مصادر المعرفة الفلكية عند المسلمين خلال العصر العباسي (132-656هـ / 750 – 1258م)*

" المصادر الهندية والفارسية نموذجاً "

حسن عثمان عبدالله1* و موسى مصطفى ابراهيم1

                         1 قسم التاريخ، فاكولتي العلوم الإنسانية، جامعة دهوك، إقليم كردستان – العراق.

تاريخ الاستلام: 12/2022             تاريخ القبول: 04/2023    تاريخ النشر: 09/2023  https://doi.org/10.26436/hjuoz.2023.11.3.1109

الملخص:

 تعد دراسة مصادر المعرفة الفلكية عند المسلمين من الدراسات المهمة، لأن المنابع الأولى التي استقى منها المسلمون معارفهم الفلكية كانت (هندية وفارسية)، بالإضافة الى المصادر اليونانية وما ورد في  الأدب والشعر الجاهلي عند العرب قبل الاسلام، وكذلك القراَن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما ورد فيهما عن الظواهر الفلكية والكواكب والنجوم، حثت المسلمين على إعمال الفكر في هذا الكون ودراستها والغوص في أعماقها وحل ألغازها، ولا يخفى انه كان لحركة الترجمة وبالأخص في العصر العباسي الأول دور كبير في اطلاع المسلمين على الإرث الثقافي والحضاري للأمم والشعوب الاخرى من العلوم المختلفة، وكان علم الفلك أحد تلك العلوم التي اهتم بها العرب وزاد اهتمامهم بها بعد مجيء الإسلام، وذلك لارتباطه ببعض الواجبات والأحكام الشرعية كأوقات الصلاة ومعرفة اتجاه القبلة وهلال رمضان وحركة الشمس في البروج وأحوال الشفق وغيرها، لذلك حاولنا في بحثنا هذا التركيز على المصادر الهندية والفارسية كنموذج من تلك المصادر لدورها الرئيسي في وضع الأسس الأولى لفلك إسلامي متطور ظهر لاحقاً في مشرق العالم الإسلامي ومغربه ، وكذلك لا ننسى أنه كان للتنجيم علاقة مباشرة بعلم الفلك ، فإهتمام الشعوب القديمة بالتنجيم كان حافزاً كبيراً لدراسة علم الفلك ومعرفتها والإهتمام بها ، من خلال تلك الرغبة الداخلية لدى تلك الأمم للتطلع إلى ما وراء السماء والأجرام السماوية وما لها من آثار ، وعليها قامت الأرصاد الفلكية القديمة وقدمت مادة فلكية رصدية مهمة جداً لعلماء الفلك للإهتمام ببناء المراصد وصناعة الآلات والأجهزة الفلكية وما تبعها من تطور على أيدي علماء الفلك المسلمين .

الكلمات الدالة: المصادر، علم الفلك، التنجيم، الهندية، الفارسية.


المقدمة

يعد علم الفلك (الهيئة) أحد العلوم التي اهتم بها البشرية منذ عصور موغلة في القدم، حيث ابتدأت المعرفة الفلكية البسيطة منذ أن وجد الإنسان على سطح الأرض عندما مد ببصره إلى السماء ولاحظ تلك الظواهر الخارقة والنجوم المنتشرة بألوانها ولمعانها والقمر المنير الذي أنار له الأرض ليلاً، أو عند وقوع حدث فلكي طبيعي ككسوف الشمس وخسوف القمر، فبدأ الانسان بمراقبتها ومعرفة تشكيلاتها وحركاتها، فكانت تلك البداية التي بدأ بها علم الفلك دون أن يدرك من أمرها شيئاً، واختلط مفاهيم الإنسان القديم عن النجوم والكواكب ببعض الأوهام والخرافات التي جعلته يظنها ألهة تتصف بالروحانيات والعقول وتقوم بتصريف جميع الأمور على وجه الأرض، فعبدها وشيد لها المعابد في شتى بقاع الأرض ولا زال العديد من اَثار تلك المعابد موجودة حتى الاَن، وقد كان ذلك تمهيداً لظهور التنجيم الذي سبق علم الفلك في ظهوره وله الفضل في النشأة الأولى له.

وكان علم الفلك عند الهنود والفرس متطوراً، وهذا ما دفع الخلفاء المسلمين بعد الفتوحات الإسلامية على الاهتمام بالإرث الفكري والحضاري الذي كان عندهم، فبدأت حركة ترجمة واسعة لكتبهم في مختلف العلوم في الطب والكيمياء والحساب والفلسفة والفلك، فشكل ذلك نقطة انطلاق للبدء بوضع الأسس الاولى لعلم الفلك الإسلامي، بعد الجهود الكبيرة التي بذلها العلماء المسلمين في دراسة وشرح تلك الكتب المترجمة وإضافة الجديد إليها.

وتنبع أهمية هذه الدراسة في أنها تتناول موضوعاً مهماً لم يحظ باهتمام الباحثين كثيرا خاصة فيما يتعلق بالمصادر الهندية والفارسية، لأن أكثرية الدراسات السابقة ركزت على المصادر اليونانية والكلدانية والسريانية ، ونؤكد أيضا أن منابع علم الفلك الإسلامي ليست عربية وإسلامية بالدرجة الرئيسية ، بل أعتمد على موروث من سبقوه في هذا الميدان وخاصة بعد حركة الترجمة الواسعة التي بدأها خلفاء الدولة العباسية وتم نقل علوم تلك الشعوب والأمم إلى اللغة العربية ومنها علوم الفلك ومن هذا المنطلق جاءت أهمية هذه الدراسة.

جعلت الدراسة تحت عنوان (مصادر المعرفة الفلكية عند المسلمين خلال العصر العباسي، المصادر الهندية والفارسية نموذجاً) وعليه فقد تألف البحث من مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، ناقش المبحث الأول (مفهوم علم الفلك) تعريف علم الفلك لغة واصطلاحاً، أما المبحث الثاني (المصادر الهندية) جاء فيها نبذة عن الفلك الهندي وتطوره  وكتبهم الفلكية المترجمة، في حين تناول المبحث الثالث (المصادر الفارسية)، نبذة عن الفلك الفارسي القديم وأهم مؤلفاتهم الفلكية والتنجيمية المترجمة ومدى تأثر الفلك الإسلامي بها، ثم انهينا بحثنا بخاتمة ويليها قائمة بأسماء (المصادر والمراجع) التي اعتمدت عليها الدراسة في كتابة موضوعاتها.

المبحث الأول / مفهوم علم الفلك:

أولا / علم الفلك لغة:

عرف  الفلك في العصر الإسلامي بأنه مدار النجوم الذي يضمها (ابن قتيبة، أدب الكاتب، د.ت، 85)، وقال الله تعالى: ((وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)) (سورة يس: الاَية 40)، سما فلكاً لإستدارته، وكذلك في العربية هو ما استدار، أو هو قطعة من الأرض مستديرة (ابن قتيبة، الأنواء، 1956، 124)، قال الأزهري (ت 370هـ/ 981م) الفلك: ((اسم للدوران خاصة، وأما المنجمون فيقولون سبعة أطواق دون السماء قد ركبت فيها النجوم السبعة، وفي كل طوق منها نجم وبعضها أرفع من بعض وتدور فيها باذن الله)) (الأزهري، 1967، ج1، 154).

وبناءً على ما تقدم يعتقد أن لفظ الفلك تعني الأرض والسماء وما بينهما، فالأرض مستديرة والسماء يطبق عليها بشكل مستدير، وكل ما بينهما من نجوم وكواكب وأجرام هو مستدير ويبقى دائماً في حركة دائرية.

