أثر الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق على المُركب  الأمني ​​في الشرق الأوسط

(2011-2023)

أحمد محمد عبدو1* و طارق محمد طيب 2

1 قسم العلاقات الدولية، كلية العلوم السياسية، جامعة دهوك، إقليم كردستان-العراق. (Ahmed_m_Abdw@uod.ac)

2 كلية العلوم السياسية، جامعة الموصل، العراق.

تاريخ الاستلام: 01/2024           تاريخ القبول: 04/2024    تاريخ النشر: 08/2024  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2024.12.3.1380

الخلاصة: 

 عندما بدأت الاحتجاجات ضد الحكومة في سوريا و العراق عام 2011، أنعكس ذلك على مُركب الأمن في الشرق الأوسط ،الذي يتميز بوجود صِراع المحاور المستمر. تاريخياً، يتميز الشرق الأوسط بوجود صِراع مركزي محصور ما بين المحور العربي و الإسرائيل ي. تذهب هذه الدراسة إلى أن ما بعد الاحتجاجات في سوريا والعراق أصبح الصِراع المركزي في المنطقة محصور ما بين محور المقاومة الإيراني و محور الممانعة الخليجي. تهدف هذه  الدراسة إلى  تحليل  دور الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق في تشكيل التنافس و الصِراع بين المحورين و معرفة أبعادها في الأقاليم المجاورة.  سؤال الدراسة هو إلى أي مدى أثرت  الاحتجاجات في سوريا والعراق على مستوى وتطور مُركب الأمن في الشرق الأوسط. تفترض الدراسة بأن كلما كانت الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق مترابطة سياسياً و أجتماعياً و تاريخياً، كلما إنعكس ذلك على أنماط الصِراع والتنافس بين محوري المقاومة الإيراني و الممانعة الخليجي ، وكلما كان هناك أخلال في توازن القوى الإقليمي لصالح محور المقاومة الإيراني، كلما تدخلت تركيا و إسرائيل  في المنطقة بهدف تحقيق التوازن بين المحورين. لأثبات صحة الفرضية التي انطلقت منها الدراسة اعتمدنا على المنهج الأستنباطي و المنهج التحليلي و المنهج التاريخي.

الكلمات المفتاحية: الاحتجاجات في  سوريا و العراق،مُركب الأمن في الشرق الأوسط، محور المقاومة الإيراني، محور الممانعة الخليجي.      


1.    مقدمة

بشكل عام، الصِراع المركزي في الشرق الاوسط تاريخياً محصور بين محور الدول العربية و إسرائيل  ، ولكن عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية في سوريا و العراق عام 2011، أصبح الصِراع المركزي في المنطقة محصور ما بين محور المقاومة الإيراني و محور الممانعة الخليجي . إذ ظهر أنماط من التنافس والصِراع بين محور المقاومة الإيراني يضم إيران وحزب الله اللبناني والحكومة العراقية (مع هيمنة الشيعة في البنية السياسية) ،المؤيد لبقاء النظام السوري الحالي، و محور الممانعة الخليجي يضم المملكة العربية السعودية و قطر، المؤيد للاحتجاجات الشعبية. لا تزال الأزمة السورية مستمرة في البُعد الإقليمي والدولي. فعلى المستوى الإقليمي، بدأت المملكة العربية السعودية وحكومات عربية سنية أخرى في تقديم المساعدات المسلحة والمالية لمعارضة الحكومة السورية من أجل محاربة النفوذ الإقليمي لإيران،  ونتيجة لذلك، شعرت إيران وحزب الله والحكومة العراقية أنه ينبغي عليهم دعم نظام الأسد بمزيد من القوة(BERTI, 2014, pp 25-32). أما على المستوى الدولي، مارست الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضغوطاً في إتجاه إضعاف حكومة الأسد، ومن ناحية أخرى، قامت روسيا والصين في مجلس الأمن بتحييد جهود الغرب لمعاقبة سوريا ومنع أي نشاط يؤدي إلى تدخل عسكري أجنبي في اتجاه دعم المعارضة  في سوريا(Goodarzi, 2013, p 26).

إلى جانب ذلك، حدث انقسام في القوى العسكرية في العراق بين الأحزاب السنية والشيعة متأثراً بالاحتجاجات السورية، ولأسباب جيوبوليتيكية و أجتماعية و تاريخية؛ ولذلك امتدت دائرة الاحتجاجات من سوريا إلى العراق. هنالك ايضاً مخاوف لدول مُركب الخليجي كإيران والسعودية، و توسع مخاوف لدول في المُركب الشام كإسرائيل، وكذلك أمتدت المخاوف لدول في الأقاليم المجاورة كتركيا فيما يتعلق بهذه الاحتجاجات و سلوك الحكومتين السورية والعراقية اتجاهها. واجهت إسرائيل تهديداً خطيراً على حدودها في منطقة هضبة الجولان؛ لذلك انعكست الاحتجاجات الداخلية في سوريا و العراق على تحول الصِراع المركزي في مُركب الأمن الفرعي في الخليج والشام، ومُركب الأمن في الشرق الأوسط ككل، بالأضافة إلى مُركب الأمن في الأقاليم المجاورة.

وفي هذا السياق، ونظراً لأهمية الموضوع،  تهدف الدراسة إلى  تحليل  دور الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق في تشكيل التنافس والصِراع بين المحورين الإيراني والخليجي، ومعرفة أبعادها في إقليم الشرق الأوسط والأقاليم المجاورة. سؤال الدراسة هو إلى أي مدى أثرت الاحتجاجات في سوريا والعراق على تحول الصِراع المركزي في المُركب الأمني في الشرق الاوسط والمُركبات المجاورة لها؟ تفترض الدراسة هو أنه كلما كانت الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق مترابطة سياسياً و أجتماعياً و تاريخياً، كلما أنعكس ذلك على أنماط الصِراع و التنافس  بين المحورين. وكلما كان هنالك إخلال في توازن القوى الإقليمي لصالح محور المقاومة الإيراني، كلما توسع الصِراع إلى الأقاليم المجاورة من خلال دخول تركيا في المنطقة فضلاً عن إسرائيل، بهدف تحقيق التوازن بين المحورين. لإثبات صحة الفرضية التي انطلقت منها الدراسة اعتمدنا على المنهج الإستنباطي و المنهج التحليلي و المنهج التاريخي.

2.    الأطار النظري للدراسة: مُركب الأمن الإقليمي

اقترح باري بوزان لأول مرة مفهوم نظرية مُركب الأمن الإقليمي ​​في كتابه "الناس والحكومات والخوف" (1983) وكان هدفه توفير إطار لإعداد فهم نقدي للدراسات الأمنية (Coskun, 2006, p43). إذ عرّف بوزان مُركب الأمن الإقليمي بأنه "مجموعة من الدول التي ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية ببعضها البعض بشكل وثيق بما فيه الكفاية بحيث لا يمكن من الناحية الواقعية اعتبار أمنها الوطني منفصلاً عن بعضها البعض(Buzan,1983, pp 72-75). بمعنى، لايمكن فصل أمن دولة عن دولة أخرى في المنطقة بسبب عامل التقارب الجغرافي، السياسي، الأجتماعي والتاريخي.

طُور بوزان وزميله وييفر هذه النظرية عام 2003، " بإن مُركب الأمن الإقليمي ​​عبارة عن مجموعة من الوحدات التي تتشابك فيها العمليات الرئيسية من الأمننة وإلغاء الأمننة أو كليهما، إلى الحد الذي لا يمكن تحليل المشكلات الأمنية أو حلها بشكل منفصل عن بعضها البعض، وتظهر عمليات الأمننة وألغاء الأمننة في النظام الدولي و في المُركبات الإقليمية( Buzan & Weaver, 2003, p55). بمعنى، تسعى الدول من خلال خطاباتها السياسية إلى تحويل التهديد الإجتماعي إلى تهديد سياسي وذلك لتبرير تشكيل المحاور و سياساتها الطارئة ضد الدول الاخرى.

2.1.            المتغيرات الأساسية لنظرية مُركب الأمن الإقليمي

يتحدد مُركب الأمن الإقليمي بأنماط مستقرة من الصداقة والعداء في الأقاليم المتماسكة جغرافياً ذات أعتماد أمني ​​متبادل بين أطرافها مثل أنماط العداوة التاريخية المستمرة بين (اليونانيين والأتراك أو العرب والفرس) أو أنماط العداوة بين القوى في منطقة حضارية ذات ثقافة مختلفة (العرب، الأوروبيين، و جنوب آسيا، إلخ)؛ لذلك فإن القرب الجغرافي يجعل التفاعلات الأمنية بين الجيران أعلى من التفاعلات الأمنية للدول التي تقع في مناطق بعيدة جغرافياً، ومن هذا المنطلق( Buzan & Weaver, 2003, p 55). يقول بوزان ووييفر بأن البنية الأساسية للمُركب الأمني ​​الإقليمي لها أربعة متغيرات وهي( Buzan & Weaver, 2003, pp 56-57):

أ‌.      الحدود الجغرافية: أي الحدود التي تفصل المُركب الأمني ​​الإقليمي عن الأقاليم المجاورة.

ب‌.  البنية الفوضوية: أي أن مُركب الأمن ​​الإقليمي يجب أن يتكون من أنماط من التنافس و الصِراع بين وحدتين مستقلتين أو محورين أو أكثر.

ت‌.  الأستقطاب: يعني توزيع القوة بين الوحدات أو المحاور المتنافسة في المنطقة.

ث‌.   البناء الاجتماعي: يعني وجود أنماط الصداقة والعداوة بين الوحدات أو المحاور المتنافسة في المنطقة.

 

2.2.            مستويات التحليل والمتغيرات في مُركب الأمن الإقليمي

تكتسب نظرية مُركب الأمن الإقليمي أهمية في أربعة مستويات من التحليل وهي كالتالي( 70Buzan & Weaver, 2003, p):

أ‌.      المستوى الداخلي: يتم هنا دراسة أداء الحكومات وخاصة نقاط ضعفها الداخلية. أي بمعنى، يتم دراسة مدى الأندماج الأجتماعي والسياسي في الدولة أو مدى شرعية النظام السياسي.

ب‌.   العلاقة بين حكومة وحكومة: في هذا المستوى يتم التركيز على متغير العداوة و الصداقة في المنطقة وفق مبدأ الترابط الجغرافي و الأجتماعي و السياسي و التاريخي بين الدول داخل المنطقة الإقليمية مما يشكل مُركب الأمن ​​الإقليمي.

ت‌.   تفاعل أقاليم مع أقاليم المجاورة: إن تفاعل الأقاليم المجاورة مع بعضها البعض يكون محدود لأن المُركب الذي يُوصف التفاعلات الداخلية داخل الإقليم هو أهم بكثير، ولكن إذا كان هناك تغييرات كبيرة في أنماط الإعتماد الأمني ​​المتبادل و الذي يحدد مُركبات الأمن، فإن التفاعلات مع الأقاليم المجاورة سوف تصبح مهمة ايضاً .

ث‌.   دور القوى العالمية في الإقليم: في هذا المستوى يؤكد على أهمية إختراق القوى المتعالية في مُركب الأمن الإقليمي البعيدة جغرافياً لتحقيق توازن إقليمي.

