بيمارستانات الجزيرة الفراتية، ودورها العلاجي في العصرين الزنكي، والأيوبي

كاژین أنور صدیق 1* و شوكت عارف محمد 2

1 قسم التاريخ، كلية العلوم الانسانية، جامعة زاخو، إقليم كردستان-العراق. (Shwkat.a.mohammed@uoz.edu.krd)

2 قسم التاريخ، كلية العلوم الانسانية، جامعة زاخو، إقليم كردستان-العراق.

تاريخ الاستلام: 11/2023             تاريخ القبول: 03/2024    تاريخ النشر: 08/2024  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2024.12.3.1347

ملخص:

        تُعدالبيمارستانات من المُنشآت العامة التي تُعنى بتقديم الخدمات العلاجية، والطبية للمرضى، وقد انتشرت في مدن الجزيرة الفراتية في ظل السيطرة الزنكية، والأيوبية العديد من المشافي، والمارستانات اسوة ببقية المدن الاسلامية الأخرى، وقد واكب إنشاؤها، والاهتمام بها تطور المجتمع الإسلامي، والنمو العمراني فيها، فضلاً عن العوامل التي استجدت في بلاد الجزيرة الفراتية خلال القرنين السادس، والسابع الهجريين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي كحدوث الأزمات، والكوارث الطبيعية، وكثرة الحروب التي ساهمت في زيادة اهتمام الزنكيين، والأيوبيين بخدمات الرعاية الصحية، وانشاء البيمارستانات المُختلفة لتقديم العلاج للمرضى، فضلاً عن كونها كانت مراكز تعليمية مُتقدمة، كان يتلقى فيها طلبة الطب علومهم النظرية، والتطبيقية.  وقد سعى الحكام في اقليم الجزيرة الفراتية الى تجهيز بيمارستاناتهم بكل ما تحتاج إليه، وألحقوا بها صيدليات، وخزائن للكتب الطبية، كما عينّوا لكل منها ناظراً أو مديراً يُشرف على إدارتها، وقد بهر تقدمهم في هذا المجال أعدائهم الصليبيين، فاقتبسوا منهم الكثير من أساليب العلاج، كما قلّدوا المسلمين في بناء تلك البيمارستانات الاسلامية. والبحث الذي بين أيدينا مُحاولة لاستعراض بيمارستانات الجزيرة الفراتية التي تمّ انشائها في العهدين الزنكي، والأيوبي، وأبرز العوامل التي ساهمت في الأهتمام بالجوانب الصحية آنذاك، وطبيعة الخدمات العلاجية التي كانت تُقدمها البيمارستانات للمرضى، وأبرز الأطباء الذين خدموا فيها، وقد ارتأينا تقسيم البحث الى ثلاث مباحث، وخاتمة، استعرض المبحث الأول: التعريف بالبيمارستانات لغة واصطلاحاً، وأنواعها، ونظام العمل فيها ، أما المبحث الثاني: فتّطرق أبرز العوامل التي ساهمت في دعم، وانشاء البيمارستانات في اقليم الجزيرة الفراتية في القرنين السادس، والسابع الهجريين، والمبحث الثالث، والأخير:فُخصّص للحديث عن بيمارستانات الجزيرة الفراتية، وأبرز الأطباء الذين عملوا فيها آنذاك. 

الكلمات المفتاحية: البيمارستان؛ الجزيرة الفراتية؛ المراكز الصحية؛  الحضارة الاسلامية.


المقدمة

    تعد البيمارستانات إحدى المنشآت الخدمية العامة التي شيدّها وطوّرها المسلمون، وأرصدوا لها الموارد والأوقاف، وجعلوا الرعايـة الطبيـة والخدمات العلاجية التي تقدمها البيمارستانات  حقاً لكل المواطنين ولم تكن تخلو منها مدينة من المدن الإسلامية، وقد واكب إقامتها النمو العمراني للمدن، وكذلك نتيجة لإزدهار العلوم الطبية في العالم الإسلامي، مما دعت الحاجة لبناءها ، والاكثار منها لينتفع الناس منها، واستفاد المسلمون من تراث الامم السابقة كالفرس والروم) القفطي، 1903، ص158؛ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص184كما استفادوا من نظام البيمارستانات الموجودة في بلادهم مثل: بيمارستان جنديسابور(2) ، وأجمعت المصادر التاريخية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من أمر بإنشاء مُستشفى في الإسلام، وهو الذي أصبح يعرف بإسم مستشفى رفيده ، وقد كان ذلك في سنة 5ھ/ 627م وقت غزوة الخندق التي أصيب بها سعد بن معاذ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إجعلوه في خيمة رفيدة (3) حتى أعوده من قريب " )إبن هشام، د/ت، ج1/688)، وتم إنشاء ملجـأ عـالج بـه أصحابه من أمثال سعد بن معاذ، وجعل هذا المكان لزيارة من يرغب، وليسهل عملية تمـريض الجرحى من قبل الأطباء، و يمكن اعتبار هذه الخيمة البدائية أول بيمارستان في الإسلام(النويري، 2004، ج17/191).

      وفي سنة 88ھ / 706م من العهد الأموي أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك  إنشاء أول بيمارستان فعلي ثابت في دمشق الأسنوي، د/ت، ج6/219) ، وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق وقد خصّصها لمعالجة المجذومين، وجعل لكل مقعد خادم ولكل ضـرير قائد( المقريزي،1987، ج3/165)، ومن هنا عُرفت البيمارستانات في الإسلام، وفي مرحلة مبكرة من الحضارة الإسلامية. لأنها تمثل مراكز الرعاية الصحية الطبية التي تهتم بالمرضى ومعالجتهم، وما أنزل الله من داء إلا وله دواء. وقد حث الإسلام على المدواة وعلى التخفيف عن المرضى ورعايتهم. كما أوصى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بتعلم مهنة الطب وإجادتها، فيروى عنه قوله : " العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان" (عاشور، 1987،ص237) ، وانتـشرت البيمارستانات من بغداد شرقاً حتى الأندلس غرباً، فكان تطورها يعني تطور الطب فـي العـالم الإسلامي( ابن جبير،د/ت، ص26 ).

      واهتم المسلمون باختيار المكان المناسب لبناء البيمارستانات، وعادة ما يتم اختيار المكان المناسب بالتجربة ، وهي أن يعلق في كل ناحية من نواحي المدينة التي يرغبون ببناء بيمارستان فيها قطعة من اللحم ، تترك في مكانها فترة من الزمن، وتراقب خلال ذلك، ويعتبر موقع قطعة اللحم التي لم تتغير، ولم يُنهك اللحم فيها بسرعة هي الأفضل لبناء البيمارستان( ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص415) ، وأن يكون بعيداً عن الضوضاء( هونكة، 1969،ص299)، وتختار الأرض الفسيحة الواسعة ذات عيون الماء، والحدائق الغناء والأشجار الكثيرة،فكانت تقام أحياناً وسط الحدائق(الذهبي،1992 ، ج19/338) ، و يلحق بكل بيمارستان حديقة كبيرة بزرع يها الأعشاب والنباتات الطبية والأزهار والرياحين(المراكشي، 1948،ج1/287)، وكانت تبنى على ربوات قريبة من مصادر المياء والأنهار(عبد الرزاق ، 1987، ص103).

     وازدهرت البيمارستانات بشكل كبير في العصر العباسي ، وهذا يدل على مدى اهتمامهم بالعلوم الطبيـة، وتشجيعهم للأطباء وتشييدهم للمدارس الطبية( القفطي،1903،ص164) التابعـة للبيمارسـتانات، ودعـوا إلـى عقـد المؤتمرات الطبية التي حضر إليها الأطباء من كافة البلاد والأقاليم التابعة للدولة(ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص188) وبدأت هـذه البيمارستانات تأخذ شكلاً حضارياً فائقاً انتظمت بها مهنة الطب، وأصـبحت مهنـة مرموقـة لا يعبث بها المحتالون والسحرة وأنصاف الأطباء( الخطيب، 1988، ص216) لذا تبـارى الخلفـاء والـسلاطين والأمـراء والنساء وأهل اليسار على تشييدها( أبو المحاسن،(د/ت)، ج6 /55) ،وبالتالي أصبحت كل مدينة بها بيمارستان كبير عام على الأقل، وروى أن  أبا جعفر المنصور أول خليفة عباسي (ت: 158هـ/ 775م)حّث على إنشاء البيمارستانات، وأنشأ بيمارستان للعميان، وداراً للأيتام والقواعد، وخصّص مكاناً خاصاً للمجانين( ابن خلكان، 1968، ج2/314)، وفي القرنين السادس والسابع الهجريين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي أخذت البيمارستانات منحى جديداً خـصوصاً فـي عهد الدولتين الزنكية، والأيوبية، وذاع صيت البيمارستانات في إقليم الجزيرة الفراتية، وأصبحت الكثير منها عبارة عن معاهد وكليات متقدمة لتعليم العلوم الطبية، وتخريج الأطباء، فضلاً عن دورها في تقديم الخدمات العلاجية للمرضى( ابن أبي أصيبعة ، د/ت، ص 628).وقبل استعراض البحث من الأهمية بمكان الاشارة الى مُشكلة البحث، وأهميته، ومنهجية البحث، وأهدافه المرجوة:

مشكلة البحث:تضّمنت مشكلة البحث بالاجابة على التساؤلات التالية:

* ما هي دوافع انشاء البيمارستات في الجزيرة الفراتية آنذاك؟

*ما هي أشهر بيمارستات الجزيرة الفراتية التي تمّ انشائها في العهدين الزنكي، والأيوبي؟

* ما مدى اسهام حكام الجزيرة الفراتية من الزنكيين، والأيوبيين في انشاء البيمارستات؟

*ما هي طبيعة الخدمات الصحية، والعلاجية التي كانت تُقدمها البيمارستانات أنذاك؟

*ما هي  مصادر دخل، وتمويل البيمارستانات؟

* من هم أبرز الأطباء الذين خدموا في بيمارستانات الجزيرة الفراتية ؟

أهمية البحث:

* ابراز الدور الذي اضطلع به حكام الجزيرة الفراتية من الزنكيين، والأيوبيين في دعم الرعاية الصحية، وانشائهم للعديد من المشافي، والبيمارستات في مدن الجزيرة الفراتية .     

* استعراض لأشهر بيمارستانات الجزيرة الفراتية، ودراسة جوانب من تاريخها،وتخطيطها العمراني،ومصادر تمويلها، والخدمات العلاجية التي كانت تقدمها، فضلاً عن الجوانب العلمية، والتطبيقية للبيمارستانات.

* التعرف على أسباب، ودوافع  الاهتمام بالبيمارستانات آنذاك،

 * التعرف على أبرز الأطباء الذين خدموا في بيمارستانات الجزيرة الفراتية في العهدين الزنكي، والأيوبي.

منهج البحثاتبع الباحث المنهج الموضوعي، والتحليلي لملائمته لطبيعة البحث.

أهداف البحث:  القاء الضوء على بيمارستانات الجزيرة الفراتية،كونها أحد مُكونات العمارة الاسلامية المهُمة، وبيان جوانب من تاريخها، وتخطيطها العمراني، والتعرف على دوافع انشائها، والاهتمام بها من قبل الزنكيين، والأيوبيين، وطبيعة، وماهية الخدمات العلاجية التي كانت تقدمها للمرضى، فضلاً عن كونها مراكز علمية مُتقدمة لدراسة العلوم الطبية، وتخريج الأطباء.

1.: التعريف بالبيمارستانات ، وأنواعها، ونظام العمل فيها:

1.1:البيمارستان: لغةً، واصطلاحاً:

     البيمارستان (بفتح الراء وسكون السين) (ابن منظور، 1992،ج6 /217) ، كلمة فارسية مركبة من كلمتين (بيمار) بمعنى مريض أو عليل أو مصاب ، (وستان) بمعنى مكان أو دار المرضى ، وبهذا يكون معنى "بيمارستان" "دار المرضى" ، وأختصرت في ما بعد في الاستعمال فأصبحت تُلفظ "مارستان" ( ابن أبي أصيبعة ،د/ت، ص47 )، أما كلمة المستشفى المرادفة لكلمة بيمارستان فهي كلمة مُحدثة وتعنى مكان الاستشفاء، وتجمع مستشفيات ومشاف، وهي أسم مكان، يدخله المريض للاستشفاء(أنيس ، 1973،ج1/499؛ البستاني ،1986، ص395-396)، وفي عهد الدولة الأيوبية استخدمت لفظة بيمارستان، وليس المستشفى(عبدالله، 2017م، ص32).

     والبيمارستان في الاصطلاح هو المكان أو دار الذي يعالج فيه المرضى( القلقشندي،د/ت،ج3/312) ، وتعود نشأة البيمارستان الى عهد ابقراط( 460- 377ق.م) الذي خُصّص في بستان له موضعاً للمرضى يعالج فيه الناس من الأمراض المختلفة( عبد الرحمن ، 1985، ص72) ، وأطلقت هذه اللفظة على المستشفيات في العصور الإسلامية ، وأخذت أحياناً تسمية أخرى، هي "دار الشفاء" وهي بمثابة المستشفيات العامة التي تعالج فيها جميع الأمراض الباطنية ، والجراحية ،والرمدية، والعقلية( ابن ماجة، 1952، 1/81)، ولما أصابتها الكوارث هجرها المرضى إلا من المجانين حيث لم يكن لهم مكان سواها فأصبحت الكلمة مرتبطة بهؤلاء المرضى فقط ولقد انتشرت البيمارستانات انتشاراً كبيراً في العالم الإسلامي، وأطلقت كلمة البيمارستان على مستشى المجانين وحده وذلك عندما أصبحت المستشفيات خالية إلا من المصابين بالأمراض العقلية(عيسى ،1981،ص4) ، واستعمل المغاربة لفظ بيمارستان بمعنى بيمارستان للأمراض العصبية فقط، ولم يتم العثور على أي مرادف لكلمة البيمارستان في المصادر التاريخية ولم يستخدم المسلمون سوى لفظ كلمة البيمارستان ، حتى نهاية العصر العباسي(الكتاني، (د/ت)، ج1/297).

