تنظيمات الطلبة الجزائريين بالمشرق العربي  وإسهامها في الثورة التحريرية (1954-1962)

عيسى ليتيم *

كلية العلوم الاجتماعية والانسانية، جامعة خنشلة، الجزائر. (aissalitim@yahoo.fr)

تاريخ الاستلام: 11/2023      تاريخ القبول: 09/2024    تاريخ النشر: 12/2024  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2024.12.4.1346

الملخص:

كان من بين أهداف جبهة التحرير الجزائرية التأكيد على الهوية العربية للكفاح الذي يخوضه الشعب الجزائري، وهي مهمة تحملتها الحركة الطلابية في المشرق العربي، بتأسيس تنظيمات لها، في كل من سوريا ومصر والعراق، والكويت، كانت بمثابة السفير الدائم للجزائر لدى هذه الأنظمة  والشعوب ،ومن جهتها أظهرت هذه الأخيرة استعدادا فطريا لدعم الثورة الجزائرية، بفتح مدارسها لتثقيف الإنسان الجزائري وتعليمه أسس الحرب الحديثة، وساهمت النخب الجزائرية المتخرجة من هذه  المداس والكليات في دعم هياكل الثورة في جوانبها السياسية والعسكرية، وترسيخ الانتماء الإيديولوجي لحركة التحرر الجزائرية، بأبعادها العربية والإسلامية             

الكلمات المفتاحية: لجنة الطلبة الجزائريين بسوريا، رابطة الطلبة الجزائريين بمصر، رابطة الطلبة الجزائريين في الكويت،  رابطة الطلبة الجزائريين في العراق، الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين.


1- مقدمة

إن الحديث عن إسهامات الطلبة الجزائريون في دول  المشرق العربي، في الثورة الجزائرية يقود الباحث المتخصص، إلى التأكيد على حقيقة تاريخيةـ تتمثل في أنطلبة هذا القسم من العالم كان لهم السبق دون غيرهم من المثقفين انخراطا في صفوف الثورة(*)، ووصل احدهم إلى منصب قائد جيش التحرير الوطني وهو العقيد" الهواري بومدين المعروف باسم "محمد بوخروبة"،وسقط العديد من الأعضاء القياديين في رابطة الطلبة بالقاهرة والمشرق عامة في ساحة الشرف، مثل محمد الطاهر زعروري، وعبد الكريم عباس وغيرهم

 ان هذا البحثيبرز جانب في غاية الأهمية من إسهامات  الطلبة الجزائريونبالمشرق، في الثورة ، يتمثل في دورهم إعادة بعث البعد العربي للثورة الجزائرية، والتأكيد على عروبة الجزائر ، تنفيذا لأهداف ومبادئ السياسة الخارجية لجبهة التحرير الوطني التي صرح بها في بيان أول نوفمبر ، وجسدوا ذلك من خلال التنظيمات التي أسسوها في المشرق العربي ، والتي كانت تعمل بالتنسيق مع مكاتب الجبهة ،على كسب الدعم العربي لقضية الشعبالجزائري

2- نشاط الطلبة الجزائريين في سوريا

تعود أصول العلاقات السورية الجزائرية الى النصف الثاني من القرن 19، من خلال دور الجالية الجزائرية هناك،خاصة عائلة الأمير عبد القادر بعد نفيه الى دمشق سنة1855 على يد الاستعمار الفرنسي، فقد ساهم "محمد سعيد"،حفيد الأمير عبد القادر بفضل نشاطه السياسي المتميز، خاصة تأسيس الجمعيات السياسية ذات الطابع الوحدوي المغاربي مثل جمعية " مجاهدي شمال افريقيا" سنة 1949، في اكتساب مكانة كبيرة بين المجتمع السوري،وتوثيق أواصر الأخوة بين السوريين والجزائريين، ووبحسب بعض المصادر،أن فرنسا عرضت عليه عرش سورية ليكون ملكا،بعد فيصل فطلب إضافة عرش الجزائر كشرط لقبوله العرض الفرنسي، وأشارت كذلك إلى أن بريطانيا عرضت عليه شرقي الأردن في فترة بحثها عن بديل لعائلة الحسين بن علي(1853-1931) شريف مكة لكنه رفض.(سهيل الخالدي:1997،ص-ص.159-168)

    لا يجب أن ننسى في هذا المجال الإشارة إلى – تدعيم أواصر الصداقة بين المشرق والمغرب خاصة سورية – دور مكتب المغرب (*)العربي الذي نقل مقر نشاطه من برلين الى الشام سنة 1946، وكانت الأهداف المنتظرة من هذا الإجراء حسب الاجتماع الذي عقد في قرية "أوبين" من مقاطعة سكسونيا في ألمانيا 1944 مايلي:

-      فك الحصار الذي أقامه الاستعمار الفرنسي على أقطار المغرب العربي، ليحول دون تفاعلها الطبيعي مع بقية أجزاء الوطن العربي في المشرق.

-      إيجاد التعاون وإحكام أواصر الصداقة بين المغاربة والمشارقة والتعريف بالمغرب لدى المشرق وبالمشرق لدى المغرب.

-      جلب أعداد الطلبة المغاربة إلى المشرق للدراسات في الكليات الجامعية، والمعاهد الحربية.

-      العمل على توحيد النضال بين أقطار المغرب العربي في الخارج، تمهيدا لتوحيدها في الداخل.

وإلى جانب هذه الأهداف اهتم المكتب بحدثين هامين يدخلان في الإطار العام لنشاطاته:

- قضية الجنود المغاربة الذين فروا من الجيش الفرنسي ايام العدوان على دمشق عام 1945 وانضموا إلى المقاومين السوريين.

- رعاية شؤون المغاربة الذين انخرطوا بالجيش السوري اللبناني،وجيش التحرير في حرب فلسطين.(يوسف الرويسي،،1978،ص،ص207-208)

    يضاف إلى  دور مكتب المغرب العربي جهاز مغاربي آخر لا يقل أهمية عن نشاطه في سبيل التأكيد على القومية العربية للمغرب، يتعلق الأمر بدور مكتب جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا الذي تأسس بدمشق نهاية الحرب العالمية الثانية، على يد شخصيات سورية من أصل مغاربي، أذكر منهم "جودت الهاشمي والدكتور" حسن فرحات" من أصل جزائري، وبكرى قدورة، وعبد الغني باجقجي وكامل عياد  من أصل ليبي والشيخ "زين العابدين التونسي" ويرأس الجبهة "الشيخ مكي الكتاني" "من المغرب الأقصى ويشمل نشاطها إلقاء المحاضرات التي تعرف بقضايا المغرب، واستقبال المهجرين إلى المشرق، بالإضافة إلى كتابة العرائض إلى الجامعة العربية تطالب بضرورة الاهتمام بقضايا هذا القسم من العالم العربي(الرويسي،209)

انعكس هذا النشاط على تبني سورية – منذ البداية- وبدون شروط حكومة وشعبا موقفا أكثر تأييد في دعم القضية الجزائرية، وانتقاد سياسة الاستعمار الفرنسي في الجزائر بشكل علني وصريح، وهذا بطبيعة الحال- بالإضافة إلى النشاط السابق- مرتبط بـ:

-      التجربة الاستعمارية المتشابهة التي مرت بها كل من سوريا والجزائر.

-      بروز إحساس متناهي وشعور بالقومية في سورية أكثر من أي دولة عربية أخرى، وتبع ذلك نمو حركة التضامن العربي، بفعل ما أفرزه الواقع العربي بعد نكسة 1948، التي ولدت لدى الأمة العربية شعور بالهزيمة، فكان اندلاع الثورة الجزائرية بمثابة مبعث للأمل، وعامل للخروج من هذه الأزمة النفسية، فكان من الطبيعي أن تقف سورية وغيرها من الشعوب بجانب الثورة الجزائرية.(صالح لميش،2010،ص.168)

ان العوامل التاريخية السابقة وطدت العلاقة مبكرا بين الجزائر وسورية، وعلى ذلك لا نستغرب أن تكون سورية في طليعة البلاد الغربية التي استقطبت اهتمام النخب الجزائرية خاصة جمعية العلماء المسلمين بإرسال طلبتها لتلقي العلم والمعرفة في المدارس والمعاهد السورية ،فقد تحدثت المصادر عن قيام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عام 1952 بإرسال بعثة متكونة من 10 طلبة التحقت بدار المعلمين بدمشق (الشيخ خير الدين،ب.س.ط،47) ، وهوا اجتراء ثمنته جبهة التحرير الوطني وسعت الى تكريسه ميدانيا عبر العمل على ضم هؤلاء الطلبة إلى صفوف الثورة، وإرسال بعثات أخرى إليها، و يمكن توضيح مجالاتها على النحو التالي

1.    التكوين العسكري: أخذت جبهة على عاتقها مهمة تحديث الجيش الجزائري، ومده بالعناصر القادر على مواجهة تحديات الصراعات الحديثة  وذلك عن طريق إرسال كوادرها للتدريب في الكليات والمدارس العسكرية العربية، في مقدمتها سورية  ، وقد بدأت هذه النية في عام 1956 عندما استقبلت سورية 12 ضابطا جزائريا للتدريب في كليتها الحربية، وارتفع العدد في عام 1957 ليصل إلى 32 فردا، وفي عام 1958 استقبلت الكلية الحربية السورية بحلب 92 فردا تم توزيعهم على التخصصات التالية:

 

 

 

التخصص

العدد

الطيران

12

الدبابات

14

الإشارة

06

المدفعية

10

المشاة

42

F.T.A(التكوين التقني للسلاح)

08

           

كما تم في نفس السنة استقبال 50 ممرض جزائري، وفي نهاية عام 1958 ثم استقبال 23 جزائريا في مدرسة المضلين، و3 آخرين في معتمدية حلب(C.A.D.N.21po/A/64, sur).