ثانيا / علم الفلك اصطلاحاً:

سمي علم الفلك في العصور القديمة والإسلامية بأسماء مختلفة، منها الأكثر تداولاً هي: (علم النجوم) و(صناعة النجوم) و(علم التنجيم) و(صناعة التنجيم) (نلينو، 2016، 19)، مع أن تلك الألفاظ تطلق في الوقت الحاضر على المشتغلين بالتنجيم أو ما عرف قديماً بالأحكامي (مؤمن، 2006، 37؛ عكاش، 2017، 23)، الذين يربطون الحوادث الدنيوية المستقبلية بحركات النجوم والكواكب، وكان في القديم يعرف المشتغل بها بعلم الهيئة أو علم أحكام النجوم، أو العلمين معاً (عروضي، د.ت، 86)، وقد أشار المسعودي الى ذلك بقوله: ((وأكثر ما نشاهده من فلكية زماننا ومنجمي عصرنا مقتصرين على معرفة الأحكام – تاركون للنظر في علم الهيئة ذاهبون عنها – وصناعة التنجيم التي هي جزء من أجزاء الرياضيات وتسمى باليونانية الأصطرونوميا ينقسم قسمة أولية على قسمين أحدهما العلم بهيئة الأفلاك وتركيبها ونصبها والثاني العلم بما يتأثر عن الفلك )) (المسعودي ،التنبيه والإشراف ، د0ت ،12) ،والأصطرونوميا: لفظة يونانية تعني قوانين النجوم أو علم النجوم استخدمت في الكتابات الوسيطة في مقابل مصطلح التنجيم المتداول حالياً (فرشوخ، 1995، ج5، 11) .

ويبدو أن علم النجوم في القديم كان يقابل ما نسميه اليوم بمصطلح (التنجيم Astrology) وعلم الهيئة يقابل بمصطلح (علم الفلك Astronomy) هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن ما تفرع عن علم الهيئة قديماً هي غير الفروع في الوقت الحاضر ، فكثير من الفروع القديمة لم يبقى له أثر واندثر وأصبح علماً بذاته أو تبع علماً اَخر، وكذلك علم الفلك الحديث أصبح له فروع جديدة لم تكن معروفة من قبل (المؤمن، 2007، 16).

عرف علم الفلك عند علماء و مفكري الحضارة الإسلامية بعدة تعاريف منها: أن علم النجوم علمان، علم أحكام النجوم خاص بدلالات الكواكب على ما سيحدث في المستقبل، وعلم النجوم التعليمي، الذي يبحث في الأجسام السماوية والأرض من ثلاثة وجوه من حيث عدد تلك الأجرام وأشكالها ووضع بعضها الى بعض وترتيبها في العالم وأن الأرض ساكنة، وكذلك يبحث عن حركات النجوم وكم هي وأنها كروية، بالاضافة الى موضوع الأرض و المعمور منها والخراب وأقاليمها وأحوال سكانها (الفارابي، إحصاء العلوم، 1931، 43-46)، أما إخوان الصفا (في حدود سنة 373هـ/ 983م) (حول إخوان الصفا، أنظر: البيهقي، 1946، 35-36؛ القفطي، 2005، 67؛ سعيد، 1992، 9-10) ، فقد قسموا علم النجوم الى ثلاثة أقسام: قسم منها هو معرفة تركيب الأفلاك وكمية الكواكب وأقسام البروج وأبعادها وعظمها وحركاتها وما يتبعها من ذلك الفن ويسمى علم الهيئة، والقسم الثاني منها هو معرفة عمل الجداول الفلكية واستخراج التواريخ، أما القسم الثالث فهو معرفة كيفية الاستدلال بدوران الفلك و طوالع البروج وحركات الكواكب على الكائنات في العالم السفلي ويعرف بعلم الأحكام (إخوان الصفا، 2017،ج1، 107)، وبذلك يكون المقصود من القسم الأول هو علم الفلك النظري، والقسم الثاني العملي، وأما القسم الثالث يتناول علم أحكام النجوم (نلينو، 2016، 26).

أما ابن سينا (ت 428هـ/ 1037م) فقد عرف علم الفلك (الهيئة) بقوله: ((وعلم الهيئة يعرف فيها حال أجزاء العالم أشكالها وأوضاع بعضها عند بعض ومقاديرها وأبعاد ما بينها وحال الحركات التي للأفلاك والتي للكواكب وتقدير الكرات)) (ابن سينا، 1908، 111-112)، ويتضح من تعريفه عدم تطرقه لأقسام أحكام النجوم وعدم جعلها ضمن فروع علم الهيئة، لأنه يعدها من الأقسام الفرعية للحكمة الطبيعية كالطب وعلم الفراسة (عن علم الفراسة انظر: زيدان، 2012، 7؛ حقي، 2006، 11).

وعلم الفلك عند ابن خلدون (ت 808هـ /1406م) عبارة عن: ((علم ينظر في حركات الكواكب الثابتة والمتحركة و المتحيزة، ويستدل بكيفيات تلك الحركات على أشكال وأوضاع للأفلاك لزمت عنها هذه الحركات المحسومة بطرق هندسية، كما يبرهن على أن مركز الأرض مباين لمركز فلك الشمس بوجود حركة الإقبال والإدبار...)) (ابن خلدون، 2004، ج2، 260)، ولم يتحدث ابن خلدون عن فروع علم الهيئة ما عدا فرع واحد وهو علم الأزياج (حول علم الأزياج انظر: ابن خلدون،2004، ج2، 261؛ مؤمن،2006، 313؛ David and samos, p.14)، فأقدم على شرحها وتقديم معلومات أساسية مختصرة عن علم الهيئة، فهو عنده علم يتحدث عن النجوم والكواكب والأفلاك ويقوم على أساس مركزية الأرض، والأفلاك تدور حولها حسب النظرية البطلمية القديمة (مجاهد، 2001، 82)، واعتبر ابن خلدون أن علم الهيئة صناعة شريفة وأنها أحد أركان التعاليم، وعد كتاب (المجسطي Megiste) (حول كتاب المجسطي انظر: ابن النديم، د.ت، ص374؛ عزرودي، 2020، ص40-41؛ Helain saline, 2000, V.1, P.G27) لبطليموس القلوذي (عاش بين سنوات 100-178م) (القفطي،2005، ص 78؛ Thomson Gad, 2005, V.1, P.563) أحسن تأليف في ذلك العلم.

وبذلك يمكن أن نعرف علم الفلك (الهيئة): أنه علم قديم النشأة وإن اختلفت تسمياته وقد تطور ليكون علماً يختص بمراقبة ودراسة أحوال الأجرام السماوية وظواهرها الكونية المختلفة، وعلاقتها ببعضها البعض، ومالها من تأثير على الأرض وباقي النجوم والكواكب في السماء وإحاطته بها، مستعيناً بالعلوم الأخرى كالرياضيات والهندسة وبمساعدة وسائل الرصد والاَلات الفلكية المختلفة.

المبحث الثاني / المصادر الهندية:

عرفت عن الأمة الهندية نبوغها في ميدان الحكمة والطب والنجوم والحساب والرياضيات وغيرها من العلوم (الجاحظ، رسائل الجاحظ ، 1964،ج1، 223-224؛ ابن صاعد، 1912، 11-12)، واهتماماتهم بالعلوم عامة قديم يرجع الى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، حيث كان لهم نتاج علمي واسع في مختلف المجالات وعلى درجة عالية من الإتقان والجدية، فهم جمعوا بين العلم النظري والعملي معاً خلال تلك الحقبة من تاريخهم (مجاهد،2001، 53).

و كغيرها من الأمم اهتم الهنود بالسماء وأجرامها، من خلال رصد النجوم المنتشرة في السماء ومتابعة حركة الشمس والقمر، بالإضافة  الى معرفتهم بالكواكب السيارة الخمسة (عطارد، الزهرة، زحل، المريخ، المشتري) التي كانت معروفة اَنذاك عند الشعوب القديمة، كما وألف الهنود العديد من الكتب العلمية الفلكية الشهيرة، كانت لها الأثر الكبير في تطور علم الفلك في تلك الحقبة، ويعتبر أبو ريحان البيروني (ت 440هـ / 1048م) أفضل من كتب عن الهنود من حيث علومهم وتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم في كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة)، جمع فيها كافة الدراسات والأرصاد الفلكية والحساب والرياضيات، وما وصلت إليه من التطور والتقدم، كما تناول صناعة التنجيم التي كانت منتشرة بينهم (مجاهد،2001، 53).