        ونستشف مما سبق أن المشفى أو المستشفى أو المارستان، اسم له نفس المعنى ويقصد به المكان الذي فيه المريض ليلقي العلاج بإشراف أطباء مختصين، ويحتوي على خدمات متكاملة يحتاج إليها المريض من طعام وشراب ودواء وأرة للنوم، وكل ما يلزم الطبيب من أدوات وخدمات مساعدة له في عمله لتحقيق الهدف المطلوب من عناية وعلاج ومساعدة للمرضى.

1.    2: أنواع البيمارستانات :
1. 2. 1: البيمارستانات الثابتة:

     هي ما كان بناؤها ثابتاً في مكان خاص، وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول بيمارستان من هذا النوع ظهر إلى الوجود بمعناه الطبي والمعماري هو بيمارستان جند يسابور في بلاد فارس الذي أقيم في القرن الثالث الميلادي أي قبل الإسلام بثلاثة قرون(عيسى بك،  1939، ص5) ، أما في الإسلام فإن أول من أمر بإنشائه هو الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك(86- 96ه/705- 714م) سنة 88ھ / 706م، حيث قام ببناء دار للمرضى في دمشق وجعل فيها الأطباء وأجرى لهم الأرزاق وخصّصها للمجذومين ، وحبسهم حتى لا يمدوا أيديهم بالسؤال، وخصّص لكل ضرير منهم دليلاً ولكل مقعد خادم(القلقشندي، 1987، ج1/431 ؛المقريزي،1987، ج3/165).

      ومع إتساع رقعة الإسلام إتسعت وإنتشرت وكثرت أبنية البيمارستانات في كافة أنحاء بلاد الإسلام، ومن ثمّ ترسخت قواعدها المعمارية والطبية وتطورت بل وإشتهر في كثير منها الكثير من الأطباء الذين ذاع صيتهم في كافة أنحاء البلاد بحيث أصبحت هذه البيمارستانات سمه من سمات وإنجازات الحضارة الإسلامية المهمة. وكان هذا النوع موجوداً في معظـم الـبلاد الإسلامية، ولاسيما في العواصم الكبرى للدولة، والبيمارستانات الثابتة تنقسم بـشكل عـام إلـى قسمين، قسم للذكور، وقسم للإناث(المقدسي، 1983، ج1/290؛ابن جبير،د/ت، ص26) ،وكل قسم مجهز بما يحتاجه من آلات ومعدات طبية، وعدد كبير من الخدم ورجال ونساء، وكل قسم له قاعات مختلفة منها الباطنيـة، وأخـرى للجراحـة، والكحالة والتجبير وغير ذلك من القاعات(المقريزي،1987، ج1/290، ج2/406) ، والأقسام نفسها في البيمارستانات الثابتة مُقسّمة إلى  شعب، ومن ميزات البيمارستانات الثابتة يجب أن يكون الماء جار فيها (المقريزي، 2001، ج1/141وموقعها مناسباً مزودة بصيدلية وعليها مسؤول يسُمى مهتار الشراب خاناه(القلقشندي، 1987، ج4 ،ص9)، وهـذه البيمارسـتانات الثابتـة لهـا أطبـاء مختصون ونظار، ولها عيادة خارجية، حيث يأتي المريض ويتناول الدواء ليتعاطاه فـي منزلـه كعلاج منزلي، وهناك علاج داخلي عندما يقيم المريض في البيمارستان داخل القسم المخـصّص له فيعطى العلاج اللازم، ولأهل المريض حق الزيارة له(ابن الجوزي،1926، ج1/108 كما كانـت هـذه البيمارسـتانات الثابتة تعمل ليل نهار على مدار الساعة(القلقشندي، ،1985، ج1/ 136وهذا النوع من البيمارستان الثابتة اهتم به العباسيون وتفاخروا به، فاهتم الرشـيد، والمـأمون، والمقتدر، وكذلك بنى الزنكيون، الأيوبيون مثل هذه البيمارستانات، فكان يهتمـون بمثل هذا النوع من البيمارستانات الثابتة، حيث كسبت شهرة كبيرة أثناء حروبهم مع الـصليبيين والذي دفعهم لذلك كثرة الجرحى أثناء حربهم ومواجهتهم للحملات الـصليبية، لـذلك حـرص أمراؤهم على بناء الكثير منها، وضمت غالبية البيمارستانات الاسلامية قاعات لتعليم الطب، والـصيدلة، وتطبيـق العلوم الطبية( ابن أبي أصيبعة، د/ت ، ص732) ، وكانت أراضي القاعـة تغُطـى بأغصان شجر الحناء أو الرمان أو بـشجر المـصطكي(4) أو بـأوراق الـشجيرات العطريـة( المراكشي، 1948، ج1/270؛ غني، 1976، ص24، 25).

1. 2. 2:البيمارستان المحمولة ( المتنقلة):

        وهو أسبق بالوجود من البيمارستان الثابت وهو الذي ينقل من مكان إلى مكان حسب ظروف الأمراض والأوبئة وانتشارها وكذا الحروب، وتشير المصادر التاريخية الى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من أمر بالمستشفى الحربي والذي أصبح يعرف فيما بعد بإسم مستشفى رفيده(ابن هشام، د/ت، ج1/688).

   ظهرت مثل هذه البيمارستانات منذ العـصر العباسـي، وأنـشئت بهـدف الوصـول بالخدمات الطبية الى المناطق البعيدة مثل الريف والقرى البعيدة عن المدن(القفطي، 1903، ص86 وكان لمثـل هـذه البيمارستانات الاهتمام أيضاً بالسجون التي لا يوجد بها أطباء، وهي أول خدمة طبية في العالم لأهل الريف وسكانه، وابتكر المسلمون مثل هذه البيمارستانات لمواجهة انتـشار الأوبئة والأمراض، وظهرت في عهد الخليفة المقتدر بـاالله عـام (320-295 هـ/932-907م)، وهـي بطبيعة الحال مجهزة بما يلزم المرضى من علاج وأدوات صحية وجراحية وملابـس وأطبـاء وصيادلة، ومُخصّصة بما يحتاجه العجزة والقاصرون، وينتقل هذا البيمارستان من مكـان إلـى آخر في البلدان الخالية، وتسمى بالمستوصفات السيارة، وكانـت ترافـق الخلفـاء والـسلاطين والأمراء عند تنقلهم أيضاً وهي لا تقدم علاجاً أولياً فقط بل أشمل وأعم، حيث عرف عن وجـود أطباء جراحين يجرون عمليات جراحية في أي مكان، لذلك اهتم بها السلاطين وزودوهـا بم يلزم وأعطوها عناية خاصة، وهذا ما أكده علي بن عيـسى وزيـر الخليفـة المقتـدر لرئـيس الأطباء سنان(أبو المحاسن، د/ت، ج6/82) فقد كتب اليه ما يلي "وفكرت فيمن بالسواد من أهله، وأنه لا يخلو مـن أن يكـون فيه مرضى لا يشرف متطبب عليهم، لخلو السواد من الأطباء، فتقدم مد االله في عمـرك بإنفـاذ متطببين وخزانة من الأدوية والأشربة، يطوفون في السواد ويقيمون في كل صقيع منه مرة ما تدعو إلى مقامهم ويعالجون من فيه، ثمّ ينتقلون إلى غيره ففعل سنان ذلك (ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص301) .

   وكانت مثل البعثات الطبية والتي ترافق الحجاج(ابن أبي أصيبعة،د/ت،ص175 وهي تـزود بمـواد الإسـعاف والأدوات الجراحية والأدوية، وتحمل في صناديق خاصة برفقة الأطباء والممرضات ومهـامهم معالجة من يمرض في قوافل الحج، ويقال أن أول من قام بمثـل هـذه البيمارسـتانات الخليفـة معاوية بن سفيان(60-41 هـ/679-661م)( ابن العماد،1985، ج5/ 334) وابنه يزيد بن معاوية(61-64ه/680-683م)، فقد قـال الطبيـب أبـو الحكم الدمشقي "ولي الموسم في أيام معاوية بن أبي سفيان يزيد بن معاوية، فوجهني أبوه معـه متطبباً له وللحج" (ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص175).

        وهذا النوع من البيمارستان كثيراً ما كان يستخدم في وقت الحروب والمعارك لتضميد الجرحى اثناء المعارك، فان مصاحبة الفرقة الطبية للجيش إلى ميدان القتال لمعالجة الجرحى والمرضى كان أمراً ضرورياً، وكانت تتشكل من الأطباء ومساعديهم. وكان هذا النوع يشبه المستوصف المتنقل حالياً، وفيه ما يحتاجونه من الأدوية والأدوات والنقالات لحمل المرضى، وكانت هذه المعدات تحمل على ظهور الدواب، ثمّ ينصب المستوصف داخل الخيام إذ يرقد فيه الشخص المحتاج للعلاج(حسن، 1986، ص163).

      والجدير بالملاحظة أن الظروف السياسية التي مر بها المسلمون آنذاك دفعهم  إلى اللجوء لهذا النوع من البيمارستانات في حروبهم المستمرة مع الصليبيين، فضلاً عن أطباء الخاصة المرافقين للقادة والسلاطين، فعلى سبيل المثال كان للسلطان صلاح الدين طبيبهُ الخاص، يصحبه في حملاته؛ لأنه كان يعاني في بعض الأحيان من آلام الظهر بسبب الإجهاد، وكان يشرف بنفسه احياناً على معالجة المرضى كما حصل بعد هزيمة المسلمين في وقعة (أرسوف)(5) في شعبان سنة 587هـ/ 1165م حين جلس وطلب بإحضار الجرحى حتى قام بعداواتهم بنفسه(ابن شداد،1962، ص184) .

1.    3: نظام العمل في البيمارستانات:

لعب الأطباء دوراً في تحديد نظام العمل في البيمارستانات من خلال عملهم فيها بمختلف التخصصات، وإن الفضل في هذه التخصصات يرجع إلى محاولة السلطان صلاح الدين في جلب الأطباء والجراحين، ولأجل أن يسير العمل في البيمارستانات بشكل منتظم سعى الأيوبيون إلى تجهيزها بكل ما يحتاج إليها وعينوا لكل منها ناظراً، أو مديراً يشرف على إدارتها واشترطوا لمن يتولى هذا المنصب العفة والكفاءة والأمانة والصدق وأن يتابع أحوال المرضى لتوفير ما يحتاجونه وما يكتب لهم من أدوية (القلقشندي،د/ت،ج4/197-198).

       وكان في البيمارستان عدد من الوظائف المهمة، في مقدمتها ناظر البيمارستان  الذي كان صاحبه يُشرف على إدارة الأموال، والأوقاف المخصّصة للبيمارستان،  وكان تعيينة يتم وسط مظاهر حافلة، كما كانت هناك وظائف مهمة مثل: رئيس الأطباء ويتولاه عادة أحد الأطباء الماهرين، وكان من مهامه الاشراف على  اختبار الأطباء  قبل مُمارستهم للمهنة، فقد كانت السلطات الأيوبية لا تسمح  للاطباء بممارسة مهنة الطب إلا بعد اجتيازهم امتحاناً ينظمة رئيس الأطباء(ابن ابي اصيبعة ، د/ت، ص721) ، ومن اشهر الكتب التي كان يُمتحن بها الاطباء قبل ممارستهم المهنة كتاب( محنة الطب ) ليوحنا بن ماسويه (ت: 243هـ / 857م) ، وكتاب( العشر مقالات في العين )لحنين بن اسحاق (ت:264هـ / 876م)، وكان الاخير يختبر به اطباء العيون(ابن بسام ، 1968 ،ص 109) ومن الكتب الاخرى كتاب (نوادر الالباء في امتحان الاطباء) من تصنيف الطبيب ابي محمد عبدالعزيز بن ابي الحسن المنعوت بالاسعد (ت:653هـ/ 1237م)،وكان قد توّلى رئاسة الأطباء( ابن بسام ، 1968 ، ص119 ) وبعد اجتياز الاختبار  كان المحتسب يلزم الأطباء بعهد ابقراط (القرن:5ق.م)، وفيه يتعهد الطبيب بأن يكون مخلصاً لمهنته، كتوما لاسرار المرضى لايبوح بشيء منها، كما يمتنع عن اعطاء الدواء الذي يضر المريض كالأدوية التي تؤدي الى اسقاط الاجنة أو التي تمنع الحمل، وللرجال الدواء الذي يقطع النسل وما الى ذلك، وان يكون سليم القلب،عفيف النظر عن المحارم(الشيزري، 1992، ص 98 )،

     وكان للأطباء زيهم المهني الخاص الذي يميزهم عن أصحاب المهن الأخرى، وكان أشبه ما يكون بـ (الروب الجامعي) باللون العنابي وهو يختلف عما كان يرتديه أطباء الفرنجة الصليبيون حيث كان زيهم عبارة عن "جوخه ملوطه زرقاء"( ابن أبي أصيبعة،د/ت ، ص654) ولعب تخصيص الرواتب للأطباء دوره في تطوير نظام العمل في البيمارستانات إذ وفر السلاطين الرواتب للأطباء وضمن لهم تكاليف المعيشة والأدوية، ولم يقتصر الأمر على أخذهم الرواتب من السلاطين فقط، بل إنهم كانوا يأخذون مبلغاً من المال من الأهالي أيضاً في حالة تقديم خدمات لهم ومعالجتهم، ويشير ابن أبي أصيبعة بأن الطبيب أبو الفصائل الناقد كان كثير المعاش وان معاشة الزائد يدل على قبوله الكثير من الناس(د/ت ،ص579-580)

     وكان العمل في البيمارستانات يسير وفق نظام وترتيب دقيق فكان ينقسم إلى قسمين منفصلين:  احدها للذكور، والأخر للإناث، وفي كل قسم قاعات فسيحة لمختلف الأمراض، قاعة للجراحة وقاعة للكحالة (أمراض العيون) وقاعة للتخدير، وكانت قاعة الأمراض الباطنية تنقسم بدورها إلى أقسام أخرى قسم للمحمومين (مصابين بالحمى) وقسم للمبردين (المتخومين)، وقسم للإسهال، وكان الخدم من الرجال والنساء يقومون على الخدمة المرضى وتقديم الطعام والعلاج لهم(عبدالله، 2017، ص12).