   التعليم المدني: استقطبت المدارس والجامعات السورية الطلبة الجزائريين في وقت مبكر كما سبق وان قلنا،واستمرت العملية على نفس الوتيرة بعد اندلاع  الثورة التحريرية في عام 1954، فقد بلغ عددهم في عام 1958، 50 طالبا، ليرتفع العدد في الموسم الجامعي 1959/1960 إلى 67 طالبا، وتعهدت الحكومة السورية بدفع منح لهم وإعفائهم من رسوم الدراسة، كما يمكنهم التزود مجانا بالكتب الضرورية(بوضربة عمر،2010،251).ولإعطاء الفاعلية لنشاطهم وتوحيد أفكارهم وخدمة للقضية الجزائرية بادر الطلبة الجزائريين بسورية بانشاءهيئة طلابية خاصة بهم عرفت باسم "لجنة الطلبة الجزائريين بسوريا"، وضمت في عضويتها كل من، الشريف سيسبان، عبد العزيز سعد العربي طرقان، علي رياحي، بلقاسم نعيمي، عبد الرحمن شطيطح، عبد القادر بن صلاح، وابو القاسم خمار، ومحمد مهري (عمار هلال،2004،ص،86)

   أثبتت اللجنة وجودها مبكرا حين أرسلت برقية احتجاج الى السلطات الفرنسية تعلن فيها تضامنها مع إخوانهم الطلاب  في فرنسا والجزائر، الذين كانو يواجهون الاضطهاد والتعسف لإعلانهم الإضراب عن الطعام احتجاجا على سوء المعاملة، ونددت اللجنة بتدخل الطلبة الفرنسيين الحاقدين ضد الطلبة المضربين، وطلبت تدخل الرأي العام العربي والإسلامي لإطلاق سراح الطلبة والمعتقلين السياسيين، كما طالبت الحكومة الفرنسية بوقف خرافة" الجزائر فرنسية"، والتفاهم مع الممثلين الحقيقيين للجزائر على أساس الاستقلال( البصائر،1956،355)

  ان هذا الموقف يعبر على النضج المبكر للطلبة الجزائريين في سورية، ووعيهم بالقضية الجزائرية، ويدعم الفكرة أيضا الرسالة التي كتبها " الطالب علي عمار"(يدرس باللاذقية )  في حزيران 1955، إلى محمد خيضر طالبا معلومات وافية عن الجزائر لكي يقدمها الى السوريين ليعرفهم بالثورة وبالجزائر المجهولة في المشرق عموما،وقال علي عمار انه يعرف "احمد بن بلة" منذ مروره بالقاهرة، أما خيضر فلم يره ولكن سمع عن نضاله ووطنيته، وفي إجابته شكره خيضر وأحاله على عبد الحميد مهري في دمشق ليزوده بما يريد( ابو القاسم سعد الله،2007،ص.295)

تدعمت هذه الهيئة  بإنشاء رابطة طلاب المغرب العربي خلال العام الدراسي 1956-1957 لتكون أداة تعمل على تجسيد وحدة المغرب العربي، وتتكون من ممثلي طلبة كل قطر  ،وعددهم خمسة من كل بلد ،انتخب كأمين عام لها بعد تكوينها مباشرة احد الطلبة التونسيين وهو عبد العزيز الاجف، ثم بعد مدة تولاها "محمد برادة" من المغرب، وفي بداية العام الدراسي 1957-1958،انتخب "مهري محمد" كأمين عام لمدة سنة( محمد مهري2013،ص،123)

   كان للرابطة مقر في منطقة المزرعة بدمشق، وكانت تمارس نشاطات ثقافية واجتماعية، وتشارك الهيئات الطلابية المماثلة في مختلف المناسبات التي تستوجب تمثيل  طلبة المغرب العربي، وقد هيأت لهم فرص التعارف والتواد ووحدت مواقفهم وأرائهم، وكانت أيضا قد وفرت لهم فرص الحوار مع إخوانهم الطلبة العرب حول أمهات القضايا الوطنية والقومية والطلابية ، هذا الى جانب مشاركتهم في برنامج يذاع من دمشق تحت عنوان ركن المغرب العربي، يخصص للتعريف بقضايا المغرب العربي وينقل إخبارها للرأي العام العربي (حمد مهري،123)

    بعد، فتح مكتب جبهة التحرير بدمشق  فيتموز 1956.  وتعيين السيد "عبد الحميد مهري" على راسة ثم خلفه بعد مدة قصيرة السيد" محمد الغسيري" بمساعدة كل من بن صالح محمد (ملحق ثقافي)، والضابط عبد الحفيظ (ملحق اجتماعي)( C.A.D.N 21po/B/ 9, Les bureaux) ،نسق جهوده مع "لجنة الطلبة الجزائريين" في التعريف بالقضية الجزائرية وأهدافها النضالية على جميع المستويات عن طريق وسائل الإعلام المحلية وغير المحلية، ويمكن إبراز مجالات إسهام الرابطة في مايلى

 ـ  إذاعة صوت الجزائر من دمشق :تم بث برنامج يومي باللغة العربية في الإذاعة السورية تابعا مباشرة لمكتب جبهة التحرير بدمشق، وليس للإذاعة السورية عليه أية رقابة أو توجيه مثل بقية الإذاعات الأخرى في الوطن العربي ،وكان فريق هذه الإذاعة يتكون من مجموعة من الطلبة الذين يدرسون بالجامعات السورية، يتولون مهمة الإعداد والإشراف على جميع فقرات البرنامج، ونذكر منهم ،الشاعر محمد ابو القاسم خمار، محمد مهري،محمدبوعروج، الهاشمي قدوري، منور الصم،ابو عبد الله غلام الله( عبد القادر نور2006،ص-ص.49-51).

  استمرت الإذاعة في نشاطها حتى قيام النظام الانفصالي في سورية،إذ طلب المسؤولون الجدد إخضاع المادة الإعلاميةللإذاعة لرقابتهم ،فطلبوا من مذيعها محمد مهري أن يقدم تعليقه المكتوب في وقت سابق قبل تسجيله فرفض قائلا: ''إن هذه الحصة تذاع فعلا من دمشق، ولكنها تحت إشراف ورقابة جبهة التحرير، وان الجبهة لا تقبل أي وصاية في توجيه وتسيير شؤونها، فان أردتم التعامل معنا على هذه القاعدة التي سيرنا مصالح ثورتنا وتعاملنا بها مع أشقائنا وأصدقائنا، فإننا سنستمر في إذاعتها من دمشق شاكرين لكم وللشعب السوري الشقيق تفهم أسلوبنا في المحافظة على استقلال قراراتنا، فان أبيتم وانتهى رأيكم على فرض الرقابة من طرفكم على حصتنا فإننا نكون ملزمين بتوقيفها''( عبد القادر نور،50).

الأنشطة الثقافية:تعدد النشاط الثقافي لطلبة سوريا وشمل مجالات واسعة ذات ارتباط وثيق بالقضية الجزائرية والتعريف بآفاقها وتطور إحداثها،عبر قنوات خاصة في مقدمتها " مجلة كفاح المغرب العربي" التابعة "لرابطة طلاب المغرب العربي" ، وصدر منها أربعة أو خمسة أعداد تضمن معظمها أحداث الثورة الجزائرية وكفاحها البطولي، وفي وقت لاحق أسس فرع "اتحاد الطلبة الجزائريين بسوريا" وبالضبط في كانون الثاني 1960، مجلة أخرى بعنوان"نشرة ثقافية"،  التي لم تخرج موضوعاتها عن النطاق الذي ناضلت فيه المجلة السابقة، فمثلا تضمن العدد الأول منها تسعة مواضيع،سبعة منها دار حول احداث الثورة، أما الموضوعان الباقيان فقد خصصا للثقافة العامة(عمار هلال،90)          

   هذا وكان مكتب الطلبة بدمشق عبارة عن نادي ثقافي ، تعقد فيه الأمسيات الشعرية النضالية، والمحاضرات وغيرها من الأنشطة ذات الصلة بالثقافة والفكر، التي كانت تهدف أساسا للتعريف بالقضية الجزائرية ونشر إخبارها بين الجماهير الشعبية العربية، وفي كثير من الأحيان كانت هذه الأنشطة تتم بالتنسيق مع الاتحادات الطلابية العربية، الفلسطينية، والأردنية والعراقية والكويتية،ويديرها او يشرف على تنشيطها نخبة من الأساتذة العرب (عمار هلال،91)            

