيت أمرا بأن تنتظم ابنتي في زمرة السراري والجواري لكان ذلك مدعاة لفخر أعقابي وخلفي من بعدي فكيف وقد منّ عليّ بمثل هذا الفضل (مجهول، د.ت، ص82). وقال ابن بيبي في تعظيم "علاء الدين كيقباد الأول" من قبل الحكام والملوك:" لقد بلغ في العظمة حدا جعل ملوك الامصار مؤمنين كانوا ام كفار من اقصى الابخاز الى انحاء الحجاز ... ومن صحارى القبجاق حتى براري العراق يزعمون انهم غلمان له ويخطبون الخطبة ويسكون السكة بأسمه"(مجهول، د.ت، ص113) واثناء مسير جيش السلطان الى بغداد للدفاع عنها ضد المغول وعند مرورهم بالموصل احتجز "بدر الدين لؤلؤ" الامير "بهاء الدين قتلغجة"  ثلاثة ايام والذي كان يبالغ في احترام الملوك واكرامهم وايصال تشاريف السلطان لهم فأثنى "بدر الدين لؤلؤ" على السلطان بقوله: " قد يستدل على ما للسلطان من كمال الخلال وارتفاع ذروة الشمائل والخصال بمثل هؤلاء المماليك النجباء (مجهول، د.ت، ص133).

النتائج

1- تبين من خلال هذا البحث مدى مظاهر البذخ والترف عند سلاطين سلاجقة الروم وكانت سمة بارزة أتصف بها معظم السلاطين والملوك المسلمين، وقد تباينت حالة هذه الظاهرة بين فترة وأخرى فكانت فترة السلطان علاء الدين كيقباد الأول من أهم الفترات التي مارس فيها السلطان البذخ والترف بكل مظاهره وذلك لسعة أمواله وكثرة خيرات بلاده.

2- كان من صفات السلاطين العظام الكرم والسخاء في العطايا، فتوضحت من خلال الدراسة أن جل السلاطين لم يبخلوا في إغداق الأموال والهدايا للملوك والأمراء في المناسبات التي تتطلب ذلك، بغض النظر من أن التبذير في أموال الدولة ومنافية للأسس الاسلامية التي تحلى بها القادة المسلمون الأوائل الذين حافظوا على الأموال العامة.

3- لا يستبعد أن يكون افراط السلاطين في البذخ وصرف الأموال ونثر الدنانير لكسب ثقة الأمراء، إذ أن الأموال والهدايا قد تقتل روح التمرد والعصيان قراراة نفس الأمراء المتنفذين الذين كان للسلطان أو الحاكم خوفاً من تهميشهم، فكان يأمن شرهم بتكريمهم عن طريق بذل الأموال والهدايا الكثيرة.

4- لا يخفى على القارئ نبرة المبالغة في روايات ابن بيبي، إذ كانت المبالغة والمدح من صفات أقلام السلطة، حيث كان ابن بيبي ممن نال الحظوة والاهتمام لدى سلاطين السلاجقة في قونية وعمل موظفاً في إدارات الدولة، وأكتسب أموالاً من خلال تداوله منصب ديوان الرسائل السلطانية، فالمبالغة في الأرقام والأعداد واضحة في رواياته.

5- تختلف حالة البذخ والترف بين سلطان وآخر، فهي حالة نسبية، فبعض السلاطين السلاجقة قد أفرطوا في البذخ والترف وآخرون لم يُرى فيهم في البذخ والعطاء وسبب ذلك يعود الى مدى اتصاف البعض بالبخل والبعض الآخر بالسخاء.

6- لم يذكر ابن بيبي أي دور للنساء واسرافهن أو بذخهن، وهذا لا يعني أنهن لم يقمن بالبذخ والترف فقد أشار ابن بيبي الى مظاهر الترف في مناسبات الزواج للسلاطين والبذخ في المصاهرات السياسية.