     وكانت البيمارستانات تحصل على إيراداتها من الأوقاف التي تؤمن لها اكتفاءها المـالي، وكانت الأوقاف عبارة عن هبات مالية أو عينية موروثة، يقدمها مالكوها المقتدرين والأغنيـاء، والأملاك تسلم من الولاة، لذا تعد البيمارستانات من الظواهر البـارزة فـي تـاريخ الحـضارة الإسلامية في القرون الماضية، وأن أساس نشأتها الأوقاف بداية وتطوير وتعليماً للعاملين فيهـا، وتقدم هذه البيمارستانات العناية للمرضى(الشحود، 2003 ،ج8/125).

     وكان للأوقاف أثر رئيس في تقديم الرعاية الصحية ومساعدة المرضى مـن الفقـراء والمحتاجيِن، فكثيراً ما وقف الأغنياء أموالهم وأملاكهم على البيمارستانات التـي كانـت تقـدم خدمات جليلة من علاج المرضى وإطعامهم ومتابعتهم، ولقد انتشرت هذه البيمارستانات، وكانت مصدر إسعاد لأبناء المجتمع الإسلامي، وكانت تتوفر في البيمارستانات كل أسباب الرفاهية من أسرة وفرش ناعمـة وحمامـات واسعة، وغرف كبيرة وأقسام متعددة، ومن المعلوم أن هذه البيمارستانات على غناها ورفاهيت كانت تضاهي قصور الملوك والخلفاء، وتفتح أبوابها للفقراء والأغنياء علـى الـسواء(ابن جبير، د/ت ،168 ج1/52 ) ،وإعتبرت البيمارستانات إحدى مراكز الرعاية الإجتماعية ، كونها تمثل مراكز الرعاية الصحية الطبية التي تهتم بالمرضى ومعالجتهم ، وكان العلاج في هذه البيمارستانات يتم بالمجان يتم لجميع فئات المجتمع وطبقاته لا فرق في ذلك بين الطبقة الحاكمة وغيرها من عامة الناس كما لا يوجد تمييز في الأديان والمذاهب(عاشور، 1987، ص237).

        وعند دخول المريض إلى البيمارستان للعلاج، يسأله الطبيب المعالج عن مرضه، ثم يفحصه ليعرف السبب والعلامة والنبض والقارورة، ثمّ يكتب له وصفة تسمى (قانوناً) من الأشربة وغيرها ( الشيزري،1981 ، ص97) ، ويعطى المريض الدواء مجاناً من صيدلية البيمارستان وعند النوم يقدم له الطعام والشراب، والأدوية، وكل ما يحتاج إليه من مستلزمات النوم، مع العناية به، وكانت غالبية البيمارستانات تنقسم إلى قسمين: أحدهما للرجال، والآخر للنساء، وتوجد بها مجموعة من القاعات المتخصصة في علاج مختلف الأمراض ويعمل بها العديد الأطباء و الفصادين والجراحين والكحالين والمجبرين،  ويشرف عليهم ساعور(6)(رئيس الأطباء) البيمارستان ، وكان الطبيب يقوم بجولة على المرضى عند بدأ عمله اليومي ويفحصهم ، ويكتب لهم الدواء النافع لمرضهم(الرازق ،1991،ج2/178) .

   وقد  حرص الملوك والأمراء  في أقليم الجزيرة بالحالة الصحية كثيراً إذ عملوا على العناية بها وتقديم الخدمات لها، وعملوا على دعم وتشجيع الأطباء والاهتمام بهم ، فقد نال الطبيب محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم المعروف بسديد الدين بن رقيقة (ت:635هـ/1237م)  رعاية الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل الذي تولى حكم ميافارقين ومن بعده من الملوك إذ أقام بن رقيقة عدة سنوات بالمدينة ( ابن أبي اصبيعة،د/ت، ص705) وهناك أطباء آخرون خدموا الملك الأشرف موسى ومنهم الطبيب صدقة بن منجا بن صدقة السامري الذي استمر في خدمته حتى توفى سنة  620هـ/ 1223م(ابن أبي اصيبعة،د/ت، ص721) والطبيب عبد المنعم الجلياني الاندلسي(ت:603هـ/1206م) الذي برع في صناعة الكحل إلى جانب الطب( ابن أبي اصبعة، د/ت،  ص631).

2. عوامل انشاء البيمارستات، والاهتمام بها في اقليم الجزيرة الفراتية

2. 1:اهتمام ورعاية حكام الزنكيين، والأيوبيين.  

       حظي الطب بمكانة خاصة عند الزنكيين، والأيوبيين، وأغدق حكامها على الأطباء بالأموال، والمناصب الرفيعة، والاقطاعات، ويبدو أن اهتمامهم للطب له ما يبرره لكثرة العمليات العسكرية، والحاجة الملحة للأطباء لاسعاف المصابيين في ميادين القتال،ولأهمية الطب في ذلك العصر كثر المشتغلون به، وحظي أصحابها بمكانة اجتماعية مرموقة لدى العامة والخاصة، وحرص مُمارسوها على تعليمها لأبنائهم من بعدهم( ابن ابي اصيبعة ،د/ت، ص580، 583 ، 585، 589، 590، 600، 675) لما لهذه المهنة من مكانة عالية في المجتمع، ومما يدلل على تلك المكانة الالقاب الفخمة التي اشتهروا بها التي كثيراً ما كان يتم مُخاطبتهم بها، وذكر ابن ابي اصيبعة عدد من تلك الالقاب عند ترجمة لأصحابها كلقب " الصاحب الوزير العالم، الرئيس الكامل، افضل الوزراء، سيد الحكماء، امام العلماء، امين الدولة "، ولقب " اوحد العلماء واكمل الحكماء"، و "الصدر الامام العالم الكامل، سيد العلماء والحكماء "،وغيرها كثير(د/ت/ ص585،  598 ، 586 646، 648، 650، 723، 728).

         ومن مظاهر اهتمام االزنكيين والأيوبيين بالطب بناؤهم البيمارستانات لتقوم بتقديم الخدمات الصحية، كما كانت بمثابة مراكز علمية لتدريس الطب( ابن ابي اصيبعة ، د/ت ، ص672) ،ولأهمية الطب، وخطورته في المجتمع أوكلوا مراقبتها للمحتسب لئلا يندس فيها الدخلاء والغشاشون ، وقد اسهب عبدالرحمن بن عبدالله الشيزري(ت:589هـ / 1193م) الذي كان معاصرا لصلاح الدين وسبق له أن قضى شطراً من حياته يمارس الطب بمدينة حلب في الحديث عن واجبات المحتسب وأفرد باباً خاصاً عن واجباته ومراقبته للاطباء لكي لا يتسببوا في ايذاء المرضى من خلال اخضاع من يرغب في ممارسة الطب للاختبار، وكذلك التاكد من وجود الالات التي يحتاجونها لممارسة المهنة الطبية (الشيزري،1992 ،ص99، ابن بسام ،1968، ص 109- 110) .

         جاء تطور البيمارستانات في بلاد الجزيرة الفراتية نتيجة لاهتمام ورعاية حكام الزنكيين والأيوبيين للخدمات الصحية والتي كانوا بحاجة ماسة لها أكثر من أي وقت مضى بسبب الظروف الحربية التي أحاطت بهم(عاشور، 1959، ص 126)،واهتم حكامهم كالسلطان نور الدين محمود زنكي، وصلاح الدين الايوبي، وغيرهما  بدعم ورعاية الأطباء  وتوفير ما يلزمهم للقيام باعمالهم، فضلاً عن بناء الكثير من البيمارستانات في مدن الشام ، ومصر، والجزيرة الفراتية التي شكلت خطوة مميزة في ميدان الخدمة الطبية من حيث التجهيزات، أو وسائل العلاج والخدمات التي تقدم آنذاك، وكانت هذه البيمارستانات مفتوحة الأبواب للجميع، فإذا كان من العسير على الشخص الفقير أن يستدعي طبيباً فان هذا الشخص يجد أبواب البيمارستان مفتوحة أمامه( القلقشندي، د/ت، مج3، ص 117).

        ومن مفاخر ذلك العصر اهتمامهم بمعالجة الامراض النفسية، فعلى سبيل المثال أقام  السلطان نور الدين محمود زنكي بيمارستاناً خاصاً  بعلاج الأمراض العقلية(المجانين) ، ووفر لهم الأطباء والمعالجين، وقد وصف الرحالة ابن جبير بيمارستانات ذلك العصر  واعتبرها من  مفاخر الدولة الزنكية، والأيوبية( ابن جبير، د/ت،ج1/198).

       كما أشادت المصادر التاريخية بجهود الزنكيين، والأيوبيين في مجال الرعاية الصحية، وبناء البيمارستانات، ولعّل من أشهر البيمارستانات التي تعود الى ذلك العصر البيمارستان الناصري الذي بناه السلطان صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة سنة 572هـ/ 1176م وخصّص لانشاءه احدى قاعات القصر الفاطمي، ووقف عليه جملة وقوف، وكان محل اشادة  واعجاب الرحالة ابن جبير  عند زيارته لمصر ومن جملة ما  قاله في وصفه لهذا البيمارستان :" ومما شاهدناه من مفاخر هذا السلطان المارستان الذي بالقاهرة، وهو من القصور الرائعة حسنا واتساعا، أبرزه لهذه الفضيلة اجراً واحتساباً، وعين قيما من أهل المعرفة ووضع لديه خزائن العقاقير ومكّنه من استعمال الاشربة واقامتها على اختلاف أنواعها ووضعت في مقاصير ذلك القصر اسرة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكسى، وبين يدي ذلك القيم خدمة يتكفلون بتفقد أحوال المرضى بكرة وعشية فيقابلون من الأغذية والاشربة بما يليق بهم ، وهناك موضعين ؛ أحدهما للرجال، والآخر للنساء ، و يتصل بالموضعين موضع آخر متسع لفناء ؛ فيه مقاصير عليها شبابيك من الحديد اتخذت مجالس للمجانين، و لهم أيضاً من يتفقد أحوالهم.....والسلطان يتطلع هذه الأحوال كلها بالبحث والسؤال ويؤكد في الاعتناء والمثابرة عليها غاية التاكيد"(ابن جبير ،د/ت، ج1/52).

       

2.    2: الأوبئة التي أصابت الجزيرة الفراتية.

        تعرض بلاد أقليم الجزيرة  في القرنين السادس، والسابع الهجريين الثاني والثالث عشر الميلادي للكثير من الحروب، والصراعات السياسية، فضلاً عن  الكوارث الطبيعية، والأزمات الاقتصادية، والقحط، والزلازل، وموجات الأوبئة، والأمراض الفتاكةالتي تركت أثارها السلبية على معيشة السكان،وأحوالهم الصحية، وكثيراً ما تسّببت في تشريد ،وموت وهلاك كثير من سكان الجزيرة الفراتية، ويبدو أن تلك الظروف، والتحديات القاسية قد شكّلت عاملاً مُهماً دفعت بالسلطات، وعامة الناس للاهتمام بالطب، وخدمات الرعاية الصحية أكثر من أي وقت مضى، ومن أبرز الأوبئة التي  اجتاحت مناطق الجزيرة الفراتية آنذاك نذكر  وباء الطاعون(7) الذي اجتاح مناطق الجزيرة في عام 575ه/1179م، وبقي أثاره إلى العام اللاحق، وشكل تهديداً لحياة السكان، لا سيما وأنه ترافق معه موجة غلاء  فاحشة، وتروي المصادر أنه بيع كر القمح(8) بمائة وعشرين ديناراً(سبط ابن الجوزي، 2013، ج21/261؛ ابن العبري، 1991، ص196)،  ومات بهذا الغلاء والفناء خلق كثير(ابن كثير، 1998، ج16/539؛ ابن حجر العسقلاني، 1430، ص368).

      كما أشارت المصادر  الى أمراض اخرى مثل: مرض يدعى (بجوسنطريا)(544ه/1149م)، والذي يتلف الكبد، وهو مرض مخيف لا يكاد صاحبه ينفذ منه حيث يصاب بالرجفة وينحل الجسم والقوة(ابن القلانسي،1908 ،ص306) وكذلك مرض البرسام أو السرسام(9) ،ومات فيه خلق كثير من سكان الجزيرة، وكان من أعراضه أن المصاب به لا يتكلم حتى يتوفي(ابن الجوزي،1995،ج18/72؛ أبو شامة ،2002، مج3، ص 187)، كما أنتشر مرض الدوسنطاريا، والقولنج بين الناس(سبط بن الجوزي، 2013، ج20/396،403) ، وتوفي بهذا المرض صاحب الموصل الأمير سيف الدين غازي بن عماد الدين سنة  544ه/ 1149م(النويري، 2004، ج27/106) ، وفي سنة 551ه/1156م كثرت الأمراض مثل الفالج وغيرها ومات بها الكثير من الناس، والعسكر من ديار الجزيرة( ابن الأثير، 2002، م9، ص407-410)، وفي سنة 569ه/1173م أنتشر مرض الخوانيق(10) وتوفي فيه نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر(ابن الأثير،1963 ، ص161) وفي عام577ه-1181م عمت  أمراض مثل: السل، والقولنج، وداء المفاصل، وتوفي الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين زنكي(الصفدي ، 2000، ج9/132) بمرض القولنج في الخامس والعشرين من رجب عام577ه-1181م (أبو شامة، 2002، ج3/51 )، وقال ابن العبري أنه توفي بداء المفاصل(ابن العبري، 1991، ص197)، وفي سنة 587ه/1191م أنتشر مرض الحمى، والسعال، فمرض صلاح الدين الأيوبي بالحمى، ومرض عزالدين مسعود بن مودود بن اتابك زنكي آقسنقر (الصفدي، 2000، ج25/266 )،  صاحب الموصل بالسعال عندما وصل إلى نصيبين(ابن الأثير، 2002 ، م10، ص202؛ ابن العبري، 1991، ص217). 