وصلة العرب بالهنود قديمة، فلقد كانوا على معرفة بهم قبل الإسلام من خلال التجارة معهم، وتؤكد النصوص التاريخية ((فكتب عمر بن الخطاب الى سعد بن أبي وقاص أن يضرب قيروانه بالكوفة، وأن أبعث عتبة بن غزوان الى أرض الهند فإن له من الإسلام مكاناً... والبصرة تسمى يومئذ أرض الهند، فينزلها ويتخذ بها للمسلمين قيرواناً ولا يجعل بيني وبينهم بحراً)) (ابن سعد، 1990، ج7، 3؛ الطبري، 1969، ج3، 591)، وفتح المسلمون إقليم السند سنة (91 هـ / 710م) (البلاذري، 1987، 611)، وأكملوا فتح بقية أجزاء الهند أيام العباسيين في عهد الخليفة أبو جعفر المنصور (136 – 158 هـ / 754 – 775 م) (البلاذري،1987، 611)، ومنذ ذلك الحين أخذ الاتصال بين العرب والهنود يقوى ويشتد، وازداد أعداد الهنود في بلاد العرب من تجار واسرى وخدم وموالي وآخرين، ويتضح مما سبق أن اتصال العرب بالهنود كان إما اتصالاً مباشراً عن طريق التجار أو الجيوش الإسلامية الفاتحة، وما دخل أرض العرب من الهنود مسلماً أو أسيراً، وإما عن طريق الاتصال غير المباشر بالثقافة الهندية عبر الثقافة الفارسية (بيلو، 1988، 96-97)، وكان لكلا الاتصالين أثر واضح في نقل ثقافة ومعارف الهنود الى العرب والمسلمين.

كان للهنود قدم راسخ في علم الفلك والنجوم كما اسلفنا، فساهم ذلك في بناء النظرة الفلكية عند المسلمين، ويعد كتاب (السند هند) (حول كتاب السند هند انظر: ابن صاعد،1912، 49؛ نلينو، 2016، 130؛ David Pingree, 1990, P.142) من أكثر كتب الهنود انشاراً وحضوراً عند أصحاب علم الهيئة المسلمين، وقد اختلفت المصادر حول تفسير ومعنى كلمة السند هند، فمنهم من قال هو الدهر الداهر (القفطي،2005، 205-206)، أو دهر الدهور (المسعودي،مروج الذهب،2005،ج1،ص61) في حين ذكرها اَخرون بأنها تعني المستقيم الذي لا يموج ولا يتغير (البيروني، في تحقيق ما للهند ،1958، 118)، وقد يكون سبب هذا الاختلاف راجع الى استعمالهم غير الصحيح لحساب حركات الكواكب في كتاب السند هند أثناء ترجمتها الى اللغة العربية (نلينو،2016، 131-134).

والسند هند ليس كتاباً واحداً، بل هو في الحقيقة خمس مؤلفات منفصلة عن بعضها كتبت في أوقات متباعدة، لذا من الصعوبة تحديد تاريخ تأليفها (أحمد، 1960، 21-22)، وهي من نتاج الفلكيين الهنود أنفسهم، مع اعتمادهم في البعض منها على اَراء علماء الإغريق في الفلك والرياضيات (أحمد،1960، 22)، وقد وصل المسلمين من تلك الكتب ثلاثة، فبالإضافة الى السند هند وصل كتاب اسمه (أريبهاتية) ألفها أريبهاتا الكسمبوراوي سنة 499م (راشد، 2005، ج1، 33)، والذي سماه العرب (الأرجبهر) (نيلنو،2016، 148؛ الأمروهوي، 2010، 71)، أما الكتاب الثالث واسمه (خند خدياكا أو كهند كهاديكا) والذي سماء العرب (الأركند) (الساداتي، 1957، ج1، ص44؛ راشد،2005، ج1، 33)، وهو عبارة عن زيج صغير وضعه برهم كوبت بعد تأليف السند هند على أصول مختلفة عن اصول هذا الكتاب (البيروني، في تحقيق ما للهند، ص119؛ الأمروهوي،2010، 72-73)، ويبدو أن الكتابين الأخيرين لم ينالا شهرة كبيرة عند المسلمين، ولم يعمل بها علماء الهيئة المسلمين مقارنة بكتاب السند هند، الذي بالرغم من اتصافه بصعوبة الحسابات الفلكية فيه على قواعد مجردة من البراهين، أصبح أساساً لأزياج علماء الهيئة المسلمين حتى بداية عهد الخليفة المأمون (198- 218 هـ/ 813 - 833م) عندما أمر باصلاحها وتهذيبها بعد انتشار الرياضيات اليونانية بين المسلمين (نلينو، 2016، 149).

والحقيقة التي لا تنكر هو إدراك الخليفة أبو جعفر المنصور أهمية علم الهيئة، ويبدو أنه سمع الكثير من علم الفلك عند الهنود، بحيث استدعى وفداً من السند الى بغداد سنة (154هـ / 771م) وأمر بترجمة كتاب السند هند الى العربية وعمل منها زيجاً اشتهر بين المسلمين حتى أيام الخليفة المأمون (ابن صاعد،1912، 49)، وكانت لهذه الخطوة نتائج مثمرة على اشتغال العلماء المسلمين بعلم الهيئة والنجوم (سزكين، 2008، مج6، ج1، 17)، وهكذا حظي الفلكيون بمصدر شامل في السند هانتا، بعد أن كانوا يعتمدون قبلها على مؤلفات فلكية في إطارها الزيجي الضيق دون الحاجة الى المعرفة باللغة السنسكريتية القديمة (سزكين،2008، مج6، ج1، 17)، وقد بقى السند هند مع مؤلفات زيجية أخرى إلى أن جاءت ترجمة كتاب المجسطي لبطليموس في الحساب والجداول الفلكية في عهد الخليفة المأمون ليصبح حداً فاصلاً في الاعتماد على مؤلفات الفلكيين الهنود.

اشتغل على كتاب السند هند العديد من علماء الهيئة المسلمين أمثال الفلكي ابراهيم بن حبيب الفزاري (ت 180هـ / 797م) (نلينو،2016، 137-138؛ David Pingree, 1970, V.22, No.2, P.103)، الذي قام بترجمته الى اللغة العربية بنفس العنوان وبأمر من الخليفة المنصور، ولم ينفرد الفزاري بالاشتغال بالسندهند، بل شاركه في ذلك عالم فلكي اَخر معاصر له هو يعقوب بن طارق (ابن النديم،د-ت، ص388؛ القفطي،2005، 280؛ الأمروهوي،2010، 83)، توفي في حدود سنة (180هـ / 797م) (الدوميللي، 1962، ص127)، حيث امتازت كتاباته عن الفزاري باحتوائها على المزيد من الاَراء الهندية الفلكية، ويبدو أن المصادر التي اعتمد عليها يعقوب كانت أوسع من مصادر الفزاري وشملت كتب اَخرى غير السند هند، وقد يكون كتاب (الأركند) (نلينو،2016، 134)، هو الذي كان المعين في معلوماته الفلكية الجديدة، أو قد يكون حصل عليها من الزيارة الثانية لوفود السند الى بغداد بحلول سنة (161هـ/ 778م) (كراتشكوفسكي، 1963، ق1، 72)، أي بعد خلافة المنصور بأربع سنوات.

ويعد كتاب (تركيب الأفلاك) من أهم كتب يعقوب بن طارق واشهرها وأقدم وصف عربي إسلامي معروف لشكل وأبعاد الأفلاك في ذلك الوقت، ألفها عام (161هـ / 778م) حسب ما ذكره هو نفسه (سزكين،2008، مج6، ج1، 18)، وجاء هذا الكتاب للرد على أولئك الذين يقولون إن نشأة العلوم الطبيعية عند المسلمين كان متأخراً، ويؤكد أيضاً أن مستوى علم الهيئة في العالم الإسلامي كان بحدود عام (160هـ / 777م) أعلى مما كان متصوراً بين اللغويين من أنها مجرد ذكر أسماء كواكب ونجوم وردت في خطبهم وأشعارهم، بل لتبرهن أيضاً أنه كان لهم باع طويل بمسائل علم الهيئة العلمية قبل معرفة وترجمة كتاب المجسطي بنحو نصف قرن تقريباً (سزكين،2008، مج6، ج1، 18)، كما كان لمؤلفات يعقوب الفلكية قيمة كبيرة، بدليل ما لقيته من تقدير علماء الفلك الكبار أمثال البيروني وابن عزرا الاسرائيلي (كان حياً في أواخر القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي) (نلينو، 2016، 141-143؛ كراتشكوفسكي،1963، ق1، 72).