الهوامش

1- سلاجقة الروم: دولة سلاجقة الروم نشأت في أعقاب الهزيمة التي الحقها السلاجقة الاتراك بالامبراطورية البيزنطية في موقعة ملاذكرد( مجهول، ص ج) وهي فرع من فروع السلاجقة العظام والذي ظل سائدا دون سائر الفروع(مؤلفات جرجي زيدان الكاملة، د/ت، مج12، ص467) تأسست دولة سلاجقة الروم على أثر ارتحال اعداد ضخمة من قبائل التركمان نحو الاناضول، مؤسس هذه الدولة سليمان بن قتلمش(حفيد سلجوق وابن ارسلان يبغو) اتخذ نيقية عاصمة له سنة 467ه‍/1075م) (عثمان توران، 1997م، ص7).

2- معركة ملاذكرد: وهي المعركة التي حدثت سنة(464ه‍-1071م) بين الامبراطور البيزنطي رومانوس الرابع(461-464ه‍/1067-1071م) والسلطان السلجوقي الب ارسلان(455-1064ه‍/465-1072م) انتهت بانتصار الب ارسلان واسر رومانوس(الحسيني، 1986، ص110،113، الاصفهاني، 1980، ص42،41) وبدء حكم السلاجقة لآسيا الصغرى.

3- كمال الدين كاميار: من أمراء السلطان علاء الدين كيقباد الأول لقبه " ملك الأمراء " كان مشار اليه بالبنان صاحب سيف وقلم تولى قيادة الجيوش السلجوقية وحقق العديد من الانتصارات في أرمنستان وكورجستان وقسم من بلاد الشام  وصف بأنه من أكابر الدهر وفضلاء العصر قتل عام ( 635ه‍/ 1237م) (مجهول، ص258)، (ابن بيبي، 1385ه‍، ص19).

4- جلال الدين منكبرتي ابن السلطان علاء الدين محمد خوارزمشاه قتل على يد المغول سنة 628ه‍/1231م(الذهبي، 2001م، ج22، ص327).

5- قونية: قال عنها ياقوت الحموي"من أعظم مدن الاسلام بالروم وفيها سكن ملوكها وفيها قبر أفلاطون الحكيم(معجم البلدان، 1993م،مج4، ص415)

6- الطغراء: (كاتب الرسائل) وهي واحدة من دواوين الدولة السلجوقية وتضم ديوان الرسائل والانشاء يطلق على صاحب هذه الوظيفة ب "الطغرائي" وكان بمثابة وزير للسلطان(عباس إقبال، 1984م، ص44) وهي وظيفة استحدثت في آسيا الصغرى عرفت باسم (طغرا جكمت= صانع الطغراء) من مهام شاغل الوظيفة احضار صحائف الورق القائمة الزاوية  مع فراغ يترك في اعلى الصفحة وتستخدم في المراسلات الرسمية والاوراق التي لا تحمل هذا الشعار لا تعتبر وثيقة رسمية ويدل شكل الطغرا ظلا لحصان يعدو(تامارا، ص155).

7- المنهج الوصفي: هو المنهج الذي يعنى بجمع معلومات وحقائق مرتبطة بسلوك عينة من الناس أو لداسة واقع أو ظاهرة ما أو سلسلة من الاحداث، ويعد هذا المنهج الاكثر شيوعا وانتشارا في في عالم البحوث الانسانية (موسى بن ابراهيم حريزي، دراسة نقدية لبعض المناهج الوصفية، ص26).

 8- على سبيل المثال تواريخ:(627، ص212، 630، ص229، 633-634، 641، ص287، ص252، 654، ص348، 664، ص387) (مجهول).

 9- كتبت الباحثة فاطمة الربيدي في بحثها حول الشعر في كتاب ابن بيبي :" من الواضح أنه كان مطلعا على كثير من دواوين الشعر العربية التي امكننا معرفتها من خلال الابيات الشعرية الواردة في متن الكتاب ومنها ديوان ابن نباتة وديوان عبدالله بن المعتز ومعلقة امرئ القيس وشعر ابن خفاجة أبي اسحاق وشعر البحتري وأبي العلاء المعري ومالك بن اسماء الفزاري وأبي نواس بن هاني وديوان اسحاق المصلي وأبي تمام والمتنبي (فاطمة الربيدي، 2014م، ص84).