     وفي سنة 594هـ/ 1197م أنتشر الوباء بين العسكر بعد استيلاء نور الدين(ارسلان) على نصيبين، وقضى على ستة من زعماء الموصل المشاهير بينهم مجاهد الدين قايماز حاجبه فاضطر إلى مغادرة المدينة والعودة الى الموصل(ابن العبري، 1991، ص230-231 ) وذكر ابن الأثير هذه الواقعة في نصيبين حيث انتشر الوباء بين العسكر وتوفي فيه جماعة من الأمراء والقادة(ابن الأثير،1963، ص193؛ ابن واصل ،1957، ج3/79) وفي سنة 595ه/1198م أنتشرت المجاعة، والأمراض في ماردين وأجنادها، وعدمت الأقوات عندهم، وكثرت الأمراض فيهم حتى أن كثيراً منهم كان لا يطيق القيام(ابن الأثير، 2002، م10، 260 )في سنة 597ه/1200م انتشرت الأمراض بين العساكر قي بلاد الجزيرة في فصل الصيف أثناء الصراع على أرض الجزيرة(ابن الأثير، 2002، م10، 260 )، وفي  سنة 609ه/1212م عم مرض الخوانيق وتوفي فية نور الدين محمود بن زنكي بن أقسنقر صاحب الشام وديار الجزيرة ومصر يوم الأربعاء حادي عشر شوال(ابن الأثير، 2002، م10، 55-56) ، وفي نفس السنة انتشرة الأمراض المزمنة في بلاد الجزيرة الفراتية ، فقد مرض الملك الأوحد نجم الدين  أيوب بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب خلاط(ابن الأثير، 2002، م10، 55-56؛ ابن العديم ، 1996، ص358 ) بأمراض مزمنة كان يتمنى الموت معها(أبو شامة، 2002، ج5/126 ) ، ومن الأمراض المنتشرة في بلاد الجزيرة الفراتية مرض الإسهال وتسبب في وفاة الكثير من الناس(ابن واصل ، 1957، ج3/229 ) ، وفي سنة  638ه/1240م انتشرت أمراض الحمى، والسكتة ،والفالج العبري، 1997، ص222؛ ابن واصل، 1957، ج5/306،308) .

     ورغم  أن الجهود السياسية والحربية قد اخذت حيزاً كبيراً من اهتمامات الزنكيين والأيوبيين في بلاد الجزيرة بحكم الظروف والتحديات التي واجهتهم الأ أنه مع ذلك قد أولوا اهتماماً بالغاً بخدمات الرعاية الصحية، وبناء البيمارستانات ، ودعم جهود الأطباء لمواجهة انتشار الاوبئة، والامراض، وكذلك لمواكبة العمليات الحربية، واسعاف الجرحى من المقاتلين في ساحات الحرب، وذكرت المصادر أن سبب ذلك هو الأوبئة التي فتكت بالناس فوصل عدد المستشفيات إلى ثلاثين، ووجد في معظم القلاع أطباء للمحافظة على سلامة الجنود والسكان المجاورين لها من الأمراض(غوانمة ، 1983،  ص 82 ) .

2.    3: الحروب، والصراعات:  

         كان للظروف الحربية العصيبة التي مّر بها المجتمع الاسلامي في العصرين الزنكي، والأيوبي تأثيرها على الأوضاع العامة في بلادالشام،ومصر، فضلاً عن بلاد الجزيرة الفراتية التي شّكلت أحد مناطق نفوذهم المهُمة، وكان لحروب المسلمين مع الفرنجة الصليبيين، وكذلك المغول، والأرمن فضلاً عن الفتن، والنزاعات الداخلية أن تسببت في استنزاف الكثير من الموارد، والطاقات، الا أنها مع ذلك كانت دافعاً مهماً للمسلمين للاهتمام بالرعاية الصحية، وبناء المزيد من المشافي، والبيمارستانات لمداوات جرحى الحروب لا سيما حروبهم الدامية والطويلة مع الصليبيين، لذلك فقد عمل الزنكيون، والأيوبيون على الاهتمام ببناء البيمارستانات في أغلب مدن الشام، ومصر، وبلاد الجزيرة(ابن جبير،د/ت، ص26؛ ابن أبي أصيبعة، د/ت ، ص732) ، واستفاد الصليبييون من التقدم الطبي الذي احرزه المسلمون في ميدان الطب وأخذوا عن المسلمين الكثير من مناهجهم التعليمية، وطرق المعالجة التي انبهروا بها ، فاقتبسوا منهم الكثير من أساليب العلاج،كما قلدوا المسلمين في بناء البيمارستانات(ويست، 1967 ،ص178 ) بعد ان كانت الكنيسة قد حرمتهم من ممارسة الطب على اعتبار ان المرض عقاب من الله لا ينبغي للانسان ان يصرفه عمن استحقه،فظل الطب محجرا عليه الى ما بعد القرن 6هـ / 12م (الكروي، 1987، ص294 ) ، وتروي المصادر التاريخية بعض صور التخلف التي كانت سائدة في العالم الغربي،ومنها اعتمادهم في المعالجة على الرقي والتعاويذ او على اساليب في غاية القسوة، وقد دون الأمير اسامة بن منقذ (ت: 584هـ /1188م) في كتابه "الاعتبار " صوراً من تلك المعالجات الوحشية(ابن منقذ،1988،ص 169- 172 ) ،ومن بين الاعتقادات البدائية الخاطئة عند الصليبيين أن الجنون يسببه الشيطان في الراس ولطرده واخراجه لا بد من حفر الصليب على راس المريض(ابن منقذ، 1988 ،ص171)، ومن ثمّ لا عجب أن ينبهر الصليبييون بالتقدم الطبي الذي أحرزه المسلمون، وكثيراً ما كان الأطباء المسلمون يستشارون من قبل الافرنج(ابن منقذ، 1988 ،ص107)،وعندما مرض الملك الانكليزي رتشارد (قلب الاسد) اكبر خصوم صلاح الدين الأيوبي بعث اليه السلطان أحد أطبائه لمعالجته(ابن شداد، 1962، ص158 ) .

2. 4: -التقدم الطبي في بلاد الجزيرة الفراتية.

        انتشرت في مدن الجزيرة الفراتية في ظل سيادة الزنكيين، والأيوبيين  الكثير من البيمارستانات والتي كان لها دور كبير في تقديم الرعاية الصحية، والعلاج الطبي للمرضى، وقد ذاع صيت بعض تلك البيمارستانات، وأشادت بها المصادر التاريخية، وقد بُنيت غالبيتها من قبل الحكام،والامراء لكونها كانت بحاجة الى موارد مالية كيبيرة (النويري،2004، ج26 /119 ؛بدران، 1985، ج1/216 ).

       ولم يقتصر دور البيمارستانات على الرعاية الصحية، وتقديم العلاج للمرضى، بل كانت أيضاً مراكز لتدريس الطب ، وتأهيل الأطباء ، وتجري فيها عملية التدريب للطلبة مع أطبائهم(النعيمي،1990، ج1/445.) وتحت إشرافهم، واسـتحدث فـي العهد الزنكي مهنة مسئول صرف العلاج(ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص732 ) للمرضى عدا عن عقد الاجتماعات العلمية بين الأطبـاء داخل البيمارستانات بما في ذلك حديثهم عن الأمراض ومداواتها ويخوضون في غرائـب المـداواة والتقصي في المعالجة والإقدام على صفات الأدوية التي تبرئ وتشفي المرضى بأسرع وقت ممكـن، وتجري العمليات على المحمومين(ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص732 ) ، وتطورت العمليات الجراحية، وعرفت المواد المسكنة لعلاج المرضى(القفطي، 1903، ج1/162؛ ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص123 )مثل البنج(11) الأفيون (ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص123،444) ، فقد عرفه الأطباء واستخدموه في بيمارستاناتهم الإسلامية أثناء عملياتهم الجراحية، واستخدموا معه نبات الزؤان(12) كمخدر والذي يجعل المريض يفقد  الشعور بحواسه (لوبون، د/ت ، ص518) وكانت الأدوية والعقاقير تصنع في البيمارستانات بطرق حسنة، وكان يعتمد على الأعشاب في المعالجة، واستخدام الخل فضلاً من الأعشاب، وترجع للطبيب أبو بكر الرازي فكرة تغليف حبات الدواء المرة بالسكر حتى تذهب مرارتها وتزداد كثافتها ويتناولها المريض بسهولة (هونكة،1969،ص328 ) ، فتعاملوا مع الأمراض بأنها لها أسباب وطرق علاج، ويعامل المريض المسلم وغير المسلم بعناية كبيرة وفحص دقيق(مرحبا ، 1978، ص278 ) .

     وعندما جاء عهد صلاح الدين شهدت البيمارستانات ثورة غير مسبوقة، وزاد هذا عندما ألحقت المكتبات بالبيمارستانات ليصبح بكل بيمارسـتان مكتبـة كبيـرة(أبو المحاسن،د/ت، ج1 /421 ) يستفيد منها الأطباء والمرضى والتلاميذ الذين يتعلمون الطب، وعمل الخلفاء والأمراء علـى تزويـد مثل هذه المكتبات بالكتب ودعموها بالأموال لتكـون خدمـة للطلبـة والمعلمين(ابن أبي أصيبعة، د/ت ، ص638؛ أبو شامة،1997، ج1 /11؛النعيمي،1990، ج1/138،137 ) ، ومن مظاهر التطور في البيمارستانات وجـود النقـالات لحمـل المرضـى عليهـا، خصوصاً من بترت أطرافهم(ابن الأثير، 1998، ج10 /21. ).

       أصـبحت بيمارستانات أقليم الجزيرة أكثر تخصصاً في فروع الطب فأصبح فيها الجرائحيـة(13) والكحالـة(14) والطبـائعيون(15) والمجبرون(16) والنفسانيون(17) وغيرها من التخصصات، وكان بكل بيمارستان قسم خاص للرجال، اخر للنساء، وبها الخدم، والفراشون، والممرضات، والممرضون، والمسئولون من رؤساء الأطبـاء، وذوي المراتب المختلفة(العليمي، 1985، ج 2/53 ) وأخذ التطور يلحق بالبيمارستانات بحكم التقدم الحضاري؛ حتى أصبح المريض يعرض نفسه على الأطباء، فتشخص حالته المرضـية على أكمل وجه، ثمّ يتم التقرير بشأنه(ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص565 ) ، وأصبح البيمارستان يوفر كل مـا يحتاجـه المـريض والطبيب معاً، كما أصبحت البيمارستانات أكثر زخرفة، وتطلى باللون الأبيض، خـصوصاً فـي غرف المرضى، وبعض الألوان الأخرى في الممرات(النويري، 2004، ج 33،ص152 ).

    وتطورت البيمارستنانات وأصبح بها مصانع أدوية، وعيـادة خارجية لصرف الدواء، وخزانة كبيرة لحفظها، كما أضيف قاعات كبيـرة داخـل البيمارسـتان لتدريس الطب(ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص628) ،وكانت الخدمات مجانية(ابن جبير، د/ت، ج 1/53،198) موكلة على الدولة تشمل أجور الأطباء، وخدمـة المرضى، وكانت أجورهم حسب مراتبهم العلمية(القفطي، 1903، ص148 ) وساعات العمل، وكل له اختصاصاته، ومنهم من يذهب للعمل(ابن جبير،د/ت، ج 1/53،198) في الصباح الباكر، ويباشر عمله في البيمارستان، وكذلك اكتـسب الأطبـاء الخبرة نتيجة فترات العمل الطويلة،  وبرعوا في إخراج الحصى وعمليات الكلى للمريض(ابن أبي أصيبعة، د/ت،ص416 ) كما نهضت البيمارستانات من الناحية الفنية، وظهرت بها فكرة التخصص فاجتمعوا بشكل خاص بالمجـانين(ابن الفوطي، 1932، ج 11 ) والمجـذومين وغيرهم وعالجوهم، وأحسنوا مداواتهم بالأسلوب نفسه الذي يعالجون به المرضى الآخرين بالرفق واللين(البغدادي، د/ت، ج3/185 ) واستعملوا لهم وسائل التلطيف بالمسكنات والرياضة الخفيفة والموسيقى الهادئـة(الصفدي، 2000، ج7/282 ).

     وكانت السلطات قد أخضعت البيمارستانات لمراقبة المحتسب(الصفدي، 2000، ج7/69 ) ،الذي كان يراقب عمل الأطباء،  ويلزمهم بعدم تركيب بعض الأدوية أو السموم ، كالأدوية التي  تسقط الأجنة، أو الدواء الذي يقطع النسل، وعليهم أن يكتموا أسرار المرضى، ويغضوا أبصارهم عن المحارم عند دخولهم للمرضى(الشيزري،1992، ص98؛ ابن بسام، 1968ص110 )، وزاد الاهتمام بالصحة العامة، والوقاية من الأمراض، والأوبئة، وظهرت الكتب الطبية المتخصّصة، مثل كتب طب العيون، وكتب الأدوية المفردة، وكتب تهتم باقسام وأعضاء جسم الانسان، مثل كتاب الإتقان في أدوية اللثة، والأسنان، وكتاب الإتقان لأدوية اليرقان(العسلي، 1994، ص133 ) وغير ذلك من الكتب، مما يدل على التخصّص في معالجة الأمراض التي تصيب أجزاء الجسم، و قام الحكام  بالإجراءات المناسبة لتحسين مستوى الصحة العامة بين الناس، ومعالجة المرضى من خلال الاهتمام بالبيمارستانات وإنشاء العديد منها، وإيصال المياء للمدن توزيعها على المنازل لأنها سبب مهم للنظافة. وبنيت الحمامات العامة والخاصة واستخدمت لعلاج بعض الأمراض، نظراً لما فيها من مياه معدنية( السيد علي، 1986، ص 245) .