يتضح لنا مما سبق أن كلاً من الفزاري ويعقوب، هما اللذان أدخلا علم الهيئة الحقيقي للمرة الأولى في العالم الإسلامي مستفيدين من المصادر الهندية، مع أن معظم مؤلفاتهما ضاعت ولم يبق منها إلا مقتطفات هنا وهناك في مؤلفات الذين جاؤوا من بعدهم، ولكن يبدو أن المادة الفلكية عندهم كان فقط جمعاً من مؤلفات الهنود وتقليد لهم من غير إخضاعها لمقاييس النقد أو إضافة جديد إليها، أو التحقق منها علمياً بالرصد (راشد،2005، ج1، 48).

إن أول كتاب في علم الفلك الإسلامي وصل إلينا بكامله هو (زيج السندهند) لمحمد بن موسى الخوارزمي (ت 232هـ / 847م)، ألفه في عهد الخليفة المأمون، واتبع في تأليفها التقليد السابق (الهندي) مع ادخاله عناصر من علم الفلك البطليموسي (اليوناني) ونصه العربي مفقود، وتم نقله بواسطة ترجمة لاتينية أنجزها في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي (أديلار الباثي) استناداً الى مراجعة للكتاب أجراها المجريطي عاش فيما بين سنة (338-398هـ / 950- 1007م) في الأندلس (الدفاع، 1993، 79؛ John freely, 2011,P.39) وهذا الزيج عبارة عن مجموعة جداول لحركات الشمس والقمر والكواكب السيارة المعروفة في ذلك الوقت، مع شرح لطريقة استخدامها العملي، ولا يحتوي الكتاب على أي عنصر نظري وأكثر وسائطه هندية المصدر، مع اعتماده في بعض أجزاء الكتاب على الجداول الميسرة لبطليموس (راشد،2005، ج1، 48)، كما ويعد الخوارزمي أحد الممثلين المرموقين للمدرسة الهندية، لذا عول الناس كثيراً على زيجة الأول والثاني والذي يعرف بالسند هند، وطاروا به في الاَفاق0 (نلينو،2016، 149)، وكذلك حاول الخوارزمي إدخال مصطلح (الجيب، Sinus) الهندي في حساب المثلثات (حول تعريف مصطلح الجيب انظر: الدفاع،1993، 27؛ Owen Gingerich, 1986, 4) فهيأ لعلماء الفلك الاسلامي أساساً قوياً لبناء أزياج ترصد حركة الكواكب وحساب تسييرها ومواضع البعد بينها بدقة أكثر (عزرودي،2020، 47).

استمر اعتماد علماء الفلك المسلمين في مؤلفاتهم على المصادر الفلكية الهندية (السندهند) الى حد كبير وتعديلها  على مذهب بطليموس وكذلك ميل الشمس على ما أدى إليها الرصد في زمانهم، في حين حاول بعض الفلكيين المسلمين الماهرين بالعلوم اليونانية أن يضعوا أزياجاً على مذهب السند هند وأزياجاً على مذهب بطليموس والأرصاد الجديدة، وخاصة في النصف الأول من القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، وحتى أوائل القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي (نلينو،2016، 150)، ويعد كتاب (زيج كرنتلكة) الكتاب الفلكي الوحيد للهنود الذي حفظ كاملاً بترجمته العربية، ألفها الفلكي الهندي (بجينند) الذي كان يعرف عند المسلمين باسم (بجينند البارنسي) كان حياً بحدود سنة (355هـ / 966م) وترجم زيجه على يد البيروني وسماها (غرة الزيجات) (سزكين،2008، مج6، ج1، 152).

كما واقتبس علماء الهيئة المسلمين من المصادر الهندية مفهوم (السمت Azimuth) (حول مفهوم السمت انظر: التهاوني، 1996، ج1، 971-972)، والعلاقة بين قياس الزمن وارتفاع النجوم ذات ميل معطي، واستعملوا الأحداث البُرجية عوض الإحداثيات الاستوائية التي كانت مستعملة عند الإغريق اليونانيين (عزرودي،2020، 47 – 48).

ورغم ما احتوى عليه المصادر الهندية الفلكية من طرق حسابية لوضع الجداول الفلكية إلا أنه لم يطرح نموذجاً نظرياً لمعالجة الظواهر الفلكية، بل بقي في إطار المناهج النفعية أو العملية التي اتجهت نحو الاستخدامات التنجيمية للنتائج أكثر من الطرق أو المناهج النظرية العلمية لمعالجة طبيعة السماء، ولكنه مع ذلك شكل خطوة تاريخية مهمة على طريق بلورة وصياغة علم الفلك الرصدي الذي سيكون له دور كبير في تعميق الوعي العلمي بالظواهر الفلكية المتعددة، لحساب أوساط الكواكب أو الطرق الحسابية لوضع الجداول وغيرها.

المبحث الثالث / المصادر الفارسية:

الفرس مثل غيرهم من الشعوب القديمة ذات الحضارات العريقة، كانت لهم بداية بسيطة في علم الفلك والنجوم، كعبادة الكواكب والأجرام السماوية وقوى الطبيعة، فيقال أن ملكهم داريوش الأول (522-486 ق.م) كان من مشجعي العلوم الطبية والحكمة، واهتم بالدراسات الفلكية وتطويرها للاستفادة منها في الملاحة (جلونكر وخزائيلي، 1976، 16)،  وقال عنهم ابن قتيبة: ((وكانت العجم تقول من لم يكن عالماً بإجراء المياه ... ودوران الشمس ومطالع النجوم وحال القمر في استهلاله وأفعاله ووزن الموازين وذرع المثلث والمربع والمختلف والزوايا ودقائق الحساب كان ناقصاً في حال كتابته)) (أدب الكاتب،د-ت، 12-13)، كما كان غزو الاسكندر (356- 323 ق.م) ملك مقدونيا منطقة الشرق وبلاد فارس (ابن النديم،د-ت، 333)، تأثير كبير في نقل ثقافة بلاده إليهم، فتكون لدى الفرس علم فلك خليط  (الجمال، 2003، مج1، ع11، 531)، وبالمقابل نقل الاسكندر ثقافة وحضارة بلاد فارس الى الغرب، ومنها علم النجوم (الأصفهاني، 1961، 34).

كما شهدت بلاد فارس في عهد الساسانيين ( 226- 651م) تطوراً ملحوظاً للفلك العلمي بتأثير مزدوج هندي – يوناني، فترجم كتاب المجسطي لبطليموس الى اللغة البهلوية في القرن الثالث الميلادي، وكان هذا العمل موجهاً على ما يبدو نحو التنجيم بشكل خاص (راشد،2005، 33؛ Encyclopedia,p.563)، لأنه كان معلوماً معرفة الفرس الجيدة بالنجوم وأحكامها وارصادها (ابن العبري،1994، 79)، ونتيجة لاهتمام الفرس الكبير بالتنجيم وانتشارها الواسع في بلادهم فإنهم لم يكونوا يقدمون على عمل مهم دون الرجوع إلى الأبراج والنجوم (ديورانت، 1988، ج12، 279)، حتى بلغ أهمية المنجمين عند ملوكهم درجة أنهم كانوا يستشيرونهم في جميع شؤون حياتهم من ولادة المولود وخوض حروب وعقد الصلح وبناء السدود والأبنية وغيرها (ندا، 1954، 219)، وكان المنجم ضمن الأربعة الملازمين للملك، وهم الطبيب والشاعر والكاتب، ويقال أن بلاط يزدجر الأول (399-420م) كان يضم 360 منجماً، بينما بلاط كسرى أبرويز (590-628م) ضم 300 منجم (الصبر، 2022، 138-139)، وتؤكد الدلائل أيضا ان علم الفلك في بلاد فارس قطع شوطاً كبيراً الى جانب التنجيم وبالأخص في عهد الساسانيين، فقد استطاعوا أن يضعوا لهم تقويماً منظماً خاص بهم كانت السنة فيها تنقسم الى اثني عشر شهراً في كل منها ثلاثون يوماً، والأشهر بدوره ينقسم الى أربع أسابيع، اثنان منها يحتوي كل واحد منهما على سبعة أيام واثنان في كل منهما ثمانية أيام، وكانوا يضيفون خمسة أيام إلى اَخر العام (ديورانت،1988، ج12، 279).