10-قيصرية أو قيسارية:مدينة كبيرة في بلاد الروم وهي كرسي ملك بني سلجوق أولاد قليج أرسلان وفيه حبس محمد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب (ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج4، ص421)

11- في فارس على عهد نظام الدين كان يقدم للسلطان حاشية مؤلفة من مئتي رجل من خراسان ومئة من ديلان وفرقة كاملة من المسيحين العبيد(تامرا تالبوت رايس، 1968م/ ص107).

12-سينوب-قسطموني: سينوب: وهي إحدى مدن القلاع المهمة على الساحل الجنوبي للبحر الاسود وتعود أهميتها لوقوع نصفها على البر والنصف الآخر على البحر (أبو الفداء، تقويم البلدان، ص393). سينوب: تقع شمال آسيا الصغرى تبعد عن البحر الاسود قرابة مائة كم، تقع بالقرب من طرابزون وتعد أعظم مدن آسيا الصغرى وتعرف بقاعدة التركمان كثيرة الخيرات(أبو الفداء، تقويم البلدان، ص393)

13-العطايا والهبات: وهي جمع العطية والهبة ومعانيهما متقاربة وكلها تمليك في الحياة بغير عوض(ابن قدامة،1968م، ج6، ص41)

14- عندما اصبح علاء الدين داوود باشا ملكا على ارزنجان بعد وفاة والده فخر الدين بهرامشاه استبد بالملك واراد القضاء على امراء مملكته فلجأ بعضهم الى السلطان علاء الدين يشكون له سوء معاملة الملك فأكرمهم السلطان وعين لكل امير اقطاعا فلما علم بذلك ملك ارزنجان تملكه البغض والحسد فقرر زيارة السلطان) (مجهول، د.ت، ص176).

15-آقسرا- آق سراي: مدينة كبيرة في بلاد الروم بناها عز الدين قليج أرسلان بن مسعود سنة 599ه/1200م، وهي واقعة في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة قونية(منجم العمران، 1907، ج1، ص86)

16-مجد الدين اسحاق: وهو الشيخ الصوفي مجد الدين اسحاق الرومي (الاندلسي) (ت: 617ه/1221م) اعتمد عليه سلاطين سلاجقة الروم بأرساله الى ملوك الاطراف، وكان مكرما من قبل السلطان غياث الدين كيخسرو الأول وتم تكليفه بتربية ابنه عز الدين كيكاووس(منجم باشي، 2000م، ص30).

17-سروال الفتوة: تأسس نظام الفتوة في بغداد في خلافة الناصر لدين الله وهدفه من ذلك تهيئة طائفة قوية لمواجهة الصليبيين وإحياء سطوة الدولة العباسية، وسروال الفتوة هو لباس كان يرسله الخليفة للملوك والحكام وبتفويض خاص منه (الخطيمي، 2008م، ص160،165)

18-أمنان: جمع من وهي وحدة وزن قديم كان يكال به أو يوزن، وقدره إذ ذاك رطلان بغداديان والرطل عندهم يساوي اثنتا عشرة أوقية بأواقيهم( إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، ج2، م، ص889)

19- قصران بناهما ملوك المناذرة في العراق، الاول قرب الحيرة، والثاني قرب النجف وكان يضرب بهما المثل في الفخامة والبناء (مجهول، د.ت، ص180).

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

المصادر الأولية

الأصفهاني، عماد الدين محمد البنداري   

تاريخ دولة آل سلجوق، تحقيق: لجنةإحياء التراث العربي(بيروت، دار الافاق الجديدة، ط2، 1980م).