 وأخيرًا، تشكل هذه المستويات الأربعة معًا مُركباً أمنياً فائق التعقيد، ويمكن أن يحتوي كل مُركبات الأمن على عدة مُركبات أمنية فرعية. في الأساس، تعريف المُركبات الأمن الفرعية هو نفس تعريف مُركبات الأمن الإقليمية، ولكن الفرق هو أن المُركبات الفرعية محاطة بمُركب أمن أكبر، لأنها مرتبطة من خلال ديناميكيات أمنية مشتركة (Barry & Weaver, 2003, p62).

إلى جانب ذلك، هنالك ثلاثة اتجاهات تطورية للصِراع و التنافس بين المحاور في كل مُركب أمني في الأقاليم وهي أولاً: الحفاظ على الوضع الراهن وعدم إحداث تغييرات مهمة في البنية الأساسية لمُركب الإقليم. ثانياً: تغيير الوضع الراهن في داخل المُركب الإقليمي، أي تغييرات في البنية الفوضوية بسبب التقارب الإقليمي، أو تغييرات الإستقطاب بسبب التباعد أو التكامل، أو أنماط الصداقة / العداء السائدة بسبب الماضي الأيديولوجي. ثالثاً: التغيير في مُركب الأمن الإقليمي من الخارج أو مع الأقاليم المجاورة، بمعنى توسع أو انكماش الحدود الخارجية لمُركب الأمن الإقليمي أي تغيير العضوية في مُركب الأمني الإقليمي (Barry & Weaver, 2003, p62).

بالتالي، يمكن أن نفهم بأن هذه النظرية تؤكد على أهمية المستوى الإقليمي في تحليل العلاقات الدولية كونها المستوى الأكثر تعقيداً مقارنة بالمستوى الداخلي و المستوى الدولي في التحليل؛ لذلك، فإن هذه النظرية لا تهمل ترابط و دور الصِراعات الداخلية في تشكيل صِراع المحاور الإقليمية حول  الحفاظ على او تغيير الوضع الراهن؛ لذلك، تهدف هذه  الدراسة إلى  تحليل  دور الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق في تشكيل التنافس و الصِراع بين محور المقاومة الإيراني و محور الممانعة الخليجي، إلى جانب معرفة تأثير صِراع المحورين على دور تركيا و إسرائيل في تلك الصِراعات. لذلك، من المهم معرفة خصائص مُركب الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.

3.    خصائص مُركب الأمن في الشرق الأوسط

بشكل عام، على الرغم من التدخلات الدولية الخارجية المستمرة تاريخياً في الشرق الأوسط، ألا أن مستوى الأمن ​​الإقليمي ظل يعمل بشكل مستقل منذ عقود عدة. إذ هنالك تعريفات عدة للشرق الأوسط، لكن أساس تعريفنا للشرق الأوسط هو تعريف باري بوزان بأنه "الاعتماد الأمني ​​المتبادل بين دول المنطقة الممتدة من المغرب إلى إيران، وتضم دولاً عربية بالإضافة إلى إيران وإسرائيل ، و اعتبر قبرص و السودان والقرن الأفريقي ليس جزءاً من هذه المنطقة، بينما يعتبر أفغانستان كمنطقة عازلة بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وكذلك تركيا منطقة عازلة بين الشرق الأوسط و أوروباBarry & Weaver, 2003, pp 187-189) ). يعتقد بوزان كذلك أن خصائص مُركب الأمن في الشرق الأوسط يشكل نموذجاً للصِراعات المستمرة(Buzan & Weaver, 2003, p187. لذلك يمكن توضيح خصائص مُركب الأمن في الشرق الأوسط وفق أنماط العداوة و الصداقة كالأتي:

3.1.       الصِراعات الداخلية:

 الخاصية الأولى في الشرق الأوسط هو وجود الصِراعات المحلية في المنطقة. إذ يقول بوزان ووييفر، بإن العديد من حكومات الشرق الأوسط تقع عند الطرف الأضعف في الاندماج الإجتماعي والسياسي، فالديمقراطية نادرة، والدكتاتورية منتشرة على نطاق واسع، واستخدام القمع شائع في الحياة السياسية الداخلية، كما هو الحال في جنوب شرق آسيا (Buzan & Weaver, 2003, p100 ). ومن ناحية أخرى، أدت التفاعلات الأيديولوجية منها القومية العربية و الإسلاموية ومعاداة الصهيونية ومعاداة الغرب إلى إختراق الحدود على المستويين المحلي والإقليمي بطرق معقدة ومتناقضة وفعالة في كثير من الأحيان، وايضاً، نظراً  لدعم الحكومات للمجموعات المحلية أو وكلائها في البلدان الأخرى، أنعكس ذلك على تفاعل المستويين المحلي والإقليمي مع بعضهما بعضاً، ومن ثُمَ ، فإن انعدام الأمن لدى العديد من الأنظمة في الشرق الأوسط يمتد إلى السياسة الأمنية الإقليمية، على سبيل المثال، بقدر ما يمثل مجلس التعاون الخليجي تحالفًا ضد التهديدات الخارجية، فهو ايضاً  أداة لتعزيز الأمن الداخلي لمجموعة من أنظمة الملكية المحافظة و غير المتجانسة(الرشدان، 2015، ص ص 33-35). بالتالي، أساس الصِراعات الداخلية هو حول الشرعية. لذلك، ستحاول الدرسة التركيز على الاحتجاجات الداخلية في سوريا و العراق ومدى شرعية الحكومتين في التعامل مع تلك الاحتجاجات و أرتباطها مع صِراع المحورين في المنطقة حول بقاء الحكومة أو تغييرها في البلدين، وسنبين صِراع المحاور في الشرق الأوسط في النقطة الثانية.

3.2. الصِراعات بين الدول في المنطقة

تتميز منطقة الشرق الأوسط بأنها مليئة بعوامل الصِراع التاريخي التي توسع مجال التوتر وتصورات التهديد لبعضها البعض، بما في ذلك، الحقيقة أن هناك نزاعات حدودية معقدة و مُركبة بين جميع البلدان تقريبًا في الشرق الاوسط (طارق الجرسي و أخرون ، 2020). بعد موجة إنهاء الاستعمار بين عامي 1945 و1948، والتي خلقت مجموعة من الدول المستقلة(Monroe,1964,  p 9) . في هذا السياق، يقول بوزان  و وييفر بأن أفضل تاريخ لوصف بداية تشكيل مُركب الأمن الإقليمي في الشرق الاوسط  هو الصِراع المركزي العربي الإسرائيل ي عام 1948، ويعتبر أول تغيير كبير في مُركب الأمن في الشرق الأوسط، عندما هاجمت القوات العسكرية للدول العربية مثل مصر وسوريا والأردن والعراق ضد إسرائيل  أو ما يسمى الكيان الصهيوني(Buzan & Weaver, 2003,p 101). لذلك، يبين المفكران بإن مُركب الأمن في الشرق الأوسط يتكون من مُركبات الأمن الفرعية كالأتي (Buzan & Weaver, 2003, pp 187-189):

1-   المُركب الفرعي لبلاد الشام،  يضم مصر وإسرائيل  والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا والأردن ومنظمات مثل منظمة التحرير الفلسطينية، وحماس وحزب الله.

2-   المُركب الفرعي الخليجي، يضم إيران وجميع دول شبه الجزيرة العربية  المتمثلة بالمملكة العربية السعودية والكويت    والبحري وعمان واليمن وقطر والإمارات العربية المتحدة  و العراق.

3-    المُركب الفرعي المغربي، يتكون من دول شمال أفريقيا العربية، بما في ذلك المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

يتميز الصِراع المركزي في مُركب الفرعي لبلاد الشام بالصِراع العربي الإسرائيلي، كما أن أعضاء مُركب الفرعي الخليجي شاركوا بقوة في هذا الصِراع (خلف، 2020، ص 22). بينما شارك أعضاء مُركب الفرعي المغربي بشكل ضعيف نسبياً في الصِراع العربي الإسرائيلي، لذلك، يؤكد بوزان و وييفر بأن المُركبين الفرعيين الرئيسيين في الشرق الأوسط تكمن في مُركب الفرعي لبلاد الشام، و المُركب الفرعي الخليجي، بينما مُركب الفرعي الأضعف نسبياً يكمن في المُركب الفرعي المغربي (خلف، 2020، ص ص 50-55).

كذلك، يتميز المُركب الفرعي الخليجي بالصِراعات الإيرانية الخليجية التي ظهرت بعد انسحاب بريطانيا من الشرق الأوسط عام 1971، والخطوة الأولى في تشكيل هذا المُركب هو صِراع إيران والإمارات العربية المتحدة على ملكية بعض الجزر المتنازع عليها عام 1971،  كذلك الصِراع بين إيران والعراق ودول الخليج العربي، شكّلت تلك الصِراعات أعتماد أمني متبادل مع المملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وعمان من جهة و إيران من جهة إخرى (جرغون، 2016، ص ص 22-32). وكانت مشاركة أو موقف المُركب الفرعي المغربي ضعيفاً نسبياً مقارنة بمُركب   الفرعي لبلاد الشام (جرغون، 2016، ص ص 32-35).

 بالتالي يمكن القول بأن المُركب الفرعي الثالث المغربي هو المُركب الفرعي الأضعف في الديناميكيات الأمنية من بين المُركبات الفرعية الثلاثة. يرتكز المُركب الفرعي المغربي بشكل أساسي على مجموعة من العلاقات المتغيرة والهشة بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب والصحراء الغربية، ولديه ضعف في المشاركة في الصِراعات في مُركب الخليج العربي، إلى الحد الذي لا يوجد شك في عضويتهم في مُركب الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط.

 بالأضافة  إلى المُركبات الفرعية الثلاثة، يقول بوزان و وييفر، قد يعتبر البعض بأن القرن الأفريقي هو المُركب الأمن الفرعي الرابع في الشرق الأوسط وتضم دول الصومال وجيبوتي والسودان و جميعها أعضاء في جامعة الدول العربية، وهنالك نمط ثابت من الصِراع والتدخلات العدائية يربط المُركب الأمني الأفريقي بإثيوبيا وإريتريا وأحياناً مصر،  لكن بوزان ووييفر يتفقان مع الغالبية العظمى من الخبراء على أن مُركب الأمن الأفريقي غير فعال في صِراعات الشرق الأوسط؛ لذلك فإن المُركب   الفرعي الأفريقي لا ينبغي وصفه جزءاً من مُركب الأمن في الشرق الأوسط (Buzan & Weaver, 2003, pp 187-189).

يؤكد بوزان ووييفر أن الصِراع المركزي في المُركب الخليجي يكمُن في الصِراع الثلاثي بين إيران والعراق ودول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية (Buzan &Wæver. 2003, pp 178-179). من الجدير بالذكر، ان بوزان ووييفر  يؤكدان بأن أهم دولتين في المُركب الخليجي هما إيران والمملكة العربية السعودية، وأهم دولة في مُركب الشام هي إسرائيل (Buzan & Wæver. 2003, p 189). لذا؛ الصراعات المركزية في الشرق الأوسط محصورة بين محور إيران وحلفائها من جهة ومحور السعودية وبالتقارب مع إسرائيل الحليفة للولايات المتحدة من جهة أخرى. من الجانب الأخر، بعد الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق، أنحصر الصراع المركزي بين محور المقاومة الإيراني ومحور الممانعة الخليجي (Gause,2014, p 155). لذلك، يبين بوزان ووييفر بأنه على الرغم من الديناميكيات الأمنية المحلية المستقلة لدول الأعضاء في المركب الفرعي في بلاد الشام والخليج، فقد تسبب القرب الجغرافي والاجتماعي والتاريخي في حدوث مشكلات أمنية مشتركة واعتماد أمني متبادل يربط الديناميكيات الأمنية لهذين المركبين الفرعيين (Buzan & Weaver, 2003, pp 187-189). بالتالي، لا يمكن فصل مصادر التهديد الداخلي والإقليمي في مركب الأمن في الشرق الأوسط.