      وهكذا فقد شّكلت  البيمارستانات  الاسلامية نموذجاً استفادت منه المستشفيات في الغرب الاوربي، من حيث التجهيز والمعالجة، والأساليب المتبعة في تنظيم المستشفيات والعمل فيها ، فوصفت البيمارستانات الإسلامية في القرنيين السادس والسابع الهجريين  بأنها كانت منظمة جيداً ، وتعكس مستوى عالياً من التطور الطبي،  فهي نظيفة جداً، تدفـــا فـــي أيـــام البرد، والأكل فيها وفير ، والمريض فيها يعطى لباساً جديداً نظيفاً، وعندما يشُـــفـى مـــن مرضه يعطى مالاً حتى لا يجبر على العمل بعد خروجه من المستشفى حتى يشفى تماماً (السعيد، 1987، ص 13 ) ، وهذا يعكس مدى التقدم والتطور العلمي ، والخدمي آنذاك.

3.: بيمارستانات الجزيرة الفراتية، وأبرز الأطباء الذين عملوا فيها

3.1: بيمارستانات الجزيرة الفراتية في العصرين الزنكي، والأيوبي:

        من مظاهر اهتمام الزنكيين، والأيوبيين بخدمات الرعاية الصحية، وجود الكثير من المراكز الصحية، والمشافي، اذ لم تكن تخلو مدينة من المدن الجزرية من بيمارستان أو أكثر، اذ تبارى الـسلاطين، والأمـراء، وأهل اليسار على تشيدها، ورصدو لها الموارد، والأوقاف (أبو المحاسن،د/ت،ج6/55) بالتالي أصبحت في كل مدينة بيمارستان كبير على الأقـل.

         وكانت بعض المدن الكبيرة كالموصل فيها أكثر من بيمارستان،فقد  جاء في المصادر ذكر  لبعضها مثل :البيمارستان المجاهدي: الذي أنشاءه مجاهد الدين قايماز الرومي(ت: 595هـ/ 1198م) على نهر دجلة في حدود عام 572هـ/ 1176م  بجانب مدرسته، ومسجده اللذين أقامهما، وذكر ابن الفوطي ان مجاهد الدین قایماز " دزدار" الموصل أي محافظ قلعتها قد عمّر بظاهر الموصل بيمارستاناً للمرضى ، وأنفق عليه ما يزيد على مائة ألف دينار أحمر" (أبو شامة، 1997، ج2/454؛ ابن الفوطي، 1940، ج5 /112 ) (أي ذهباً) ، وأوقف على الجميع أوقافاً كثيرة، ووصف ابن جبير هذا البيمارستان عند زيارته للموصل عام 580هـ/ 1184م بأنه مارستان ضخم واسع(ابن جبير، 1959،ص210 ).

       وكان في المدينة أيضاً  بيمارستان نسب الى  عماد الدين زنكي(ابن الأثير ، 1963،ص 77-78) ،كما أورد ابن أبي أصيبعة أن نورالدین محمود بن زنكي ( 514-569هـ/ 1116- 1173م) قد شيّد بيمارستاناً  كبيراً في المدينة (ابن أبي أصيبعة ،د/ت، ص 628 )، وأنشأ  الوزير الموصلي جمال الدين الأصفهاني المعروف بالجواد( 559هـ/ 1163م) البيمارستان الجمالي،وولي الإشراف على وقفه أبو علي الحسن بن سعيد بن عبد الله المعروف بعلم الدين الشاتاني(ت: 599هـ/ 1202م)( الحارثي،2007،ص399)  كما وُجد في الموصل بيمارستان آخر نسب الى قطب الدين مودود بن زنكي(ابن الأثير ، 1963،ص 91) ،كما كان هناك بيمارستان في سنجار لم تذكر المصادر تفاصيل عنه(ابن العديم ، 1988، ج8/3864؛ السامرائي، 1984، ج1/610) .

     ومن البيمارستانات الشهيرة بالجزيرة الفراتية البيمارستان الفارقي في مدينة ميافارقين والذي يرجع بناءه إلى عهد الأمر أبي نصر احمد بن مروان الملقب نصر الدولة ( 401-453هـ/ 1010-1061م)، وتعزو المصادر سبب بناءه  لهذا البيمارستان الى أن  نصر الدولة بن مروان كانت له بنت يحبها كثيراً فمرضت ولم يستطع أحد من علاجها فالى على نفسه أنه متى شُفيت فانه يتصّدق بوزنها دراهم فلما عالجها طبيبه زاهد العلماء، أبو سعيد منصور بن عيسى النصراني(ت: 460هـ/ 1067م) وشفيت من مرضها أشار على نصر الدولة أن يقوم بأنشاء بيمارستان بقيمة هذه الدراهم لينتفع الناس منه، فوافقه على ذلك، وكلّفه بتولي عمارته، والاشراف عليه(ابن شداد،1978 ،جـ3/ق1/ص 354 ) وأقف عليه الضياع، والأملاك(ابن شداد،1978 ،جـ3/ق1/ص 354 ) ، وتمّ تجهيز البيمارستان بالمعدات الطبية(ابن ابي اصيبعة،د/ت، ص 341).

     كما وجد في مدينة اربل  الكثير من المشافي لعّل من أشهرها: المارستان الذي  أقامه الأمير مظفر الدين كوكبري الذي تطورت المدينة على يدية  في شتى المجالات، وحظي المارستان الذي شيده برعاية خاصة، فقد كان يتفقده باستمرار للوقوف على أحوالها المرضى، والخدمات المقدمة لهم، ورصد لها ما يلزمها من الأموال لتقديم خدماتها المجانية للمرضى بغض النظر عن أوضاعهم المعيشية، ورتبهم الأجتماعية(ابن خلكان،1968، 3/272 )، كما كان كغيرة من مارستان ذلك العصر مركزاً تعليماً يتلقى فيها طلبة الطب علومهم النظرية والتطبيقية(الأتروشي،2007،ص365) .

   ويبدو أنّ هذا البيمارستان كان كغيره من مارستانات ذلك العصر، يحوي أجنحة وأقسام عدة، الا اننا نفتقر الى التفاصيل ، وقد جاء في المصادر التاريخية ذكر لعدد من الأطباء الذين خدموا فيه، منهم على سبيل المثال :الطبيب ابراهيم بن اسماعيل بن محمد الحراني الكحال (ت: 622هـ/ 1225م)، وممن خدموا فيه أيضاً: الطبيب الصيدلاني أبو احمد يوسف بن جامع الاربلي(ت: 615هـ/1218م)، الذي كان مُلماً بالطب، وتركيب الأدوية مما أهله لتولي الاشراف على خزانة الأدوية فيه(حسين،2014،ص245-246. ) وقد أشار ابن المستوفي الى هذا البيمارستان أكثر من مرة، وأشار أن من يتوفى من الغرباء يدفن في مقابر المارستان الملحقة بها(ابن المستوفي، 2011 ، ص220، 223 ).

    وفي مدينة حران ذكر ابن شداد بيمارستاناً نسب تشييده الى مظفر الدين كوكبري(ت: 630هـ / 1233م) صاحب أربل ، وكانت قبل ذلك  داراً  له يسكنها، فوقفها بعد وفاته وجعلها بيمارستاناً(ابن شداد،د/ت،ج3، ق1/ 43  )، وربما  يكون هذا المارستان هو  نفسه الذي  أشار إليه الرحالة ابن جبير في رحلته الى المشرق سنة 580هـ/1185م، فقال :" أن ببلدة حران مدرسة، وبيمارستان"( ابن جبير ،1964 ، ص117  ) ، وكان يعمل فيه عدد من الأطباء والممرضين(ابن بطوطة ،1997،ص 185؛ السامرائي، 1984 ، 2/133)، كما أشار اليه الرحالة ابن بطوطة فيما بعد(ابن بطوطة،ج1ص257،400) .

     كما كان في مدينة نصيبين بيمارستان كبير لا  نملك تفاصيل عنه، وربما هو نفسه الذي ذكره ابن ابي اصيبعة، وقال أن بانيه هو  مطران المدينة دون أن يذكر اسمه " فنفع الناس به، وأنفق عليه أموالاً كثيرة، ووقف له أملاكاً تقوم بكفايته، وجعل فيه من الآلات وجميع ما يحتاج اليه شيئا كثيرا جداً "( ابن أبي أصيبعة،د/ت،  ج2/ 341 )، وكان يعمل به عدد من الأطباء الماهرين منهم : الطبيب رضي الدين الرحبي يوسف بن حيدرة بن الحسن (534-631هـ / 1139 - 1233م)، وهو من مواليد جزيرة ابن عمر(النعيمي، 1948، ج2/127-128)، وقد غلب على رضي الدين صناعة الكحالة (طب العيون) (ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص672  ).

     كما وجد في مدينة الرقة بيمارستان نسب تشييده الى نورالدين محمود زنكي(ابن شداد ،د/ت ، ج3/ق1/124 ؛ القحطاني ، 2012 ، 133) ، وأشار ابن أبي أصيبعة الى بيمارستان الرقة، وأطباءها بقوله: " أن الحكيم بدرالدين أبن قاضي بعلبك خدم بالرقة في البيمارستان الذي بها، وصنّف مقالة حسنة في مزاج الرقة، وأحوال أهويتها، وما يغلب عليها، وأقام بها سنين " (ابن أبي أصيبعة، د/ت، ج2/751 ) ، كما عمـل حـسام الدين الحاجب علي بن حماد نائب منطقة خلاط بيمارستان في المدينة، وأنفـق عليـه الأمـوال الطائلة(الصفدي، 2000،ج6،ص381 ) ، وفي مدينة جزيرة ابن عمر أشارت المصادر الى بيمارستان شاه مجاهدالدين قايماز(ابن شداد، 1978، ج3/ ق1/71 و 215؛ ق2/536) ، كما  ذكر ابن شداد في كتابه الأعلاق الخطيرة الى بيمارستان في مدينة أرزن دون ذكر تفاصيل عن عمارتها، أو الذي قام ببناءها(ابن شداد : د/ت ،ج3/ق1/ص128) .

 

3.    2: أطباء الجزيرة الفراتية في العصرين الزنكي، والأيوبي:

   حظي الطب باهتمام بالغ من قبل حكام الجزيرة الفراتية، وسكانها، وتزامن الاهتمام بالطب مع العلوم النقلية، والدينية الاخرى، التي ازدهرت في ذلك العصر، وقد جاء الاهتمام بالطب لصلته بمفردات حياتهم اليومية، وكما هو معروف فان الطب علم نظري، وعملي يعنى بالمقام الاول بالمحافظة على صحة الانسان ومقاومته للأمراض التي قد تعتري صحته بما يتيسر من العلاج والأدوية المناسبة، وقد أدرك سكان الجزيرة اهمية الطب فاعتنوا به كثيرا، وظهر في المجتمع الجزري اتجاه يدعوا للعناية بالجسم، وحفظ الصحة اكثر من اي وقت مضى بسبب الظروف، والتحديات التي استجدت في القرنين السادس، والسابع الهجريين، الثاني عشر والثالث عشر الميلادي فكان لا بد من الاهتمام بالعلوم الطبية، وما يتعلق بها من خدمات الرعاية الصحية، ودعم وتشجيع الأطباء، وتوفير الظروف المناسبة لهم، فكان أن برز في ذلك العصر الكثير من الأطباء ممن كانت لهم خدماتهم الجليلة في هذا المجال وفيما يلي ذكر لبعضهم لا سيما اولئك الذين استقر بهم المقام في بلاد الجزيرة الفراتية: 

1-  الطبيب أبو أبو المؤيد محمد بن المجلي العنتري الصائغ الجزري (عاش في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي)، قال عنه ابن أبي أصيبعة :" كان طبيباً مشهوراً، وعالماً مذكوراً، حسن المعالجة" (ابن أبي أصيبعة، د/ت، 314-324 ).

2-  الطبيب فخر الدين  أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد الساتر الأنصاري المارديني (ت:594هـ / 1197م)، ولد بمدينة ماردين، وأصله من القدس، ولما توّلى نجم الدين إيلغازي بن أرتق أمور مدينة القدس - مع أخيه سكمان- بعد وفاة والدهما أرتق بن أكسب سنة 484هـ / 1191م ونقل جده عبد الرحمن الى مدينة ماردین، فاستوطنها هو،  وأولاده، وكان له مجلس عام للتدريس، قد درس على يديه عدد من الاطباء منهم: سديد الدين محمود بن عمر المعروف بابن رقيقة علم الطب، وكان مرافقاً له في رحلهِ ، فقد رحل معه الى مدينة دمشق عام587-589ه/1191-193م، ومن الذين درسوا عليه الطب  بدمشق: الطبيب مهذب الدين عبد الرحيم بن علي ، ولما أراد العودة الى بلده ماردين طلب مهذب الدين منه الإقامة بدمشق ليكمل عليه كتاب (القانون) لابن سينا مقابل ثلاثمائة درهم شهرياً فرفض قائلاً : " العلم لا يباع أصلاً بل من كان معي فإنني أين كنت"( ابن أبي أصيعة، د/ت،ج2/327 )، وقد بلغ المارديني مشهوراً في معالجاته  الطبية حتى أن الملوك كانوا يستدعونه من النواحي والأقطار الأخرى للعمل في بلاطهم(ابن العبري، 1983 ، ص417)  وعند مقابلته للملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي بمدينة حلب أقنعه بالبقاء في خدمته فمكث عامين أغدق عليه كثيراً من الأموال، وأكرم وفادته، ثمّ رجع الى ماردين. وتوفي فخر الدين المارديني بمدينة آمد عام 594هـ / 1197م ، وكان قد أوقف جميع كتبه للمشهد الذي أوقفه حسام الدين تمرتاش بن الأرتقي.