الحسيني، صدر الدين علي بن ناصر

زبدة التواريخ أخبار الامراء والملوك السلجوقية، تحقيق: محمد نور الدين (بيروت: دار اقرأ، ط2، 1986).

الذهبي: شمس الديم محمد بن أحمد بن عثمان(ت 748ه‍/ 1351م).

سير أعلام النبلاء (مؤسسة الرسالة، ج22، ط33، 2001م).

أبو الفداء: إسماعيل بن علي بن محمودبن محمد صاحب حماة(ت732ه/1331م)

تقويم البلدان، اعتنى بتصحيحه: رينود والبارون ماك كوكين ديسلان، (باريس، دار الطباعة السلطانية، 1840م)

ابن قدامة المقدسي: أبو محمد موفق الدين عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي(ت 620ه/ 1224م)

المغني، (مكتبة القاهرة، 1968م)

ياقوت الحموي: شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت الحموي (ت626ه‍/ 1229م).

معجم البلدان، (دار صادر، بيروت، ط2، 1995م).

منجم العمران في المستدرك على معجم البلدان، جمعه ورتبه: محمد أمين الخانجي(مصر: مطبعة السعادة 1907م)

المصادر المعربة

ابن بيبي، حسين بن محمد بن علي بن جعفرالرغدي(ت:بعد سنة 684ه‍/1286م)  

أخبار سلاجقة الروم، مختصر سلجوقنامه ترجمة وتقديم: محمد السعيد جمال الدين(د.م ، د.ت).

المصادر الفارسية

محمد جواد مشكور

أخبار سلاجقة الروم، به انضمام مختصر سلجوقنامه ابن بيبي، مركز تحقيقات رايانهاى قائميه اصفهان، 1385ه‍.

المراجع العربية

الخطيمي، أحمد محمد

الفتوة نشأتها وتطورهاحتى سقوط الخلافة العباسية(د.م، 2008م)

منجم باشي، أحمد بن لطف الله

جامع الدول، تاريخ السلاجقة" ملوك الروم من آل سلجوق والذيل في فروع السلاجقة، حققه وترجمه الى التركية: علي أونكول(أزمير: دار الكتب الاكاديمية، 2000م)

المراجع العربية والمعربة

تامارا تالبوت رايس

السلاجقة تاريخهم وحضارتهم، ترجمة: لطفي الخوري، وابراهيم الداقوقي(بغداد: 1968م)

عباس إقبال.

الوزارة في عهد السلاجقة، ترجمة: أحمد كمال الدين حلمي(د/ت، 1084م)

عثمان توران.

الاناضول في عهد السلاجقة والامارات التركمانية، ترجمة: علي بن محمد عودة الغامدي(1997م، مكة المكرمة)

محمد فؤاد كوبريلي

قيام الدولة العثمانية، ترجمة: أخمد السعيد سليمان( دار الكتاب العربي، 1967م).

الموسوعات العربية

ابراهيم مصطفى وآخرون

المعجم الوسيط، (دار الدعوة، اسطنبول، 1989م)

مؤلفات جرجي زيدان، تاريخ التمدن الاسلامي(بيروت، دار الجيل،د/ت،مج12).

ج. ود. سورديل، معجم الاسلام التاريخي، ترجمة: أ. الحكيم(الدار اللبنانية، 2009م).

الموسوعات الفارسية

على أكبر ديالت

دانشنامه بزرك اسلامى، زير نظر، كاظم موسوي، مركز دائرة المعارف بزرك اسلامي.

البحوث المنشورة

هشام رضوان أحمد علي

أساليب النثر في العصر المغولي ومراحل تطورها، جامعة سوهاج(د.م/ د.ت).

المجلات

فاطمة يحيى الربيدي

الحريم السلطاني في بلاد الأناضول في العصر السلجوقي المشاركة السياسية والإنجازات الحضارية، مجلة جامعة الشارقة،مج10، ع2، 2013م.

ابن بيبي ومنهجه في التاريخ لسلطنة سلاجقة الروم في بلاد الأناضول، مجلة الجمعية التاريخية السعودية،ع29، 2014م).