3.3. الصِراع بين دول الشرق الأوسط و خارجها:

    في إطار التاريخ المعاصر لتطور التدخل الدولي في الشرق الأوسط، كانت بريطانيا هي القوة الدولية الأولى التي تدخلت في مُركب الأمن في الشرق الأوسط، لكن مع تزايد أهمية النفط في حسابات الولايات المتحدة، أصبحت هي القوة الأجنبية المهيمنة في مُركب الأمن في الشرق الأوسط (Military, 2014, pp 200-202). يقول بوزان ووييفر، بأن هذا المُركب يعد مثالاً على تغيير الاتجاه من عملية إنهاء الاستعمار إلى مرحلة بناء الصِراع والتنافس على السلطة في المنطقة (Buzan & Weaver, 2003, p 216). من حيث التطور التاريخي للصِراعات في مُركب الأمن في الشرق الأوسط هنالك تطور في الصِراعات في  مُركب  ي الشام و الخليج، فالصِراعات في الشام تضم الصِراع العربي الإسرائيل ي ويعتبر الصِراع المركزي في هذا المُركب   الذي أدى إلى ظهور سلسلة من الحروب التاريخية (1948 ، 1956 ، 1967 ، 1969–، 1973 ، 1982) بالإضافة إلى سلسلة لا نهاية لها من الاشتباكات العسكرية الصغيرة داخل إسرائيل وحولها، يشمل هذا المُركب الفرعي بشكل أساسي إسرائيل  وجيرانها المباشرين ، وهو مزيج من الدول (سوريا ولبنان والأردن ومصر) والجهات الفاعلة غير الحكومية (منظمة التحرير الفلسطينية وحماس وحزب الله) ) تلحمي، 2014(.

بخصوص تطور الصراع في مركب الشام، كان هنالك صراع داخلي بين إسرائيل والفلسطينيين، وثم توسع أطراف الصراع بين إسرائيل ودول الجوار والعالم العربي بشكل أوسع (Tibi، 1993، pp 4-183) وعلى مستوى أعلى، أنحصر أطراف هذا الصراع إلى ما بين إسرائيل ودول العالم الإسلامي الأوسع نطاقا خاصة بعد الثورة الإيرانية عام 1979، وتميز الخطاب العربي والإسلامي بالداعم القوي للقضية الفلسطينية في كثير من الأحيان وذلك لكسب الحكومات العربية الشرعية بين شعوبها، فمع وجود الأنماط المشتركة للعروبة والإسلام، تشكل تحالف العربي الإسلامي ضد إسرائيل (Buzan & Wæver، 2003، p 191).

أما تطور الصراعات في مُركب الخليج، تمثَل بوجود الصراع الإيراني الشيعي والخليجي السني، وتاريخياً، كانت الإمبراطورية العثمانية في الغالب مُمثل السنة، بينما مثّل الصفويون الإسلام الشيعي بالمنطقة والعالم. لعبت هذه العوامل العرقية والطائفية دوراً مهماً مماثلاً في التوترات الحديثة بين إيران والعراق، وبين إيران ودول الخليج العربي، وعوامل أخرى شكلت الصراعات في مُركب الخليج وهي تتعلق بالخلافات حول الحدود وأسعار النفط، والخوف العام بين عرب الخليج من طموحات الهيمنة لصدام حسين بعد احتلال الكويت (Buzan & Wæver. 2003، p 191) . ما بعد استقلال دول شرق الأوسط من الاستعمار الغربي، أصبح الصراع الأول في المُركب الخليجي بين إيران والإمارات العربية المتحدة وذلك بعد استيلاء إيران على بعض الجزر المتنازع عليها من الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، وعند حدوث الثورة الإيرانية في عام 1979، أدى ذلك إلى تدخل إيران والسعودية في الشؤون الداخلية للدول العربية في حرب الخليج الأولى (حرب الإيرانية والعراقية) للفترة 1980-1988، وانتهت بالتعادل، وبدأت حرب الخليج الثانية في عام 1990 بضم العراق للكويت في أعقاب الخلاف على أسعار النفط، ونتج عن ذلك حرب دولية ضد العراق في أوائل عام 1991 من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي أعادت استقلال الكويت ووضعت العراق تحت عقوبات دولية شديدة (إبراهيم، 2020، ص 77).

 من الجدير بالملاحظة، أن الخاصية الأخرى لمُركب الأمن الفرعي في الشام والخليج، وفي مُركب الأمن في الشرق الأوسط ككل، هي وجود تحولات بين أطراف الصِراع المركزية والرمزية بين المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وبين فواعل الدول وغير الدول،  والمقسمة إلى خمس فترات زمنية وسنبينها كالتالي:

 الموجة الأولى: هي التحول الرئيسي في مُركب الأمن في الشرق الأوسط، و بدأت منذ تأسيس إسرائيل  وبداية الصِراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1948 حتى نهاية الحرب الباردة.

الموجة الثانية: بدأت مع بداية الصِراع الخليجي- الإيراني، أي منذ الثورة الإيرانية عام 1979 إلى نهاية الحرب الباردة، حتى هجوم التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ضد تدخل العراق في الكويت عام 1991.

الموجة الثالثة: بدأت منذ الصِراع بين العراق و دول الخليج العربي منذ عام 1991 حتى فترة الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

 الموجة الرابعة: بدأت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 و بالتعاون مع دول الخليج العربي، وحتى بداية الاحتجاجات أو الثورات العربية عام 2011.

 الموجة الخامسة: بدأت منذ الاحتجاجات في سوريا عام 2011، و بسبب التقارب الجغرافي والثقافي والطائفي ، سرعان ما أمتدت الاحتجاجات إلى العراق عام2011 ، وإمتد الى بداية ظهور تهديد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، حتى استمرار الديناميكيات الصِراع في المنطقة بنسب متفاوتة  عام 2023.

بالتالي، يمكن القول بأن نظرية مركب الأمن الإقليمي مهم في فهم الاعتماد الأمني المتبادل بين الصراعات المحلية والمحاور الإقليمية إذ تبين هذه النظرية بأن التقارب الجغرافي والثقافي والتاريخي يشكل الاعتماد الأمني المتبادل بين دول المنطقة مما ينتج أنماطا من العداوة والصداقة بين القوى الرئيسية المتنافسة في المنطقة؛ لذلك فإن هذه النظرية لا تهمل ترابط ودور الصراعات الداخلية في تشكيل صراع المحاور الإقليمية حول الحفاظ أو التغيير للوضع الراهن. وهكذا، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل تطورات الفترة الخامسة في مركب الأمن في الشرق الأوسط، أي بمعنى تحليل دور الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق في تشكيل التنافس والصراع بين محور المقاومة الإيراني ومحور الممانعة الخليجي، إلى جانب معرفة تأثير صراع المحورين على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة وأهمها ضمان أمن إسرائيل وحماية نفط الخليج.

إذ يضم محور المقاومة نظام السوري وحزب الله والحكومة العراقية بهدف تحقيق/ بقاء هيمنة الشيعة في البنية السياسية أما محور الممانعة يضم الحكومات الخليجية العربية السنية، وأهمها السعودية بالإضافة إلى دراسة نهج هذا المحورين، سيتم تحليل التنافس داخل محور الممانعة بين الدول السنية العربية (السعودية وقطر)، ولكي نفهم محور الممانعة بشكل أوسع، سنقوم بتحليل أنماط التنافس بين أعضاء محور الممانعة مع أطراف الأقاليم المجاورة لهذا المحور مثل تركيا، فضلا عن الجهات الفاعلة في مركبات الأمن في الأقاليم المجاورة. بالتالي، نستطيع أن نغطي المستويات الأربعة لنظرية المركب الأمني في فهم وتحليل دور الاحتجاجات في سوريا والعراق في تشكيل التنافس والصراع بين المحورين في مركب الأمن في الشرق الأوسط.

4.    خصائص المحور الإيراني ( الحفاظ على الوضع الراهن)

عموماً، في حسابات محور المقاومة الإيراني، فإن سقوط الأسد يمكن أن يغير التوازن الإقليمي في المنطقة على حساب محور إيران وسوريا وحزب الله القريب من روسيا، ولصالح محور السعودية والدول العربية السنية وتركيا، سيما أن جمهورية إيران الإسلامية وحلفائها يسعون ببقاء سوريا كخط مواجهة للعراق وموقع حيوي للحفاظ على التوازن الإقليمي،  وهذا يعني محور المقاومة يسعى إلى الحفاظ على نفوذ جمهورية إيران الأسلامية في المنطقة والعالم الإسلامي. عندما بدأت موجة الاحتجاجات الشعبية في تونس 2010-2011، قبل أن تمتد هذه الموجة إلى الدول المجاورة، أعربت طهران عن دعمها لهذه الاحتجاجات، وقد صنّف قادة إيران هذه الحركات الاحتجاجية، التي تتحدى إلى حد كبير شرعية الأنظمة المحافظة في الشرق الأوسط الموالية للغرب، على أنها حركات إسلامية(Jubin, 2013, p25). من ناحية أخرى، مع بداية الأزمة في سوريا والعراق، دعمت إيران بشكل متزايد النظام السياسي في سوريا والحكومات المتعاقبة في العراق مع الهيمنة الشيعة في البنية السياسية. وهنا أسئلة تطرح نفسها ما الذي تعنيه سوريا والعراق في الاستراتيجية الكبرى لجمهورية إيران الإسلامية في المنطقة؟ وهل تدعم فعلا إيران نظام الأسد ضد المعارضة الداخلية والإقليمية؟ وهل تدعم الحكومة العراقية؟ و هل يدعم إيران النظام السوري و العراقي كجزء من مشروعها الأيديولوجي في المنطقة؟ سنحاول الأجابة  على هذه الأسئلة في النقاط التالية:

4.1.            أهداف محور المقاومة الإيراني في سوريا و العراق

بشكل عام، تؤكد الخطابات الإيرانية على أن سوريا والعراق موقع حيوي للحفاظ على دورها ونفوذها الإقليمي، وإن إيران تنظر بشكل متزايد إلى الأزمة السورية باعتبارها لعبة محصلتها صفر، وهنالك مخاوف من سقوط الأسد الذي بدوره سيمهد الطريق أمام محور الممانعة لمواجهة محور المقاومة في المنطقة. الخطاب الإيراني يؤكد أن كلا من سوريا والعراق هما حليفان مهمان لها في المنطقة (محمد وآخرون، 2017، ص 81) فقد صرح الإمام خامنئي بأن "الحرس الثوري في سوريا هو تكليف وواجب... وإن دور المقاومة كان هو الأساس في الانتصار على الحرب الكونية ضد سوريا وتجاوز تداعيات مخطط إسقاط النظام والقضاء على مشروع الشرق الأوسط الجديد من البوابة السورية (موقع الخنادق، 2022). وصرح ممثل الأمام الخامنئي في سوريا" إني أرى سوريا الآن قد تحولت بفضل مقاومتها، لا سيما في السنوات الأخيرة، إلى الأمام وأسوة لكافة دول المنطقة (موقع مكتب الأمام الخامنئي في سوريا، 2019). "قال خامنئي في خطاب بعد اغتيال سليماني في العراق" يجب إنهاء الوجود الأمريكي المفسد... وفي الليلة الماضية وجهنا لهم صفعة على وجوههم متحدثا عن الهجوم الذي شنته إيران بالصواريخ الباليستية على منشآت أمريكية في العراق (Khalaji، 2020)...