3-  الطبيب أبو الحسن علي بن أبي الله الموصلي الضرير(ت:607ه/1210م)، وكان يمارس مهنة الطب في مدينة الموصل(الحارثي،2007، ص391 ).

4-  الطبيب كمال الدين محمد بن الحسن الموصلي عاش (في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي)، وكان طبيباً بارعاً في العلاج صنّف كتاب (كنز الطبيب) (الحارثي،2007،ص391 ) .

5-   الطبيب أبو الحسن مهذب الدين علي بن أحمد بن علي بن عبد المنعم ابن هبل البغدادي، الخلاطي الموصلي(ت: 610هـ/ 1213م)، ولد ببغداد في سنة 515ه/ 1121م، ونشأ بها ودرس بها بمدرستها النظامية المشهورة علوم اللغة والأدب خاصةً علم النحو على يد علامة النحو ابن الخشاب عبد الله ابن أحمد (ت: 561هـ / 1171م)( ابن خلكان ، د/ت، ج3/102-104) ،أما في العلوم الطبية فكان أستاذه أوحد الزمان أبو البركات هبة الله علي بن ملكا والذي توفي نحو  560هـ / 1165م(ابن خلكان،د/ت ، ج6/74) ،وكان من الأذكياء الموصوفين بالذكاء المفرط لذا أجاد هذه العلوم كلها، وروى الحديث النبوي الشريف، ولكنه برع أكثر في العلوم الطبية فصار طبيباً مشهوراً، فكان أشهر معاصريه في الطب.

      وكان قد رحل إلى مدينة الموصل، واستوطنها، ثم رحل الى  مدينة خلاط وحظي بمكانة مرموقة عند صاحبها شاه أرمن - (522-581ه/1128-1185م)، الذي أنعم عليه بأموال جزيلة، ثمّ رحل إلى مدينة ماردين وأقام بها مدة عند المتنفذين على الحكم فيها : النقش النظام ، وخادمه لؤلؤ، وبعد قتلهما على يد الملك المنصور ناصر الدين أرتق بن إبلغازي الأرتقي(597 - 637هـ / 1200 - 1239م)  الذي تخلص من تسلطهما عليه، وربما لعلاقته معهما، تعرض الطبيب مهذب الدين بن هبل الى التعذيب  مما أدى إلى إصابة عينيه فعمي، وعاد إلى الموصل، ومع هذا فقد استمر في ممارسة الطب وعلاج الناس والتدريس حتى وفانه سنة 619ه/1222م، وأخذ عنه العلم كثير من الطلبة من بينهم ولده شمس الدين أبو العباس أحمد الذي صار طبيباً مثله(ابن أبي أصيعة ،د/ت،ج2/334،337؛ ابن العبري، 1983، ص420 ).

6-  الطبيب ابن حسنون الرهاوي (ت: 625هـ / 1227م) ، وهو طبيب نصراني من مدينة الرها، كان موفقاً في مهنته علماً وعملاً مشكوراً عليه لحسن معالجته ، لذا اشتهر بين الناس. ورحل الى مدينة خلاط ببلاد الروم، وخدم في مملكة قلج أرسلان خاصة عند أحد أعيانها، ثمّ رجع إلى بلدته الرها(ابن العبري،1983 ،ص442،443).

7-    الطبيب أبو الحسن كمال الدين علي بن أبي الفتح يحيى الكباري الموصلي(ت: 634هـ/ 1236م)، وكان من أشهر أطباء عصره في الموصل، ولغزارة علمه كان مرجعاً للعلماء والطلبة في تخصّصه ، وتوفي بها عن عمر ناهز المائة عام(الديوه جي،1982، ص396؛  الجميلي، 1970، ص325).

8-   الطبيب أبو حليقة أبو الوحش بن أبي الخير بن داود بن أبي المنى الحكيم الرشيد (ت: 670ه/1271م)، ولد بمدينة جعبر عام 591هـ / 1194م، ثمّ رحل الى مدينة الرها بإقليم الجزيرة الفراتية، ونشأ بها، ودرس الطب على عمه أبي سعيد بدمشق وبمصر، وعلى مهذب الدين الدحوار عبد الرحيم بن علي، وفضلاً عن أنه كان أوحد زمانه في الطب كان له حظ وافر في الأدب، ثمّ عمل في خدمة ملوك بني أيوب كالكامل محمد بن العادل حاكم مصر(615-635ه/1218-1237م)، وابنه الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل حاکم دمشق (638-647ه/1240-1249م)ثمّ ابنه تورنشاه (ت:648ه/ 1250م) ثمّ الظاهر بيبرس من المماليك الذي حكم مصر (658-676ه/1259-1277م)، ومن شهرته في الطب - ومن طول مدة علاجه للملك الكامل - كان يعرف نبضه من وراء ستار وكان ذات يوم يقوم بالكشف على مرضاه، فأخرج الكامل بده من وراء ستار - دون أن يعلم أبو حليقة بذلك - فعرف أن ذلك نبض الملك الكامل، فقال: "هذا نبض مولانا السلطان، وهو - بحمد الله – صحيح"،فعجب من خبرته ومعرفته تلك(ابن أبي أصيبعة ،د/ت، ج3/204،205).

            ولما انعدم دواء الدرياق الفاروق(18) قام بنفسه بعمل دواء الدرياق الذي توجد مركباته  في كل مكان تقرباً  لوجه الله تعالى، وكان مفعوله سريعاً في العلاج ، فاستخدمه في علاج المفلوجين، وفي علاج الأعصاب وفي إزالة البلغم، وفي تسكين مرض (الفالج) القولنج(19) وخلال انشغال " أبو حليقة الرشيد " بعمل دوائه هذا أصيب السلطان الكامل بألم حاد في أسنانه، وأحضر إليه الطبيب أسعد الدين عبد العزيز بن أبي الحسن المعروف بالأسعد (ت:635ه/ 1238م )لعلاجه فلم يفلح، علاجه، فطلب الرشيد - وكان قد انتهى من عمل درياقه - فأعطاء منه وأمره بأن يتسوك به، ولما استعمله الكامل عوفي في الحال وخرجت ورقة السلطان فيها إشادة بعلاجه وبسرعة مفعول دریافه یا حکیم، استعملته وزال الألم لوقته فأهدى له خلعاً وذهباً .توفي أبو حليقة الرشيد سنة 670ه/ 1272م (ابن أبي أصيبعة،د/ت، ج3/208-216) .

9-   الطبيب عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد بن عبيد صالح الربعي الدنيسري الحكيم البارع (ت: 686ه/1287م)، ولد بمدينة دنيسر سنة 605ه/1208م وكان أبوه خطيب دنيسر،استوطن عماد الدين - أخيراً - بلاد الشام حيث عمل في القلعة عند الملك الناصر داود بن عيسى بن العادل الأيوبي، بدمشق، والتقى به ابن أبي أصبيعة بدمشق سنة 667ه/1268م  ثمّ عمل بالبيمارستان الكبير النوري بدمشق، وتوفي بها في سنة 686ه/ 1288م(ابن أبي أصيبعة د/ت،ج3/437-443)  .

10-         الطبيب ابن دانيال شمس الدين محمد بن دانيال بن يوسف الحراني الموصلي(ت: 710ه/1310م)، وكان أديباً فضلاً عن براعته في طب العيون(الكحالة)، وكان  يعالج أمراض العيون  ومنها مرض(الرمد)( كحالة ،د/ت، ج9/295؛ الزركلي: الأعلام ، ج6/120) .

11-       الطبيب رضي الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري السنجاري المعروف بابن الأكفاني (ت:749ه/1348م)، ولد ونشأ في مدينة سنجار، كان من علماء الرياضيات والفلسفة، وبرع أكثر في الطب حتى صار يضرب به المثل في تشخيصه للمرض وعلاجه للمرضى، كذلك فاق غيره في معرفة الجواهر والعقاقير الطبية، حتى كاد لا يدخل شيء منها الى البيمارستان إلا عرض عليه،  ثمّ رحل الى القاهرة، واستوطنها وزاول فيها الطب، وتوفي فيها بمرض الطاعون عام 749هـ /1348م، وقد صنّف ابن الأكفاني كثيراً من الكتب الطبية منها : "روضة الألباء في اختصار الأطباء "اختصر فيه الأنباء لابن أبي اصيبعة، ومن مصنفاته ايضاً: كشف الرين في أمراض العين، ونخب الذخائر في أحوال الجواهر، والنظر والتحقيق في تقليب الرقيق، ونهاية القصد في صناعة الفصد، واللباب في الحساب، وإرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد، والدر النظيم في أحوال العلوم والتعليم، وكتاب "غنية اللبيب عند غيبة الطبيب"، وهو أشهر كتبه(كحالة، د/ت، ج8/200، 201 ).

12-       الطبيب موفق الملك أمين الدولة أبو الحسن هبة الله بن أبي العلاء صاعد بن إبراهيم بن التلميذ (ت:560ه/1164م) من أطباء جزيرة الفراتية قدم الى بغداد، وعمل في البيمارستان العضدي، وكان أوحد زمانه في الطب وله تصانيف كثيرة فيه(إبن أبي أصيبعة د/ت،349 -374 ) .

13-        الطبيب أبو الحسن بن هارون الحراني، من أطباء حران في هذه الفترة(أحمد عيسى ،1942، ص87-88) .

14-       الطبيب محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم المعروف بسديد الدين بن رقيقة (ت:635هـ/1237م)، ونال رعاية الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل الذي توّلى حكم ميافارقين ومن بعده من الملوك إذ أقام بن رقيقة عدة سنوات بالمدينة(ابن أبي اصبيعة،د/ت ،ص705).

15-    الطبيب إبراهيم بن اسماعيل بن محمد الحراني الكحال (ت:622ه/1225م)، الذي خدم في البيمارستان اربل(حسين،2014،ص245-246 ).

16-       الطبيب الصيدلاني أبو احمد يوسف بن جامع الاربلي(ت: 615هـ/1218م)، الذي كان مُلماً بالطب، وتركيب الأدوية مما أهله لتولي الاشراف على خزانة الأدوية فيه(حسين،2014،ص245-246 ).

17-        الطبيب رضي الدين الرحبي يوسف بن حيدرة بن الحسن (534-631هـ / 1139 - 1233م) ، وهو من أكابر الاطباء في صناعة الطب ، ولد بجزيرة ابن عمر ونشأ بها(النعيمي، 1948، ج2/127-128)، وقد غلب على رضي الدين صناعة الكحالة (طب العيون)( ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص672) ومن مؤلفاته (مختصر كتاب المســـــــــائل لحنن بن اسحق) و (مختصر الحاوي لابي بكر الرازي) ،و (مختصر الاغاني)، و(مقالة في الاستفراغ)،و(تهذيب شرح ابن الطيب لكتاب الفصول لابقراط)  (النعيمي، 1948، ج2/ 127- 128)، وكانت وفاته بدمشق(ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص675 ).

18-       الطبيب محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم المعروف بسديد الدين بن رقيقة ، وقد عنى رعاية الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل(638-647ه/1250-1260م) الذي تولى حكم ميافارقين ومن بعده من الملوك إذ أقام بن رقيقة عدة سنوات بالمدينة ميافارقين(ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص703، 705).

19-       الطبيب صدقة بن منجا بن صدقة السامري الذي خدم الملك الأشرف موسى(607-617هـ / 1210 - 1220م)، حتى توفى سنة(620ه/1223م)( ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص721).

20-       الطبيب عبدالمنعم الجلياني من أطباء الميافارقين ، الذي برع في صناعة الكحل إلى جانب الطب()( ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص631).

الاستنتاجات

من أبرز الاستنتاجات التي خرج بها البحث:

1-     تعد البيمارستانات من المنشآت الخدمية المهمة التي اهتم بها المسلمون مبكراً، ورصدو لها الموارد والأ وقاف الكبيرة، وقد واكب إنشأئها، وتطورها النمو العمراني للمدن، وكذلك ازدهار العلوم الطبية، وتمثل البيمارستانات سمة من سمات وانجازات الحضارة الاسلامية المهّمة.

2-     استجدت  في بلاد الجزيرة الفراتية في القرنين السادس، والسابع الهجريين الكثير من العوامل، والتحديات والكوارث الطبيعية كالزلازل، وموجات الأوبئة لفتاكة كالطاعون، والقحط، فضلاً عن التحديات الخارجية والحروب لزيادة الاهتمام بالخدمات الطبية، والاكثار من تشييد البيمارستانات لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية للمحتاجين من المرضى.

3-     عرف عن حكام الزنكيين، والأيوبيين دعمهم، ورعايتهم لخدمات الرعاية الصحية،، وبناء البيمارستانات في البلاد الخاضعة لنفوذهم في بلاد الشام، ومصر، والجزيرة الفراتية، وقد أخذت البيمارستانات في القرنين السادس، والسابع الهجريين منحى جديداً من التطور، وكثرت في ذلك العصر البيمارستانات الثابتة التي لم تخلو منها مدينة من المدن، فضلاً عن اهتمامهم بالبيمارستانات المتنقلة التي اكتسبت شهرة كبيرة أثناء حروبهم مع الـصليبيين.