 نتج عن تأسيس التنظيماتالسابقة ونشاطاتها المختلفة أن أصبحت الثورة الجزائرية قضية كل مثقف عربي في مؤسسات التعليم التي يتواجد بها الطلبة الجزائريين، وخير دليل على ذلك الموقف المؤيد للطلبة السوريين للثورة الجزائرية  منذ اندلاعها في عام 1954، وعبروا عن ذلك بشتى الطرق والوسائل كإرسال برقيات التأييد والاحتجاج والخروج في مظاهرات عارمة عبر شوارع دمشق والأقاليم السورية، كتلك التي حدثت بمناسبة اندلاع الثورة وجابت شوارع الحجاز، جمال باشا، والمرجة ،حتى وصلت دار الحكومة ثم البرلمان، وألقت مجموعة من الخطب النضالية تدعوا إلى مساعدة الجزائر ومقاطعة فرنسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا ،وفي نفس الوقت تقريبا شكل طلاب الجامعات السورية عدة وفود لمقابلة القادة والمفوضيات العربية في دمشق حملوا إليها جملة من المطالب تمثلت فيمايلي:

ـ دعم نضال الجزائر بالمال والسلاح

ـ المباشرة بمقاطعة فرنسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا

ـ  تدويل القضية الجزائرية في المنابر الدولية والإقليمية ( عمار بن سلطان واخرون،ب.س.ط،ص.256)

  وإذ كانت هذه الفئات قد عبرت  عن مساندتها للثورة الجزائرية عن طريق الاحتجاجات وإرسال البرقيات والتبرعات، فان موقف بعض الأطباء قد جسد بصورة فعلية وواقعية، وتجلى ذلك في تطوع مجموعة من الأطباء في الكفاح وقدموا الكثير من الخدمات للجيش الجزائري تعبيرا منهم عن تضامنهم الكلي مع الثورة الجزائرية، ونذكر منهم: ابراهيم ماخوس، نور الدين الاتاسي، يوسف زعين، صفوح الاتاسي، رياض برمادا،( سهيل الخالدي جيل قسم،2007،ص.149) وبرزت خدماتهم خاصة في المراكز الخلفية لجيش التحرير الجزائري، على الحدود الشرقية،اذعين الدكتور ماخوس، رفقة نور الدين الاتاسي بالقطاع الجنوبي على مقربة من مدينة تالة، وتوجد به عدة مراكز صحية مثل مركز مزرعة المقراني، وعين يوسف زعين وصفوح الاتاسي بالقطاع الاوسط بمراكز تاجورين، في حين التحق كل من: صلاح السيد، ورياض برمادا بالقطاع الشمالي بمراكز ناحية '' غار الديماو''،كما عاشوا باهتمام خاص وقائع التصدي للخطوط الدفاعية المعقدة المتمثله في خط موريس، ثم  خط شال بعده، وكان لهم الفضل في تنبيه  قيادة العمليات العسكرية الى اهمية استخدام سلاح '' البنغلور'' في هذه العملية ، باعتباره وسيلة تفجير فعالة،وقد ساهمت فرق الهندسة العسكرية من سوريا ومصر في تدريب الثوار على هذا السلاح واستعماله بفعالية متزايدة، جعلت جيش الاحتلال الفرنسي يعيش هاجس اقتحام هذه الخطوط الدفاعية بكثافة من طرف قوات جيش التحرير، ويتخوف من عملية ''ديا بيان فو'' بكيفية أوبأخرى. (شهادة الدكتور ابراهيم ماخوسفي،محمد عباس،2015،ص-ص. 472-474)

 وقد شكلت مشاركاتهم الفعلية في الثورة الجزائرية، منطلق نجاح خاص لهم، فبعد استقلال الجزائر، والعودة الى سوريا ، تبوأ ثلاثة منهم أسمى المناصب في الدولة:عين الدكتور نور الدين الاتاسي رئيسا للجمهورية، والدكتور يوسف زعين رئيسا للحكومة،والدكتور ابراهيم ماخوس وزيرا للخارجية ونائبا لرئيس الحكومة (محمد عباس،468)

3-نشاط الطلبة الجزائريين بمصر:

   كانت مصر من المحطات الأساسية التي استقطبت الطلبة الجزائريين منذ العهد العثماني وتوسعت أكثر خلال عهد  الاحتلال الفرنسي للجزائر، وبالضبط في بداية القرن العشرين من خلال بعثات جمعية العلماء المسلمين، حيث أشار الشيخ محمد خير الدين في مذكراته  إلى بعثة متكونة من 23 طالبا التحقوا بمختلف المعاهد والجامعات المصرية،ضمت كل من: تركي رابح عمامرة، يحي خليفة، محمد الهادي حمدادو، رشيد نجار، ارزقي صالحي، سعدي عثمان، محمد شيوخ، سعد الدين نويرا، التزي شرفي ، المبروك بن سعد ، عيسى بوضياف ، المدني ابورزق، محمد قصوري، مسعود خليل، المنور مروش ، البشير عمر كعسيس، محي الدين الهلالي عميور، احمد الدخيلي، محمد الطاهر زعروري، حسن محفوف، عبد الحميد بوذن، محمد التواتي، المدني حواس (الشيخ خير الدين،45)

   وبعد اندلاع الثورة سعت قيادة الثورة إلى كسب تأييد مصر وإشراكها في مشروعها التحرري الذي تنوي خوضه في الجزائر، يشجعها في ذلك مبادئ حركة يوليو 1952 التي أكدت على استعداد مصر لمد يد العون لحركات التحرر العربية التي تناضل من أجل الاستقلال، وبرز ذلك خاصة في إرسال البعثات الطلابية الجزائرية إلى المدارس والمعاهد والجامعات المصرية سواء المدنية أو العسكرية

  أ/البعثات العسكرية: بدأت هذه المهمة في سنة 1953، اذ أنشأت حكومة الجنرال "محمد نجيب" لجنة تحرير شمال إفريقيا"، و من خلالها سمح لشباب شمال إفريقيا التدريب في المدارس العسكرية المصرية، وأغلب الظن أن هذا القرار اتخذ بناء على طلب عبد الكريم الخطابي(1882-1962)، وأبقى مجلس قيادة الثورة المصرية (C.A.D.N.21 po/A/64,sur)على هذا الإجراء ،حيث أصدر "كمال الدين حسين" (عضو مجلس قيادة الثورة) قرار إلى الجنرال "حلمي سعيد" يقضي بفتح المدارس العسكرية المصرية أمام الجنود المغاربة، وتشير المصادر الأرشيفية أن الجزائريين المقبلين على هذه المدارس قليل مقارنة بالتونسيين والمغاربة(C.A.D F.M.A.E, Afrique Levant/ 40,)،حيث أحصت أن من بين 25 مغاربي في المدارس العسكرية المصرية جزائريين فقط، وذكرت أنه في 12 أكتوبر 1955 استقبلت الكليات الحربية المصرية جزائريين هما: "محمد سديرة" في كلية الاشارة" والثاني "فريحة الطيب بن محمد بن صالح" في كلية سلاح الدبابات ليرتفع العدد في عام 1956 إلى 70 جزائري، أشركتهم القيادة المصرية في تصديها للعدوان الثلاثي الذي تعرضت له في 29 تشرين الأول—8 تشرين الثاني1956.( C.A.D.N.21po/B/13,L’ingérence)

   عرف توافد الجزائريين على المدارس العسكرية المصرية ارتفاعا نوعا ما ابتداء من عام 1958، لكن ذلك اقتصر على النخبة المعدة للقيادة وتسيير العمليات (ضباط وصف ضباط)، حيث قدمت المصادر الأرشيفية عددا يتراوح بين 200 و250 ضابط وصف ضابط موجودون في المدارس العسكرية المصرية بأنواعها المختلفة (القوات البرية، والقوات البحرية ، والقوات الجوية) مع تأكيدهاعلى تفضيل الضباط الجزائريين لتخصص القوات البرية ،وهذا الجدول يوضح ذلك:

 

المكان والتخصص

العدد

المدرسة الحربية

14

الأكاديمية العامة العسكرية

40

سلاح الدبابات (التصدي للدبابات)

05

الاشارة

06

مركز "كوبرة"

17

أكاديمية بلبيس للطيران

15

الأكاديمية البحرية بالإسكندرية

25

 

كما خصص في المدرسة الحربية للشرطة في القاهرة، مركز خاص لتكوين الأشبال الجزائريين (Cadet Algérien)(C.A.D.N.21po/A/64, surl’aide.