 إذا سقط نظام الأسد، فإن إيران لن تخسر حليفاً عربياً مهماً فحسب، بل ستنخفض قدرتها على دعم حزب الله، و نفوذها في لبنان وكذلك في فلسطين ودورها في الصِراع العربي الإسرائيلي، كما أن إيران قد تواجه ظهور هلال سني موالي للغرب في المنطقة يمتد من تركيا إلى سوريا والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفي هذا الصدد، تنظر إيران إلى سوريا بوصفها خط دفاعها الأول ضد الجهود المتضافرة لأعدائها الإقليميين وخارج المنطقة، الذين لا يبحثون فقط عن تغيير النظام في سوريا وإنهاء تحالفها مع طهران، ولكن ايضاً  لعزل وانهيار جمهورية إيران الإسلامية كجزء من استراتيجيتهم الطويلة المدى(Katz, 2018).  وفي مثل هذه الظروف تكون دعوة رجل الدين البارز؛ "الشيخ يوسف القرضاوي" الذي دعا أهل السنة للقتال في سوريا ضد إيران وحزب الله الشيعي وأطلق على الحركة الأخيرة لقب " الحزب الشيطاني"، وأعطى الطبيعة الطائفية لهذا الصِراع بهيمنة الشيعة في المنطقة(Jubin, 2013, pp 26-27).

   على الرغم من أن هناك أختلاف بين الدراسات و المواقع الرسمية حول قاعدة البيانات التي تبين العدد الحقيقي للمجاميع الشيعية المسلحة في العراق وسوريا، ولكن تتفق تلك الدراسات والمواقع الرسمية بان الجماعات الشيعية المسلحة في العراق هم أكثر نشاطا من سوريا. فدراسة في المعهد الامريكي تبين بوجود حوالي 100 جماعة شيعية كانت نشطة في جميع أنحاء العراق وسوريا ما بعد عام 2014 ، ومواقع ايرانية تبين وجود أكثر من 125 جماعة شيعية نشطة في سوريا والعراق (Smyth, 2020 & Jihad Identifiers Database, 2023).

وبحسب مقال صادر عن مركز الروابط للأبحاث والدراسات الإستراتيجية في عمان بالأردن، فإن هناك ما يقارب 67 جماعة شيعية مسلحة، تنشط في مناطق مختلفة من العراق وسوريا ولكل منها اسمها وزعيمها وإقليمها وسلطتها الدينية (مركز الروابط للبحوث و الدراسات الإستراتيجية،2016 ).  إلى جانب ذلك، ترى بعض المصادر بأنه عندما قام رئيس الوزراء السابق ، حيدر العبادي ، بتسليم ملف تمويل الحشد و كمبلغ مقطوع لأبو مهدي المهندس، أحد قادة الحشد الشيعي المعروف بالتعاون الوثيق مع إيران منذ الحرب العراقية الإيرانية (Mansour& Jabar, 2017 ). كان هذا كمؤشر بوجود سيطرة أبو مهدي المهندس على الميليشيات المتطوعة و كذلك السيطرة على تدفق الأموال داخل هيئة الحشد في المجاميع الثلاثة المذكورة سابقاً(Mansour& Jabar, 2017 ). يمكن القول بأن مجموعة الحشد السليماني الموالية لإيران استقبلت المزيد من المتطوعين والمعدات العسكرية، مما زاد من مكانتها كقوة قتالية واكتسبت مكانة أقوى داخل المجموعتين في الحشد الشعبي في العراق.

فالخطاب و السلوك الإيراني تجاه الاحتجاجات في سوريا والعراق قد خلقت مخاوف لدى الدول المنافسة لها في المنطقة وخاصة السعودية  وتركيا وإسرائيل الحليفة لواشنطن، وازدادت تلك المخاوف ما بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق عام 2014، عندما شعرت إيران أنه ينبغي عليها زيادة نفوذها في سوريا والعراق لمواجهة أي احتمال تقاسم حدودها مع العدو Dina & Ariane, 2015, pp 115)) كذلك، إيران تعتبر العراق كمنطقة حيوية من حيث أمنها القومي وايضاً  كصديق ودولة موحدة من أجل دعم مصالح الأمن القومي الإيراني في سوريا و المنطقة(Larrabee & Nader, 2013. p 12) .

4.2.            المحور الإيراني: متغيير سوريا و العراق

كما هو متوقع، أصبحت البيئة الأمنية في العراق غير مستقرة منذ بدء التمرد والأعمال العدائية في سوريا، وفي حزيران 2014، بدأ مقاتلو المعارضة  السورية، الذين كانوا في الأساس جماعات تابعة لتنظيم القاعدة، في إنشاء ملاذ آمن لهم في غرب العراق لتكون منصات لهجماتهم داخل البلاد، هذه المؤشرات هي أولى بوادر انتشار المعارضة  السورية وحلفائها في العراق(William and et al, 2014, p 36).

في الوقت نفسه ، وجود علاقات مشكوك فيها بين العراق وسوريا في العقد الأخير، اي حكومة نوري المالكي (رئيس وزراء العراق السابق) مع إدراكه أن الحرب الأهلية في سوريا وعواقبها على المنطقة والعراق قد تدفع مجموعات أرهابية مثل القاعدة والتطرف السني التي تحاول أختراق الاحتجاجات الشعبية و تغيير السلطة في العراق؛ لذلك، حاول المالكي دعم نظام الأسد ضد الاحتجاجات في سوريا (Al-Khoei, 2013, p 34) . في الوقت نفسه، سهلت بغداد ذهاب عدداً من القوات الشيعية إلى سوريا لدعم نظام الأسد(Al-Khoei, 2013, pp, 36-37). إضافة إلى ذلك، تم إرسال مقاتلين بشكل معلن من المساجد والحسينيات الشيعية العراقية لمساعدة نظام الأسد ضد المعارضة والمتمردين (Young, 2014, p 37)توصل المالكي انذاك إلى استنتاج مفاده أنه منذ أن دعمت المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا منافسي المالكي في العراق  في الماضي، يمكن أن يكون دعم هذه الدول  لمعارضي الأسد مؤشرا على الدور الذي تلعبه هذه الدول ضد حكومته (Al-Khoei, 2013, pp 36-37). فقد أستمر هذا الخوف موجودا في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، حيث قالت مصادر رسمية عراقية في بغداد، إن وفداً عراقياً رفيعاً، وصل إلى دمشق، وسلّم رسالة خطية لبشار الأسد من حيدر العبادي، تؤكد على التعاون بين البلدين والحرب على الإرهاب (أحمد الجميلي، 2016). بالتالي، الاحتجاجات في سوريا والعراق، شكلت مخاوف إيرانية من تهديد محور المقاومة بالمنطقة.

4.2.1.      المحور المقاومة الإيراني(الجهات الفاعلة الإسلامية و الإثنية من غير الدول)

بشكل عام، محور المقاومة الإيراني يضم جهات من غير الدول كحزب الله اللبناني، و الحشد الشعبي العراقي والدفاع الوطني السوري و الحوثي اليمني. مع بداية الاحتجاجات في سوريا في آذار 2011، ابتعد حزب الله عن دعم نظام الأسد بسبب الخوف من اندلاع التوترات في لبنان، وفي الواقع، دعم حزب الله الأسد تدريجياً على نطاق واسع، ومع توسع الأزمة وأصبح الأسد أكثر اعتماداً على المساعدات الخارجية، سارع حزب الله إلى مساعدة الأسد بقوة أكبر، وفي هذا الصدد، أيد السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الالتزام والمشاركة لضمان انتصار الأسد (Dacey, 2013, pp62-63). وفي حسابات حزب الله، إن سقوط الأسد يمكن أن يغير التوازن الإقليمي في المنطقة على حساب محور إيران وسوريا وحزب الله، ولصالح محور السعودية والدول العربية السنية و تركيا، وايضاً  داخل المنطقة، إلى أن خسارة حزب الله ومصلحة تحالف 14 آذار ستتغير(Barnes, 2013, p 62). أما قوات الحشد الشعبي العراقي كانت على تعاون مع إيران، ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام التي كانت تشكل تهديداً مباشرًا للسكان الشيعة ولمناطق الأضرحة الشيعية في مدينتي النجف وكربلاء، إذ أصدر رجل الدين الشيعي العراقي آية الله السيستاني فتوى في 13 حزيران 2014، دعا فيها جميع العراقيين إلى حمل السلاح، بما فيهم السنة والشيعة لمواجهة خطر تنظيم داعش. يرتبط الحشد ارتباطًا وثيقًا بالأحزاب السياسية الموالية لإيران، مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق و سرايا السلام في العراق، و كان له تأثير كبير على السياسة الانتخابية العراقية عام 2017) صبحي و عزيز،2016، ص ص 1-11(. و كان أغلبية الحشد ولائهم لإيران و كانوا أكثر تسليحا وتنظيما؛ ولذلك سُمي بحشد قاسم السليماني(Hiltermann,2015).

كما أن قوات الدفاع الوطني في سوريا لها أرتباط وثيق مع إيران ايضاً، وهي مجموعة عسكرية سورية شكّلتها الحكومة السورية عام 2011 لمواجهة المحتجين، وبدعم من إيران و حزب الله اللبناني على غرار ميليشيا باسيج الإيرانية التي أثبتت فعاليتها في استخدام العنف والترهيب لقمع المعارضة السياسية داخل إيران. مهام قوات الدفاع الوطني هو المساندة في عمليات الجيش السوري ضد المعارضة  المسلحة، وتُقاتل مباشرة ضد أهل السنة والكورد وبالتنسيق مع الجيش الذي يوفر لهم الدعم اللوجيستي والمدفعي(Global Security,2013). أما مجموعات الحوثي اليمنية كانت ايضاً أداة لإيران لتحويل انتباه المملكة العربية السعودية عن سوريا(Finn, 2011) .