ومن المصادر الفارسية التي استفاد منها المسلمون في مجال علم الفلك عدد من الكتب ترجمت إلى اللغة العربية وكان لها تأثير مباشر في تطور علم الفلك الإسلامي في أطواره البدائية، منها ما يتعلق بعلم الهيئة ومنها ما يتعلق بأحكام النجوم، وتمكن أهمية علم الفلك الفارسي في نشأة علم الهيئة الاسلامي في أنها وجدت في المدارس والمراكز الفكرية من مملكة الساسانيين الموجودة في دار الإسلام مثل مدرسة جنديسابور (حول مدرسة جنديسابور انظر: الفارابي، كتاب الجمع، 1986، 49)، علم فلك متطور، حيث قام اساتذة تلك المدرسة بنقل كتب علمية من اللغات السريانية واليونانية والسنسكريتية إلى البهلوية، منها كتب في الفلك والتنجيم (سزكين،2008، مج6، ج1، 132-133)، ثم ترجمتها الى اللغة العربية فيما بعد، وما يدل أيضاً على تأثير الفرس في نمو علم الفلك الإسلامي هو أن كثيراً من المنجمين في عهد الخليفة المنصور العباسي وخلائفه، كانوا في الأصل فرساً وأدخلوا في اصطلاحات صناعاتهم كلمات فارسية، ونذكر منهم الفضل بن نوبخت (ت202هـ / 817م) (انظر: ابن العبري،1994، ص217؛ الاَشتياني، 2004، ص29-31)، والحسن بن سهل بن نوبخت (ت311هـ / 924م) (انظر: ابن النديم،د-ت، ص251-252؛ ابن طاووس، 1944، 122)، المشهور بتصانيفه الكثيرة في علم الكلام والفلسفة والفرق وعلم الهيئة والنجوم وغيرها من العلوم (القادري، 2001م، 194).

ويذكر أن الملك الساساني كسرى أنو شروان (531-579م) لاحظ الفرق بين نتائج رصد كتاب الزيج الهندي (الأركند) وبين نتائج الرصد في كتاب (زيج بطليموس) (نلينو،2016، ص191؛ مؤمن،2006، 234)، فدعا الى أن يستوثق من الحقيقة، فتبين أن نتائج رصد الزيج الهندي هي الأصح، مما دعاه الى وضع زيج خاص أطلق عليه اسم (زيج الشاه) (سزكين،2008، مج6، ج1، 134)، والذي بقى متداولاً حتى عهد يزدجرد الثالث (632-651م) اَخر الملوك الساسانيين، عندما دعا إلى وضع زيج جديد حمل نفس الاسم زيج الشاه (سزكين،2008، مج6، ج1، 134)، وهو الذي اشتهر عند العرب بزيج الشهريار أو الشاه، أو شهرياران الشاه (حول زيج الشاه انظر: ابن النديم،د-ت، ص336؛ مؤمن،2006، 236؛ كراتشكوفسكي،1963، ق1، 76) .

ولا تذكر المصادر سنة ترجمة أحدث نسخة من زيج الشاه سوى ما ذكره ابن النديم، بأن أبو الحسن على بن زياد التميمي هو الذي قام بترجمة زيج الشهريار بقوله: ((التميمي واسمه علي بن زياد ويكني أبا الحسن نقل من الفارسي الى العربي فمما نقل زيج الشهريار)) (ابن النديم،د-ت، 342).

وعند البحث في المصادر لمعرفة متى تم ترجمة الكتب اليونانية الى الفارسية يطلعنا كتاب لأبي سهل بن نوبخت الفارسي تحت اسم (النهمطان)، حفظ جزئياً في كتاب الفهرست لابن النديم، ذكر فيها أن الملك سابور الأول (241-272م) دعا إلى ترجمة عدد من الكتب، من بينها كتاب هرمس البابلي ودوريتوس السرياني وقدروس الأثيني وبطليموس الاسكندراني وفرماسب الهندي (ابن النديم،د-ت، 331-334)، كما وأن أحمد علماء ووعاظ الديانة الزرادشتية واسمه مانوشيهر، توفي في حدود سنة (266هـ / 880م) يذكر في رسالة له أنه وجد كتاب المجسطي لبطليموس من بين كتب الهنود واليونان المتداولة في بلاد فارس (سزكين،2008، مج6، ج1، 136).

وهذا يرجح ما ذكرناه سابقاً من أن كتاب المجسطي – فعلاً – كانت قد ترجمت الى اللغة البهلوية وأن هناك ترجمات قديمة عن اللغة البهلوية، وبناءً على ذلك يتضح أنه كان للمسلمين الأوائل معرفة بسيطة بعلم الفلك من خلال ترجمة بعض الكتب الفارسية التي كانت بين أيديهم، قبل اطلاعهم على كتب الهنود واليونان والنقل منها والاعتماد عليها.

كما توحي إشارات عديدة عند الفلكيين المسلمين أن زيج الشاه بنسخه العديدة والمحدثة، اعتمدت على قواعد وأصول أغلبها هندية، منها ما ذكره ابن يونس المصري (ت 399هـ/ 1009م) في زيجه المعروف بـ (الزيج الحاكمي) (حول الزيج الحاكمي انظر: حاجي خليفة، د.ت، مج2، ص965-971؛ مؤمن،2006، 237) عن الرصد الفارسي بقوله أن فلكيين فرس استنبطوا في عام (450م) وفي عام (600م)، قيمتين مختلفتين لطول أوج الشمس، والقيمة التي توصلوا إليها ودونوها في زيج الشاه، هي نفس القيمة الموجودة في السند هند لطول أوج الشمس (ابن يونس، 1804، 217-218)، وأيضاً أكد ذلك البيروني وقال بأن استخراج مطالع البروج في الفلك المستقيم بناءً على طول الظل في الزيجات الفارسية إنما أخذت من المصادر الهندية (القانون المسعودي،1956، ج3، 1475-1480).

ومن الفلكيين المسلمين الذي اعتمدوا على زيج الشاه (ما شاء الله اليهودي) توفي في حدود سنة (220هـ / 835م) (انظر: الجاحظ، البيان والتبيين،1998، ج4، 13-14؛ القفطي،2005، 244) وأبي معشر الفلكي (ت 272هـ / 886م) (انظر: ابن قيم الجوزية،  د.ت، ص1221؛ حاجي خليفة،د-ت، مج2، 965، 1643؛ فرشوخ ،1995،ج5، 72-73) الذي وضع الأوساط في زيجه على دائرة نصف نهار قصر (كنكدز) أو قلعة (كنك)، الذي قالت الفرس أن الملك كيكاوس أو (جم) بناه في أقاصي المشرق وراء البحر، وهو ما تحدث عنه ابن النديم ، نقلاً عن كتاب (اختلاف الزيجات) لأبي معشر، بقوله: أنه كان في زمن الملك الفارسي طهمورث – وهو من أقدم ملوك الفرس – بمدينة (جي) قسم من مدينة اصفهان، خزائن مملوءة بالكتب العلمية في مختلف العلوم، ومن بين تلك الكتب، كتاب منسوب إلى بعض الحكماء المتقدمين فيه  سنون وأدوار معلومة في كيفية استخراج أوساط الكواكب وعلل حركاتها، وأن أهل زمان طهمورث وسائر من تقدمهم من الفرس، كانوا يسمونها (سني وأدوار الهزارات) أو الألوف، ويقال أن أكثر علماء الهند وملوكها، وملوك فارس وقدماء الكلدان، كانوا يستخرجون أوساط الكواكب السبعة – يقصد بها الكواكب السيارة الخمسة والشمس والقمر – (مؤمن،2006، 397)، من هذه السنين والأدوار، ويقال ايضاً أن المنجمين استخرجوا منها زيجاً أسموه زيج شهريار، أي ملك الأزياج (ابن النديم،د-ت، 334-336).

كما واعتمد على زيج الشاه، محمد بن موسى الخوارزمي (ت 232هـ/ 847م)، الذي جعل في زيجه تعديل الكواكب على مذهب الفرس وأوساطها على تاريخ يزدجرد الثالث، آخر ملوك الساسانيين (نلينو،2016، 160)، وتاريخ يزدجرد الثالث المشهور عند فلكي المسلمين، وقع في اليوم السادس عشر من شهر يونيو (حزيران) سنة (632م) الموافق لليوم الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة (11) للهجرة (انظر: نلينو،2016، 158).