صادق آينه وند، وندا كليجاني مقدم

خصائص تدوين التاريخ في عهد السلاجقة، مجلة العلوم الانسانية،ع14، 2007م.


 

 

ئیسراف وگرانبهایى ل ده‌ف سولتانێن سه‌لجووقیین رومێ د په‌رتوكا (مختصر سلجوقنامه‌) دا یا دانه‌ره‌كێ نه‌ ناسیار

بوخته:

دەولەتا سەلجۆقیێن ڕۆمێ دهێتە هژمارتن ئێک ژ دەولەتێن ئیسلامی یێن کو دەستهەڵاتداری کرییە ل ئاسیا بچوویک بۆ ماوەیێ سەدەک و نیڤان (٤٧٠ـ٧٠٤ک/١٠٧٤-١٣٠٧ز) کو دوی دەمی دا سۆلتانێن سۆڵتانەتیێ ب زێدەگاڤی و لۆکسێ بووینە بەرنیاس بووینە ژبەرکو ل فتوحاتان پارەیەکێ مەزن بدەست وان دکەڤت ئەڤجا دەستپێکر ب دانا دیارییان ژبۆ میر و سەرکردەیێن دەورۆبەرێن وان و هەروەسا قاسدێن وان لدەمێ کو سەرەدانا وان دکرن، و هەروەسا کۆژمێن مەزن یێن پارەیان ددانە سەرکێشێن خۆ یێن سەربازی لدەمێ بدەستکەڤتنا سەرکەڤتنێن وان د شەرێن وان دگەل ئەرمەنان و داگیرکرنا کەلهێن وان و باژێرێن بێزەنتییان و رادبوون بگێرانا شەهیانان و شادییان و گوتنا سترانان ل دەمێ داوەت و شەهیانێن واندا لەورا ئەڤێ نامەیێ تیرۆژکا ڕۆناهیێ ئێخستە لسەر ئەو مەزاختنا مەزن یا پارەیان یا کو سۆڵتانێن سەلاجیقەیێن ڕۆمێ ل ئەردێ ئەنادۆڵێکرین برێیا بەرهەمێ “ مۆختەسەر سەلجۆقنامە” یا نڤێسکارەکێ نەنیاس کو دبنیات دا یا پرتووکا “ ئەلئەوامر ئەلعەلائییە فی ئەئمور ئەعەلائییە” یا کۆرێ بیبی ( ئیبن بیبی)

په‌یڤێن سه‌ره‌كى: ئیبن بیبى، سولتانێن رومێ،  ئیسراف وگرانبهایى، سلجوقنامه‌.

 

 

THE EXTRAVAGANCE AND LUXURY AMONG THE SELJUK SULTANS OF RUM AS DEPICTED IN THE CONCISE BOOK "SELJUKNAMA" AUTHORED BY AN ANONYMOUS WRITER.

ABSTRACT:

The Seljuk state of Rum (1) is one of the Islamic states that ruled Asia Minor for nearly two and a half centuries (470-704 AH / 1074-1307 AD), during which the sultans of the Sultanate were characterized by extravagance and luxury, as it generated huge sums of money from the conquests. They showed great generosity in bestowing gifts on the rulers. The parties and their messengers during their visits used to spend huge amounts of money on the leaders and princes during their victories and conquests of the Armenian castles and Byzantine cities. They also held celebrations, amusement, and mirth, in addition to the money and gifts they lavished on wedding occasions, etc. Therefore, this study sheds light on the phenomenon of extravagance and luxury practiced by the sultans  of the Seljuks of Rum in Anatolia through the book “Mukhtasar Selcuknameh” by an unknown author, which is originally a summary of the book “Al-Awmār Al-Ala’i fi Al-Mār Al-Ala’ī” by Ibn Bibi.

KEYWORDS: Ibn Bibi, Sultanate of Rum, extravagance and luxury, Seljuknama.



* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)