4.2.2.      المحور الإيراني و المجموعات الكوردية  في سوريا و العراق و تركيا:

 في البداية، فتحت الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» أبعاداً جديدة في الحركة الكوردية العابرة للحدود الوطنية. إلّا أنّ أي تفاؤل بقوميةٍ كوردية عابرة للحدود لم يدم طويلاً، إذ بدأ ضغط كل من إيران وتركيا لتفاقم التوتر بين «الحزب الديمقراطي الكوردستاني» و«حزب العمال الكوردستاني» وداخل حكومة إقليم كوردستان، فقد تباعدت المصالح الإقليمية لإيران وتركيا بشكلٍ ملحوظ بسبب الحرب في سوريا(Wahab, 2017). لذلك، سنبين روابط بين المجموعات الكوردية مع  إيران في دول الجوار كالأتي: المجموعة الأولى هي  روجافا أو كوردستان السورية، كانت على تحالف مع إيران و سوريا، مع اشتداد حدّة الأزمة في سوريا، قرر نظام الأسد خلال شهر تموز 2012، إلى الانسحاب من المناطق ذات الغالبية الكوردية في الشمال السوري، ولملء الفراغ الناشئ هناك، سارع «حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردستاني السوري » وميليشيا "وحدات حماية الشعب" التابعة له لملء الفراغ وفرضا سيطرتهما على تلك المناطق وتسببا بتهميش الفصائل الكوردية الأخرى، وفي نهاية المطاف أنشأوا منطقة الإدارة الكوردية في شمال سوريا أو ما يعرف بـ"روج آفا(Cagaptay, 2017). وهي عبارة عن كيان مستقل ذاتي الحكم و تتكون من كانتونات مترابطة، كوباني والجزيرة ، وكذلك كانتون عفرين(Steele, 2015, pp. 24-27). في الواقع، أن الحكومة العراقية الحليفة لإيران تبدي الاستحسان إزاء"روج آفا (Steele, 2015, pp. 24-27). أما بالنسبة لسوريا، فتحافظ "روج آفا" على علاقات اقتصادية وطيدة مع المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام(Schmidt, 2019)، إلا روج افا يتمتعون ايضاً  بعلاقات جيدة مع روسيا باعتبارهم بطاقة مفيدة لروسيا ضد أنقرة( Cagaptay, 2017). وما يزيد الوضع تعقيداً هو أن (وحدات حماية الشعب) متفرّعة عن (حزب العمال الكوردستاني)، وهو تنظيم مصنّف على لائحة الإرهاب الأمريكية ويحارب الحكومة التركية منذ عقود    ( Cagaptay, 2017).

المجموعة الكوردية الثانية هي الأتحاد الوطني الكوردستاني في العراق، يقول رانج علاء الدين*[1]أعادت إيران إحياء روابطها التاريخية مع الاتحاد الوطني الكوردستاني  ودعمها سياسياً في العراق، وهو الخصم الرئيسي لـ «الحزب الديمقراطي الكوردستاني»(Alaaldin2023). أما  المجموعة الكوردية الأخرى هي الحزب العمال الكوردستاني في سنجار،  فقد أعادت إيران إحياء روابطها التاريخية مع هذا الحزب و هو الخصم الرئيسي لـ الحزب الديمقراطي الكوردستاني و كانت ضد الاستفتاء الذي أجرته حكومة إقليم كوردستان عام 2017، فعندما أنسحب قوات البيشمركة من سنجار،  عززت من سيطرة حزب العمال الكوردستاني بالتنسيبق مع وحدات فصائل الحشد السليماني  في سنجار )عزت نوح، 2022(.

من الجدير بالملاحظة، أن كل المؤشرات السابقة تُبين خصائص محور المقاومة الإيراني الذي يهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي في سوريا والعراق، ومواجهة محور الممانعة الخليجي، فضلاً عن وتركيا وإسرائيل،مما يشكل تهديد للتوازن الإقليمي في الشرق الأوسط لصالح إيران.

5.    خصائص محور الممانعة ( تغيير الوضع الراهن)

عموماً، في حسابات محور الممانعة، بأنه التحالف المناهض لإيران و نفوذها في سوريا والعراق و اليمن، و يتمركز المحور الممانعة حول دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية و بدعم من تركيا وإسرائيل  الحليفة لواشنطن؛ وتعد كتحدٍ للهيمنة الإيرانية، وهذا يعني محور الممانعة يسعى إلى تغيير النظام السياسي في سوريا وأن تكون العملية السياسية في  العراق بعيدة عن محور المقاومة الإيراني. ولذلك، من الضروري أن نبين خصائص محور الممانعة كتحدي تجاه المحور المقاومة الإيراني كالآتي:

5.1.             تهديد لمحور المقاومة الإيراني (التوسع الداخلي لمحور الممانعة الخليجي)

 بشكل عام، مع بداية الأزمة في سوريا، واصلت حكومات الخليج العربي، وعلى الرغم من دعمها لإنهاء الأزمة من خلال الحوار والمفاوضات، إلى تغيير النظام في سوريا وتغيير سياسات الحكومات العراقية بإقصاء السُنّة، إذ سعت حكومات الخليج العربي  وتحديداً المملكة العربية السعودية إلى تغيير الوضع الراهن من خلال دعم المعارضة  في سوريا وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، كل ذلك شكل تحدٍ لمحور المقاومة الإيراني في سوريا والعراق. هنا أسئلة تطرح نفسها: لماذا تدعم حكومات الخليج العربي تغيير النظام السوري؟ ومن ناحية أخرى، كيف يمكن لسقوط النظام أن يُؤمن مصالح دول الخليج العربي، وخاصة السعودية فضلاً عن العراق؟

بخصوص سوريا، تحاول حكومات الخليج العربي استخدام الأزمة السورية لإبعادها عن محور المقاومة الإيراني، وهذا الجهد يهدف إلى إضعاف محور إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وحماس في المنطقة، وتغيير توازن الإقليمي على حساب إيران في المنطقة، يعتقد قادة المملكة العربية السعودية وقطر ان إنشاء نظام صديق في العراق يمكن أن يحد من نفوذ إيران في سوريا؛ ونتيجة لذلك، يزيد من ثقلهم الاستراتيجي الإقليمي تجاه إيران، كما أن تغيير النظام في سوريا يمكن أن يساعد في تعزيز العلاقة بين دول الخليج العربي وحلفائها في لبنان، الذين يتعارضون مع محور حزب الله اللبناني وبشار الأسد من حيث العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية(Hassan, Hassan, 2013, pp 17-18).

 وفيما يتعلق بالأزمة في العراق، ألقت السعودية ، كغيرها من الدول السُنية، باللوم على السياسات الإقصائية المناهضة للسُنة التي انتهجها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، والتي ربما ساهمت في ظهور تهديد تنظيم داعش(Reuters,  2014). الحشد الشعبي لم يشارك فقط في الحرب على داعش في العراق، وأنما شارك في العملية السياسية في العراق أيضا. فقد أثارت الانتخابات البرلمانية في العراق عام 2019 ونتائجها، جدلاً سياسياً كبيراً بسبب التزوير، و توجه الأتهام إلى المرشحين المقربين من الحشد الشعبي، وإيران(مراد البطل الشيشاني،2021).

بهدف تعزيز العراق من مكانته الإقليمية قام باستضافة القمة العربية في عام 2021(مراد البطل الشيشاني،2021). وبوساطة عراقية ، استأنف " مباحثات تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران في العاصمة العراقية بغداد في عام 2022، وقد كانت قطعت الرياض العلاقات مع طهران منذ عام  2016عندما اقتحم محتجون إيرانيون السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية بعد إعدام رجل دين شيعي في السعودية DW) ، 2022). بالرغم من ذلك، أستمرت مخاوف دول محور الممانعة من التقارب العراقي مع إيران.

 وفيما يتعلق بالأزمة السياسية الحالية في العراق ( سلسة الإقالات لبعض اهل السُنة- منها إقالة محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان)سكاي نيوز العربية،  2023(. تزامناً مع أستقالة نجم الجبوري محافظ نينوى بسبب قانون المساءلة والعدالة) و تزامن ذلك مع موعد الانتخابات البرلمانية عام 2023 )سكاي نيوز العربية،  2023(. كل هذه الديناميكيات الأمنية في سوريا و العراق، شكلت محاولات لتوسع محور الممانعة لانضمام دول جديدة من داخل مُركب الخليج و مُركب   الشام لمواجهة تهديد محور المقاومة الإيراني وسنبين هذا كالأتي:

1-   أرسال قطر والسعودية الأموال والأسلحة لفصائل المعارضة  في سوريا. أرسلت قطر دعوة لتلك الفصائل للاجتماع في الدوحة في محاولة لتوحيدها ليكون لها دور أقوى في الإطاحة بنظام الأسد(Khoury, 2023). كذلك، قامت السعودية بشراء الذخيرة من أوروبا الشرقية وتم توجيهها إلى المتمردين في سوريا(Mazzetti & Apuzzo, 2015)

2-    أرسل مجلس التعاون الخليجي لدولتي المغرب والأردن ، دعوة للتقدم بطلب العضوية في مجلس التعاون الخليجي عام 2011 كونهما الدولتين الملكيتين اللتين ليستا عضوتين في المجلس ، بهدف توسع جبهة مجلس التعاون الخليجي سياسيا وعسكريا ، كون لديهما علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة و دول الاتحاد الأوروبي في محاولة ليكون لها دور أقوى في إسقاط نظام الأسد الحليفة لإيران (Khoury, 2023).

3-   أرسلت  السعودية الإمارات دعوة للبحرين للانضمام إلى محور الممانعة  في أسقاط نظام الأسد(Seddiq, 2021, p33). كأنظمة ملكية عربية محافظة، تشترك السعودية والإمارات والبحرين الشعور بالتخوف من تزايد نفوذ إيران في سوريا، و عملت السعودية والإمارات على طرد سوريا من جامعة الدول العربية، و صنفت حزب الله كمنظمة إرهابية في عام  2017(McDowall, 2014). وفي عام 2018، وصرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان" بإن البشار  باق الأن ... لكنني أعتقد أن مصلحة بشار هي عدم السماح للإيرانيين بفعل ما يريدون القيام به"(رحيمة، 2023).

4-   شكل محور "اتفاقيات إبراهام" التطبيع العربي الإسرائيلي بضم دول الأمارات و قطر وبحرين. وقد يعيد ذلك توحيد مُركب   الخليج ومُركب الشام لمواجهة محور المقاومة الإيراني(Singh, 2022).

بالتالي، كل هذه الديناميكيات في مُركب الأمن الخليجي َبين التوسيع الداخلي أومحاولة اضافة أعضاء جدد من مُركب الخليج و مُركب الشام، قد شكل خاصية توسع محور الممانعة لمواجهة تهديد محور المقاومة الإيراني.