أما كتب الفرس الخاصة بأحكام النجوم، أو ما يعرف بالأحكاميات، المنسوبة إلى كل من زرادشت (ت 583 ق.م) (للمزيد حوله انظر: ابن صاعد،1912، ص17؛ أحمد، 2001م، حولية 21، 14-16)، وبزرجمهر وزير كسرى أنوشروان ما بين السنوات (531-578م) (للمزيد حوله انظر: الجاحظ، البيان والتبيين،1998، ج1، 7؛ نلينو،2016، 162-163)، فليس لها أهمية جدية بالنسبة للتأثير في الفلك الإسلامي، وأنها ترجع إلى التراث اليوناني لا الفارسي، رغماً من أن عناوينها تشير إلى العكس من ذلك (كراتشكوفسكي،1963، ق1، 77)، وبخصوص زرادشت وأقواله في احكام النجوم، فإن ما نسب إليه ليس دليلاً على وجود كتب فارسية قديمة في الأحكاميات من تأليفه وذلك بسبب أنه ليس من المعقول أن ينسب الفرس تلك الكتب إلى نبيهم وصاحب ديانتهم وشريعتهم بالإضافة إلى أن العرب عرفوا زرادشت وتلقوا أقواله من كتب غير فارسية من اليونان والسريان(نلينو ، 2016، 162)، ولكن يبدو أن مصدر تلك الروايات التي نسبت تلك الكتب إلى زرادشت جاءت من روايات الكاتب الروماني الشهير بلينيوس (ت 79م)، الذي ذكر أن رجلاً يونانياً اسمه (هرمبس)، فَسرَ عشرين مليون بيت من شعر زرادشت!، وكذلك ما حكاه زكريا الكاتب اليوناني الملقب بـ (معلم البيان)، أنه أحرقت سنة (487 أو 488م) عدة كتب أحكامية منها كتب زرادشت الفارسي (نلينو،2016، 162)، ويبدو أن الاَراء المنسوبة الى زرادشت في أحكام النجوم، والتي وردت في الكتب التنجيمية لفلكيي المسلمين إنما مصدرها يوناني أو سرياني.

أما الوزير بزرجمهر، فهو الآخر نسب إليه كتاب في أحكام النجوم، وهو كتاب (البزيذج) مترجماً من اللغة البهلوية، كان متداولاً بين علماء الهيئة المسلمين، ولكن تبين أن الكتاب من تأليف اليوناني واليس أو فاليس الرومي (ابن أبي الرجال،1830، مخطوطة رقم 4799 ف، 15-17)، من أشهر الأحكاميين في عهد ملوك الرومان هدريانس وانطونينس في منتصف القرن الثاني الميلادي، وأن الكتاب نسب إلى بزرجمهر عندما ترجمها أحد المنجمين الفرس للبهلوية وذيلها بإضافات وعزاه الى بزرجمهر الحكيم (نلينو،2016، 163-164)، والكتاب مفقود بنسختيه البهلوية والعربية المترجمة، وقد وصلنا مقتطفات منها في مؤلفات أبو الحسن علي بن أبي الرجال المغربي (ت 432هـ/ 1041م) ومنها كتاب (البارع في علم النجوم)، الذي ورد فيها اسم كتاب(البزيذج) أكثر من مرة وبأكثر من صيغة مثل:  الابريدج وانزريج وينديدج وغيرها من الألفاظ (أبن أبي الرجال،1830، 102-103).

وهناك ذكر كتب فارسية أخرى في أحكام النجوم تم ترجمتها إلى العربية، وكانت بين أيدي علماء الهيئة المسلمين، ككتاب (صور الوجوه) لتنكلوس أو تنكلوش البابلي، وكتاب (الفلاحة النبطية) (حول الكتاب انظر: ابن خلدون،2004، ج2، 273)، لحكيم بابلي اسمه قوثامي، وأن ابن وحشية (ت بعد 318هـ/ 930م)، ترجمها من النبطية – اللغة البابلية القديمة – إلى العربية سنة (291هـ/ 904م)، وقد نسبت الكتاب إلى ابن وحشية من قبل تلميذه أبي طالب الزيات (نلينو،2016، 175)، ولكن يبدو أن تلك الكتب ككتاب البزيذج، كتب يونانية تم ترجمتها إلى الفارسية، مع إضافات وشروح بسيطة ونسب إلى علماء فرس أو بابليين، ثم عند ترجمتها إلى العربية، عرفت بأنها فارسية.

ومن المرجح أنه كان للمصادر الفارسية في صدر الإسلام دور مهم في صياغة علم الهيئة الإسلامي في بداياته صياغة أثرت على سد الكثير من الفجوات في مؤلفات علماء الفلك المسلمين، ويكفي هنا أن نذكر عدد من المصطلحات الفلكية التي وصلت إلى اللغة العربية عبر اللغة البهلوية، وحافظت على بقائها طوال العهود الإسلامية، منها مصطلح زيج (حول مفهوم هذا المصطلح انظر: الجواليقي، 1990، ص43؛ موسى، 1972، 258)، الذي استخدمه علماء الهيئة في جداولهم الفلكية، ومصطلح (وتر) (حول مفهوم هذا المصطلح انظر: الخوارزمي ، 1930، 128-129؛ سزكين،2008، مج6، ج1، 138) كما أن المصطلح السنسكريتي (ucca) وصل إلى العربية عن طريق صيغة بهلوية (aug أو auk)، على أنها (الأوج Apogaum) (حول مفهوم هذا المصطلح انظر: الخوارزمي،1930، 129؛ مؤمن،2006، 75)، ومن تأثيرات الفلك الساساني أيضاً أن الكثيرين من علماء الفلك المسلمين الأوائل وحتى المتأخرين، أمثال الفزاري وماشاء الله وأبو معشر والخوارزمي والبيروني وغيرهم، كانوا يؤرخون الحوادث الفلكية بتاريخ يزدجرد الثالث – السابق الذكر – الذي يبدأ من 16 يونيو (حزيران) سنة (632م) (سزكين،2008، مج6، ج1، 138-139).

الخاتمة

إن علم الفلك (الهيئة) من العلوم القديمة، وظهر الاهتمام به من قبل المسلمين لارتباطه بالواقع الحضاري والاجتماعي والإسلامي واكتسب خصوصية معينة بفضل معالجته لقضايا دينية مرتبطة بأداء بعض الواجبات والأحكام الشرعية، لذلك حاول المسلمون قدر الإمكان الاستفادة من المصادر الفلكية عند الأمم والشعوب الأخرى والاطلاع عليها بعد نقلها وترجمتها الى اللغة العربية.

وكان لكتب الهنود والفرس دوراً بارزاً في تطور علم الفلك المبكر عند المسلمين، فالهنود قاموا بوضع أصول وطرق لحل قضايا علم الفلك المتعددة لم يقف عليها اليونانيون من قبل، شكل خطوة مهمة على طريق بلورة وصياغة علم الفلك الرصدي عند المسلمين والذي كان له دور كبير في تعميق الوعي العلمي بالظواهر الفلكية المتعددة كحساب أوساط الكواكب أو الطرق الحسابية لوضع الجداول وغيرها، أما الفرس فكان لمصادرهم الفلكية دور مهم أيضاً في صياغة علم الهيئة الاسلامي وخاصة في مراحله الأولى، صياغة أثرت على سد الكثير من الفجوات في مؤلفات علماء الفلك المسلمين، مثل إدخال مصطلحات فلكية بالغة الأهمية الى اللغة العربية عبر اللغة البهلوية، حافظ على بقائها طوال العهود الإسلامية، منها مصطلح (زيج) ومصطلح (وَتَرْ) و(الأوج) وغيرها، بالإضافة إلى أن الكثيرين من علماء الهيئة المسلمين كانوا يؤرخون الحوادث الفلكية وفق التاريخ المعروف بتاريخ يزدجرد الثالث ، الذي يبدأ من 16 يونيو (حزيران) سنة 632م.


قائمة المصادر والمراجع

أولاً: القراَن الكريم.

ثانياً: المخطوطات.

1.              ابن أبي الرجال، أبو الحسن علي. (1830). البارع في علم النجوم والطوالع، قسم المخطوطات، مكتبة جامعة الملك سعود.