4-     رصد حكام الجزيرة الفراتية موارد كبيرة  لتشييد البيمارستانات،وكانت غالبيتها  تحصل على إيراداتها من الأوقاف التي تؤمن لها اكتفاءها المـالي، فقد كان للأوقاف أثر كبير في تقديم الرعاية الصحية، ومساعدة المرضى مـن الفقـراء والمحتاجين،وكان المرضى يتقلون فيها العلاج، والطعام مجاناً،

5-     كانت البيمارستانات تدار من قبل كادر طبي، واداري يشرف على ادارتها، كما كان في كل بيمارستان ناظر أو مدير، وهو من المناصب الرفيعة التي اشترطوا لتوليها الكفاءة والمهارة في العمل الطبي، والعفة، والأمانة، والصدق، وأن يتابع أحوال المرضى لتوفير ما يحتاجونه من خدمة، وعلاج، ولأهمية الطب، وخطورته في المجتمع أوكلوا مراقبتها للمحتسب لئلا يندس فيها الدخلاء والغشاشون.

6-     لم تكن البيمارستانات مراكز للعلاج وحسب، بل كانت اضافة الى ذلك معاهد، ومدارس طبية لتعليم الطلبة وتخريج الأطباء، حيث كانوا فيها يتلقون دروسهم النظرية، والتطبيقية.، وكان للأطباء داخل البيمارستان زيهم المهني الخاص الذي يميّزهم عن أصحاب المهن الأخرى، وكان أشبه ما يكون بـ (الروب الجامعي) باللون العنابي وهو يختلف عما كان يرتديه أطباء الفرنجة الصليبيون حيث كان زيهم عبارة عن "جوخه ملوطه زرقاء.

7-     أشادت المصادر التاريخية، وكتب الرحالة  بالبيمارستانات الزنكية، والأيوبية، واعتبرها البعض كالرحالة ابن جبير بأنها من  مفاخر ذلك العصر، كما أسهب في ذكر بعضها، وما كانت تحويه من أقسام، وكذلك طبيعة الخدمات الطبية، والعلاجية التي كانت تُقدمها للمرضى،

8-     حظي التقدم الذي أحرزه المسلمون في ميدان الطب، وبناء البيمارستانات باعجاب الغرب المسيحي، فقد استفاد الصليبييون  من التقدم الذي أحرزه المسلمون في هذا المجال، وأخذوا عن المسلمين الكثير من مناهجهم التعليمية، وطرق المعالجة التي انبهروا بها ،كما قلدوا المسلمين في بناء البيمارستانات.الاسلامية التي أصبحت نموذجاً يحتذى بها في الغرب الاوربي.

 

الهوامش

([1]) بحث مستل من اطروحة الدكتوراه المعنونة( الحركة العمرانية في بلاد الجزيرة الفراتية في القرنين 6و7هـ) للطالبة كاذين أنور صديق، وباشراف أ.د. شوكت عارف محمد، والمقدمة الى كلية العلوم الانسانية، جامعة زاخو، 2023).

(2) جنديسابور: مدينة قريبة من الأحواز الحديثة، الواقعة في جنوب فارس، ويرجع مستشفاها ومدرستها الطبية إلى الملك سابور الأول الساساني(ت:271م) ، وفتحها أبي موسى الأشعري عقب فتحه إقليم تستر من جندياسبور. انظر: ياقوت،1996،ج2/.170ج 7/950 ؛ هونكة، 2002م، ص18.

 (3) رفيدة: هي كعيبة بنت سعد الأسلمية ، المعروفة باسم " رفيدة الأسلمية، صحابية جليلة من بني أسلم ، اِشتهرت رضي الله عنها بتضميد الجروح ، لذاكانت تصحب جيوش المسلميٌن المقاتلينٌ ضّد المشركنٌ . إبن هشام ، 1998م ، مج2، ص142.

 (4) المصطكي: هو نوع من النبات، يستخرج منه اللبان، والعلك، شبيه بالحبيبات، وهو ما يعرف لدينا بالمستكة، ويستعمل كدواء للمرضى. الحجاوي، (د/ت)، ج2/138.

(5) وقعة أرسوف:  وكانت هذه المعركة سنة 587ه/1191م في فلسطين بين صلاح الدين ، وريتشاد قلب الأسد زمن الحملة الصليبية الثالثة التي انهزم فيها جيش صلاح الدين الأيوبي. ابن شداد، 1962، ص183-184.

(6) ساعور: كلمة سريانية معربة تعني متفقد المرضى . ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص415.

(7) الطاعون :  وهو أخطر الأوبئة، وأكثرها انتشارا في العصور الوسطى، وكان يسمى بالموت الأسود في أوربا ، لكثرة  ما خلفة من عدد الموتى والمصابين في تلك الفترة ، وظل الهاجس الكبير للعالم كله الى غاية بداية القرن العشرين، ويعرف في العصر الحديث بأنه مرض وبائي معد، يتسبب في عدوى بمكروب خاص" البرسينا الطاعونية"، وعادة يُصيب الحيوانات القارضة، كالجرذان، وينتقل للإنسان بواسطة البراغيث المتطفلة عليها، ينظر: فادي إلياس، 1998م ، ص375، 376.

(8) كر القمح: يساوي 30كارة-60قفيزا-8مكاكيك وبذلك يكيل الكر الواحد من القمح 2925كغم. فالتر هنتس، 1970م، ص69.

(9) السرسام، ورم في الدماغ تحدث عنه حمى دائمة،وتتبعها أعراض رديئة ، كالسهر و إختلاط الذهن. الخوارزمي، 1989م، ص186.  والسرسام كلمة فارسية تتكون من مقطعين، سر ومعناها الرأس، وسام وتعني ورم انظر: شير السيد أدي، 1980م، ص 90.

(10) القولنج: مرض معوي مؤلم يتعسر معه الإخراج ويكون في الامعاء الغليظة . ابن سينا، 1999م، ج2/287.

(11) البنج: عشب يستعمل للراحة والاسترخاء والتخدير. ابن البيطار، (د.ت) ، ج1/117.

(12) الزوان: عشبة تنمو مع الحنطة، وتسمى أيضاً الدمثة والشيلم، وهي نبات مسكر، ومسكن للآلام. انظر: ابن البيطار، د/ت، ج2/174.

(13) الجرائحية: هم من يقومون بالعمليات الجراحية. الرازي، 2002م ، ج1/397؛ ابن أبي أصببعة، د/ت ، ص416.

(14) الكحالة: من يقومون بعلاج أمراض العيون. ابن أبي أصيبعة، د/ت، ص416.

(15) الطبائعيون: المختصون بالأمراض الباطنية والداخلية. ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص416.

(16) المجبرون: المختصون بالكسور وتجبيرها. ابن أبي أصيبعة،د/ت، ص416.

(17) النفسانيون: المختصون بالأمراض العقلية. البغدادي، (د.ت) ، ج3/185.

(18) الدرياق: هو الترياق، معجون أسود اللون، حلو الطعم ، مركب من عدة جواهر مسكنة، وفيه جزء من مائة جزء من الأفيون وشيء من النبيذ، وهو دواء لآلام المعدة، وإن دهن به الجسم من الظاهر سكن الألم وحلل الأورام. (الحاثي، 2007، ص395) .

(19) القولنج الفالج: مرض يصيب الإنسان وهو مرض الشلل. ابن أبي أصيبعة ، د/ت، ج3/208،219،220.

مصادر ومراجع البحث

أولاً- المصادر الأولية:

ابن الأثير، عز الدين علي بن محمد الشيباني الجزري1415) ھ1998/م) : الكامل في التاريخ، 11جزء، تحقيق: أبي النداء عبد االله القاضي، بيروت، دار الكتـب العلمية، بيروت، ط2؛ 13ج، تحقيق: محمد يوسف الدقاق، ط4، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1424ه/2002م.

ـــــ(القاهرة،د.ت): التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية بالموصل، تحقيق: عبد القادر أحمد طليمات، نشر دار الكتب الحديثة بالقاهرة، 1963؛ تحقيق: عبد القادر أحمد طليمات، دار الكتب الحديثة.

ابن الأزرق، أبو عبد االله الأزرق القاضي(د/ت):بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق. عبد الهادي التازي.

الأسنوي، جمال الدين عبد الرحيم (د/ت (:طبقات الشافعية، مكتبة البحوث والدراسات في دار الفكر للطباعة والنـشر والتوزيـع .

ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أحمد بن قاسم بن خليفة(د/ت):عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق: نزار رضا، بيروت، مكتبة الحياة.

بدران، عبد القادر الدمشقي(1985م) : منادمة الأطلال ومسامرة الخيال، جزء واحد، تحقيق: زهير الشاويش، بيـروت، المكتـب الإسلامي . 

ابن بسام، محمد بن أحمد(1968م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق: حسام الدين السامرائي، بغداد .

البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب(د/ت): تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية .

ابن بطو طة، محمد بن ابراهيم اللواتي(1997م): رحلة ابن بطوطة المسماة(تحفة النظار في غرائب الامصار)، تحقيق. عبدالهادي التازي، اكاديمية المملكة المغربية، الرباط .

 ابن البيطار، ضياء الدين عبد االله بن أحمد الأندلسي(د/ت): الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، القاهرة المطبعة المنيرية .

 ابن تغري بردي، جمال الدين أبي المحاسن يوسف(د/ت): النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وزارة الثقافة المصرية .

الجاحظ، عمر بن بحر(1948م):البيان والتبيان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، لجنة التأليف القاهرة .

ابن جبير، محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي)د/ت): رحلة بن جير، تحقيق.محمد مصطفى زيادة، بيروت، ودار الكتاب .

ابن الجوزي، جمال الدين عبد الرحمن بن علي (1926 م): صيد الخاطر، القاهرة .

الحجاوي، موسى بن أحمد بن موسى ى بن سالم بن عيسى(د/ت) : الإقناع في فقه الإمام أحمد، تحقيق: عبد اللطيف محمد تحقيق: عبد اللطيف محمد موسى، بيروت، دارالمعرفة .

الحميري، محمد بن عبد المنعم، (1980م(: الروض المعطار في خبر الأقطار، جزء واحد، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، مؤسسة
ناصر للثقافة، ط2 .   

ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن أبي بكر(1968م):وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق. إحـسان عبـاس، بيـروت، دارالثقافةى.

الذهبي ،شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان(1985م): المختصر المحتاج إليه من تاريخ الحافظ الدبيثي، جزء واحـد، بيـروت، دار الكتـب العلمية .

ـــــــ(1992م) : سير أعلام النبلاء،تحقيق: شعيب الأرناءوط، محمد نعيم العرقوس، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط9 .

ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي .

الرازي، أبو بكر محمد بن زكريا(1978م) :الفصول أو المرشد، تحقيق: ألبير اسكندر، مصر، القاهرة، جامعـة الـدول العربيـة .

الزبيدي، محب الدين أبو الفيض السيد محمد مرتضى(1888م ): تاج العروس من جواهر القاموس، مصر، المطبعة الخيرية .

سبط بن الجوزي، شمس الدين بن قزاوغلي بن عبدالله(2013م): مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، تحقيق: إبراهيم الزيبق، دار الرسالة العالمية، دمشق، سوريا .

ابن سينا ، أبو علي الحسين بن عبد الله بن علي(1420ه/1999م): القانون في الطب، تحقيق:محمد أمين الضناوي، ط1، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 

ابن شداد، أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة الأسدي والملقب ببهاء الدين(1962م): النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، تحقيق. محمد محمود صبح، دار الكتاب العربي ، القاهرة،مصر.

ابن شداد، عز الدين بن محمد بن علي بن إبراهيم ،(1978م):الاعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة ، تحقيق: يحيى زكريا عبارة، ط1، 3ج، أشبيلية للدراسات والنشر والتوزيع ، منشورات وزارة الثقافة والإرشلد القومي، دمشق، سوريا ؛ د/ت.

أبو شامة، شهاب الدين عبـد الـرحمن بـن إسـماعيل الدمـشقي(1422ه/2002م): الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، تحقيق. إبـراهيم الزبـق، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1997؛ تحقيق: إبراهيم شمس الدين، 5ج ، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

الشيرزي، عبد الرحمن بن نصر (1401 هـ /1992م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق. السيد الباز العريني، بيروت، لبنان، دار الثقافة ، ط2.

الصفدي،صلاح الدين خليل بن آيبك(1420ه/2000م):الوافي بالوفيات، تحقيق. أحمد الأرناؤوط، وتركي مصطفى، دار إحياء التراث ، بيروت.

ابن العبري، غريغوريوس بن اهرون الملطي(1991م): تاريخ الزمان، ترجمة. الأب إسحاق أرملة، تقديم الأب جان موريس فييه ، دار المشرق، بيروت.

ابن العديم ، كمال الدين أبي القاسم عمر بن احمد (1996م): زبدة الحلب من تاريخ حلب، تحقيق. خليل المنصور ، دار الكتب العلمية، بيروت.

ابن العماد، شهاب الدين أبي فلاح عبـد الحـي بـن أحمـد الحنبلـي(1985م):شذرات الذهب في أخيار من ذهب، تحقيق. عبد القادر الأرناءوط، محمـد الأرناءوط، دمشق، دار النشر ابن كثير .

ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرازق بن أحمد (1932م.(: الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة، تصحيح وتعليق: مصطفى جواد بغداد، المكتبة العربية .

القفطي، جمال الدين علي بن يوسف(1903م):تاريخ الحكماء، تحقيق.فون بوليوس ليبرت، ألمانيا لايبتزغ .

ابن القلانسي، أبو يعلي حمزة(1908م):ذيل تاريخ دمشق، تحقيق. أميدروز، بيروت، مطبعة الآباء اليسوعيين  .

القلقشندي، أحمد بن علي بن أحمد (د/ت):صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، تحقيق. محمد حسين شمس الدين، د/ت.

ابن كثير،الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي(1998م): البداية والنهاية، تحقيق.عبدالله عبد المحسن التركي،دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، الجيزة، مصر، 1998.

ابن ماجة ، أبو عبد االله محمد بن يزيد القزيويني(1952م): سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة .

الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البغدادي(1973م): الأحكام السلطانية والولايات الدينية، القاهرة، مطبعة الحلبي، ،ط3 .