 البعثات المدنية: فتحت مصر أبواب مدارسها ومعاهدها، أمام الطلبة الجزائريين وإن كان أغلبهم يلتحق بالأزهر، لعدم حصولهم على شهادات عليا نؤهلهم بالالتحاق بالجامعات( محمد السعيد عقيب،2008،ص.159) ، وتكفلت الحكومة المصرية بفضل تدخلات ممثل الثورة في القاهرة، بتخصيص منهج شهرية لهم تراوحت بين ثمانية جنيهات للطلبة الجامعيين، وخمسة جنيهات للثانويين ،وأربعة ونصف جنيه للطلبة الأزهريين(احمد توفيق المدني1982،ص،474). وقد بلغ عدد الطلبة الجزائريين بمصر عام 1958 حوالي 110 طالبا (C.A.D.N.21po/A/46, Aide) ، وارتفع العدد الى115 طلبا في الفترة، 1959- 1960 (احمد توفيق المدني،479).  ، ونشير هنا إلى أن هؤلاء الطلبة حسب بعض المصادر الأرشيفية بالإضافة إلى دراستهم في المؤسسات التعليمية،كانوا يستفيدون من دورات تدريبية في المراكز العسكرية المصرية تمهيدا لالتحاقهم بصفوف الثورة (C.A.D.N.21po/A/46).

 على غرار إخوانهم في سوريا بادر الطلبة الجزائريون، خاصة ممن يزاولون دراستهم في جامعة الجيزة، وجامعة عين شمس في مصر  بتأسيس تنظيم خاص بهم في عام  1955 تحت اسم " رابطة الطلبة الجزائرين" وكان مقرها في" رابطة الطلاب المغاربة،شارع بنك مصر رقم 6،GibertMenyier ,2003,516)) وضمت في عضويتها، لمنور مروش رئيسا وعضوية كل من: بشير كعسيس،عبد القادر بلقاسي، الطاهر بوزيان، علي مفتاحي، عبد الرحمن مهري، عيسى بوضياف، ابو القاسم سعد الله، يحي بوعزيز، عبود عليوش، احمد بلعيد. (عمار هلال،2004،ص.75)

 رغم الظروف القاسية التي كان يعيشها الطلبة ، والناتجة أساسا من تواضع الإمكانيات المادية الممنوحة للطلبة في هذا البلد،والتي يذكر بشأنها ابو القاسم سعد الله مايلي: "حصلت من الجامعة العربية على خمس جنيهات شهريا، وهومبلغ كانت تدفعه لطلاب الجزائر عندئذ، وفي ربيع سنة 1956  أصبح ذلك المبلغ سبع جنيهات،كان ذلك هو  كل دخلي طيلة حوالي سنتين ولذلك كنت أنام على الأرض، واطبخ مرة في كل يومين ، واكل وجبة واحدة في اليوم"( ابو القاسم سعد الله: 2005 منطلقات،ص.74)،رغم كل ذلك فلم تغب القضية الوطنية عن أذهانهم،  اذ كثفوا جهودهم على التعريف بقضية الشعب الجزائري ونشرها بين الأوساط  الطلابية العربية  والشعبية، مستغلين في ذلك عدة قنوات تراوحت، بين الإعلام والأنشطة الثقافة ، ويمكن إبراز ذلك على النحو التالي:

ـ صوت الجزائر من إذاعة القاهرة: لعبت إذاعة "صوت العرب" التي أنشأتها القيادة المصرية عقب الإطاحة بالنظام الملكي كمعبر عن توجهها القومي العربي، دورا محوريا ومهما في تعبئة الجماهير الشعبية العربية ضد الوجود الاستعماري في مختلف أنحاء الوطن العربي، وكان يشرف عليها السيد "أحمد سعيد" وتابعة مباشرة لإدارة المخابرات العامة التي يقودها "فتحي الديب" و"عزت سليمان"( أحمد حمروش 1992،ص.996).

   وكجزء من اهتمامها بقضايا الوطن العربي أعدت إذاعة "صوت العرب" -التي كان لها الشرف في إذاعة بيان أول تشرين الثاني 1954-برنامجا يوميا على الساعة العاشرة مساء تحت عنوان" شمال إفريقيا بلادنا" وكان هذا النشاط موجه إلى الجزائر بالدرجة الأولى إذ كان ينقل نشاط جبهة التحرير يوما بيوم، وفي نهاية البرنامج فقرة باللغة الفرنسية تحت عنوان "هنا صوت الشعب الجزائري"Ici la voix de la républiquealgérienne"( عبد العظيم رمضان،1992،ص.197)

   أعيد هيكلة البرنامج بعد مؤتمر الصومام الذي أعطى أهمية كبيرة للإعلام في حياة الثورة الجزائرية، بحيث تم تطعيم البرنامج بعناصر جزائرية لها دراية بتاريخ الجزائر وعلى اتصال دائم بجبهات القتال في الجزائر، فأشرف على صوت الجزائر" باللغة العربية كل من " توفيق المدني"، " وتركي رابح عمامرة"، " ومحمد قصوري"، "وعبد القادر بن قاسي"( تركي رابح عمامرة،ب.س.ط،ص،ص.196-197) ، وعدد من الطلبة والشعراء  والمثقفين الجزائريين، نذكر منهم: أبو القاسم سعد الله، الشاعر صالح خرفي، الأديب مفدي زكريا، وعبد القادر نور،( عبد القادر نور: صوت الجزائر،142) أما الحديث باللغة الفرنسية فكان موجها أساسا إلى الرأي العام الدولي، وخاصة الأوروبي، وقد تداول على إعداده عدد من المناضلين بعضهم أعضاء في الوفد الخارجي، مثل: محمد الصديق بن يحي، أحمد فرانسيس، سعد دحلب ، ثم في مرحلة بعد ذلك انضم إلى هؤلاء كل من: محمد حاج حمو، نافع زباني، إبراهيم غافر، عدة بن قطاط(تركي رابح عمامرةب.س.ط ،ص،ص.،197-198).

إجمالا ساهمت إذاعة صوت العرب في التعريف بمبادئ وأهداف الثورة الجزائرية وفي الرد في على الحملة الإعلامية والدعائية المكثفة، في التغطية على جرائم الاستعمار الفرنسي، وحرب الإبادة التي يشنها ضد الشعب الجزائري، من خلال حرصها على نقل صورة حقيقية واقعية من داخل المناطق التي يخاطب منها أبناء الأمة العربية ،عن حركة التحرير الجزائرية ببعث مراسلين ومقدمين برامج في مأموريات تراوحت مدتها بين أسبوع وشهر، تحتك مباشرة بجبهات القتال، وتطلع عن واقع الشعب الجزائري في الملاجئ، ونفذ هذه المهمة العديد من شخصياتها مثل:محمد أبو الفتوح، رشاد أدهم، جمال السنهوري.( عبد العظيم رمضان:197-198)                       

  الى جانب العمل الصحفي والإذاعي كونت لجنة الطلبة الجزائريين لجنة ثقافية أسندت رئاستها إلى "الطالب أبو القاسم سعد الله" الذي بذل جهدا معتبرا في تنفيذ أجندة ثرية حول القضية الجزائرية، اشتملت على دعوة محاضرين، وتنظيم ندوات وإحياء أمسيات شعرية تتمحور جميعا حول الجزائر وثقافتها، وقد حرصت اللجنة على ان يكون في مقدمة المدعوين لإلقاء المحاضرات  مناضلون جزائريون كثر متواجدون بمصر، على رأسهم، مالك بن بني الذي القي محاضرتين الأولى بعنوان"الديمقراطية في الإسلام" والثانية بعنوان" نظرية الحضارة"، و إبراهيم غافة الذي قدم محاضرة بعنوان" الثقافة الوطنية"،و عدة بن قطاط( سياسة ديغول في الجزائر وموقف الثورة منها)، و ابراهيم مزهودي( رسالة الطالب)،و احمد توفيق المدني ( نظرات في تاريخ الجزائر العثمانية)، و ابو مدين الشافعي( الكفاح النفسي)، ابو القاسم سعد الله قدم محاضرتين الأولى بعنوان" محمد العيد ال خليفة" والثانية بعنوان" احمد رضا حوحو"، بوعلام الصديق( دور المراة الجزائرية في الثورة) ، وهناك مساهمات تاريخية وأدبية شارك فيها يحي بوعزيز وحسن الصائم ... ثم في مرحلة لاحقة ساهم في هذا النشاط، صالح خرفي ، وعبد الله ركيبي، والجنيدي خليفة، سيما بعد ان انضمت الرابطة إلى فرع الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في عام1960(ابو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي 2007،ص،287)                                                                       

 كما كانت اللجنة الثقافية تستضيف  إعلاما في الفكر والثقافة إلى نادي الطلبة منهم الناقد الدكتور" عبد القادر القط" ، الذي اشرف على ندوة لشعراء الطلبة الجزائريين، والشاعر" احمد عبد المعطي حجازي" الذي ألقى قصيدة بعنوان"أوراس" ، وغير ذلك من الضيوف والأنشطة التي كانت تخدم الثورة في إبعادها الثقافية والإعلامية والفكرية(ابو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي،ص.289)                                                                                

   تدعم هذا الجانب بتأسيس نشرة إعلامية توعية لخدمة المستجدات في الوسط الطلابي وقضايا الجزائر، عرفت باسم" الطالب الجزائري" اشرف عليها "يحي بوعزيز" بمساعدة، "احمد فريحة" ، و ابو طالب يعقوبي" ، لكن هذا المولود الإعلامي لم يعمر طويلا ، اذ توقف عن الصدور بعد ميلاد عددين فقط، بسبب الضائقة المالية للطلبة، الذين لا تجاوز أجورهم في الشهر خمس جنيهات ونصف( أحمد مريوش2006،ص.481)