ثالثاً: المصادر الأولية .

2.              إخوان الصفا وخلان الوفا. (2017). رسائل اخوان الصفا وخلان الوفا، مراجعة: خيرالدين الزركلي، مؤسسة الهنداوي، المملكة المتحدة،.

3.              الأزهري، أبي منصور علي حسن بن أحمد. (1967). تهذيب اللغة، تحقيق: علي حسن هلالي، الدار المصرية، القاهرة.

4.              الأصفهاني، أبو عبدالله حمزة بن حسن. (1961). تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء، دار مكتبة الحياة، بيروت،.

5.              البلاذري، أبي العباس أحمد بن يحيى بن جابر. (1987). فتوح البلدان، تحقيق: عبدالله أنيس الطباع وعمر أنيس الطباع، مؤسسة المعارف، بيروت.

6.              البيروني، ابي الريحان محمد بن أحمد. (1958). في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر اًباد،.

7.              البيروني، أبي الريحان محمد بن أحمد. (1956). القانون المسعودي، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر اَباد.

8.              البيهقي، علي بن زيد بن محمد بن الحسين ظهير الدين. (1946).  تاريخ حكماء الإسلام، تحقيق محمد كرد علي، مطبعة الترقي، دمشق.

9.              التهاوني، محمد بن علي بن حامد الفاروق. (1996). موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، تحقيق: علي دحروج، ترجمة، جورج زيناتي، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت.

10.           الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر البصري. (1964).رسائل الجاحظ، تحقيق وشرح: عبدالسلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة.

11.           الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر البصري. (1998) .البيان والتبيين، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة.

12.           الجواليقي، ابي منصور بن أحمد بن الحسن. (1990). المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، تحقيق: ف. عبد الرحيم، دار القلم، دمشق.

13.           حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله كاتب جلبي. (د.ت). كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، تصحيح وتعليق: محمد شرف الدين يالتقايا ورفعت بيلكه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

14.           ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد. (2004). مقدمة ابن خلدون، تحقيق: عبدالله محمد الدرويش، دار البلخي، دمشق.

15.           الخوارزمي، أبي عبد الله بن محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب. (1930). مفاتيح العلوم، مطبعة بريل،  ليدن.

16.           ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع البصري. (1990).الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا ،دار الكتب العلمية، بيروت.

17.           ابن سينا، أبو علي الحسين بن عبدالله. (1908). تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، مطبعة هندية، القاهرة.

18.           ابن صاعد الأندلسي، أبي القاسم صاعد بن أحمد (1912). طبقات الأمم، وضع حواشيه: الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية، بيروت.

19.           ابن طاووس، أبي القاسم علي بن موسى جعفر. (1944).فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، منشورات الرضي، قم.

20.           الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير. (1969). تاريخ الرسل والملوك ، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، دار المعارف، القاهرة.

21.           ابن العبري ، غريغورس ابو الفرج بن أهرون الملطي. (1994). تاريخ مختصر الدول، تصحيح وفهرسة: أنطون اليسوعي، ط2، دار الرائد اللبناني، بيروت.

22.           عروضي، أحمد بن عمر بن علي سمرقندي. (د.ت). جهار مقالە، اهتمام وتصحيح: محمد قزويني، انتشارات استاد دانشكاه ارمغان، تهران.

23.           الفارابي، أبي  نصر محمد بن طرخان. (1931م).احصاء العلوم، صححه وعلق عليه: عثمان محمد أمين، مطبعة السعادة، القاهرة.

24.           الفارابي، أبي  نصر محمد بن طرخان. (1986). كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين، تعليق: ألبير نصري نادر، ط2، دار المشرق، بيروت.

25.           ابن قتيبة الدينوري، أبي محمد عبدالله بن مسلم. (1956).الأنواء في مواسم العرب، دائرة المعارف العثمانية، حيدر اَباد.

26.           ابن قتيبة، أبي محمد عبدالله بن مسلم. (د.ت). أدب الكاتب، تحقيق: محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت.

27.           القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف. (2005). إخبار العلماء بأخبار الحكماء، شرح حواشيه: ابراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت.

28.           ابن قيم الجوزية، أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب. (د.ت). مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، تحقيق: عبدالرحمن بن حسن بن قائد، دار عالم الفوائد، الرياض.

29.           المسعودي، أبي الحسن بن علي بن الحسين . (2005). مروج الذهب ومعادن الجوهر، اعتنى به وراجعه: كمال حسن مرعي، المكتبة العصرية، بيروت.

30.           المسعودي، أبي الحسن بن علي بن الحسين. (د.ت). التنبيه والإشراف، تصحيح ومراجعة: عبدالله اسماعيل الصاوى، دار الصاوي، القاهرة.

31.           ابن النديم، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب بن اسحاق. (د.ت). الفهرست، دار المعرفة، بيروت.

32.           ابن يونس، أبي الحسن علي بن عبدالرحمن بن أحمد الصدفي المصري. (1804). الزيج الكبير الحاكمي، نشره واعتنى به، كوسان دي برسفال، جامعة ليدن، باريس.

رابعاً: المراجع  .

33.           أحمد، إمام إبراهيم.(1960). تاريخ الفلك عند العرب، دار العلم، القاهرة.

34.           الاَشتياني، عباس اقبال .( 2004). اَل نوبخت، نقله إلى العربية: علي هاشم الاسدي، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد.

35.           الأمروهوي، محمد حسن قيصر . (2010). المصادر الهندية للعلوم الإسلامية ، ترجمة وتحقيق: أونك زيب الأعظمي ، دار الفكر، دمشق.

36.           بيلو، صالح اًدم. (1988). الثقافات الأجنبية في العصر العباسي (132-334هـ) وصداها في الأدب، منشورات جامعة أم القرى، مكة المكرمة.

37.           جلونكر، محمد علي ومحمد باقر خزائيلى. (1976). تاريخ علم در تمدن اسلامي، پژوهشگاه حوزه و دانشگاه ، قُم.

38.           حقي، إحسان. (2006). علم الفراسة أسرار الخلقة وابداعها، ط5، دار النفائس، بيروت.

39.           الدفاع، علي بن عبدالله. (1993). رواد علم الفلك في الحضارة العربية الإسلامية، ط2، مكتبة التوبة، الرياض.

40.           الدوميللي. (1962). العلم عند العرب وأثره في تطور العلم العالمي، ترجمة: عبد الحليم النجار ومحمد يوسف موسى، دار القلم، القاهرة.

41.           ديورانت، ويل وايريل. (1988). قصة الحضارة، ترجمة: زكي نجيب محفوظ، دار الجيل، بيروت.

42.           راشد، رشدي. (2005). موسوعة تاريخ العلوم العربية، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.

43.           زيدان، جرجي. (2012).علم الفراسة الحديث، مؤسسة هنداوي، القاهرة.

44.           الساداتي، أحمد محمود. (1957). تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية، مكتبة الاَداب، القاهرة.

45.           السامرائي، محمد رجب. (1984). الفلك عند العرب، دائرة الشؤون الثقافية والنشر، بغداد.

46.           سزكين، فؤاد. (2008). تاريخ التراث العربي (علم الفلك حتى نحو 430هـ)، ترجمة: عبد الله حجازي، النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود، الرياض.

47.           سعيد، خير الله. (1992). النظام الداخلي لحركة إخوان الصفا، دار كنعان، دمشق.

48.           الصبر، على. (2022). العلوم والمعارف عند الساسانيين، مراجعة وتحقيق: علي حسن ثابت، مطبعة الكتاب، بغداد.

49.           عزرودي، نصيرة. (2020). علم الفلك بالمغرب الأوسط خلال العصر الوسيط ، نور حوران للنشر دمشق.

50.           عكاش، سامر. (2017). مرصد اسطنبول هدم الرصد ورصد الهدم، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت.

51.           فرشوخ، محمد أمين. (1995). موسوعة عباقرة الاسلام في الفلك والعلوم البحرية وعلم النبات وعلم الميكانيكا، دار الفكر العربي، بيروت.

52.           كراتشكوفسكي، أغناطيوس يوليانوفتش. (1963). تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة: صلاح الدين عثمان هاشم، الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية، القاهرة.