5.2.            توسيع لمحور الممانعة الخليجي بضم دول من الأقاليم المجاورة: تركيا

بشكل عام، كدول سُنية، هناك تقارب خليجي وتركي في هدف تغيير نظام الأسد وإبعاد العراق عن إيران لأضعاف محور المقاومة. قبل الاحتجاجات في سوريا، أتبع حزب العدالة والتنمية  استراتيجية تصفير المشاكل مع الجيران(Yilmaz,2013,p 67). ولكن بعد الاحتجاجات في سوريا، أصبحت تركيا تواجه وضعاً جديداً يتطلب إعادة النظر في علاقاتها مع جيرانها، وخاصة سوريا التي تعاني من أزمة.  بشكل عام، يمكن دراسة سياسة تركيا تجاه سوريا على شكل ثلاث مراحل، في الأيام الأولى للتمرد في سوريا، كانت تركيا تأمل في الحفاظ على علاقاتها المتنامية مع دمشق بشرط بدء نظام الأسد بالإصلاحات وإجراء حوار بين المعارضة  وفي هذا الصدد، حاولت تركيا في الفترة من آذار إلى أيلول عام 2011 بإقناع الأسد بتنفيذ الإصلاحات والإجراءات اللازمة التي قد تحل هذه الأزمة، ولكن بما إن الأسد لم يكن لديه أي نية لإجراء إصلاحات حقيقية، فقد تغيرت سياسة تركيا باتجاه تغيير النظام السوري وفي المرحلة التالية، قامت تركيا بدعم عناصر المعارضة  السورية وسمحت لهم بالاستقرار والتنظيم في تركيا، و تعتقد تركيا أن رحيل الأسد عن السلطة ضروري لحل الأزمة(Yilmaz, 2013, pp 67-68). ويعتقد القادة الأتراك أن نظام الأسد لا يستجيب لجهود تركيا والجهود الدولية الأخرى لإنهاء العنف في سوريا ولا تستجيب لطريق الإصلاح السياسي، كما توصلت تركيا ايضاً  إلى استنتاج مفاده أن استمرار دعم النظام الذي يتم تقديمه بشكل عام في المنطقة على أنه نظام غير شرعي أمام شعبه(Sharp & Blanchard,2012).

 من جهة أخرى، أصبحت علاقات تركيا مع الحكومة المركزية في بغداد متوترة بعد تصرفات المالكي رئيس الوزراء (آنذاك)، بتعزيز علاقاته مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق عام 2011، و قد عقد المالكي العلاقات مع تركيا من أجل تقليص نفوذ الكورد والسُنة، وفي الواقع كان خوف الأتراك من محاولة المالكي في تقليص نفوذ الكورد والسنة و عودة نوع من الطائفية التي حدثت في عامي 2006 و2007، و مما يعطي فرصة تحقيق الاستقلال الكامل للكورد في إقليم كوردستان العراق( Larrabee & Nader, pp 12-13).

 من الجدير بالذكر أن بقاء النظام في سوريا قد يضر بمكانة تركيا في المنطقة، لذلك تسعى تركيا إلى تشكيل نظام جديد في سوريا أقرب إلى تركيا من إيران من حيث الروابط الاستراتيجية والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والدبلوماسي، ولا يقتصر النهج التركي على الأزمة السورية، بل إن تركيا تحاول في الأزمة العراقية الحالية زيادة ثقلها الاستراتيجي، خاصة في التنافس مع إيران، وفي الواقع، تعتبر تركيا عائقاً في طريق المصالح السياسية الإيرانية في العراق، إذ لا تريد تركيا أن يصبح العراق دولة تابعة لإيران. وفي هذا الصدد، تنافست كل من تركيا وإيران لدعم كتلاً سياسية قريبة منها في الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2014 (Larrabee & Nader, pp 12-13).

إذ تؤكد دراسة في المنتدى العربي للدراسات الإيرانية و كذلك دراسة في مركز البيان للدراسات والتخطيط بان التدخلات للفاعلين (تركيا وإيران) العسكري والسياسي في العراق مستمرة لحد الان(Al-Zubaidi, 2023), و (ناظم علي عبدالله،، 2018(.

5.3.            خصائص ضعف محور الممانعة الخليجي:

5.3.1.      الخلاف السني السني داخل محور الخليجي (السعودية و قطر)

بشكل عام، كان هناك خلاف بين السعودية و قطر حول الدور السياسي الذي يجب أن يلعبه الإسلام السُني في العالم، لاسيما السعودية تدعم الوهابية، و قطر تدعم الأخوان المسلمين في المنطقة. في الانتفاضات العربية عام 2011، قدمت قطر فرصاً سياسية لترسيخ نفسها كلاعب إقليمي ونظراً لعلاقاتها الأيديولوجية طويلة الأمد مع جماعة الإخوان المسلمين، اعتقدت الدوحة أن ولاء لحليف إسلامي مثل جماعة الإخوان المسلمين سيضمن مصالح قطر في المستقبل، ونتيجة لذلك، زادت قطر دعمها للإخوان في الظروف الانتقالية لدول مصر وتونس واليمن وليبيا( Khatib, Lina,2014, p 4)، ولهذا السبب ظهرت صِراعات مهمة بين قطر والحكومات السُنية الأخرى، ففي مصر صدر الحكم على صحفيين قطريين من شبكة الجزيرة بالسجن بتهمة مساعدة جماعة الإخوان المسلمين(Al-Jazeera, 2014).

في إطار طائفي بحت، ينبغي أن يكون لجماعة الإخوان المسلمين والمملكة العربية السعودية تحالف وثيق ضد محور إيران الشيعية، ولكن بالعكس، كان السعوديون أكبر المؤيدين للانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب للجمهورية والإخوان المسلمون في مصر، في مارس 2014، قامت المملكة العربية السعودية رسميًا بإدراج جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها والدولة الإسلامية في العراق والشام كمنظمات إرهابية(Gause, 2014, p 16).

في المقابل، يعتقد بعض المحللين في الخليج العربي أن سياسة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مبنية على القلق من ديناميكيات إقليمية تسوده الخوف من الإحاطة بالإسلام السياسي، وعدم السيطرة على قوة إيران، وابتعاد الولايات المتحدة عن دعم حلفائهم الإقليميين القدامى(Cook & Etal, 2014, pp 9-10). بالتالي، أدى دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين إلى أضعاف محور الممانعة الخليجي لمواجهة محور المقاومة الإيراني.

5.3.2.      خلاف السني السني بين محور الخليجي و الأقاليم المجاورة (السعودية و تركيا)

بشكل عام، هناك خلاف بين السعودية وتركيا في قيادة العالم الاسلامي، فتركيا تدعو إلى الأسلام الحديث، والسعودية تدعو إلى الأسلام المحافظ. في الواقع، هذا ما جعل تركيا و السعودية على حافة المواجهة بالرغم من أهدافهما المشتركة في موجهة محور المقاومة الإيراني. يوجد أختلاف بينهما حول دعم المعارضة الداخلية في سوريا والعراق. والقضية الحقيقية هي أن حزب العدالة والتنمية، يترأس حكومة منتخبة وديمقراطية، يضم دستورها الديمقراطية والإسلام معا، وفي نفس الاتجاه حكومة شرعية يتفوق فيها المدنيون على النخبة العسكرية على رأس حكومة إقتصادية متطورة(Yilmaz, 2013, p 153)، التي تتمتع بشعبية كبيرة وقوة ناعمة في العالم الإسلامي والشرق الأوسط، ولهذا السبب، فإن تركيا، بوصفها دولة تعتبر نفسها جسرا بين الديمقراطية والإسلام، في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، يطالب باستقطاب جماعات الأسلامية (Yilmaz, 2013, 151)، وتعبئة الإسلاميين في المنطقة نحو النموذج التركي، وعلى العكس من ذلك، يجمع النظام الإسلامي في المملكة العربية السعودية بين النظام الملكي والشريعة الإسلامية المحافظة والتي ترجع بجذورها إلى التعاليم الوهابية، وبحسب هذا النظام فإن الأعتراض على المملكة العربية السعودية يعتبر خطيئة، كما أن المذهب الوهابي يلزم المسلمين بطاعة هؤلاء الحكام( Unver Noi, Aylin,, 2014, p 94).

بعد الاصطدام بين وجهتي نظر متعارضتين للفكر الإسلامي الحديث والمحافظ، أي بمعنى ان تركيا تتبنى الإسلام الديمقراطي الغربي مع حكومة منتخبة وقانون دستوري و السعودية تتنبنى الإسلام المحافظ بمعني أن الدعم غير المشروط لحكومة غير منتخبة أمر لا مفر منه،  بالتالي، أستمرار الخلاف السعودي و التركي يعود لمصلحة محور المقاومة الإيراني مما يهدد توازن القوى في مُركب الأمن في الشرق الأوسط.  

5.4.            الجهات الفاعلة ذات المصالح الإقليمية في محور المقاومة و محور الممانعة: إسرائيل

بشكل عام، تُفضل إسرائيل  بديلاً للنظام في سوريا، ولكنها تشعر بالقلق بشأن الحكومة التي ستحل محل نظام بشار الأسد، لذلك، تأمل إسرائيل  أن يصل نظام علماني إلى السلطة في سوريا، و ينبغي أن يكون له دور و نفوذ محدود ولا تدعم الاتجاه المناهض لإسرائيل  في العالم العربي، ومع ذلك، ومن دون تغييرات كبيرة. تحاول إسرائيل  بديل نظام الأسد يكون لها عواقب إيجابية على إسرائيل  في المستقبل، وكذلك يسعى مع دول إقليمية مثل محور الممانعة الخليجي وتركيا والأردن إلى تحقيق بعض أهدافهم بشكل مشترك منها مواجهة محور المقاومة الإيراني، لذلك تحاول إسرائيل  ألا تكون بدون موقف في الأزمة السورية( Itamar, 2012, p 1). وفيما يتعلق بالأزمة العراقية، وقد أعربت إسرائيل  عن مخاوفها بشأن نفوذ إيران المتزايد ووجودها في العراق منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. وتخشى إسرائيل  من أن يشكل الوجود الإيراني الموسع في العراق تهديدا كبيرا لأمنها القومي، ولمواجهة ذلك، اعتمدت إسرائيل  عدة استراتيجيات وشاركت في أنشطة مختلفة لعرقلة توسع إيران في المنطقة.(CEPOI, 2013, p 277) بالرغم من كل ذلك، تُفضّل إسرائل بقاء نظام الأسد بدل من مجيئ جماعات متطرفة إلى الحكم(يحيى، 2019، ص 33).

5.5.            الكورد؛ من المنافسة داخل المحور في سوريا إلى التحالف ضد تهديد تنظيم الدولة الإسلامية

لا يمكن فهم السياسات الكوردية في سوريا دون إلقاء نظرة واسعة على حزبين رئيسيين، أي حزب الديموقراطي الكوردستاني و وحزب الأتحاد الوطني الكوردستاني. خلال الأزمة السورية، كانت الحزبان المركزيان يحاولان اختراق المناطق الكوردية في سوريا، حيث ضعفت سيطرة بشار الأسد، بشكل عام، يمكن القول إن التنافس بين حزب الديموقراطي الكوردستاني (بقيادة مسعود البارزاني) و حزب الأتحاد اوطني الكوردستاني( بقيادة بافل جلال الطالباني) في إقليم كوردستان في العراق قد امتد إلى الأزمة السورية،  وفي الواقع، وعلى النقيض من دعم بارزاني للمجلس الوطني الكوردي، فإن حزب الوحدة الديمقراطي يحظى بدعم من حزب الطالباني، و هو منافس للبارزاني(Bechev,2013, pp 55-56). لكن التطورات  الأمنية اللاحقة، أي تشكيل الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وتهديد مصالح وأراضي الكوردية في سوريا و العراق، جعل الحزبين الكوردين في حكومة إقليم كوردستان، أحد اللاعبين الإقليميين، و عندما تقدمت القوات التي يقودها تنظيم الدولة الإسلامية نحو الأراضي التي تسيطر عليها البيشمركة* ، واجهت حكومة إقليم كوردستان ضغوط و تحديات أمنية كبيرة، و بعد وتهديد التنظيم لأراضي إقليم كوردستان، شارك الكورد مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بثيادة الولايات المتحدة, (Katzman &etal, 2014, p4)،