  الى جانب هذا فقد كان للطلبة الجزائريين حضور قوي في التظاهرات الدولية، سواء تلك التي تمت على المستوى العالمي، او الإقليمي، بداية بمشاركتهم في مؤتمر الشباب الذي عقد في وارسو عاصمة بولونيا في أغسطس عام 1955 (عثمان سعدي1993،ص.،39)، كما حضر الطلبة أيضا مؤتمر المعلمين العرب الذي احتضنته الإسكندرية في يوليو 1956،  ومن بين الأسماء: ربح تركي، التازي الشرفي( أحمد مريوش،485)،وفي نفس المدة تقريبا شارك الطلبة في أسبوع شباب الجامعات الذي عقد في مدينة الإسكندرية، وقد ألقى خلاله سعد الله قصيدتين، وكلمة عن الجزائر بعنوان" العمالقة" ، جاء فيها:

بحق الزائرين عن التراب

ومن رفعوا اللواء الى السحاب

وحق الشعب منتفضا جموعا

يرود النصر في قمم الروابي

لقد بعث الجزائر من جديد

   علامة على الضم الصلاب (ابو القاسم سعد الله:1985 ،الزمن الأخضر،ص.207)

    شارك الطلبة كذلك في المعسكر الكشفي العربي الثاني الذي احتضنته الإسكندرية في يوليو  (**)1956، بعد أن تعذر وصول فرقة من الجزائر، نتيجة الضغط الاستعماري، وعن هذه المشاركة يذكر عميمور" كانت الفرقة التي كونتها تضم زميلين هما: محمد ذراعو ، وبد القادر بن قاسي، واستعنت بتكوينها بكل الخبرة التي حصلت عليها من مدرسة خليل اغا،واخترت لها لإثارة الانتباه كون الوفد قليل العدد، اللون الكاكي،واللون الأزرق، حصلت مشكلة برفض إدارة المعسكر رفع العلم الجزائري انطلاقا من ان الجزائر ليست دولة، وهنا هددت بالانسحاب، وتضامن معي عدد من الوفود وفي النهاية رضخت ادارة المعسكر بقيادة" الأستاذ عزيز بكير" للأمر الواقع، وفي 29تشرين الاول 1956 سلم للوفد الجزائري بنادي الضباط بالجزيرة درع المشاركة في المؤتمر الكشفي من طرف "حسين الشافعي" ، الذي سيعين بداية منن عام 1963 نائباللرئيس "جمال عبد الناصر" واستمر في منصبه الى غاية 1969( عميمور2001،ص،80)

4-نشاط الطلبة الجزائريينبالكويت

فتحت الكويت أبواب مدارسها أمام الطلبة الجزائريين ، منذ بداية سنة 1953، بعد الطلب الذي تقدم به البشير الإبراهيمي لأمير الكويت'' عبد الله  السالم الصباح''، حيث التحق أربعة عشرة طالبا من طلبة جمعية العلماء المسلمين بالمدارس الكويتية(أحمد مريوش،277) ،وتوزع هؤلاء الطلبة على سنوات الدراسة على النحو التالي: محمد الشريف سيسبان والصديق قشي في السنة الرابعة ثانوي، وجلالي حماني وخريبط وعبد الرحمان الأزعر وايوب الربيعي بالسنة الثالثة، وحسن ونوس والصالح تلايلية والهاشمي قدوري والأخضر إدريس ومحمد الصالح باوية ومعمر امعمري ومحمد الشريف جواد وعبد العزيز سعد بالسنة الثانية( ناصر الدين سعيدوني 2008،،ص362)

تزايد عدد الطلبة الجزائريين الذين قصدوا الكويت للدراسة بعد أن رحبت الكويت بطلب تقدم به الوفد الرسمي الجزائري الذي زار الكويت في 26 نيسان 1959، ليصل في الموسم الدراسي 1959/1960 حوالي 81 طالبا معظمهم في (***)معهد الشيوخ النموذجي( ناصر الدين سعيدوني،2008،ص،ص-363-262) ، وقد تكلفت الحكومة الكويتية بكل نفقاتهم إلى جانب مدهم مبلغا من المال قدره ثمانون ألف فرنك مع تذكرة سفر خارج الكويت، يضاف إليها مبلغ آخر قيمته ستة آلاف فرنك لتغطية مصاريف كل طالب(مريم صغير،2010،325).

   جمع الطلبة الجزائريون في الكويت بين الدراسة والنضال الوطني بين الدراسة والنضال الوطني،  فقد نظموا أنفسهم على غرار إخوانهم في كل من سوريا  مصر في تنظيم خاص  بداية من عام  1956.(عمارهلال،73)

5-نشاط الطلبة الجزائريين بالعراق

 بالرغم مما قيل عن العراق،في العهد الملكي خاصة مواقفه من الثورة الجزائرية فقد كان في مقدمة الدول العربية التي فتحت مدارسها سواء المدنية او العسكرية امام الطلبة الجزائريين ،في الجانب الثاني أشارت المصادر إلى قيام العراق باستقبال الطلبة الجزائريين في وقت مهم من الحركة الوطنية(انتفاضة تشرين)، ففي سنة 1952، أرسلت أول بعثة طلابية متكونة من 11 طالبا لمزاولة الدراسة في السنة الثانية بدار المعلمين العالية ببغداد من بينهم:ابو العيد دودو، مسعود محمد العباسي ، عبد المجيد بوذراع ، والأخضر بو الطمين( الشيخ خير الدين،46)

 في الجانب العسكري أشارت الوثائق الأرشيفية انه في عام 1953، استقبلت الكلية الحربية العراقية3 جزائريين ، وفي عام 1957 استقبلت نفس الكلية حوالي30، ليرتفع العدد الى 50 طالبا بناء على طلب تقدمت به جبهة التحرير، وتم توزيعهم وفق التخصصات التي تتوفر عليها الكلية على النحو التالي(C.A.D.F.M.A.E/159).

- سلاح المدفعية، 20 طالبا

- سلاح الطيران، 15 طالبا

- ميكانيك الطائرات،15 طالبا

 وتكشف الشهادات عن خصوصية عراقية في هذا الميدان، تتمثل في حرص المؤسسات العسكرية العراقية، على تزويد المجاهد الجزائري بما يحتاجه مقاتل يمتلك خصمه احدث ادوات القتال، واكثر تطورا، وفي هذا الصدد يذكر المجاهد'' منسل الصديق'' الذي تلقى تدريبا في المؤسسات الأمنية العراقية، فيقول'' لقد درست العلوم الامنية في بغداد اولا، قبل ان اتوجه الى الاتحاد السوفيتي لأدخل مدارس جهاز الاستخبارات السوفييتي(كي.جي.بي) فرأيت ان ما تلقيته في العراق اهم بكثير مما أتلقاه في موسكو، فالعراقيون كانوا أكثر حرصا في تعليمنا من الروس الذين اختصروا المنهاج الدراسي الذي لا يساوي في بعض جوانبه مضامين المنهاج العراقي''، ودعم هذه الشهادة المجاهد '' بوزغوب'' الذي توجه الى بغداد في حدود عام 1960، لاستكمال التدريب في مجال الطيران،حيث يقول'' كان علينا ان نذهب الى الاتحاد السوفيتي آنذاك لاستكمل دورة الطيران، لكن دولة الرئيس خوشوف(1953-1964) لم تعترف بعد بالحكومة المؤقتة، جعلت خيارنا التوجه الى بغداد التي أتاحت لنا ما كنا نحلم به، ساعات طيران على متن طائرات مقاتلة= سخوي و= ميغ رفقه طيارين عراقيين مهرة. نسبح طيرانا في سماء بغداد مع سريان نهر دجلة والفرات'' ويضيف ''لحظات لم تتخيل معناها الروحي'' هكذا يقول ''بوغوب'' موضحا ان " المعنى الروحي يتجسد حين يرتبط مصير طيار جزائري ومصير طيار عراقي وهما يتقاسمان مكانهما في مقصورة طائرة مقاتلة، ينشدان هدفا واحدا، وهو حماية سماء وطنهما والدفاع عنه ،وكأنهما من نسل واحد ومن مدينة واحدة، تختصر حياتهما في مقصورة طائرة مقاتلة يتقنان فنون قيادتها ''(عدي الخير الله،2012،ص-ص.46-51)

 منح العراق للطلبة العسكريين الجزائريين وجودا يضمن لهم الحصانة اللازمة في اي مكان حلو فيه، فكانوا جزءا لا يتجزا من ابناء الشعب العراقي ، ويذكر المجاهد '' منسل صديق ان البيوت العراقية كانت ابوابها مفتوحة امام المجاهدين كأبناء أعزاء يجمعهم الوطن الواحد، ويضيف '' ان الأسر العراقية التي كانت تقوم بزيارة أبنائها الدارسين في الكلية العسكرية ينسون ما جاءوا من اجله ويقضون وقتهم معنا، ليسالوا عن احوالنا واحتياجاتنا، وينسون أبناءهم''( عدي الخير الله،52)

كماتم فتح المعاهد العراقية وجامعة بغداد وكلياتها أمام الطلبة الجزائريين، بلغ عددهم 65 طالبا في السنة الدراسية 1958/1959 ( C.A.D.N.21 po/A/64, reçue par le .F.L.N …)، ليصل العدد في عام 1962 حوالي 120 طالبا( خرنان مسعود،2006،124) ، تكفلت الحكومة العراقية بجميع مستلزماتهم، بما فيها دفع منحة شهرية تصل إلى 1500 دينار عراقي(C.A.D.N.21po/A/64 aide reçue).