53.           مجاهد، عماد. (2001). تاريخ علم الفلك من عصر الأهرامات الى عصر الفضاء، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.

54.           مؤمن، عبد الأمير. (2006). قاموس دار العلم الفلكي، دار العلم للملايين، بيروت.

55.           المؤمن ، مازن. (2007). العلوم الفلكية عند اَل البيت، دار العلوم، بيروت. 

56.           موسى، جلال محمد. (1972). منهج البحث العلمي عند العرب، دار الكتاب اللبناني، بيروت.

57.           ندا، طه. (1954). دراسات في الشاهنامة، دار الطالب، الأسكندرية.

58.           نلينو، كارلو الفونسو. (2016). علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، المركز الأكاديمي للأبحاث، بيروت.

خامساً: الرسائل الجامعية.

59.           القادري، عبده نصوح. (2016).العلم العربي وتطوره في العصر العباسي الأول (132-232هـ)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاَداب، جامعة القاهرة.

سادساً: الحوليات والدوريات العربية والانكليزية.

60.           أحمد ، شفيع الماحي. (2001). زرادشت والزرادشتية ، حولية الاَداب والعلوم الاجتماعية، العدد21، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت. 

61.           الجمال، أحمد محمد اسماعيل. (2003).  دور الحضارة الإسلامية في نهضة علم الفلك في عصر الدولة العباسية، مجلة المؤرخ العربي، المجلد 1، العدد11 .

62.           David Pingree. (1970) The fragments of the works of al – Fazari, Journal of Near Eatern staties, the university of Chicago, AD, Vol.29, No.2.

سابعاً : المراجع الإنجليزية .

63.           Thomson Gale. (2005). Encyclopedia of reigion, New York.

64.           David and king and Julio samos. Astronomical hand books and tables from Islamic word (750-1900), interim report toted kennedy, in appreciation.

65.           David pingree. (1900) The indian and pseudo – indian passagesin greek and latin astronomical and astrological texts, Bram university, rhode, Island,

66.           John Freely. (2011). Lght from the east, how the science of medical islam helpedto shape the western word, I.B, London.

67.           Helain slinie. (2000). Astonomy Across Cultures the History of Non – Westren Astronomy, Kluwer Academic Publishers, London.

68.           Owen Gingree. (1986) Islamic Astronomy, Scientife, American.


 

 

 

 


 

 

Sources of astronomical knowledge among Muslims during the Abbasid era (132-656 AH / 750-1258 AD)

ABSTRACT:

The study of the sources of astronomical knowledge among Muslims is considered as one of important studies. Because the first sources from which Muslims drew their astronomical knowledge were (Hindi, Persian), in addition to greek sources and pre-Islamic literature and poetry among the Arabs before Islam, as well as the Holy Qur’an and the honorable Sunnah of the Prophet and what is mentioned in it about astronomical phenomena, planets and stars. All pre-mentioned urge Muslims to implement thought in this universe, studying it, diving into its depths and solve its mysteries. It was obvious that the translation movement, especially in the first Abbasid era, had a great role in informing Muslims of the cultural and civilizational heritage of other nations and peoples from different sciences. Astronomy was one of those sciences that the Arabs cared about and increased their interest in it after the advent of Islam. This is due to its connection with some of the legal obligations and rulings, such as prayer times, knowledge of the direction of the qiblah, the crescent of Ramadan, the movement of the sun in the zodiac, the conditions of twilight, and others. Therefore, in our research, we tried to focus on the Indian and Persian sources as a model of those sources for their main role in laying the first foundations for an advanced Islamic astronomy that appeared later in the east and west of the Islamic world, Likewise, we do not forget that astrology had a direct relationship with astronomy, so the interest of ancient peoples in astrology was a great incentive to study,, know and care about astronomy, through that internal desire of those nations to look beyond the sky and celestial bodies and their effects and upon which the ancient astronomical observations were based and presented  Observational astronomical material is very important for astronomers to pay attention to building observatories, manufacturing astronomical instruments and devices, and the subsequent development at the hands of Muslim astronomers.

KEYWORD: Sources, astronomy, astrology, Hindi, Persian.

 

 

 

 

 

 

 

ذيَدةريَن زانستيَ فةلةكي دناظ موسلمانان دا لسةردةميَ عةباسي  (132-656 ك / 750-1258ز)

ثوختة:

خاندنا ذيَدةريَن زانينا فةلةكي لدةف موسلمانان دهيَتة هذمارتن ذ خاندنيَن طرنط، ضونكي ئةو ذيَدةريَن دةسثيَكيَ بون كو موسلمانان زانينا خو يا فةلةكي ذيَ وةرطرتي وةكي (هندي وفارسي ويوناني وبابلي وكلداني وسرياني)، هةروةسا دطةل ذيَدةريَن دي وةكي ئةدةب وهوزانا جاهلي كو لدةف عةرةبا هةبوون بةري ئيسلامي، دطةل ذيَدةريَن قورئانا ثيروز وسوونةتا ثيَغةمبةري يا ثاك ئةوا ثيَزانين تيَدا هاتين ل سةر ديارديَن فةلةكي وهةروةسا ستيَران، موسلمان هاندان بوَ هزركرنيَ دطةردوونيدا خاندنا وي بكير وهير وضارةسةركرنا ئالووزييَن وي، ناهيَتة ظةشارتن كو كارتيَكرنا بزاظا وةرطيَرانيَ بتايبةت ل ضةرخيَ عةبباسي ييَ ئيَكيَ، رولةكيَ طرنط هةبوو بوَ سةرهةلبوونا موسلمانان ل سةر ميراتيَ رةوشةنبيري وشارستاني يةتا مللةتيَن دي ذ هةمي زانستيَن جوراوجور. فةلةك ناسي ئيَك ذوان زانستان بوو ييَن عةرةبا طرنطي ثيَ داي بتايبةتي ثشتي هاتنا ئيسلامي، ذبةر طريَدانا دناظبةرا ضةند ئةركان وحوكميَن شةرعي وفةلةك ناسينيَ دا، وةك دياركرنا دةميَن نظيَذا وزانينا بةريَ قيبليَ وهةيظا رةمةزانيَ ولظينا روذيَ دبورجيَن ئةسماني دا وطةلةكيَن دي، لةورا مة هةول دا دظيَ ظةكولينيَ دا طرنطييَ بدةينة سةر ذيَدةريَن هندي وفارسي وةك نموونة ذوان ذيَدةران ييَن رولةكيَ سةرةكي هةي ددانانا بنياتيَن دةسثيَكيَ بوَ فةلةكا ئيسلامي يا سةردةميانة ئةوا ثشتي هينطيَ ديار بووي لروذهةلات وروذئاظاييَ جيهانا ئيسلامي، هةروةسا ذبير نةكةين خيَظزانكييَ (تةنجيميَ) ثةيوةنديةكا ئيَكسةر هةبوو دطةل فةلةك ناسينيَ، ضونكي مللةتيَن كةظن طةلةك طرنطي دا خيَظزانكييَ، ئةظةذي بوَ ثالدةر بو خاندنا زانستيَ فةلةكيَ وطرنطي ثيَدانيَ ذبةركة ظان مللةتان طةلةك حةز لدةف هةبوون بزانن ض لثشت ئةسماني هةية وهةساريَن وي ض كارتيَكرن هةية، لةورا ئةظة بونة ئةطةر زيَرةظانيا ئةسماني ذكةظن وةرة ثةيداببوو ئةطةر بو ثةيدابوونا كةرةستيَن فةلةكي ييَن زيَرةظانيا ئةسماني وضيَكرنا ئاميريَن زيَرةظانييَ وئةو ثيَشكةفتنا لديظدا هاتي لسةر دةستيَن زاناييَن موسلمانا.

ثةيظيَن سةرةكي: ذيَدةر، زانستيَ فةلةك ناسييَ، خيَظزانكي (تةنجيم)، هندي، فارسي.

 

 



* بحث مُستل من أطروحة الدكتوراه ( علم الفلك في بغداد في العصر العباسي 145– 656هـ / 763– 1258م)

 

* الباحث المسؤل.

This is an open access under a CC BY-NC-SA 4.0 license (https://creativecommons.org/licenses/by-nc-sa/4.0/)