الخاتمة

سعت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أحد المواضيع المهمة في الساحتيين المحلية والإقليمية ، وهو أثر الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق على مُركب الأمن في الشرق الأوسط (2011-2023). وذلك من خلال فهم مُركب الأمن في شرق الأوسط  مابعد الاحتجاجات في سوريا والعراق التي أدت إلى هشاشة الحكومة في البلدين و أمتد إلى المنطقة، ونتيجة لذلك، نشوب صِراعات  ثنائية بين محور المقاومة الإيراني و محور الممانعة الخليجي مما أدى إلى أخلال  التوازن الإقليمي لصالح إيران،. لذلك نفهم هنا بأن تأثير وتأثُر الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق بالمتغيرات الإقليمية بسبب التقارب الجغرافي، والعوامل الأجتماعية والتاريخية، مما يشكل أعتماد أمني متبادل بين دول المنطقة، لذلك لا يمكن معرفة مصادر التهديد في سوريا والعراق هل هو داخلي أم خارجي، مما يشكل المعضلة الأمنية. فضلا عما تقدم، توصلت الدراسة إلى إستنتاجات و توصيات عدة، نذكر أهمها كما يأتي:

أولا: الاستنتاجات

أ‌-     الصِراعات الداخلية: أستخدام الحكومة السورية و العراقية القوة ضد الاحتجاجات الشعبية أدت إلى تشكيل  الدولة الضعيفة و السلطة القوية.  إذ إن أمن الدولة الضعيفة في سوريا مرتبط بتحليل أمن الدولة الضعيفة في العراق المجاور، وذلك بالرجوع إلى مكوناتها الأساسية الثلاثة فكرة الدولة، وقاعدتها المادية وتعبيرها المؤسسي. وهنا يعطي مؤشر بأن الاحتجاجات الداخلية في العراق هو أمتداد للأحتجاجات في سوريا ولا يمكن الفصل بينهما.

ب‌-  الصِراعات الإقليمية: الاحتجاجات الداخلية في سوريا والعراق شكّلت نمط من المواجهة  بين محور المقاومة الإيراني (بقاء الوضع الراهن الذي يتميز بضم نظام الأسد وحزب الله اللبناني والمليشيات العراقية) و محور الممانعة الخليجي السني (تغيير الوضع الراهن الذي يتميز بضم دول الخليج ) وتقارب مع تركيا في تغيير نظام الأسد و إضعاف هيمنة الشيعة في البنية السياسية في العراق ايضاً ،لاضعاف وتهديد محور المقاومة.

من جانب أخر،  يتميز محور الممانعة الخليجي بالضعف بسبب وجود التنافس السُني السُني في داخل هذا المحور وخارجها حول طبعية قيادة الدول الأسلامية في المنطقة. فالمنافسة بين المملكة العربية السعودية و قطرعلى قيادة العالم الأسلامي في المنطقة من جهة ، والمنافسة بين المملكة العربية السعودية و تركيا لقيادة العالم الأسلامي من جهة أخرى. ومن ثُمّ، ان الخلاف حول الدور المناسب للإسلام في مستقبل المنطقة قد أضاف توتر الى البنية الاجتماعية في مُركب الأمن في الشرق الأوسط. إلى جانب ذلك، أدى دعم تطبيع الأمارات العربية المتحدة وقطر مع إسرائيل  إلى زيادة تعقيد المنافسات بين محور الممانعة الخليجي و محور المقاومة الإيراني. و إخيرا، التنافس السعودي مع قطر وتركيا على القيادة الأسلامية في المنطقة، وتطبيع الأمارات مع إسرائيل ، إعطت فرصة لإيران بتعبئة الرأي العام لصالحها وتبرير لحشد مجاميع مسلحة في العراق و سوريا.

ت‌- صِراعات الإقليمية مع الأقاليم المجاورة: إن التنافس السعودي والتركي في قيادة العالم الاسلامي أدى إلى انفصال تركيا عن المُركب الأمني ​​في منطقة البلقان، ودخول تركيا بشكل كامل في المُركب الأمني ​​في الشرق الأوسط. الا أن هذا التنافس لم يكن قادراً بشكل أساسي على إشراك الجهات الفاعلة المهمة في المُركب الأمني ​​في جنوب آسيا، بما في ذلك الهند وباكستان. كذلك، على مستوى تفاعل المُركب الأمني في الشرق الأوسط مع المُركبات الأمنية في القوقاز وآسيا الوسطى، بالرغم من التواجد الواضح لمقاتلين أجانب من دول هذه المُركبات في قوات تنظيم داعش في العراق و سوريا، الا ان دول هذه المُركبات لم تعطي أي اهتمام بالموضوع.

 اخيرا وليس أخراً، تستنتج الدراسة بصحة الفرضية بأن كلما كان الصِراعات الداخلية في سوريا والعراق مترابطة سياسياً و أجتماعياً و تاريخياً، كلما تؤثرعلى أنماط الصِراع و التنافس بين محور المقاومة الإيراني ومحور الممانعة الخليجي ، وكلما كان هناك أخلال في توازن القوى الإقليمي لصالح محور المقاومة الإيراني، كلما دفع تركيا وإسرائيل  التدخل في المُركب الأمني في الشرق الأوسط. وهذا يعني و جود علاقة تأثير و تُأثر بين الاحتجاجات في سوريا و العراق و الصِراع بين المحورين في المنطقة، ووجود أعتماد أمني متبادل لتركيا واسرائيل في المنطقة، ولا يمكن فصل تهديد أمن دولة عن اخرى في المنطقة بسبب العداوة والصداقة التاريخية في المنطقة، والتقارب الجغرافي. بالتالي، يوجد علاقة تأثير وتأثر بين الصِراعات الداخلية في سوريا و العراق، و الصِراعات الإقليمية بين المحورين، و الصِراعات بين مُركبي ألامن الفرعيين (الخليج والشام)، والصِراعات بين المُركب الأمني في الشرق الأوسط والمُركب الأمني في الأقاليم المجاورة، بالتالي يُشّكل المُركب ألامني المعياري في الشرق الأوسط. فضلاً عن وجود دور للعامل الدولي في هذا المُركب لكن لمحدودية نطاق الدراسة لم نتطرق إليها.

قائمة المصادر


اولا: المصادر باللغة العربية

DW ، "استئناف" مباحثات تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، 2022، متوفر على الموقع التالي: "استئناف" مباحثات تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران – DW – 2022/4/23 تاريخ الزيرة 6/7/2023.

ديانا رحيمة، كيف ينعكس تقارب الرياض والنظام على الحل السياسي في سوريا؟ التلفزيون السوري، 2023، متوفر على الموقع التالي: https://www.syria.tv / تاريخ الزيارة 8/12/2023.

بي بي سي،  المالكي يطلب مساعدة إيران في إعادة إعمار العراق، 2010، متوفر على الموقع التالي: المالكي يطلب مساعدة إيران في إعادة إعمار العراق ، متوفر على الموقع التالي: BBC News عربي تاريخ الزيارة 6/7/2022.

جونا صبحي، و دلخواز إسماعيل عزيز، تقرير عن: الحشد الشعبي في العراق إلى أين...؟ مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، جامعة صلاح الدين، اربيل، 2011.

هوادف; عبد اللهالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل  في إطار الصِراع العربي الإسرائيل ي. 2002. PhD Thesis. الجزائر.

داود تلحمي، مسارات الصِراع العربي - الإسرائيل ي بين حربين (1967-1982)، العدد 4322، 2014، متوفر على الموقع التالي،  (ahewar.org) تاريخ الزيارة 7/7/2022.

سكاي نيوز العربية، العراق .. ماذا بعد إقالة "الاتحادية" الحلبوسي؟، 2023، متوفر على الموقع التالي: العراق .. ماذا بعد إقالة "الاتحادية" الحلبوسي؟ | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com) تاريخ الزيارة 29/12/2023

طارق الجرسي و أخرون، إشعال الصِراعات في الشرق الأوسط أو إخماد النيران، مركز مالكوم كير-كارينغي للشرق الأوسط، 2020، متوفر على الموقع التالي: إشعال الصِراعات في الشرق الأوسط - أو إخماد النيران - مركز كارنيغي للشرق الأوسط - مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي (carnegie-mec.org) تاريخ الزيارة 6/8/2022.

عبد الفتاح علي السالم الرشدان، الأمن الخليجي: مصادر التهديد واستراتيجية الحماية، مركز الجزيرة للدراسات-الدار العربية للعلوم ناشرون، 2015.

عزت نوح، معضلة سنجار والصِراع بالوكالة بين إيران و تركيا، المركز العربي للبحوث والدراسات، 2022، متوفر على الموقع التالي: المركز العربي للبحوث والدراسات: معضلة سنجار والصِراع بالوكالة بين إيران و تركيا (acrseg.org) تاريخ الزيارة 5/7/2023.

عرفات علي جرغون، العلاقات الإيرانية الخليجية.. الصِراع .. الإنفراج.. التوتر، دار النشر العربي، 2016.

محمد احمد خلف، الموقف العربي من مشاريع حل الصِراع العربي- الإسرائيل ي(1991-2000): دراسة تاريخية، دار الغيداء للنشر، الأردن، ط1، 2020.

حسن احمد ابراهيم; نوره علي جياد. تداعيات التدخل العسكري العراقي في الكويت (١٩٩١، مجلة العلوم الإنسانية، المجلد 2، العدد 27، , 2020, .

مراد البطل الشيشاني، العراق عام 2021: بين استمرار الأزمات المحلية والبحث عن دور إقليمي ودولي، بي بي سي، متوفر عللاى الموقع التالي: العراق عام 2021: بين استمرار الأزمات المحلية والبحث عن دور إقليمي ودولي - BBC News عربي تاريخ الزيارة 5/7/2022.

أحمد ثابت محمد و اخرون، أثر المذهبية في السياسة الخارجية الإيرانية تجاة الشرق الأوسط: دراسة حالة”العراق-سوريا-لبنان، المركز الديموقراطي العربي، برلين، 2017.

مركز الروابط للبحوث و الدراسات الإستراتيجية، الحشد الشعبي في العراق.. النشأة والمستقبل”دراسة استقصائية، عمان، الأردن، 2016.

أحمد الجميلي، رسالة العبادي للأسد: ربط بغداد بدمشق ومليشيات إيرانية تنفذ، العربي الجديد، متوفر على الموقع التالي: https://www.alaraby.co.uk  تاريخ الزيارة 3/5/2022.

ثانيا: المصادر باللغة الإنكليزية

Adnan Abdul Amir Mehdi Al-Zubaidi, The Turkish and Iranian Military Intervention in Northern Iraq: Causes, Consequences, and Options for the Iraqi Political Decision Maker , Al-Bayan Center for Planning and Studies2023, available at: visited on 20/12/2023

Al-Jazeera, “Egypt Sentences Al Jazeera Journalists to Years in Prison”, 2014, available at: Egypt sentences Al Jazeera journalists to years in prison | Al Jazeera Americavisited on 2/2/2023.

Al-Khoei, Hayder, Iraq: Sunni Resurgence Feeds Maliki’s Fears, in: Barnes-Dacey

 Julien and Levy, Daniel, The Regional Struggle for Syria, European Council on Foreign Relations, 2013.