تفاعل الطلبة الجزائريون مع جل النشاطات التي عاصروها خلال تواجدهم في العراق، وأسسوا تنظيم خاص بهم في حدود 1956، خصوصا بعد توافد طلبة جدد خلال مراحل  الثورة التحريرية المختلفة ، امثال: محمد السعيد امقران،حماديبغريش، صالح خباشة، هشماوي مصطفي....( أحمد مريوش،274-275)، وقد أدوا خدمات جلية للثورة الجزائرية بالعراق، بالتنسيق مع مكتب جبهة التحرير في بغداد، خاصة تلك التي تعرف المجتمع العراقي بأهداف الثورة الجزائرية ونقل مجرياتها، مستغلين في ذلك القنوات الإعلامية العراقية، كالإذاعة والصحف، وعن هذه الأنشطة يذكر المجاهد '' لخضر جودي'' الذي كان طالبا بالعراق '' تابعنا كتابة المقالات في الصحافة العراقية التي كانت مفتوحة أمامنا عن الجزائر، ودافعنا فيها عن أطروحة أن الجزائر ليست فرنسية، ولن تكون فرنسية وستستقل ان عاجلا أو أجلا.. كانت بلادنا مجهولة لدى الرأي العام العراقي بل العربي على العموم، كما كانت لفرنسا سمعة محمودة لدى المشرقيين..كانوا يعتقدون أنها بلد الحرية والإخاء....كان هذا الاعتقاد يحز في نفسي ويجعلني اعمل بكلي جهدي لإحباط هذا الاعتقاد...كنا نكتب ملخصات عن النشاط السياسي والعسكري في الجزائر، وعن البؤس والحرمان الذي يعيش فيه سكان الجزائر...كان كل طالب جزائري عبارة عن جريدة ناطقة بفضائح الاستعمار بالجزائر، وأصبح اسم الجزائر يذكر في كل مناسبة وفي كل احتفال سواء في المدرسة او النوادي، او المقاهي او البيوت، ومنذ اندلاع الثورة،والرأي العام العراقي عل اشد الاهتمام بها''( لخضر جودي بوطمين،2007،ص،ص.7-8)

  كما كان للطلبة حضور قوي بالإذاعة الجزائرية ببغداد، التي أفتحت في عهد رئيس البعثة الجزائرية بالعراق'' احمد بودة'' سنة 1958، حيث تولى ''علي الرياحي'' الذي كان طالبا بجامعة بغداد مهمة التحرير والتعليق السياسي، وعن اثر هذه الإذاعة في المجتمع العراقي يذكر '' عبد القادر نور''زرت بغداد في السنة الموالية لافتتاح الإذاعة الجزائرية، بمناسبة المؤتمر العالمي للشباب سنة 1959، فلمست الأثر العظيم الذي أحدثته هذه الإذاعة في الأوساط الشعبية العراقية، حتى ان الشعب العراقي صار يعرف أدق المعلومات عن الثورة الجزائرية، فتعلق بها وأصبحت مثله الأعلى، ولم يتأخر الشعب العراقي كبقية الشعوب العربية بمد الثورة الجزائرية بما تستحقه من عون مادي وأدبي'' (عبد القادر نور: صوت الجزائر،52-53)

6-رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق وعلاقتها بالاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين

    تأسست رابطة الطلبة الجزائريين بالمشرق في دمشق في سبتمبر 1958، وضمت ممثلين عن الطلبة الجزائريين في كل من مصر، وسورية والعراق والكويت، كإطار يوحد الطلبة الجزائريين وينسق نشاطهم إزاء جبهة التحرير الوطني، وكرد على سياسة التهميش التي سلكها اتحاد الطلبة الجزائريين، وبعض الجهات الأخرى في حق طلبة المشرق(عمار هلال.154)

    شاركت  الرابطة في مؤتمر الطلبة العرب الذي عقد في الإسكندرية في مارس 1959،وكان هذا الحدث أول ظهور للرابطة على المستوى الإقليمي، شارك فيه إلى جانب "علي مفتاحي " الذي كلف بإلقاء كلمة الطلبة الجزائريين في الجلسة الافتتاحية كل من،بلعيد عبد السلام، وبوزيان تلمساني، وربح تركي، ورغم النتائج الايجابية التي حققها الوفد الجزائري في المؤتمر ، فقد لقي انتقادا شديدا من طرف بلعيد عبد السلام،خاصة مستوى وعي طلبة العرب، وصل النقاش الذي جرى حول هذه النقطة الى درجة العنف بينه وبين رابح تركي( ابو القاسم سعد الله: تاريخ الجزائر الثقافي،291)

    في الحقيقة ان العلاقة بين الاتحاد  ، ورابطة الطلبة الجزائريين لم تكن على مايرام، اذ تشير المراجع الى وجود صراعا خفيا بين التنظيمين، بسبب النظرة الاستعلائية، وربما التحقيرية لطلبة الغرب تجاه زملائهم  في المشرق، وفي هذا الصدد يذكر عثمان سعدي"وكان للطلبة الجزائريين بالقاهرة وبالمشرق تنظيم اسمه" رابطة الطلبة الجزائريين"، حله الطلبة القادمون من فرنسا، وادمجوه او ذوبوه في الاتحاد، واذكر كيف كان هؤلاء الطلبة الوافدون يعاملوننا نحن طلبة العربية باستعلاء غريب ترك في نفوسنا مرارة  بل ومضاضة ، يعاملوننا نحن ـ الظاهرة الوطنية الأصيلة ـ معاملة مواطنين من الدرجة الثانية ويطبقون علينا من حيث يشعرون أو لا يشعرون العبارة الاستعمارية(بيكو..ترافاي اراب) bicot travail arabe))(عمل عربي حقير، وهي عبارة تحقيرية تطلق على الجزائري عند استجوابه)( عثمان سعدي1993،ص،39)

في الحقيقة هذا الصراع الخفي بين أبناء الوطن الواحد كانت له خلفيات يمكن إيجازها في النقاط التالية:

ـ غياب الثقة بين طلبة المشرق والاتحاد بسبب اعتقاد هذا الاخير أنهم صدى للأحزاب المشرقية ، وجهل دورهم الفعال في الثورة منذ اندلاعها ( حمد مهري،140-141)

ـ  مرض الزعامة: كان طلبة رابطة المشرق يرون أنفسهم أحق بالقيادة لأنهم سباقون إلى الثورة، ولأنهم يمثلون الوجه الحضاري للجزائر العربية الإسلامية، فهم الذين اتخذوا المبادرات الثورية وضحوا براحتهم حين تطوعوا في الثورة وهاجروا من اجل لغة الوطن، إما زملاؤهم الذين انشاوا الاتحاد فكانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ربما الأحق بانضمام زملائهم في المشرق إليهم، لأنهم هم الذين يعيشون تحت رعب الشرطة الفرنسية وينشطون في السر بعد حل الاتحاد

ـ خلفية  مؤتمرالصومام الذي عقد في 20 اب 1956 التي وجهت الثورة نحو الداخل وليس نحو الخارج، وربما نحو الغرب وليس الشرق، تأثير تلك الخلفية لم يكن واضحا إلا ربما في تونس والقاهرة، والى حد ما في باريس ولوزان

ـ  خلفية التيار العروبي الإسلامي الذي يريد ان يحتفظ بالطلبة الجزائريين كورقة ضغط ، فمصر تعرف ان قيادة الشباب لها المستقبل، وان التيار الموالي لابن بلة قد ضرب بقوة بتغييبه عن مؤتمر الصومام، ثم اعتقاله مع زملائه، وكانت القاهرة ولا سيما بعد تحقيق الوحدة مع سورية محجة للشباب العربي النشيط او المنشط، ممثلا في اتحادات الطلبة غير المعترف حتى في بلدانها، كاتحاد طلبة الأردن ، واتحاد فلسطين ثم اتحاد الطلبة العرب وغيره من الاتحادات الطلابية الغاضبة على نظمها، كالتنظيم الطلابي التونسي الموالي لصالح بن يوسف، والاتحاد الطلابي المغربي الموالي لعبد الكريم الخطابي( ابو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي،293-294)