 المراكشي، عبد الواحد بن علي التميمي (1948م):المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تحقيق. محمد سعيد العريـان، محمـد العلمي، القاهرة، مطبعة الاستقامة .

ابن المستوفي، شرف الدين أبو البركات المبارك(1980م؛2011م): تاريخ اربل، تحقيق. سامي خماس الصفار،بغداد، دار الرشيد للنشر ؛ طبعة بيروت، دار الكتب العلمية ، 2011.

المقدسي، عبداالله بن أحمد ابن قدامة(1983م):التوابين، تحقيق.عبد القادر الأرناءوط، بيروت، دار الكتب العلمية .

المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي(1987م):المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينيـة، ط2 .

ــــــــ(2001م):  اتعاظ الحنفاء بأخبار الفاطميين الخلفاء، جزءان، تحقيق. محمـد عبـد القـادر عطـا، بيروت، دار الكتب العلمية .

ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم المصري، (1992م):لسان العرب، بيروت، دار صادر.

ابن منقذ، مؤيد الدولة أبو مظفر أسامة الشيزري(1988م):كتاب الاعتبار،مراجعة حسن الزيني، دار الفكر الحديث، بيروت .

النعيمي، عبد القادر بن محمد الدمشقي (1990م):الدارس في تاريخ المدارس،تحقيق. إبراهيم شمس الدين، بيروت، دار الكتـب العلمية .

النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (2004م): نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق. مفيـد قميحـة، بيـروت، دار الكتـب العلمية .

 ابن واصل، جمال الدين محمد بن سالم (1957م): مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ، تحقيق.جمال الدين الشيال، وحسنين محمد ربيع، وسعيد عاشور، 5ج، دار الكتب والوثائق القومية، المطبعة الأميرية، القاهرة، مصر .

ياقوت، شهاب الدين أبي عبد االله الحموي(1996م):معجم البلدان، بيروت، دار إحياء التراث . 
ثانياً – المراجع الثانوية:

الأتروشي، شوكت عارف(2007م): الحياة الفكرية في مصر خلال العصر الأيوبي، دار دجلة، عمان .

أحمد، عبد الرازق أحمد (1990م): الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، عين شمس، دار الفكـر العربـي .

الياس، فادي(1998م) : المناخ والأسعار والأمراض في بلاد الشام في عهد المماليك، بيروت .

أنيس، إبراهيم وآخرون(1393ه/1973م): المعجم الوسيط، القاهرة، مصر ، دار إحياء التراث العربي، ط2 .

البستاني، كرم وآخرون(1406ه/ 1986م): المنجد في اللغة والأعلام، بيروت، لبنان، دار المشرق،ط26 .

بول، استانلي(1406ه/1986م): طبقات سلاطين الإسلام، نشر الدار العالمية .

الحارثي،عبدالله بن ناصر بن سليمان(2007م): الأوضاع الحضارية في إقليم الجزيرة الفراتية، الدار العربية للموسوعات .

حسين، محسن محمد(1986م): الجيش الأيوبي اي عهد صلاح الدين الأيوبي،بغداد .

ـــــ(2014م): اربيل في العهد الأتابكي، اربيل ، مكتبة التفسير .

الخطيب، حنيفة(1988م): الطب عند العرب، بيروت .

الديوه جي،سعيد(1958م):الموصل في العهد الأتابكي، نشر وزارة المعارف العراقية، بغداد .

رضوان، سيد(1987م): لعلوم والفنون عند العرب ودورهم في الحضارة العالمية، السعودية، الرياض، دار المريخ .

الزركلي، خير الدين(1980م): الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العـرب والمـستعمرين والمستـشرقين، بيروت، دار العلم للملايين، ط8 .

السامرائي، كمال(1984م): مختصر تاريخ الطب، بغداد، دائرة الشؤون الثقافية والنشر .

السعيد ، عبدالله عبد الرزاق (1408ه/1987م):المستشفيات الإسلامية من العصر النبوي إلى العصر العثماني، عمان، الأردن، دار الضياء .

شير، السيد أدي(1401هـ/ 1980م): معجم الألفاظ الفارسية المعربة، بيروت، لبنان، مكتبة لبنان .

طوقان، قدري حافظ(1961م): العلوم عند العربالقاهرة .

عاشور، سعيد عبدالفتاح(1987م): بحوث في تاريخ الإسلام وحضاته، عالم الكتب ، القاهرة.

ـــــ(1959م): مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك، بيروت، دار النهضة المصرية .

عبد الرحمن،حكمت نجيب(1985م): دراسات في تاريخ العلوم عند العرب، الموصل، نشر وزارة التعليم العالي،ط4 .

عبدالله، شهلة برهان(2017م): تاريخ البيمارسيتانات في عهد الدولة الأيوبية في مصير(648-569ه/1252-1173م)، مجلة الدراسات التاريخية، مج10، عدد 32 .

العسلي، كامل جميل(1414ه/1994م): مقدمة في تاريخ الطب في القدس منذ أقدم الأزمنة حتى عام 1918م، عمان، نشر الجامعة الأردنية .

عمر، فوزي فاروق(1988م) :تاريخ العراق في عصر الخلافة العربية الإسلامية(622ه-1258م)،مكتبة النهضة بغداد .

علي، السيد(1406هـ / 1986م): القدس في العصر المملوكي، القاهرة، دار الفكر .

عيسى بك، أحمد(1981م) :تاريخ البيمارستانات في الإسلام، بيروت، لبنان، دار الرائد العربي .

غني، قاسم(1976م): من تاريخ الطب الإسلامي، القاهرة .

غوانمة، يوسف درويش(محرم 1403ه/ تشرين أول 1983م) : "الطاعون، والجفاف وأثرهما على البيئة في جنوب بلاد الشام، الأردن وفلسطين في العصر المملوكي"، مجلة دراسات تاريخية،جامعة دمشق، العدد 13-14 .

القحطاني، عبدالله بن علي بن سلمان(2012م): الحياة العلمية في الرقة خلال العصر العباسي، اطروحة دكتوراه ،كلية الشريعة والدراسات الاسلامية، جامعة ام القرى .

كحالة ، عمر رضا محمد راغب(د/ت): معجم المؤلفين ، مكتبة المثنى، بغداد . 

 الكروي، ابراهيم سلمان، وعبدالتواب شرف الدين(1987م):  المرجع في الحضارة العربية الاسلامية، الكويت، در السلاسل، ط2.

مرحبا، محمد عبد الرحمن(1398ه/1978م): المرجع في تاريخ العلوم عند العرب، بيروت، دار الفيحاء .

المطوي، محمد العروسي(1982م): الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الاسلامي .

لوبون، غوستاف(د/ت) : حضارة العرب، ترجمة. عادل زعيتر، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي .

هنتس، فالتر(1970م): المكاييل والأوزان الإسلامية، ترجمة.كامل العسلي، ، منشورات الجامعة الأردنية،عمان .

 هونكة، زيغريد هونكة(2002م):شمس العرب تسطع على الغرب، ترجمة: فاروق بيضون وكمـال دسـوقي، تحقيـق: مارون الخوري، بيروت، دار صادر، ط10.

النقاش، زكي(1957م): العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بين العرب والفرنج خلال الحروب الصليبية، بيروت، دار الكتاب اللبناني .

ويست، انتوني (1967م): الحروب الصليبية ،ترجمة. شكري محمود نديم، بغداد .


 

 

رولێ نه‌خوشخانه‌یێن هه‌رێما جزیرتا فوراتى د بێاڤێ ته‌ندروستێدا  لسه‌رده‌مێ زه‌نكى وئه‌یوبیدا

پوخته‌:

بیمارستان دهێنه‌ هژمارتن ژده‌زگه‌هێن گشتى یێن خزمه‌تێن چاره‌سه‌ركرنێ وپزیشكى پێشكێشى نه‌خوشا دكه‌ن، ولسه‌رده‌مێ زه‌نكى وئه‌یوبى چه‌ندین نه‌خوشخانه‌ وبیمارستان به‌لاڤبوون لباژێرێن جه‌زیرا فوراتى وه‌كى باژێرێن دى یێن ئیسلامى. ودگه‌ل دامه‌زراندن وپویته‌دانێ ب بیمارستانا جڤاكێ ئیسلامى پێشكه‌فت وئاڤه‌دانى تێدا زێده‌بوو، وزێده‌بارى فاكته‌رێن دى یێن رویداین لهه‌رێما جه‌زیرا فوراتى لهه‌ردوو چه‌رخێن شه‌شێ وحه‌فتێ مشه‌ختى وه‌كى قه‌یران وكاره‌ساتێن سروشتى وشه‌رێن بووینه‌ ئه‌گه‌رێ زێده‌بوونا پویته‌دانا زه‌نكیا وئه‌یوبیا ب خزمه‌تێن چاڤدێریا ته‌ندروستى، ودامه‌زراندنا بیمارستانێن هه‌مه‌جور دپێخه‌مه‌ت پێشكێشكرنا چاره‌سه‌ریێ بۆ نه‌خوشا. وهه‌روه‌سا بیمارستان بنگه‌هێن فێركرنێ یێن پێشكه‌فتى بوون، قوتابیا تێدا زانستێن تیورى وپراكتیكى دخاند.

ده‌ستهه‌لاتدارێن هه‌رێما جه‌زیرا فوراتى بزاڤكرن هه‌مى پێتڤیێن بیمارستانا دابین بكه‌ن، وده‌رمانخانه‌ دگه‌ل ئاڤاكرن، وكوگه‌هێن په‌رتوكێن پزیشكى، وهه‌روه‌سا رێڤه‌به‌ره‌ك دامه‌زراند بۆ هه‌ر بیمارستانه‌كێ بۆ برێڤه‌برنا كاروبارێن وان. هه‌تا گه‌هشتیه‌ وى ئاستێ پێشكه‌فتنێ كو دوژمنێت وان یێن خاچپه‌رست داخباربوون بڤان بیمارستانا، وگه‌له‌ك رێكێن چاره‌سه‌ركرنێ ژوان وه‌رگرتن، وچاڤلێكرنا بیمارستانێت موسلمانان كرن دئاڤاكرنا بیمارستانێن خوو.

ڤه‌كولینا لبه‌رده‌ستێ مه‌ بزاڤه‌كه‌ بۆ دیاركرنا بیمارستانێن جه‌زیرا فوراتى یێن هاتینه‌ ئاڤاكرن لهه‌ردوو سه‌رده‌مێن زه‌نكى وئه‌یوبى، وگرنگترین فاكته‌رێن به‌شداریكرین دپویته‌دانێ ب لایه‌نێن ته‌ندروستى لوى سه‌رده‌مى وسروشتێ خزمه‌تێن چاره‌سه‌ركرنێ یێن دهاتنه‌ پێشكێشكرن بۆ نه‌خوشا ژلایێ بیمارستانا، وناڤدارترین نوژدارێن وى سه‌رده‌مى. ڤه‌كولین دابه‌شكریه‌ بۆ سێ پشكا، دگه‌ل دوماهیكێ. پشكا ئێكێ: پێناسه‌كرنا بیمارستانێ ژ لایێ زمان وزاراڤ، جورێن وان، سیسته‌مێ كارى لسه‌رده‌مێ زه‌نكیا وئه‌یوبیا. پشكا دووێ هاتیه‌ ده‌ستنیشانكرن بوو ڤان بابه‌تان: گرنگترین فاكته‌رێن به‌شداریكرین دپشته‌ڤانى ودامه‌زراندنا بیمارستانا لهه‌رێما جه‌زیرا فوراتى، وپشكا سیێ ودوماهیێ: ته‌رخانكریه‌ بۆ ئاخفتنێ لدور بیمارستانێن جه‌زیرا فوراتى، وناڤدارترێن نوژدارێن تێدا كاركرین.

په‌یڤێن سه‌ره‌كى: نه‌خوشخانه‌، بیمارستان، گزیرتا فوراتى، بنگه‌هێن ته‌ندوروستى، شارستانیه‌تا ئیسلامى.

 

 

 

BIMARISTANS OF THE EUPHRATES PENINSULA REGION, AND THEIR THERAPEUTIC ROLE IN ZENGID AND AYYUBID ERAS

 

ABSTRACT:

   Bimaristans are public facilities focused on providing therapeutic and medical services to patients. Many hospitals and bimaristans spread throughout the cities of the Euphrates Peninsula under Zengid and Ayyubid control, similar to the rest of the other Islamic cities. Their establishment and the interest in them accompanied the development of Islamic society and its urban growth. Various factors emerged in Euphrates Peninsula region during the sixth and seventh centuries AH, such as crises and natural disasters, and the frequent wars that contributed to increasing the interest of the Zengid and Ayyubid in health care services. Various bimaristans were established to provide treatment for patients, and they also served as advanced educational centers, in which students were taught medical theoretical and applied sciences.The rulers in the Euphrates Peninsula region sought to equip their hospitals with everything they needed, attaching pharmacies and medical bookstores to each of them. They also appointed a supervisor or director for each facility to supervise its management. Their advancement in this field impressed their Crusaders enemies, so they borrowed from them many treatment methods. Crusaders also imitated Muslims in building Islamic bimaristans. The research aims to review the bimaristans of the Euphrates Peninsula region that were established during the Zengid and Ayyubid eras. The most prominent factors that contributed to the interest in health care aspects at that time, the nature of the therapeutic services that the bimaristans provided to patients, and the most prominent doctors who served in them. The research is divided into three sections and a conclusion. The first section covers defining the bimaristans linguistically and terminologically, their types, and the system of work during Zengid and Ayyubid control. The second section discusses the most prominent factors that contributed to supporting and establishing the bimaristans in the Euphrates Peninsula region. The third and the final section focuses on the bimaristans of the Euphrates Peninsula region, and the most prominent doctors who worked there at that time.

KEYWORDS: Bimaristan; Euphrates Peninsula regio؛health centers؛ Islamic civilization.

 

 

 

 

 

 



* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)