Bechev, Dimitar, The Kurds: Between Qandil and Erbil, In: Barnes- Dacey Julien and Levy Daniel, the Regional Struggle for Syria, European Council on Foreign Relations, 2013.

Buzan, Barry and Weaver, Regions and Powers: The Structure of International Security, (4th Ed), Cambridge: Cambridge University Press., 2003.

Cook, Steven A. and Etal, “The Contest for Regional Leadership in the New Middle East”, Middle East Security Series, 2014.

Bilal Wahab, Iran's Warming Relations with the PKK Could Destabilize the KRG, The Washington Institute, 2017.

Coskun, Bezen B., “The European Neighborhood Policy and the Middle East Regional Security Complex”, Insight Turkey,Vol 8, No (1), 2006.

Elizabeth Monroe,. Britain's moment in the Middle East, 1914-1956. Naval War College Review, Vol 17. No 2, 1964.‏

Esfandiary, Dina and Tababai, Ariane,« Iran’s ISIS Policy», International Affairs, Vol 91, No 1, 2015.

Finn, T.,Yemen president quits after deal in Saudi Arabia. The Guardian, available at: https://www.theguardian.com/world/2011/nov/23/yemen-president-quits#maincontent visited on 2/2/2022.

Fix, Liana, ”Russia’s Policy towards Syria: Net is not enough”, 2012, Available at: http://www.globalpolicyjournal.com/blog/ visited on 27/06/2022.

Galpin, Richard, “Russian Arms Shipments Bolster Syria's Embattled Assad”, 2012, p 3-4, Available at: www.bbc.co.uk/news/world-middle-east- 16797818?print=true. Visited on 2/2/2023.

Gause, Gregory F, Beyond Sectarianism: The New Middle East Cold War, Brooking Doha Center,2014.

Global Security, Syria - National Defence Forces (NDF), 2013, available at: https://www.globalsecurity.org/military/world/syria/ndf.htm, visited on 2/2/2021.

Goodarzi, Jubin, Iran: Syria as the First Line of Defense, in: Barnes- Dacey Julien and Levy Daniel, The Regional Struggle for Syria, European Council on Foreign Relations, 2013.

Hassan, Hassan, “The Gulf States: United against Iran, Divided over Islamists”, in: Barnes-Dacey Julien and Levy Daniel, The Regional Struggle for Syria, European Council on Foreign Relations, 2013.

Hiltermann, “Iraq: The Clerics and the Militias,” No Date, International Crisis Group, available at: Iraq: The Clerics and the Militias | Crisis Group visited on 1/2/2022.

J. Jarząbek, Military Balance in the Gulf – an overview, „Wschodnioznawstwo”, 8,  2014.

Katz, Mark N, “Russia and the Conflict in Syria: Four Myths”, Middle East Policy Council, Journal Essay, Summer 2013, Volume XX, Number 2, 2013.

Katzman, Kenneth and etal, The Islamic State” Crisis and U.S. Policy, Congressional Research Service, 2014.

Khatib, Lina, (September 2014), Qatar and the Recalibration of Power in the Gulf, Carnegie Endowment for International Peace, 2014.

Renad Mansour,  Faleh A. Jabar, “The Popular Mobilization Forces and Iraq’s Future,” Carnegie Middle East Center, 2017.

Kreutz, Andrej, Syria: Russia’s best Asset in the Middle East, IFRI, Russia NIS Centre, 2010.

Larrabee, F. Stephen and Nader, Alireza, Turkish-Iranian Relations in a Changing Middle East, National Defense Research Institute (RAND), 2013.

Mazzetti,M& Apuzzo,M, U.S. Relies Heavily on Saudi Money to Support Syrian Rebels. New York Times, 2016.

BERTI, Benedetta; GUZANSKY, Yoel. Saudi Arabia's Foreign Policy on Iran and the Proxy War in Syria: Toward a New Chapter?. Israel Journal of Foreign Affairs, 2014, 8.3: 25-34.

 

McDowall, A. Saudi spy chief architect of Syria policy replaced. Reuters, 2014, available at: https:// www.reuters.com/article/us-saudi-intelligence/saudi-spy-chief-architect-of-syria-policyreplaced-idU.S.BREA3E1HT20140415 visited on 2/2/2022.

Nabeel A. Khoury, The Arab Cold War Revisited: The Regional Impact of the Arab Uprising, Middle East policy Council, 2023.

Nikitin, Alexander, “Russia as Permanent Member of the UN Security Council”, International Policy Analysis, 2012.

Nizameddin, talal, The Response behind Putin’s Support for Bashar AL-Assad’s Regime, Cicero Foundation Great Debate Paper No. 12/05., 2012.

Rabinovich, Itamar, Israel’s View of the Syrian Crisis, The Saban Center for Middle East Policy at Brookings, 2012.

CEPOI, Ecaterina. The Iranian Influence in Iraq. Between Strategic Interests and Religious Rivarly. Studia Politica. Romanian Political Science Review, 13.2: 2013.

Ranj Alaaldin,  Iran Is Exploiting Divisions and U.S. Inaction in Iraqi Kurdistan, 2023, available at: https://foreignpolicy.com/author/ranj-alaaldin/ , Iran Is Exploiting Divisions and U.S. Inaction in Iraqi Kurdistan, visited on 4/10/2023.

Reuters, “Saudi Rejects Foreign Interference in Iraq, Blames 'Sectarian' Maliki”, 2014, available at: Saudi rejects foreign interference in Iraq, blames 'sectarian' Maliki | Reuters visited on 3/3/2023.

Seddiq, R . Border Disputes on the Arabian Peninsula. Policy 525, The Washington Institute, 2001.

Sharp, Jeremy M and Blanchard, Christopher M, Syria: Unrest and U.S. Policy, Congressional Research Service, 2012.

Michael Singh,  Axis of Abraham: Arab-Israeli Normalization Could Remake the Middle East , Washington institute, 2022.

Soner Cagaptay, Rojava's Future: Four Models Explained, The Washington Institute, 2017, available at Rojava's Future: Four Models Explained | The Washington Institute visited on 2/2/2023.

Steele, Jonathan . “The Syrian Kurds Are Winning.” The New York Review of Books, 2015, pp. 24-27

Tibi, Bassim, Conflict and War in the Middle East, 1967–1991: Regional Dynamics and the Superpowers, London: Macmillan, 1993.

Unver Noi, Aylin, “A Clash of Islamic Models”, Current Trends in Islamist Ideology, Hudson Instiute / Vol. 15, 2014.

Yilmaz, Nuh,, “Turkey: Goodbye to Zero Problems with Neighbors”, In: Barnes- Dacey Julien and Levy, Daniel, The Regional Struggle for Syria, European Council on Foreign Relations, 2013.

Young, William and et al, Spillover from the Conflict in Syria An Assessment of the Factors that Aid and Impede the Spread of Violence ,National Defense Research Institute (RAND), 2014.

Brian Katz, Axis Rising: Iran’s Evolving Regional Strategy and Non-State Partnerships in the Middle East Center for Strategic and International Studies, 2018, available at: https://www.csis.org/analysis/axis visited on 22/2/2023.

Phillip Smyth, The Shia Militia Mapping Project, The Washington Institute, 2020.

Jihad Identifiers Database” collected and made accessible online by Jihad Intel Group of the Middle East Forum, 2023, available at: Jihadist Identifiers :: Jihad Intel (meforum.org) visited on 4/6/2023.

Schmidt, Soren. "The Middle East regional security complex and the Syrian civil war." In The War for Syria, Routledge, 2019.

يحيى بوزدي، المواجهة الإيرانية الإسرائيل ية في سوريا: بين حدود الأمن وحدود النفوذ. 2019, 8.2: 83-101,Rouya Türkiyyah,.


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

کاریگەری ململانێ ناوخۆییەکانی سوریا و عێراق لەسەر کۆمپلێکسی ئەمنی لە ڕۆژهەڵات ناوەڕاست (٢٠١١-٢٠٢٣(

پوختە:

لە ساڵی ٢٠١١ دەست پێدەکات، زنجیرەیەک ڕاپەڕین گۆڕانکاریی ناوخۆیی لە زۆرێک لە وڵاتانی جیهانی عەرەبیدا لێکەوتەوە و کاریگەری لەسەر سیاسەتی ناوچەیی و نێودەوڵەتی دروستکرد، دواتر ئەم گۆڕانکاریانە بۆ سوریا و عێراقیش تەشەنەی کرد. ئامانجی لێکۆڵینەوەکە لێرەدا لێکۆڵینەوە لە ڕەهەندەکانی سیاسەتی دەرەوەی ئەم گۆڕاوە ناوخۆییانە و پێشبینیکردنی کاریگەرییە ئەگەرییەکان لەسەر میحوەر و هاوپەیمانییە ناوچەیی و نێودەوڵەتییەکان. ئامانج لەم لێکۆڵینەوەیە شیکردنەوە و ڕوونکردنەوەیە کە تا چەند ململانێ ناوخۆییەکانی سوریا و عێراق کاریگەرییان لەسەر ئاست و گەشەسەندنی کۆمپلێکسی ئەمنی لە ڕۆژهەڵاتی ناوەڕاست هەیە، توێژینەوەکە وا گریمانە دەکات کە تا ململانێ ناوخۆییەکان لە سوریا و... عێراقن، تا زیاتر کاریگەری لەسەر شێوازی ململانێ و کێبڕکێی نێوان میحوەرەکانی ئێران و کەنداو هەیە.ئەمەش ڕەنگدانەوەی ئاڵۆزی کەنداو و شام و دەستێوەردانی نێودەوڵەتییە لە ناوچەکەدا. بۆ پشتڕاستکردنەوەی ڕەوایەتی ئەو گریمانەیەی کە لێکۆڵینەوەکە لێیەوە دەستی پێکردووە، لەم لێکۆڵینەوەیەدا پشتمان بە شێوازی لێبڕین و شێوازی شیکاری و شێوازی مێژوویی بەستووە.

وشەی سەرەکی: قەیرانی سوریا، عێراق، ئێران، کۆمپلێکسی کەنداو و شام، ئەمریکا.

 

 

 

 

THE IMPACT OF INTERNAL CONFLICTS IN SYRIA AND IRAQ ON THE SECURITY COMPLEX IN THE MIDDLE EAST (2011-2023)

ABSTRACT:

Starting in 2011, a series of uprisings led to internal changes in many countries of the Arab world, which influenced Geirangers Daniel, who then perfected those innovations in Syria and Iraq. The study here focuses on exploring the impact of politics on internal relations and anticipating its potential impact on the following advantages and benefits. This study aims to analyze and explain the extent to which the internal conflicts in Syria and Iraq have affected an increasing level of specialized vehicles in the Middle East. The study confirms that the more the internal conflicts in Syria and Iraq are interconnected and allied, that is, they affect the conflict and competition between the final interlocutors and their exit. Which reflects on the Gulf and the Levant and affects the international region? To verify the validity of the initial hypothesis of our study, we carried out multiple investigations, focusing on deductive models, analytical framework, and historical context.

KEYWORDS: The Syrian crisis, Iraq, Iran, the Gulf, and the Levant complex.

 

 

  



* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)

[1] * رانج علاء الدين، مدير مجلس الاستجابة للأزمات، وزميل في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية، ومستشار في البنك الدولي.