     مهما يكن من أمر فنتيجة جهود وزارة الثقافة في الحكومة المؤقتة ، ولقاء عبد الحفيظ بوالصوف في القاهرة برئيس رابطة الطلبة الجزائريينكاتبها ، قررت الرابطة حل نفسها في 20 حزيران 1959، وانضمت رسميا إلى الاتحاد في مؤتمره الرابع المنعقد ببئر الباي بتونس خلال الفترة 26 تموز- اب 1960، الذي حقق حسب "محمد مهري" نوع من المصالحة بين طلبة المشرق العربي  وأوربا الشرقية من جهة ، وطلبة الغرب من جهة أخرى، والى تشكيل قيادة جديدة للاتحاد تمثل جميع الطلبة، تحت اسم '' الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين'' ( محمد مهري،149)،  وللتأكيد أكثر، فقد صادق الاتحاد في مؤتمره هذا على العديد من اللوائح توافق مع إيديولوجية طلبة المشرق العربي، منها ما تعلق بالوطن العربي وقضاياه المصيرية، جاء فيها:''نظرا إلى أن الجزائر تعد جزءا لا يتجزأ من العالم العربي بتاريخها وتقاليدها، وثقافتها العربية الإسلامية، ونظرا للإعانة والمساندة التي يلقاها الشعب الجزائري في كفاحه التحريري عند الشعوب الشقيقة وحكوماتها، فاءن المؤتمر الرابع للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين يؤكد:

- تعلقه بالثقافة العربية الإسلامية وبوحدة العالم العربي

- يساند المطامح الوطنية للشعب الفلسطيني، ويدعو جميع قوى السلم في العالم لكي تفرض عودة الشعب الفلسطيني الى وطنه

- يساند كفاح شعب عمان وامارات الخليج العربي ضد الاستعمار البريطاني

-يدعو الحكومات العربية لكي تعمل في ظل الأخوة والتفاهم لتحرير الأقطار التي ما تزال محتلة، ولتحقيق وحدة العالم العربي( المجاهد، اوت 1960)

كما تضمنت لوائح المؤتمر، بند خاص بالحركة الطلابية العربية؛ فبعد ان اكد المؤتمر على أهمية هذه الطبقة في المجتمعات العربية، التي يقع على عاتقها'' النهوض بالثقافة العربية في المستقبل والعمل لتطوير المجتمع العربي في جميع الميادين''، ونوه بأهمية الوحدة بين الحركات الطلابية العربية، لتحقيق الأهداف السابقة، و أكد على:

- وجوب العمل على الاتصال بجميع الاتحادات الطلابية العربية لعقد مؤتمر عام خلال هذه السنة من اجل تحقيق وحدة الطلاب العرب

- يدعو المؤتمر الى الاستمرار في مناصرة جميع القضايا العربية سيما الطلابية منها

- يحيي الاتحادات الطلابية العربية التي خرجت حديثا الى الوجود، ويعبر عن ارتياحه للجهود التي بذلت لتوحيد الحركات الطلابية العربية

    وافرد المؤتمر في نفس البند لائحة خاصة لطلبة فلسطين،مؤكدا على تضامن الطلبة الجزائريين مع القضية الفلسطينية عامة،ووقوفهم إلى جانب الطلبة الفلسطينيين في الظروف والمحن المريرة التي يمرون بها من جراء الاحتلال الصهيوني ، وأوصى اللجنة التنفيذية بمايلي:

- الوقوف إلى جانب الطلبة الفلسطينيين ومساندتهم في كفاحهم من اجل رجوع شعب فلسطين العربي الى وطنه الذي اغتصبته اسرائيل والصهيونية العربية

-بذل أقصى جهودها في الميدان العالمي لصالح الطلبة الفلسطينيين لإقناع المنظمات الطلابية  في العالم بعدالة الكفاح الذي يخوضه طلبة فلسطين

-ان تعزز علاقاتها مع طلبة فلسطين، وان تنسق الجهود والعمل المشترك من اجل تحرير الجزائر وفلسطين من كابوس الاستعمار البغيض.( المجاهد، عدد75، اوت 1960)

ويمكن القول ان انخراط الرابطة في الإطار الشامل ساهم في تعميق الرؤية الطلابية الجزائرية للقضايا القومية  العربية، فرموا بكل قواهم المادية والمعنوية في النضال الثوري العربي، بأوجهه الفكرية والسياسية، والاجتماعية، فعبروا عن تأييدهم لحق الفلسطينيين في العودة، وحق العرب في لواء الاسكندرونة، وأعلنوا مساندتهم لمصر بعد الاعتداء على بور سعيد، بحيث تجندوا جميعا، وضعوا أنفسهم تحت تصرف المقاومة الشعبية، وحملوا السلاح في كل من القاهرة ودمشق ، استعدادا لخوض المعركة جنبا الى جنب مع أبناء العروبة في بور سعيد، وعندما وقع الانفصال بين سورية ومصر حدد الطلاب الجزائريون موقفهم واضحا من هذه القضية ، اذ اعتبروها '' نكبة العصر'' بالنسبة لوحدة الوطن العربي، لا تخدم بأي حال من الأحوال القضية العربية ، بقدر ما يخدم المصالح الاستعمارية في الشرق الأوسط.( عمار هلال،88-89)

 يتضح من هذه الحقائق تمسك الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين بتأثير من طلبة المشرق، بالمبادئ العربية الإسلامية للثورة، وبقيم الوحدة العربية، ونصرة القضايا العربية المشتركة،، وهي أمور أكدت عليها الثورة الجزائرية في أول بيان لها في نوفمبر 1954، وأفردت لها جريدة المجاهد- اللسان الناطق باسم الثورة- العديد من المقالات خاصة المقال المعنون ب'' الثورة الجزائرية والقومية العربية''،.( ، مجلة المجاهد، عدد 113،22 جانفي 1962)

الخاتمة

توصلت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج نوجزها فيمايلي:

- برز الوعي السياسي لدى طلبة الجزائريون في المشرق العربي في وقت مبكر، وكانوا أولى الطلبة الذين استجابوا لنداء الوطن، وانخرطوا في صفوف الثورة في الأعوام الأولى من اندلاعها ، بعد أن عاشوا إحداث المشرق وقضايا العالم العربي والإسلامي ،وتغذوا بالعديد من المبادئ والقيم السائدة هناك خصوصا الأفكار القومية والتحررية التي ناصرت قضايا التحرر في العالم العربي

-  جمع الطلبة المشرقيون بين التكوين السياسي، والعسكري، وقدموا الإضافة بانضمامهم إلى صفوف الثورة

- ساهم الطلبة في من خلال التنظيمات التي أسسوها في المشرق العربي  في التأكيد الهوية العربية للجزائر لدى الشعوب العربية، وكونوا لها قاعدة مهمة  دفعت الدول العربية الى التجاوب مع قضية كفاح الشعب الجزائري

-التنظيمات الطلابية الجزائرية في المشرق العربي أوجدت توازنا هاما وأساسيا في البنية الثقافية والفكرية للوسط الجزائري، بالرغم من حالات التهميش التي تعرضوا لها أثناء الثورة ، لأسباب إيديولوجية،وثقافية، ونقول أنهم كانوا أولى ضحايا ذلك

- تعدت اهتمامات الطلبة الجزائريين حدود الوطن،الى اهتمامهم بالقضايا الإقليمية، كقضية وحدة المغرب العربي، والقضايا التحررية العربية خاصة القضية الفلسطينية

هوامش توضيحية

* تمكن مكتب القاهرة في عام 1955 من تجنيد 27 طلبا، ثم لحقت بهم مجموعة الباخرة(دينا)  التي كان من ضمنها "محمد بوخروبة"(بومدين) ثم مجموعة الباخرة (اطوس) التي كان من ضمنها، الهادي حمدادو، ومحمد صباغ، ومحمد الطاهر شرفي، رزوق محمد الصالح، وريغي محمد، وايغرونة محمد واعلي، انظر ابو القاسم سعدالله تاريخ الجزائر الثقافي، ج 10، ص، ص. 284-285

(**) انعقد المعسكر الاول في سورية خلال عام 1954، وتراس الوفد الجزائري" محمد الغاسيري" الذي عرفه المشرق فيما بعد ناطقا باسم جبهة التحرير الوطني، انظر محي الدين عميمور: نظرة في مراة عاكسة على عتبة الالفية الثالثة، موفم للنشر، الجزائر،  2001، ص . 79

* تأسس مكتب المغرب العربي ببرلين سنة 1943، على يد مجموعة من المناضلين التونسيين، من بينهم يوسف الرويسي، والحبيب ثامر، والرشيد ادريس، وحسين التريكي، وكان ذلك بتشجيع من الحاج امين الحسيني، الذي احتضن هذا المسعى منذ بدايته ووفر للمكتب الناشيء فضاء بالمعهد الإسلامي الذي كان يديره بمدينة برلين، وحدد أصحابه أهدافه في الدعاية للقضايا المغاربية ،والعمل على تحقيق '' استقلال المغرب العربي ووحدته في نطاق الوحدة العربية( الرشيد ادريس: 1981، ص-ص.77-80)

****:يعتبر من أقدم المعاهد في الكويت، إذأنشئ في عام 1947 ، بناء على اقتراح العالم والشيخ '' عبد العزيز حماده''، متخصص في تعليم المواد الإسلامية، وتأهيل الإطارات لتولي منصب الإمامة والخطابة في المساجد(انظر عادل العبد المغنى: المعهد الديني،1995،ض.23)

قائمة المصادر والمراجع

اولا/ المصادر

ا/ الأرشيف(الارشيف الدبلوماسي الفرنسي بنونت)

C.A.D.N.21po/A/64, surl’aideapportée au F.L.N.pour la formation de cadres militaires

C.A.D.N 21po/B/ 9, Les bureaux des affaires extérieures du, F.L.N

C.A.D.N.21 po/A/64,surl’aideapporté au F.L.N pour la formation de cadre militaire.

C.A.D F.M.A.E, Afrique Levant/ 40, note sur les ingérenceségyptiennesenAfrique du Nord.

C.A.D.N.21po/A/46, Aide reçue par le F.L.N pour l’admissiond’étudiantsuniversitésétrangères

C.A.D.F.M.A.E.,.AfriqueLevant /159.sur l’aide de la, R.A.U. et de l’Irakau.F.L.N

C.A.D.N.21 po/A/64, aide reçue par le .F.L.N pour l’admissiond’étudiantsdans les universitésétrangères

C.A.D.N.21po/B/13,L’ingérence de l’Egyptedans la rébellionenAlgérie

C.A.D.N.po/A/64. Les financements de la rébellionparl’etranger au cours des année 1958 et1959.

ب/ الكتب

أحمد توفيق المدني(1982)حياة كفاح، ج3، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر.

احمد مهري(2013) ومضات من دروب الحياة،منشوراتالسائحي، الجزائر .

الشيخ خير الدين(بسط) مذكرات، ج2، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر.

لخضر جودي بوطمين(2007) مذكرات مجاهد من بغداد الى الجزائر، المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر، الجزائر

عبد القادر نور(2006) صوت الجزائر،منشوراتالإذاعة الجزائرية، دار هومة ، الجزائر .

ج/المقالات

"وفد الحكومة الجزائرية في لبنان والكويت"، المجاهد، عدد 42، 18/5/1959

" العالم يحتفل بذكرى اول نوفمبر"، المجاهد، عدد 108، 13/11/1961.

-" الكويت يتعهد بفتح معهد يأوي 500 يتيم جزائري"، المجاهد، عدد 101، 31/7/1961

'' الثورة الجزائرية والقومية العربية''، مجلة المجاهد، عدد 113،22 جانفي1962

'' روح واحدة تسود المؤتمرات الطالبية في المغرب العربي''، المجاهد ، عدد 75،22 اوت1960

'' من مقررات المؤتمر وتوصياته'' المجاهد، عدد74،8 اوت 1960

'' بيان من الطلبة الجزائريين بسوريا''، البصائر، عدد،355،24 فيفري 1956.

يوسف الرويسي(1978) "نشاط مكتب المغرب العربي بدمشق"، الحلقة الثالثة، المجلة التاريخية المغربية، عدد 12، تونس .

الرشيد ادريس(1981)أربعة رسائل من المرحوم يوسف الرويسي''، المجلة التاريخية المغاربية،عدد21/22، ، تونس

ثانيا/ المراجع

ا/ باللغة العربية

ابو القاسم سعد الله(1985) الزمن الأخضر، ديوان سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر.

 (ـــــــ،ـــــــ) (2007) تاريخ الجزائر الثقافي، ج 10،دار البصائر، الجزائر.

 (ـــــــــــــــ،ــــــــــــــ)(2005) منطلقات فكرية، ط2، دار الغرب الإسلامي، بيروت .

أحمد حمروش(1992) ثورة 23 يوليو، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر.

اسماعيل دبش(2009) السياسة العربية والمواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية (1954-1962)، دار هومة الجزائر.

بوضربة عمر (2010) ، النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سبتمبر 1958. جانفي 1960، دار الحكمة الجزائر

مريم صغير: مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية، دار الحكمة للنشر والتوزيع، الجزائر، 2010

محي الدين عميمور(2001) نظرة في مراة عاكسة على عتبة الالفية الثالثة، موفم للنشر، الجزائر.  .

عبد العظيم رمضان(1993) ندوة ثورة يوليو والعالم العربي، الهيئة المصرية للكتاب، مصر

محمد السعيد عقيب(2008) الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين ومساهمته في الثورة مؤسسة كوشكار للنشر والتوزيع، الجزائر.

-محمد عباس(2015)،كفاح الدم والقلم،دار هومة، الجزائر

سهيل الخالدي(1997) الإشعاع المغربي في المشرق، دار الأمة، الجزائر،-

 (ــــــــــــ،ـــــــــــــ)(2007) جيل قسما، طبع وزارة المجاهدين، الجزائر.

عدي الخير الله(2012) الجزائر في الذاكرة العراقية، سفارة العراق بالجزائر.

عمار بن سلطان واخرون(ب.س.ط) الدعم العربي للثورة الجزائرية، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة اول نوفمبر

عمار هلال(2004) نشاط الطلبة الجزائريين إبان حرب التحرير، دار هومة، الجزائر

صالح لميش(2010)، الدعم السوري للثورة التحرير الجزائرية، دار بهاء الدين للنشر والتوزيع، الجزائر.

خرنان مسعود: (2006) العراق والثورة الجزائرية، ط1، رياض العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر.

ب/الكتب باللغة الأجنبية

GibertMenyier (2003)histoireintérieure du F.L.N,Editions, Casbah, Alger

 

ج/الأطاريح

أحمد مريوش(2005-2006) الحركة الطلابية ودورها في القضية الوطنية وثورة التحرير 1954، أطروحةمقدمة لنيل شهادة الدكتورة، الجزائر،

 

 

د/المقالات

تركي رابح عمامرة(بسط) "صوت الجزائر من إذاعة صوت العرب (1956،1962)"، الاعلام ومهامة أثناء الثورة دراسات وبحوث المتلقي الوطني الأول حول الإعلام المضاد، المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر1954 .

عادل العبد المغنى(1995) المعهد الديني،مجلة القبس، عدد7850، الكويت


 

 

 

 

 

 

پۆختە

ژ ئارمانجێن به‌ره‌یێ ئازادكرنا جه‌زائیرى دوپاتكرن بوو لسه‌ر ناسنامه‌یا عه‌ره‌بى ژبوو خه‌باتا میلله‌تێ جه‌زائیرى,وئه‌و ئه‌ركێ بزاڤا قوتابیان بوو ل روژهه‌لاتێ نشتیمانێ عه‌ره‌بى,بدامه‌زراندنا رێكخستنان ل سوریا ول مسرێ ول ئیراقێ ول كوێتێ,وئه‌و وه‌كو بالیوزێ به‌رده‌وام بوو ژ بوو جه‌زائیرێ دناف ئه‌وان میلله‌تان دا ورژێمێن ئه‌وان,وژ لایێ خوه‌ڤه‌ ئه‌وان میلله‌تان ئاماده‌ییا خوه‌ دیاركرن ژبوو پالپشتى كرنا شوره‌شا جه‌زائیرى,برێكا ڤه‌كرنا قوتابخانه‌یان ژبوو ره‌وشه‌نبیركرنا مروڤێ جه‌زائیرى وفێركرنا ئه‌وى ژبوو بنه‌ماێن شه‌رێن نوى,وده‌رچوێن ئه‌وان قوتابخانه‌یان وئه‌وان كولیژان پالپشتیا شوره‌شێ كرن دلایه‌نێن سیاسى وله‌شكه‌رى دا,وچاندنا خوه‌ژمارتنا ئایدولوژى ژبوو بزاڤا رزگارى خوازا جه‌زائیرى,بره‌هه‌ندێن خوه‌ێن عه‌ره‌بى وئیسلامى ڤه‌.

په‌یڤێن كلیل: كومیته‌یا قوتابێن جه‌زائیرى ل سوریا, كومیته‌یا قوتابێن جه‌زائیرى ل مسرێ, كومیته‌یا قوتابێن جه‌زائیرى ل كوێتى, كومیته‌یا قوتابێن جه‌زائیرى ل ئیراقێ,ئێكه‌تیا گشتى یا قوتابێن موسلمانێن جه‌زائیرى.       

 

 

 

 

ALGERIAN STUDENT ORGANIZATIONS IN THE ARAB LEVANT AND THEIR CONTRIBUTION TO THE LIBERATION REVOLUTION (1954-1962)

ABSTRACT:

Among the goals of the Algerian Liberation Front was to emphasize the Arab identity of the struggle waged by the Algerian people, a task that the student movement in the Arab East undertook by establishing organizations for it in Syria, Egypt, Iraq, and Kuwait, which served as Algeria's permanent ambassador to these regimes and peoples. For their part, the nations showed an innate willingness to support the Algerian revolution, by opening their schools to educate the Algerian men and teaching them the foundations of modern warfare. Later, the Algerian elites who graduated from these schools and colleges contributed to supporting the structures of the revolution in its political and military aspects, and consolidating the ideological affiliation to the Algerian liberation movement, with its Arab and Islamic dimensions.

KEYWORDS: The Algerian Students, Committee In Syria, The Algerian Students, Association In Egypt, The Algerian Students, Association In Kuwait, The Algerian Students, Association In Iraq, The General Union Of Algerian Muslim Students.

 



* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)